إبراهيم الكوني: الوطن قيمة روحية تتجاوز المكان والزمان
تاريخ النشر: 3rd, November 2023 GMT
الشارقة (الاتحاد)
أكد الكاتب والروائي الليبي إبراهيم الكوني، شخصية العام الثقافية للدورة الـ42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، أن العلم والمعرفة لا يأتيان بسهولة، بل يتطلبان من الإنسان جهداً وعملاً واجتهاداً، مبيناً أن الوطن قيمة روحية تتجاوز المكان والزمان، وأن الهجرة تمثل تجربة إنسانية عظيمة اختار الله سبحانه وتعالى لها صفوة خلقه من رسل وأنبياء تعلموا دروس الحكمة من البيئة الصحراوية، التي وصفها بأنها مدرسة الحكمة والإبداع.
جاء ذلك في جلسة حوارية تحدث خلالها الكاتب والروائي الليبي إبراهيم الكوني، وأدارتها الكاتبة والإعلامية لوركا سبيتي، ضمن فعاليات الدورة الـ42 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، حيث شهدت الجلسة حضوراً من كبار المثقفين والأدباء والإعلاميين. ولفت الكوني في حديثه إلى قيمة العلم والمعرفة في حياة الإنسان، مؤكداً أن العلم والحكمة رهينة للألم، وقال: «إذا أردت أن تتعلم فتألم، لأن العلم رديف للألم شكلاً ومضموناً، حتى إن الهمزة في كلمة (ألم) هي في الحقيقة العين في كلمة (علم) لأن الهمزة باللغة العربية ليست إلا عيناً صغيرة». أخبار ذات صلة مدير المركز الثقافي الكوري لـ«الاتحاد»: علاقات ثقافية وفنية متميزة تجمع الإمارات وكوريا بدور القاسمي تكرّم الفائزين بجوائز «الشارقة للكتاب» و«اتصالات لكتاب الطفل»
مفهوم عميق
وتحدّث الكوني عن الوطن والهجرة، مبيناً أن الوطن مفهوم عميق، فهو روح تسكن الإنسان وتتشكل من خلاله هويته وثقافته، ولذلك، فإن الوطن يبقى وطناً في أنفسنا، وإن ابتعدنا عنه بأجسادنا، فهو يظل حاضراً في قلوبنا وأفكارنا، مؤكداً أن الوطن ليس مجرد مكان محدد في الزمان والمكان، بل هو قيمة روحية تتجاوز هذه الحدود، وقال: «إذا لم نشعر بالوطن في داخلنا، ولم نحمل شغفه وحنينه فينا، فإننا نصبح أسرى للوطن، نعيش فيه دون أن نفهم معناه أو نقدر رسالته، ومن هنا فإن الوطن يحتاج إلى من يحلم به ويسعى إلى تحقيق رؤيته».
وأضاف الكوني: «لأن الوطن قيمة روحية، فإنه يتطلب منا التضحية والصبر والتجديد، فقد نضطر إلى مغادرة الوطن جسدياً، ولكن ليس روحياً، فالمهاجرون هم أولئك الذين يفهمون قيمة الوطن، ويعبرون عنه بصدق وإخلاص، فهم يحملون الوطن في قلوبهم، ويبثونه في أماكن جديدة».
الصحراء مدرسة
وبيّن الكوني أن أعظم مثال على المهاجر هو الرسول، صلى الله عليه وسلم، الذي هاجر مرتين: إلى المدينة المنورة، وإلى غار حراء، حيث تأمل في خلق الله وتلقى الوحي، فالرسول، صلى الله عليه وسلم، كان مهاجراً لأنه كان نبياً، وكذلك جاء كل الأنبياء من بيئات صعبة وصحارى قاسية، فالصحراء هي مدرسة الحكمة والإبداع، ولهذا السبب، فإن التاريخ الإسلامي اختار أن يبدأ من تاريخ الهجرة، لأن الهجرة هي التي أوجدت الأمة.
