إن الخطاب حول الحرب على غزة يدور حول الصور والروايات، التي تشكل وتؤثر على الرأي العام وتحشد الدعم بقدر ما يتعلق بالواقع والمعاناة على الأرض.

الحرب الدعائية في أعلى مستوياتها... الحقيقة تموت ببطء بينما سكان غزة يختنقون دون كهرباء ولا ماء ولا طعام ولا وقود ولا إنترنت لإبقاء بؤسهم بعيدًا عن الأنظار وبعيدًا عن المنال.

 عقاب جماعي للأبرياء، وهو بمثابة جريمة حرب... قد يؤدي إلى "تطهير عرقي جماعي"، مبرر باسم الدفاع عن النفس. والآن تجبر إسرائيل أكثر من مليون من سكان غزة على الفرار بينما تشن غزوا بريا، وهو ما قد يؤدي إلى إبادة جماعية.

وفي الوقت نفسه، كان صناع القرار والممولون الذين يسيطرون على وسائل الإعلام الغربية السائدة يفرضون رواية محددة لإبقاء الجمهور جاهلا وموافقا على سياساتهم.

ومع ذلك، فإن عدد الصور ومقاطع الفيديو التي يتبادلها الناس في جميع أنحاء العالم هائل، وذلك بفضل الهواتف الذكية والتكنولوجيا الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تكشف وتقدم رواية مختلفة.

وبالتالي، هناك تحول في الرأي العام، كما رأينا في المظاهرات العامة الحاشدة الداعمة لفلسطين في جميع أنحاء العالم الغربي لوقف انتهاكات إسرائيل للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي، والتي تشكل إحراجًا لحكوماتها التي تقف في الدعم الكامل لإسرائيل.

ردًا على ذلك، تتفشى المعلومات الخاطئة والمضللة، خاصة عندما تكون هناك محاولة متعمدة للتلاعب بالمحتوى والرسائل لنشر إطار عمل وأجندة معينة.

 لقد أصبح من السهل على الصحفيين ووسائل الإعلام الأكثر "احترافية" أن ينشروا ادعاءات لم يتم التحقق منها والتي عبر عنها زعماء العالم، وبالتالي تكثيف العداء وإشعال المزيد من العنف، الذي قد يمتد.

لقد فقدت معظم الحكومات الغربية تقريبا كل مصداقيتها وأرضيتها الأخلاقية الرفيعة، ومعها قواعدها المتعلقة بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، حيث تغض الطرف عن عمد وتتخذ وجهة نظر أحادية الجانب، في حين تضغط على الآخرين لحملهم على رؤية الأمور من وجهة نظرهم..

إن الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي والانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان التي ترتكبها إسرائيل، يتم التسامح معها ولا يتم تصنيفها على هذا النحو، بل يتم دعمها سياسيًا وعسكريًا.......حتى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس تعرض لهجوم شديد بسبب تعبيره عن القلق وبيان الحقائق حول جذور الصراع.

إن استهداف وإسكات الصحفيين، وترهيب شبكات الأخبار، ومضايقة منصات التواصل الاجتماعي لإزالة المنشورات وإغلاق الحسابات بسبب محتواها المؤيد للفلسطينيين، وحتى تجريم حمل العلم الفلسطيني، هي أعمال يفترض أنها من أعمال الديكتاتوريات والاستبداديين.

كلما زادت ازدواجية المعايير والتحيز والتقارير غير المتوازنة من خلال حصون الحرية، كلما أصبح من الصعب الدفاع عن حرية التعبير والدفاع عنها.

نحن نتضامن مع فلسطين وحقوق الفلسطينيين....نحن ندين استهداف جميع المدنيين الأبرياء؛ نحن ندين كل أعمال العنف.

 لكن ما يطلبه الغرب منا هو إدانة حق الفلسطينيين في المقاومة، وحقهم في العيش بكرامة وسلام. الأمر لا يتعلق بحماس..... هذا يتعلق بفلسطين ودعم حقوق الفلسطينيين.

لقد سخرت إسرائيل من القانون الدولي لعقود من الزمن، وقامت بتوسيع مستوطناتها، وضم الأراضي، وطرد الفلسطينيين من منازلهم وتهجيرهم بالقوة..... غزة تحت الحصار منذ 16 عاما.

 توصلت هيومن رايتس ووتش إلى أن القوات الإسرائيلية استخدمت أسلحة الفسفور الأبيض الكيميائية المحظورة على غزة ومواقع على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية.

