خطاب الأمين العام لحزب الله… التهدئة تبدأ من غزة لا من بيروت
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
يمانيون – متابعات
هناك حالة من الترقب والانتظار لما سيقوله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يوم غدٍ الجمعة 3 تشرين الثاني/نوفمبر 2023، نظراً إلى أهمية ما سيقوله بشأن تطورات الأوضاع التي تجري اليوم في غزة ومستقبل الصراع في المنطقة.
غياب الأمين العام عن المشهد خلال الأسابيع الأربعة الماضية لا يعني غياب الحزب عن معادلة الصراع العربي الصهيوني أو التساؤل عن موقفه مما يجري، فمن المؤكد أن الحزب استطاع إيصال رسائله السياسية بالنار هذه المرة، عبر المناوشات التي جرت على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة، وتسببت بخسائر كبيرة لكيان الاحتلال.
موقف الحزب من الحرب واضح بكل تأكيد، ولا ينتظر أحد من السيد حسن نصر الله تأكيده، لكن الانتظار يتعلق ربما بتطورات الحرب في المنطقة، وما إذا كانت ستشهد امتداداً لجميع دول محور المقاومة أو بعضها. هل المعركة التي تجري اليوم هي المعركة الكبرى التي تعني نهاية “إسرائيل” وانتصار محور المقاومة وعودة فلسطين إلى أهلها، أم أنها مجرد معركة مهمة وعلامة فارقة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني؟
أعتقد أن الحديث عن الخطوط الحمر التي سيرسمها الحزب هو تعبير غير دقيق، فكل ما يحدث في غزة هو خطوط حمر تم انتهاكها إزاء شعب مظلوم يدافع عن أرضه وعرضه. أما الحديث عن “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، فهو كلام لا معنى ولا قيمة له من الناحية القانونية، فمقاومة الاحتلال حق تكفله القوانين والشرائع السماوية كافة.
غياب الحزب عن المشهد خلال المرحلة الماضية جعل العالم يركز على القضية الفلسطينية من دون أن تكون هناك تشعبات أخرى، وهو ما أسهم بشكل كبير في إحداث تغير في المواقف الشعبية والدولية لجهة انتقادها “إسرائيل” ورفضها ما ترتكبه من جرائم بحق الشعب الفلسطيني.
هذا الغياب عبر عن تطورات كبيرة في رؤية الحزب وانتقاله إلى التركيز على القوة الناعمة، عبر عرض صورتين لسماحة السيد حسن نصر الله جعلتا العالم كله يتكهن الرسالة المراد إيصالها منهما.
لطالما ركزت الدعاية الغربية على “الكذب وتشويه الحقائق” للتأثير في الرأي العام، لكن حزب الله استطاع كسر تلك القاعدة مثبتاً للعالم كله أن الصدق في الدعاية والإعلام هو السلاح الأقوى والأمضى. لذا، بتنا نرى الكثير من المستوطنين والمواطنين الغربيين يقولون إنهم يصدقون كلام الأمين العام لحزب الله ويثقون به أكثر من ثقتهم بإعلامهم وحكوماتهم.
كانت الصورة في ذهن الرأي العام العالمي أن “إسرائيل” (اليهودية) محاطة بعدد من الدول العربية (المسلمة) التي تريد مواجهتها والتخلص منها لأسباب دينية. هذه الصورة بدأت بالتغير، وبدأ الجميع يرى أن الصراع هو صراع على الحقوق بين أصحاب الأرض والوافدين إليها من بقاع الأرض شتى.
تفاعُل الشارع العالمي مع القضية الفلسطينية يجب أن يجعلنا نخجل، عرباً ومسلمين، فموقفنا إزاء الأحداث في غزة لا يزال أقل مما يفعله الشارع العالمي.
