الكوادر الطبية يروون لحظات الصمود والألم: «سنعمل حتى آخر فرد فى المنظومة»
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
عشرات الأكفان البيضاء الملطخة بالدماء ترقد فى الساحة الخارجية لمستشفى الشفاء وسط قطاع غزة، الذى يخدم ما يزيد على مليون شخص، بينما يسرع الأطباء والممرضون إلى سيارة الإسعاف التى وصلت للتو محملة بالمصابين وعشرات الشهداء، ليتم تكفينهم ووضعهم إلى جانب من سبقوهم، فى زاوية المستشفى.
«عاكف»: استعنا بالصحفيين للمساعدة فى إسعاف المصابين بسبب نقص أعداد الأطباءوبالقرب من الغرفة التى تحوى جثامين الضحايا فى ثلاجات الموتى يجلس الطبيب عاكف عودة، 50 عاماً، طبيب أطفال، واضعاً وجهه بين كفيه، بينما يهتز جسده من هول الصدمة والبكاء، لم يكن يخطر ببال الطبيب الخمسينى أنه سيستقبل من بين الشهداء جاره وزميل مهنته الطبيب عونى عايد، الذى انتشلته طواقم الدفاع المدنى رفقة أسرته من تحت أنقاض منزله الذى استهدفته غارات الاحتلال الإسرائيلى بحى الشيخ رضوان، شمال مدينة غزة.
يقول «عاكف» فى حديثه لـ«الوطن» إنه لم يتعرف فى البداية على صديقه «عونى» وذلك بسبب كون جثته قد تمزقت إلى أشلاء، إلا أن قلادة كان يرتديها مكتوباً عليها اسمه هى التى كشفت عن هويته، ويتابع: «كان صديقى ومن أعز الناس اللى عرفتهم، من بداية الحرب كنا مع بعض ما افترقنا بس عونى أصابه دور برد وقال لى هروح البيت أنام شوية وأرجع المستشفى».
إلا أن صواريخ وقذائف طائرات الاحتلال الإسرائيلى حالت دون أن يودعه «عاكف» للمرة الأخيرة، لم تكن تلك الضغوطات هى الوحيدة التى يتعرض لها القطاع الصحى، حيث يقول الطبيب الخمسينى إن هناك ضغوطات إضافية يعيشها الأطباء والمسعفون بسبب دعوات إسرائيل لإخلاء المستشفيات تمهيداً لقصفها على غرار مجزرة مستشفى الأهلى المعمدانى.
ويتابع: «رغم تلك التهديدات والحرب النفسية إلا أن جميع الفرق الطبية فى كافة المستشفيات صامدة»، ويقول الطبيب الخمسينى إن النقص الكبير فى أعداد الكوادر الصحية نتيجة الاستهداف بالإضافة إلى اكتظاظ مجمع الشفاء بالشهداء والمصابين دفع الأطباء إلى الاستعانة ببعض الصحفيين لمساعدتهم.
وأضاف: «المستشفى بيكون فيها أعداد كبيرة من الصحفيين والإعلاميين الذين يوثقون الأحداث ولكن مع دخول الحرب أسبوعها الثالث أصبحت الأحداث تفوق قدراتنا، لذلك لجأنا إلى تدريبهم على بعض الأمور التى يتم من خلالها التعامل مع المصاب كتنظيف الجرح وتثبيت الأطراف التى تعرضت للكسر بالإضافة إلى مرافقتهم لغرفة الأشعة والرنين المغناطيسى».
وحول التهديدات بالقصف يبدى «عاكف» تخوفه من إشاعة حكومة الاحتلال الإسرائيلى بأن مستشفى الشفاء يشكل خطراً على إسرائيل، ويضيف: «هم يزعمون أن هناك أنفاقاً للمقاومة أسفل المستشفى، وهذا ما هو إلا تمهيد لاستهداف المستشفى الذى يضم آلاف الأسر النازحة من القصف، ونسأل الله ألا يحدث ذلك لأنها ستكون مجزرة وحمام دماء».
«الدحدوح»: لن نغادر أماكن عملنا رغم الاستهداف والتحذيراتلم يكن ذلك هو المشهد الوحيد لاستهداف الطواقم الطبية فى قطاع غزة، إذ اعتاد الفلسطينيون على أصوات دوى سيارات الإسعاف التى باتت تحمل المسعفين بدلاً من المدنيين، وذلك عقب استهدافهم بغارات متتالية أثناء تأدية عملهم لإسعاف المصابين، بالإضافة إلى مساعدة رجال الدفاع المدنى بانتشال الضحايا من تحت ركام المنازل المدمرة.