 كل هذا تحت أنظار المنظمات الدولية والدول الغربية، لكن لم يتمكن أحد من اتخاذ أي إجراء فعال لوقف هذه الفظائع، ويدعو المجتمع الدولي بشكل عاجل إلى وقف إطلاق النار، وقد تمكن أخيرًا من إرسال بعض المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها لمنع وقوع المزيد من الكارثة.

لقد فشلت العديد من فرص ومبادرات السلام التي تم إطلاقها خلال العقود الأخيرة بسبب رفض إسرائيل الشديد الاعتراف بحقوق الفلسطينيين في إقامة دولة مستقلة والتزاماتهم كقوة احتلال.

وخطة السلام العربية التي اقترحتها المملكة العربية السعودية مطروحة على الطاولة منذ عام 2002.... وقد ظلت المملكة ثابتة على موقفها الداعم للقضية الفلسطينية.... وشدد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على أهمية وقف العملية العسكرية والتهدئة والتوصل إلى حل سلمي يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تحقيق السلام العادل والدائم.

إن الدعم غير المشروط والمتواصل لإسرائيل لن ينهي الصراع ولن يؤدي إلى السلام.

الاستقطاب واضح.... العالم أصبح منقسما أكثر فأكثر.... الأمم المتحدة تقف عاجزة بسبب الانقسامات... وأعرب غوتيريس عن أسفه للانقسامات الداخلية والاستقطاب الذي يعيق الأمم المتحدة عن اتخاذ أي إجراء فعال، وهو ما شجع العديد من الدول على تحدي دورها في الحفاظ على السلام والأمن.

يبدو أن النظام الدولي ينهار..... هل ينشأ نظام عالمي جديد؟ ولكن أي نوع وبأي تأثير؟.....المساحة والوقت للحوار يضيقان.

هناك الكثير من المعلومات الخاطئة والتضليل وخطاب الكراهية والمحتوى المتحيز الذي يؤدي إلى المزيد من الاستقطاب والتوتر...... نحن بحاجة إلى أن نبقي عقلًا منفتحًا، وقلبًا مفتوحًا، وأعينًا مفتوحة لفهم القصة بأكملها والتصرف بتعاطف.

ولا يمكن أن يكون هناك سلام دون عدالة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: فلسطين اخبار فلسطين غزة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الاحتلال الاسرائيلي نتنياهو حماس طوفان الاقصي الاعلام یؤدی إلى

إقرأ أيضاً:

إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقها

يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي إسماعيل المسلماني أن استعانة إسرائيل بدول أوروبية لإطفاء الحريق الضخم الذي اندلع غربي القدس دليل على فشلها في التعامل مع هذه الأزمات.

وتقف إسرائيل عاجزة عن التعامل مع الحريق الثاني الآخذ في الاتساع، والذي تتحدث وسائل إعلام محلية عن أنه ربما يكون بفعل فاعل وليس بسبب الأحوال الجوية.

وعلى الرغم من محاولة 120 فريق إطفاء الحريق من البر والجو فإنهم لم يتمكنوا من السيطرة عليه، مما دفع تل أبيب إلى طلب الدعم من دول أوروبية.

وأكد المسلماني -في مقابلة مع الجزيرة- أن هذا الحريق يعكس فشل إسرائيل في التعامل مع هذا الحوادث الكبرى رغم ما تمتلكه من تكنولوجيا متطورة، وقال إن استعانتها بدول أوروبية دليل على عدم امتلاكها البنية التحتية اللازمة للتعامل مع هذه الأزمات.

مشاهد من الحرائق المندلعة في أحراش غرب القدس المحتلة. pic.twitter.com/VEXoG6M48i

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) April 30, 2025

وهذه هي المرة الأولى التي تضطر فيها إسرائيل إلى إخلاء هذا العدد من السكان في منطقة غربي القدس، فضلا عن إغلاق كافة الطوارئ بالمنطقة، وهو ما يؤكد عجزها عن التعامل مع الحريق، برأي المسلماني.

إعلان

ويضع هذا الفشل الحكومة في مواجهة انتقادات كثيرة بالنظر إلى زعمها المستمر امتلاك الخبرة اللازمة للتعامل مع هذه الأزمات، وهو ما أثبت الواقع كذبه، وفق المسلماني.