“اكذب اكذب حتى يصدقك الآخرون، ثم اكذب أكثر حتى تصدق نفسك”. عبارة قالها وزير الدعاية النازي جوزيف غوبلز، ويبدو أنها كانت مناسبة لذلك الوقت، لكنها وبكل تأكيد لم تعد مناسبة لعالمنا اليوم الذي بات فيه كل مواطن قادراً على أداء دور الصحافي في نقل الحقيقة.
يبدو أن الكيان الصهيوني لا يزال ينتمي إلى ذلك النوع من الدعاية! كيف لا وقد بني على الأكاذيب وتزييف الحقائق. لذا، ركز قادته على محاولة نشر الأكاذيب التي تحدثت عن المجازر التي ارتكبتها حركة حماس بحق المدنيين والأطفال وسوى ذلك من الأكاذيب، في محاولة لحرف أنظار العالم عن هزيمتهم المنكرة وفشلهم الاستراتيجي.
اللافت في الأمر هو انسياق الرئيس الأميركي جو بايدن وراء تلك الأكاذيب وتأييدها، ثم التراجع عن ذلك بعد انكشاف الحقائق، وهو ما يعني خسارة الكيان حربه الإعلامية.
دموع بايدن “الانتخابية” لن تغير شيئاً من مجريات الواقع، بل إنها تكشف زيف الديمقراطية الغربية وسعيه لتقديم مصلحته الشخصية ومصلحة حزبه على المصالح الوطنية العليا للولايات المتحدة الأميركية.
أما الحرب النفسية، فمن المؤكد أن السبق فيها سيكون لحزب الله الذي أتقن تلك الحرب، وأثّر في معنويات المستوطنين وقادة الكيان بشكل كبير.
متى سيدخل حزب الله المعركة؟
تساؤلات كثيرة طرحت حول عدم إعلان حزب الله الانضمام إلى المعركة. جل تلك التساؤلات جاء من منتقدي سياسة حزب الله وتوجهاته السياسية، بمعنى أن الهدف منها هو التهكم، وليس مصلحة الحزب أو نصرة القضية الفلسطينية.
حزب الله هو حزب لبناني، والأمين العام لحزب الله يتصرف وفقاً لمصلحة بلده أولاً، ثم القضية التي نؤمن بها جميعاً، وهي القضية الفلسطينية.
انتقادات كثيرة تعرض لها الحزب، لكن من الواضح أنه يريد تفويت الفرصة على أعدائه ومنتقديه، وخصوصاً الأطراف اللبنانية الأخرى، حتى لا يقال إنه جر لبنان إلى معركة ليست معركته، بل تخدم أجندات دول إقليمية.
هذا التريث قلّل الانتقادات لحزب الله، ووحد الموقف اللبناني حول المقاومة، بمعنى أن جميع الأطراف السياسية باتوا اليوم مؤيدين لحزب الله في دفاعه عن لبنان إذا ما بادرت “إسرائيل” إلى استهدافه.
وبات واضحاً للجميع أن حزب الله يتصرف بحكمة ومسؤولية وتقدير لخطورة المعركة وتداعياتها، لكنه في الوقت نفسه متمسك بحقه في الدفاع عن أرضه بقوة وحزم. أما السؤال الأهم من وجهة نظري فهو: ماذا لو انتصرت “إسرائيل” وهزمت حركة حماس ودمرت غزة، هل يستطيع نتنياهو حينها التوقف عن مهاجمة بيروت وغيرها من العواصم العربية؟
ساعة الصفر
بات واضحاً أن من يحدد ساعة الصفر هو حزب الله، وليس “إسرائيل”، وهو ما يعني انتقال الكيان الصهيوني من القدرة على المبادأة والفعل إلى رد الفعل.
وحدة الساحات رؤية استراتيجية، وليست مجرد شعار تم الاتفاق عليه بين دول محور المقاومة، وما يجري اليوم في غزة هو اختبار حقيقي لتلك الرؤية.