ويقول محمد الدحدوح، مسعف بمستشفى القدس، إن فريق المسعفين الذى يعد واحداً منهم مستمرون فى عملهم، وإنه حمل اثنين من زملائه بعد استشهادهما إلى المستشفى لتكفينهما، وذلك عقب قصف سيارة الإسعاف التى كانا يستقلانها.
ويتابع: «السيارة كان فيها شهداء ومصابين من عائلة العجرم بمنطقة تل الهوى والسيارة اتدمرت واللى فيها استشهدوا واحترقوا»، ويضيف: «لن نغادر أماكن عملنا رغم الاستهداف والتحذيرات والخوف، المستشفى تلقى تهديدات بالإخلاء، لكننا لا نستطيع مغادرته فهناك العديد من المصابين والمرضى على أجهزة التنفس الصناعى».
من جهته قال محمد أبوسلمية، مدير مجمع الشفاء الطبى، لـ«الوطن» إن هناك عدداً كبيراً من المستشفيات التى خرجت عن الخدمة بسبب العدوان، ومنها المستشفى التركى وبيت حانون والوفاء والدولى للعيون وغيرها الكثير، لافتاً إلى أنه بالإضافة إلى صعوبات تقديم الخدمات الطبية فى ظل هذه الظروف، فإن هناك صعوبات نفسية وإنسانية أخرى غير مسبوقة أيضاً أثناء تقديم الرعاية الصحية.
وأضاف: «يتعامل الأطباء والمسعفون مع حالات إصابة صعبة للغاية، من بينها كثير من حالات بتر أطراف وحروق من الدرجة الرابعة وإصابات فى الرأس، إنها إصابات صعبة، إضافة إلى الكم الهائل من المصابين والشهداء، ولفت مدير مجمع الشفاء الطبى إلى أن نقص الوقود والمستلزمات الطبية تسبب فى انهيار المنظومة الصحية داخل القطاع».
وتابع: «الاحتلال الإسرائيلى يمنع دخول الوقود إلى غزة ضمن قوافل المساعدات، كما أن المستلزمات الطبية التى يستقبلها القطاع ليست كافية إطلاقاً فى ظل ارتفاع أعداد الشهداء والمصابين التى تتجاوز المئات يومياً نتيجة القصف الإسرائيلى المتواصل على غزة».
وواصل: «مستشفيات القطاع لا تستطيع أن تعمل دون وقود وكذلك سيارات الإسعاف كيف يمكنها أن تنقل ضحايا العدوان دون وقود وبنزين، ولهذا السبب بدأ السكان فى الأيام القليلة الماضية بنقل مصابيهم وشهدائهم على عربات تجرها الحيوانات، فى مشهد قد يبدو من العصر الحجرى، ولذلك ما زلنا نطالب ونكرر بضرورة فتح ممر إنسانى لدخول المساعدات وتدفقها بشكل أكبر، لأن توقف المستشفيات عن العمل يعنى انفجار الأوضاع ووصولها للمحطة الأخيرة فى القطاع».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة الاحتلال الإسرائیلى بالإضافة إلى
إقرأ أيضاً:
محافظ بورسعيد ينعى المتوفين في حادث طريق بورسعيد - المطرية
نعى اللواء أركان حرب محب حبشي، محافظ بورسعيد، ببالغ الحزن والأسى، المتوفين في حادث طريق بورسعيد - المطرية (الحزام الآمن) بجنوب بورسعيد، والذين وافتهم المنية أمس، الأربعاء، إثر حادث تصادم أتوبيس يستقله عمال بالمنطقة الصناعية بإحدى سيارات النقل والأجرة، والذي أسفر عن وفاة 13 مواطنا.
بورسعيد تنعى شهداء العمل ضحايا حادث طريق المطرية الجديدودعا محافظ بورسعيد للمتوفين أن يتغمدهم الله بواسع رحمته وغفرانه ويدخلهم فسيح جناته، وأن ينعم على ذويهم بالصبر والسلوان.
ننشر أسماء المتوفين فى حادث أتوبيس بورسعيد المطرية نقل مصابين بحادث طريق بورسعيد المطرية إلى مستشفى السلام.. لهذا السبب رئيس جامعة بورسعيد: نستهدف إعداد كوادر علمية وربط التعليم بالصناعةويتمنى محافظ بورسعيد للمصابين الشفاء العاجل، وأن يعودوا لأسرهم سالمين معافين.
هذا، وزار اللواء أركان حرب محب حبشي، محافظ بورسعيد، مساء أمس، مستشفى 30 يونيو جنوب بورسعيد، للاطمئنان على الحالة الصحية لمصابي حادث طريق بورسعيد - المطرية، موجها بتوفير جميع أوجه الرعاية الطبية اللازمة لهم، مؤكدا متابعته لمستوى الرعاية المقدمة للمصابين على مدار الساعة لحين تماثلهم الشفاء.
حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه وسوء.