ولا يمكن للحكومة القول إنه الفشل الأول لها في التعامل مع هذه الحرائق، لأنها فشلت في التعامل مع حريق مماثل الأسبوع الماضي، كما فشلت في التعامل مع الحرائق التي كانت تندلع في مئات الدونمات خلال المعارك بينها وبين حزب الله اللبناني، كما يقول المسلماني.

وهذا هو الحريق الثاني الذي تتعرض له غربي القدس خلال هذا الأسبوع، وقد أعلنت الحكومة حالة الطوارئ وألغت كافة احتفالات يوم الاستقلال، والتي كانت مقررة مساء اليوم الأربعاء.

واندلع الحريق في منطقتي القدس وتل أبيب، وقال قائد فريق الإطفاء إنه الأكبر في تاريخ إسرائيل، وإنه ربما ينتشر إلى جبال القدس الغربية، ومن المحتمل أن تبدأ الحكومة إخلاء مدينة إلعاد من السكان.

ووفقا للقناة الـ12 الإسرائيلية، فقد تم إجلاء سكان 8 بلدات غربي القدس بسبب هذه الحرائق المدفوعة بالسرعة الكبيرة للرياح، وصدرت أوامر بإخلاء مزيد من البلدات.

وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن اعتقال 3 شبان فلسطينيين من القدس بسبب الاشتباه في تورطهم بإشعال الحريق كما قال مراسل الجزيرة في القدس إلياس كرام، في حين نقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصدر أمني أن هناك شبهة عمل إرهابي في هذا الحريق.

امتداد الحرائق إلى مستوطنة "بيتاح تكفا" شرقي "تل أبيب" وسط فلسطين المحتلة. pic.twitter.com/jfhn90HFPG

— القسطل الإخباري (@AlQastalps) April 30, 2025

غموض بشأن الأسباب

ولا يزال الغموض مسيطرا على الأسباب الحقيقية لهذا الحريق، لكن دخول جهاز الشاباك على خط التحقيقات يشي بوجود شبهة جنائية فيه رغم غياب التأكيد الرسمي حتى الآن، كما يقول كرام.

ويدير رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأزمة بنفسه، في حين يتساءل الإعلام الإسرائيلي عن كيفية عجز إسرائيل عن التعامل مع هذه الأحداث رغم ما تمتلكه من إمكانيات.

إعلان

وتمتلك إسرائيل 24 طائرة لإطفاء الحرائق إضافة إلى 3 طائرات تابعة للشرطة، كما يقول كرام الذي أشار إلى أن تل أبيب تمتلك مئات الطائرات لإشعال الحرائق في قطاع غزة وسوريا ولبنان، لكنها لا تمتلك ما يكفي لإطفاء حرائقها.

وحتى هذه اللحظة تمنع الرياح القوية الطائرات من التدخل لإطفاء النيران، ومن المقرر أن تصل غدا الخميس 3 طائرات من كرواتيا وإيطاليا للتعامل مع الحريق.

وقالت قناة "كان" الرسمية إنه تم إخلاء أكثر من مستوطنات وإجلاء 10 آلاف شخص من منازلهم بسبب هذه الحرائق، في حين طالب قائد فرق الإطفاء في القدس بعدم الاقتراب من شارعي 1 و3 ومنطقة القدس، مؤكدا أن السيطرة على الحريق لا تزال بعيدة.

مقالات مشابهة

  • العدل الدولية تختتم يومها الرابع لتحديد التزامات إسرائيل تجاه الفلسطينيين
  • ريهام عبد الغفور عن صورتها مع أحمد زاهر: فخورة بتذكر الحقيقة والسراب
  • وفد قطر أمام محكمة العدل الدولية: إسرائيل تستخدم التجويع سلاحا ضد الفلسطينيين بغزة
  • من النكبة ثم الولاء للدولة إلى الاختبار "الأكبر"... ماذا نعرف عن دروز إسرائيل؟
  • ياسر ريان: زيزو لن يكون الفتى المدلل بالأهلي.. وبن شرقي يتراجع تدريجيًا
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (تحت أرض الخرطوم) 4
  • إسرائيل التي تحترف إشعال الحرائق عاجزة عن إطفاء حرائقها
  • قائد منطقة القدس في الشرطة الإسرائيلية: حرائق اليوم هي الأكبر في تاريخ إسرائيل
  • عبد السلام فاروق يكتب: معارض الكتب العربية.. لماذا لا نمل التكرار؟!
  • اليابان تتوج أحمد أبو الغيط بوسام الشمس المشرقة – الوشاح الأكبر