وحدة الساحات لا تعني مطلقاً أن جميع الجبهات سوف تشتعل عند اشتعال إحدى الجبهات، لكنها تعني بكل تأكيد أن من غير المسموح هزيمة أحد أطراف محور المقاومة، بمعنى أن ما يجري اليوم لا يمكن أن يتوج بهزيمة حماس أو اجتثاثها، كما يطرح نتنياهو أو كما تريد الولايات المتحدة الأميركية. لذا، من المؤكد أن ما طرحه نتنياهو من أهداف كبيرة لا يمكنه تحقيقها على أرض الواقع.
رغبة الولايات المتحدة وسعيها إلى عدم توسيع نطاق الحرب لا يمكن أن تتحقق في إطار استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وارتكابها أفظع الجرائم هناك.
الضوء الأخضر الأميركي لـ”إسرائيل” في معركتها في قطاع غزة، لا يعني قدرة الولايات المتحدة على جعل “إسرائيل” تعيد مأساة هيروشيما التي ارتكبتها الولايات المتحدة بحق اليابان، والتي أدت إلى استسلام اليابان ونهاية الحرب العالمية الثانية.
حجم المجازر الإسرائيلية يعكس حالة الحقد والصدمة التي تعرض لها هذا الكيان وسعيه لاستعادة هيبته المفقودة. البوارج الأميركية التي جاءت إلى المنطقة، وهي الأكبر منذ حرب تحرير الكويت عام 1991، هدفها الردع، وليس خوض الحرب بديلاً من “إسرائيل”.
كل المعطيات تشير إلى أن المطارات الإسرائيلية ستكون الهدف الأول لصليات صواريخ المقاومة في حال حدوث المواجهة الكبرى، وبالتالي ستخرج من الخدمة. لذا، إن البوارج الأميركية سيكون دورها أداء دور المهابط للطيران الصهيوني.
مقاومة الاحتلال أقل كلفة من إقامة السلام معه
بعد معركة طوفان الأقصى، بات من الواضح وجود مخطط صهيوني أميركي يستهدف تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء أو ربما الأردن.
مصر والأردن من أولى الدول العربية التي وقعت اتفاقيات “سلام” مع “إسرائيل”، لكن ذلك لم يجعل تلك الدولتين بمنأى عن الاستهداف الإسرائيلي والتوجهات الاستيطانية لحكومة الاحتلال، وهو ما يعني أن الصهاينة لا يؤمنون بالسلام مع الدول العربية، وأن هدفهم الحقيقي يتجسد في إقامة “إسرائيل” من الفرات إلى النيل، بل ربما أكثر من ذلك.
الاتفاقيات الإبراهيمية التي وقعت بين حكومة الاحتلال وبعض الدول العربية ثبت زيفها وعدم جدواها ورفض المواطنين العرب لها، وهو ما تجسد في المقاطعة الشعبية في تلك الدول للشركات والكيانات التي أعلنت تأييدها لـ”إسرائيل”.
بنك الأهداف الإسرائيلية نفد، وهزيمة الكيان باتت حقيقة مؤكدة، وكل التطورات المقبلة لمجريات الحرب لن تستطيع إخفاء تلك الهزيمة.
الانتقادات الموجهة إلى الدعم الإيراني لمحور المقاومة كان الأولى بها أن تتساءل: كيف للدول العربية ألا تدعم الفلسطينيين في كفاحهم لاستعادة حقوقهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف!
مضي بعض الأنظمة العربية في التطبيع مع “إسرائيل” لن يكون سوى انتحار سياسي لتلك الأنظمة، ودروس التاريخ تثبت لنا ذلك.
التغيرات في الموقف التركي من القضية الفلسطينية تعكس لنا انتصار محور المقاومة وهزيمة “إسرائيل”، كيف لا وقد أجادت حكومة إردوغان سياسة القفز على الحبال والاصطفاف إلى جانب المنتصر، بعيداً كلياً من الاعتبارات الدينية والمعايير الأخلاقية؟
الحديث عن القانون الدولي ومنظمة الأمم المتحدة نوع من الدجل السياسي تمارسه الحكومات العاجزة عن تلبية تطلعات شعبها في نصرة القضية الفلسطينية ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي.