تعدد الهويات
أوضح الكوني أنه ينتمي إلى هويات متعددة، ولكنه يفخر بانتمائه إلى الهوية العربية التي يتحدث بها، أو الروسية التي يتكلم بها، أو أي لغة أخرى تعلمها، مؤكداً أن تعدد الهويات أمر إيجابي في الإنسان يدل على الثراء والتنوع، ولكن الخطير في الأمر هو التعصب لهوية معينة، وقال: «إذا لم نعتنق هوياتنا المتعددة كواقع روحي بالدرجة الأولى فسنفقد رصيدنا مما نسميه خزنة الهوية، أما حين نتعصب لواحدة منها فإننا نفقد هذه الميزة التي تجعلنا أوفياء لكل ما يساهم في تشكيلنا».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: إبراهيم الكوني الإمارات الشارقة معرض الشارقة الدولي للكتاب معرض الشارقة للكتاب أن الوطن
إقرأ أيضاً:
خالد الجندي: الحرية تكمن في الانقياد لله والتحلي بالقيم الأخلاقية التي تحمي المجتمع
أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الشباب في عمر العشرينات قد يواجهون العديد من التحديات الفكرية، ومن بينها الأفكار الشيطانية أو تلك التي تنبع من النفس الأمارة بالسوء، مضيفا: "غالبًا ما تكون الدوافع وراء الإلحاد سلوكية، خصوصًا عندما يسعى الفرد وراء شهواته وملذاته، ويبحث عن فكر يبرر له تلك الرغبات، ويجعله يعيش بلا قيود أو التزامات".
وأوضح عضو الأعلى للشئون الاسلامية خلال حلقة خاصة تحت عنوان "حوار الأجيال" ببرنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، اليوم الأربعاء، أن الإلحاد النفعي هو نوع من الإلحاد الذي يسعى فيه الفرد إلى الهروب من التزاماته الأخلاقية والدينية، حيث يبحث عن نوع من الحرية المطلقة بعيدًا عن أي قيود قد تقيّد سلوكه.
خالد الجندي ينتقد الجيل الحالي: يصرون على الانفراد بالرأي ويرفضون الانقياد للآخرينوقال: "الملحدون في هذه الحالة يريدون أن يعيشوا كما يأكل الأنعام، لا يتقيدون بأي قواعد أخلاقية أو دينية، ولا يشعرون بالمسئولية تجاه تصرفاتهم.. وهذا يؤدي إلى حياة بلا ضوابط، وهو ما يضر بالفرد والمجتمع على حد سواء، وهذه نظرة خطيرة على الإلحاد، لأنه يخرج الفرد من دائرة القيم الأخلاقية، سواء كانت قيمًا دينية أو اجتماعية أو مجتمعية.. هذا الخروج من قيود الأخلاق يشكل تهديدًا حقيقيًا لأن الإنسان يصبح بلا ضوابط، يفعل ما يشاء في أي وقت ومكان، وهذا مفهوم أعور لمعنى الحرية".
وأوضح أنه من أجل التصدي لهذه الأفكار، يجب على الفرد أن يحدد أولاً دور نفسه في الحياة: "هل أنت إله أم عبد؟".. وإذا قررت أنك عبد، فأنت بحاجة إلى الانقياد والاتباع لله سبحانه وتعالى، لأن الإنسان لا يمكن أن يكون إلهًا.. لا يستطيع أن يخلق شيئًا أو يتحكم في الكون، فهو في حاجة دائمة إلى الغذاء، والدواء، والمأوى، وحتى العلاج، وهذا يثبت أنه عبد لله، ويجب أن يلتزم بطاعته.
وأكمل: "حرية الإنسان الحقيقية هي أن يكون منقادًا لما يرضي الله، وأن يتحلى بالقيم الأخلاقية التي تحمي المجتمع وتحافظ على توازنه.. أما مفهوم الحرية كما يروج له البعض، والذي يقوم على التفلت من القيود والقيم، فهذا ليس حرية حقيقية، بل هو هروب من مسئوليات الحياة".