إتفاقية لإحداث “مركز مصالحة” بهدف إعادة تأهيل وإدماج السجناء المحكوم عليهم في قضايا التطرف والإرهاب
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
زنقة 20. الرباط
جرى، اليوم الخميس بالرباط، التوقيع على اتفاقية شراكة لإحداث “مركز مصالحة”، الذي يهدف إلى إعادة تأهيل وإدماج السجناء المحكوم عليهم في قضايا التطرف والإرهاب.
وقع هذه الاتفاقية كل من أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، ومحمد صالح التامك المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، وفوزي لقجع الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، وأمينة بوعياش رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وعبد الواحد جمال الإدريسي المنسق العام لمصالح مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء.
وتروم هذه الاتفاقية إضفاء المزيد من الفعالية على الشراكة المؤسساتية القائمة بين الأطراف الموقعة وباقي الشركاء والفاعلين المؤسساتيين، وتكثيف الجهود والمساهمة في الاستراتيجية الوطنية لمحاربة التطرف العنيف ومكافحة الإرهاب.
وستوكل للمركز، بموجب هذه الاتفاقية، مهام مكافحة التطرف العنيف وإعادة تأهيل وإدماج المحكوم عليهم في قضايا الإرهاب والتطرف وفقا للشروط المحددة في الاتفاقية.
كما سيشرف المركز على البرنامج التأهيلي “مصالحة” في صيغته الحالية وضمان استمراريته ودعم ومواكبة المستفيدين منه بعد الإفراج عنهم.
وقال السيد أحمد عبادي، في كلمة بالمناسبة، إن إحداث هذا المركز يأتي تنفيذا للتعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بهدف رسملة التجارب والممارسات الفضلى المحصل عليها ضمن برنامج مصالحة لإعادة تأهيل وإدماج السجناء المحكوم عليهم في قضايا التطرف والإرهاب، والذي أبان عن دور كبير وفعال في مكافحة التطرف في صفوف نزلاء المؤسسات السجنية، وكذا ضمانا لاستمرارية هذا البرنامج ومأسسته وتطوير أدائه.
وأبرز أن المركز سيضطلع بمهام جديدة بصياغة برامج للوقاية من مخاطر السقوط في التطرف، وإحداث نظام يقظة، واتخاذ التدابير الممكنة لحماية المحيط الأسري المباشر للمستفيدين من برنامج مصالحة من خطر تبني الأفكار المتطرفة، والقيام بالدراسات والأبحاث واللقاءات والمؤتمرات والدورات التكوينية ذات الصلة.
وذكر السيد عبادي أن مهمة الإشراف على التوجهات العامة للمركز وكذا مهام تداولية وتقريرية مرتبطة بوضع استراتيجية عمله وتقييمها دوريا ، ستوكل لمجلس للتوجيه يرأسه الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، ويتشكل من الشركاء الدائمين لبرنامج “مصالحة”، والفاعلين المؤسساتيين المشاركين في البرنامج.
وأضاف أنه ستشكل لجنة علمية تتكون من خبراء يعينون من طرف مجلس التوجيه، تضطلع بالجوانب العلمية والبيداغوجية للمركز، والسهر على الدراسات والأبحاث وبلورة أفكار علمية حول محاربة التطرف في انسجام مع دور المركز.
وذكر بأن إحداث هذا المركز جاء تتويجا للبرنامج التأهيلي “مصالحة” بعد إشعاعه الدولي الكبير (انطلق منذ سنة 2017) والذي تأسس انطلاقا من الوعي بأهمية تأمين شروط إعادة إدماج فئة النزلاء المعتقلين بموجب قانون مكافحة الإرهاب بالمؤسسات السجنية، بمقاربة مندمجة تسعى لتأهيل هذه الفئة من أجل المصالحة مع النظم والمعايير المنظمة للمجتمع في علاقته بالفرد وبالمؤسسات الشرعية الضامنة لتدبير الحياة العامة.
و أبرز الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أن البرنامج التأهيلي “مصالحة”، الذي استمر لمدة سبع سنوات، استمد فلسفته من التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس الداعية إلى تعزيز قيم المواطنة ونشر قيم التسامح والاعتدال وصون الكرامة الإنسانية للمواطنين السجناء التي لا تجردهم منها الأحكام القضائية السالبة للحرية.
من جهته، قال السيد عبد الواحد جمال الإدريسي، رئيس غرفة بمحكمة النقض، المنسق العام لمصالح مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، أن توقيع اتفاقية الشراكة لإحداث مركز للمصالحة “جاء ليتمم تجربة برنامج مصالحة”.
وأوضح السيد الإدريسي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن من شأن هذا البرنامج، الذي يستهدف فئة المدانين بموجب قوانين قضايا الإرهاب الراغبين في مراجعة أفكارهم، المساهمة في تحقيق نقلة نوعية على مستوى فكر هذه الشريحة من السجناء.
وأشار إلى أن هذه الفئة كانت تعيش داخل المجتمع بأفكار شاذة ومنحرفة، ويجري تصحيح هذه الأفكار داخل السجن، وكذا بناء قدراتهم وصقل مهاراتهم ونسج جسور الثقة في المؤسسات والقوانين.
