ماذا يعني إنهاء روسيا العمل بمعاهدة حظر التجارب النووية؟
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
كشف كبير محللي الشؤون الروسية في مجموعة الأزمات الدولية، أوليغ إغناتوف، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، عن تداعيات توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قانونا يلغي بموجبه مصادقة بلاده على معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية.
وتأتي الخطوة في خضم تنامي الصراع بين روسيا والغرب، في حين ترى موسكو أنها تتماشى مع موقف الولايات المتحدة التي لم تُصدق على المعاهدة.
ومع ذلك، شددت روسيا على أنها لن تستأنف التجارب النووية ما لم تفعل واشنطن ذلك، وأن إلغاء تصديقها لا يغير موقفها النووي أو الطريقة التي تشارك بها المعلومات حول أنشطتها النووية.
بدوره، أوضح "إغناتوف" المقيم في موسكو، أن رغم توقيع بوتين على القانون فإن "روسيا لم تنسحب من المعاهدة بشكل كامل، إذ سحبت فقط تصديقها على المعاهدة".
وأضاف أن بوتين استند في خطوته الأخيرة إلى كون الولايات المتحدة لم تصدق أبدًا على المعاهدة، كما أن الصين لم تُقدم على تلك الخطوة هيّ الأخرى.
وبشأن تبعات القرار، أشار كبير محللي الشؤون الروسية في مجموعة الأزمات الدولية، إلى أنه "من الناحية النظرية، فهذا يعني أن روسيا بإمكانها إجراء تجارب نووية، ولكن ذلك ليس بالضرورة ما سيحدث".
وأضاف: "بوتين قال أيضا إن التجارب النووية قد تكون ضرورية لاختبار أنواع جديدة من الأسلحة الروسية، في الوقت نفسه، يقول الدبلوماسيون الروس إن روسيا ستعود إلى اختبار الأسلحة النووية إذا أقدمت الولايات المتحدة بإجراء اختبارات نووية".
وشدد "إغناتوف" على أن روسيا اعتمدت دائمًا على وجود توازن في قضايا الأسلحة النووية، ولكن لا يمكن استبعاد أن تقوم بإجراء مثل هذه الاختبارات مستقبلًا لزيادة الضغط على الغرب أو ردًا على بعض الإجراءات الغربية، والتي ستُعتبر تصعيدًا، ويَصعب استبعاد ذلك في هذا السياق".
ماذا تهدف المعاهدة؟
تهدف المعاهدة التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1996 إلى منع كل التجارب النووية، لكنها لم تُطبّق نظرا إلى عدم انضمام عدد من الدول النووية الرئيسية إليها، وأبرزها الولايات المتحدة والصين. كانت روسيا وقعت على المعاهدة في نيويورك في 24 سبتمبر 1996، وصدقت عليها في 27 مايو 2000. جاء في المذكرات المرفقة، أن القانون المعتمد يهدف إلى استعادة التكافؤ في الالتزامات في مجال الحد من الأسلحة النووية. وتم التوضيح أن الوثيقة تخلق أساسا قانونيا لانسحاب روسيا من صك التصديق، ولكنها لا تعني خروجها من معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية. من جانبه، أعلن المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، أن سحب التصديق على المعاهدة يجعل الوضع متساويا في مجال التجارب النووية لموسكو وواشنطن، التي لم تصدق قط على هذه الوثيقة. وفق رويترز، يشعر بعض خبراء الحد من التسلح الغربيين بالقلق من أن روسيا قد تتجه ببطء نحو اختبار للترهيب وإثارة الخوف وسط حرب أوكرانيا، وهي فكرة قلل المسؤولون الروس من شأنها. لم تقم روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي بإجراء تجربة نووية، وجرت آخر الاختبارات عام 1990، في حين أجرت الولايات المتحدة اختبارا في العام 1992. ووفق صحيفة "نيويورك تايمز"، تعد معاهدة منع اختبار الأسلحة النووية الشاملة، محاولة تحت مظلة الأمم المتحدة لحظر جميع الاختبارات النووية، في حين تعثرت جهود التصديق عليها مرارًا وتكرارًا، وذلك بشكل كبير على خلفية انقسامات سياسية، حيث قامت الإدارات الجمهورية الأمريكية بالجدل بشأنها، مُحتجة على أنه على الرغم من وقف الولايات المتحدة لاختبارات جديدة، إلا أن تحسينات مستقبلية أو تعديلات على الأسلحة النووية قد تتطلبها. في فبراير الماضي، علّقت روسيا، الثلاثاء، مشاركتها في معاهدة "نيو ستارت" مع الولايات المتحدة للحد من الأسلحة النووية. وفي خطابه وقتها، قال بوتين إن على روسيا أن تقف على أهبة الاستعداد لاستئناف تجارب الأسلحة النووية إذا قامت الولايات المتحدة بذلك، وهي خطوة من شأنها إنهاء الحظر العالمي على تجارب الأسلحة النووية الساري منذ أيام الحرب الباردة.المصدر: سكاي نيوز عربية
كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات التجارب النووية نووي النووي حظر التجارب النووية التجارب النووية الولایات المتحدة التجارب النوویة الأسلحة النوویة على المعاهدة
إقرأ أيضاً:
التحديات الإيرانية في المفاوضات النووية مع أمريكا
أمينة سليماني **
عاد في الآونة الأخيرة، موضوع المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة إلى الواجهة من جديد؛ حيث تتنوع الآراء بشأنه داخل إيران. بدايةً، نجد أنَّ تصريحات قائد الثورة الإسلامية، آية الله خامنئي، قد حددت موقفًا حازمًا من هذه المفاوضات. فأكّد أن التفاوض مع الولايات المتحدة لن يحل أي مشكلة لإيران؛ بل هو جزء من مخطط لخداع الرأي العام وعزل إيران على الصعيد الدولي.