كل الأنظار تتجه إلى خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وكل المعطيات تؤكد أنه سيقدم رؤية واضحة لمستقبل الصراع في المنطقة، وأن ما بعد الخطاب لن يكون كما قبله.
المصدر : الميادين
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: الأمین العام لحزب الله القضیة الفلسطینیة الولایات المتحدة محور المقاومة الدول العربیة حسن نصر الله حزب الله وهو ما فی غزة
إقرأ أيضاً:
لماذا لا يُقرّ حزب الله بالهزيمة؟
استعاد كثيرون في الآونة الأخيرة ما فعله آية الله الخميني، عام 1988، حين "تجرّع السمّ"، وهو التعبير الذي استخدمه وصفاً لقبوله قرار مجلس الأمن الرقم 598 لإنهاء الحرب مع العراق. فإيران، رغم الجموح الإيديولوجيّ المعهود فيها، تصرّفت يومذاك تصرّف دولة استنفدت قدراتها وطاقاتها على مدى ما يقرب من عقد. ذاك أنّها أحسّت، اقتصاديّاً وعسكريّاً ومعنويّاً سواء بسواء، أنّ طريق حربها باتت موصدة تماماً. وبينما كانت علاقتها مع الولايات المتّحدة تزداد توتّراً، تبعاً لاحتجاز موظّفي السفارة الأميركيّة بطهران، دافعةً بعض المراقبين إلى عدم استبعاد حرب ما، بدا أنّ العالم لن يعاقب بغداد على استخدام القوّات العراقيّة أسلحة دمار شامل.
والخمينيّ ليس من كارهي الحروب. وكانت تلك الحرب، التي بدأها صدّام حسين، قد وفّرت له تصليب نظامه الإسلاميّ الناشئ الذي تعصف به تناقضات كثيرة. مع ذلك، وحين رجحت كفّة الخسائر على كفّة المكاسب، كما راحت قاعدة النظام الشعبيّة تكتوي بتأثيرات الحرب فيما يتقلّص استعدادها للتحمّل، قرّر الموافقة على وقف النار، ولو رأى الأمر كريهاً مثل تجرّع السمّ.
طرف راديكاليّ آخر، ولو اختلف مضمون الراديكاليّتين ووجهتهما، سبق أن أقدمَ، قبل سبعين عاماً بالتمام، على تجرّع سمّ من نوع آخر.
فبعد أشهر قليلة على ثورة أكتوبر البلشفيّة في 1917، وقّعت روسيا و"القوى المركزيّة" بقيادة ألمانيا معاهدة برِست ليتوفسك التي أوقفت الحرب بين الطرفين. لكنّ المعاهدة كانت مؤلمة جدّاً للحكّام الجدد من البلاشفة: فهي قضت بتخلّي بلادهم عن كامل أراضيها في مناطق البلطيق، وأوكرانيا، وبولندا، تاركةً لألمانيا أن تُلحق الكثير من تلك الأراضي "الروسيّة" بها.