يذكر أن الإشراف المالي على المركز سيوكل للجنة مالية يترأسها منسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، على أن يشرف طاقم إداري على تدبيره وتسييره .
المصدر: زنقة 20
كلمات دلالية: محمد السادس
إقرأ أيضاً:
“لا تكرروا خطايا العراق وأفغانستان: سوريا ليست معركة السوريين وحدهم”
#سواليف
“لا تكرروا #خطايا #العراق و #أفغانستان: #سوريا ليست #معركة #السوريين وحدهم”
بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة
في ظل المآسي التي عاشتها شعوب المنطقة خلال العقود الماضية، لا تزال تجربة العراق وأفغانستان ماثلة في الأذهان كنماذج صارخة للأخطاء الفادحة في إدارة الأزمات والتدخلات الدولية. أخطاء دفعت أثمانها الشعوب البريئة، وكرّست مشاهد الفوضى والعنف والانهيار. واليوم، تتكرر ذات المشاهد في سوريا، التي تُركت تواجه مصيرها وحيدة، تُصارع الحصار والعقوبات وويلات الحرب، بينما يقف العالم عاجزًا أو متخاذلًا.
مقالات ذات صلة طهبوب: “زيادة دخل المواطن أمنيات جميلة” 2025/01/06سوريا اليوم ليست مجرد قضية سورية أو حتى إقليمية، بل هي قضية كل العرب. معركة إعادة إعمار سوريا ليست معركة تخص شعبها فحسب، بل هي معركة كل عربي يؤمن بمبدأ المصير المشترك. إن ترك سوريا فريسة للفوضى والدمار يعني تسليمها لقوى التطرف والهيمنة الأجنبية، ما يُهدد أمن المنطقة واستقرارها لعقود قادمة.
لقد آن الأوان ليتعلم العالم من دروس العراق وأفغانستان، حيث لم تؤدِ التدخلات إلا إلى تدمير مؤسسات الدولة وخلق فراغ أمني وسياسي أفسح المجال أمام الفوضى والتطرف. في العراق، عانى الشعب من غزو أنهك البلاد وأعادها قرونًا إلى الوراء. وفي أفغانستان، رأينا كيف ترك الانسحاب المفاجئ البلاد في مهب الريح، دون استقرار أو أفق. هذه التجارب يجب أن تكون تحذيرًا صارخًا للعالم أجمع، وخاصة للعرب، بألا يسمحوا بتكرار هذه المآسي في سوريا.
إن سوريا ليست وحدها مسؤولة عن مواجهة هذه الكارثة. الأمة العربية، بكل أطيافها وقياداتها وشعوبها، مطالبة بالوقوف إلى جانب سوريا في معركة إعادة البناء. لا يمكن للعرب أن يتخلوا عن سوريا أو يتركوها فريسة للحصار والعقوبات التي أفقرت شعبها وأعاقت جهود إعادة الإعمار. إن رفع العقوبات وإدخال المساعدات الإنسانية ودعم جهود إعادة الإعمار ليست مجرد خيارات، بل هي مسؤوليات أخلاقية وتاريخية.
في هذا السياق، يجب على المجتمع الدولي، بقيادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، أن يدرك أن استمرار العقوبات والحصار على سوريا لا يخدم أحدًا سوى أعداء الاستقرار. يجب فتح الأبواب أمام المساعدات الإنسانية العاجلة، والسماح للشركات الأجنبية بالمشاركة في إعادة الإعمار، وتهيئة المناخ للاستثمارات التي تعيد الحياة للاقتصاد السوري. وفي المقابل، يجب أن تقدم الحكومة السورية القادمة ضمانات حقيقية للمشاركة السياسية الشاملة التي تتضمن تمثيل الأقليات والنساء، بما يحقق العدالة والمساواة لجميع السوريين.
سوريا ليست فقط بوابة العرب التاريخية إلى الشرق، لكنها أيضًا صمام أمان المنطقة بأسرها. إن انهيار سوريا يعني كارثة جيوسياسية تمتد آثارها لتشمل العالم بأسره. إن إعمار سوريا ليس مجرد تحدٍّ اقتصادي أو سياسي، بل هو معركة وجودية للأمة العربية بأسرها. معركة لإثبات أننا كعرب قادرون على تحمل مسؤولياتنا تجاه أشقائنا، وأننا لن نسمح بتكرار سيناريوهات العراق وأفغانستان المأساوية.
اليوم، يجب أن نقف جميعًا، دولًا وشعوبًا، بجانب سوريا. يجب أن نرفع الصوت عاليًا للمطالبة برفع العقوبات وإعادة الإعمار، لأن استقرار سوريا هو استقرار للمنطقة بأكملها. ولأن سوريا، بتاريخها وحضارتها ومكانتها، تستحق أن تُعاد لها الحياة، وأن تُنقذ من براثن الدمار والحصار.
إننا كعرب، إن لم نتحرك اليوم، سنجد أنفسنا غدًا نواجه تداعيات هذا التخاذل، ولن يغفر لنا التاريخ ترك سوريا تُصارع وحيدة. هذه ليست معركة السوريين وحدهم، بل هي معركة كل عربي يعتز بعروبته، وكل إنسان يؤمن بالعدل والسلام.
فلنتعلم من أخطائنا، ولنقف مع سوريا، لأن معركة إعمارها هي معركة أمة بأكملها.