في هذا السياق، يرى خامنئي أن الأمريكيين يسعون منذ انتصار الثورة الإسلامية إلى تدميرها، وبالتالي فإنَّ التفاوض تحت هذه الظروف يعني قبول سياسة الهيمنة والقوة.
من جانبه، شدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على أن المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة ليست أمرًا جديدًا، إذ قد جرت عدة مرات في التاريخ بين دول كانت ترفض التحدث بشكل مباشر مع بعضها البعض. وفي هذا الصدد، قال عراقجي: "إذا كانت هناك إرادة للتفاوض، يُمكن إجراء مفاوضات غير مباشرة دون مشكلة كبيرة".
ولكن، لا تقتصر الآراء حول المفاوضات على المسؤولين الرسميين فقط. فقد عبّر محسني ايجه اي رئيس السلطة القضائية في إيران عن استيائه من فكرة التفاوض مع الولايات المتحدة، مشيرًا إلى أن الوعود الأمريكية كاذبة ومزيفة، وأن التفاوض مع أمريكا يتناقض مع العقل السليم. وأكد على أنَّ أمريكا ليست شريكًا موثوقًا في المفاوضات، وأن الحديث مع حكومة متغطرسة لا يُمكن أن يكون مفيدًا.
وفي المقابل، توجد آراء أخرى أكثر تفاؤلًا، مثل تلك التي عبر عنها الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني؛ ففي تصريحاته الأخيرة، أكد روحاني أن قائد الثورة الإسلامية لا يعارض المفاوضات من حيث المبدأ؛ بل هو معارض للمفاوضات في الظروف الحالية التي يتم فيها فرض شروط غير متساوية. من وجهة نظره، يمكن لإيران أن تفتح أبواب المفاوضات في حال كانت الظروف ملائمة، ولكن بشرط أن تكون تلك المفاوضات قائمة على الاحترام المتبادل وعدم فرض الشروط المسبقة.
في هذا السياق، يرى بعض المراقبين السياسيين أن المفاوضات مع الولايات المتحدة في هذه اللحظة قد تؤدي إلى نتائج سلبية، لا سيما إذا كانت تقتصر على تبادل التصريحات دون أن تتمكن من تحقيق أي تغيير جوهري. وفي تحليل مثير، يعتقد أحد المصادر الأمنية البارزة في إيران أن المفاوضات مع أمريكا، في حال استمرت على نفس المنوال، قد تفضي إلى تكرار الأخطاء التاريخية التي ارتكبها قادة مثل معمر القذافي وصدام حسين، اللذين كانت محاولاتهما للمصالحة مع الغرب سببًا في نهايتهما المأساوية. هذه التجارب، كما يراها بعض المحللين، تبرز خطورة الانسياق وراء الوعود الأمريكية، التي قد تؤدي إلى تقويض القوة الإقليمية الإيرانية.
ويضيف المصدر أن إيران ستظل حذرة في تعاطيها مع أي مفاوضات قد تشمل الولايات المتحدة، خاصة وأن بعض المحللين الأمريكيين والإقليميين يرون أن الوضع الحالي، بعد استشهاد حسن نصرالله وعدد من قادة المقاومة في المنطقة، هو وقت مُناسب لتوجيه ضغوط أكبر على إيران بهدف إضعافها واستسلامها.
ومع ذلك، يرى البعض أن المفاوضات مع الولايات المتحدة قد تكون خطوة ضرورية إذا كانت الشروط متساوية وإذا كانت إيران قادرة على حماية مصالحها الاستراتيجية، خصوصًا في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها. في هذا الصدد، يرى هؤلاء أن سياسة "تقليل التكاليف" التي تحدث عنها عباس عراقجي قد تكون بمثابة فرصة لتقليص التوترات، ولكن بشرط أن تكون المفاوضات غير مرتبطة بشروط مُسبقة تضر بسيادة إيران ومواقفها السياسية.
يبدو أن المفاوضات مع الولايات المتحدة ستكون مسألة معقدة للغاية بالنسبة لإيران، خاصة في ظل الظروف الإقليمية والدولية الحالية. ولكن من الواضح أن القيادة الإيرانية تظل ثابتة على موقفها الرافض لأي نوع من المساومة على مبادئها، وعلى ضرورة الحفاظ على المقاومة كجزء من استراتيجية الأمن القومي الإيراني.
** باحثة إيرانية، يُنشر بالتعاون مع مركز الدراسات الآسيوية والصينية في لبنان