وفوق هذا تنازلت موسكو، في الجنوب الشرقي، عن أراضٍ للدولة العثمانيّة، حليفة ألمانيا في الحرب. أي أنّ اتّفاقيّة السلام بدت عقابيّة جدّاً للروس، أذلّتهم وحرمتهم مدناً صناعيّة ومساحات زراعيّة جبّارة، فضلاً عن انتزاع مناطق ذات كثافة سكانيّة مرتفعة منهم. أما حلفاء روسيا في الحرب العالميّة، بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتّحدة، وإيطاليا، واليابان، فاعتبروا سلامها مع ألمانيا خيانة ونكثاً بتعهّد التحالف الروسيّ معهم، كما قطعه العهد القيصريّ، لمواجهة الألمان. وكانت للموقف هذا تبعات حربيّة واقتصاديّة مؤلمة، فتشدّدَ الحلفاء أولئك في دعمهم الجيش الأبيض خلال الحرب الأهليّة الدائرة، وفي سحب استثماراتهم الضخمة من روسيا. ووُجّهت للقيادة البلشفيّة اتّهامات شتّى بالتفريط والتخلّي الوطنيّين، وكانت الاتّهامات تصدر عن اليمين القوميّ كما عن اليسار الأشدّ راديكاليّة. وحتّى قادة الحزب الحاكم أنفسهم لم يكونوا مُجمعين على الاتّفاقيّة المذكورة، بحيث هدّد زعيمهم فلاديمير لينين بالاستقالة في حال رفضها.
والحال أنّ روسيا البلشفيّة أقدمت على توقيع برِست ليتوفسك لأسباب كثيرة يتصدّرها اثنان:
الأوّل، الهزائم العسكريّة ورفض الجنود الروس البقاء في الخنادق. وكان الحزب البلشفيّ قد قدّم نفسه، منذ 1914، حزب الانسحاب الفوريّ والمباشر من تلك الحرب الدائرة بين إمبرياليّين، وبدعايته هذه خاطب الجنودَ الذين انحازوا إليه وقاتل بعضهم في صفوفه.
أمّا السبب الثاني، وهو ربّما كان الأهمّ، فأن لينين ورفاقه كانوا يحملون مشروعاً يستدعي كامل التفرّغ له، هو بناء نظامهم الاشتراكيّ في روسيا، والذي يخدمه السلام ويوفّر له البيئة المطلوبة بقدر ما يؤذيه استمرار التورّط في الحرب.
وقد يقال بحق إن الدقّة تخون مقارنة تلك التجارب بما يحصل راهناً في لبنان، ما يجعلها مقارنة فضفاضة وقليلة النفع. مع هذا، يبقى مفيداً التذكير بالمناخين الذهنيّ والسياسيّ اللذين يحيطان بتقديم تنازلات تترجم واقع الهزيمة والإقرار به، سيّما حين يصدر الإقرار عن طرف راديكاليّ ينطق بوعي صراعيّ ما.
فحزب الله لم يصفْ موافقته على وقف إطلاق النار بـ "تجرّع السمّ"، بل جاءت أوصافه أقرب إلى الادّعاء بأنّه هو مَن يجرّع إسرائيل السمّ. وتزويرٌ كهذا يقول إنّ ثمّة علاقة غريبة بين الحزب وجمهوره، أساسها افتراض الحزب وجود تسليم أعمى وتفويض مطلق من جمهوره لن تليهما محاسبة أو مساءلة، وهذا علماً بأنّ النتائج الكارثيّة المُرّة على الجمهور كانت وتبقى صعبة الإخفاء أو التمويه. وإلى هذا، فإنّ الحزب لا يريد أن يبني شيئاً يستدعي الحرص عليه وتقديم التنازلات الكبرى من أجله. فهو، بطبيعة الحال، لا يملك دولة كدولة الخمينيّ، بل يتحكّم بدولة من دون أي مسؤوليّة عنها. لكنّه، إلى ذلك، لا يملك مشروعاً كمشروع لينين. ذاك أنّ الدولة التي يقاتل لأجلها، وينضبط بمصالحها، ليست دولته هو، بينما المشروع الوحيد الذي يحرص عليه هو السلاح للسلاح، أي السلاح بذاته والسلاح فحسب.
هكذا نراه يستمرّ في سياسة ورواية ترفضان أن تقرّا بالهزيمة، وأن تبنيا على إقرار كهذا موقفاً كالذي وقفه الخمينيّ حين تجرّع السمّ، أو لينين حين كلّف ليون تروتسكي التوقيع على برست ليتوفسك.