آليات تأثير الحروب على اقتصاديات الدول المتصارعة «دولة الاحتلال نموذجاً»
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
المقدمة
شهدت المنطقة تحولات جذرية بعد تمكين الاحتلال الاسرائيلي الصهيوني عام 1948 على أرض فلسطين التاريخية، حيث قامت إسرائيل باحتلال الضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967، وفرضت سيطرتها العسكرية على الأراضي الفلسطينية. وقد أدى الاحتلال الإسرائيلي إلى نشوب العديد من الحروب وأعمال المقاومة، أبرزها حرب 1967 وحرب أكتوبر 1973، إلى جانب الانتفاضتين الفلسطينيتين الأولى عام 1987 والثانية عام 2000 ورغم تفوق دولة الاحتلال عسكريا، إلا أن هذه الصراعات كان لها أثر اقتصادي سلبي كبير عليها، حيث تسببت في تباطؤ معدلات النمو وتراجع الصادرات وهروب رؤوس الأموال، إلى جانب تضخم الإنفاق الحربي.
وشهد الاقتصاد الإسرائيلي نمواً ملحوظاً خلال السبعين عاماً الماضية منذ قيام دولة الاحتلال عام 1948، ليصبح واحداً من أكبر اقتصادات منطقة الشرق الأوسط ويرجع ذلك إلى تبني إسرائيل سياسات اقتصادية رأسمالية وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، ما ساهم في تدفق رؤوس الأموال وتمويل المشاريع التنموية و الاستفادة من الدعم المالي الأمريكي الضخم على مدار عقود، إذ حصلت إسرائيل على أكثر من 140 مليار دولار منذ تأسيسها أيضا تطوير الزراعة الإسرائيلية واعتماد أساليب الري الحديثة لتوفير الاكتفاء الذاتي الغذائي والتركيز على الابتكار والتكنولوجيا من خلال إنشاء العديد من حاضنات الأعمال التكنولوجية و امتلاك إسرائيل لرأس مال بشري متعلم ومؤهل، حيث تحتل المرتبة الـ10 عالمياً في نسبة الحاصلين على التعليم العالي و تطوير صناعات عسكرية متطورة ساهمت في تعزيز الصادرات الإسرائيلية و بناءً على البيانات من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، يعد الاقتصاد الإسرائيلي ثاني أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط بعد السعودية، بناتج محلي إجمالي يزيد عن 350 مليار دولار في عام 2019 فإن نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي يقدر بحوالي 43,000 دولار، وهو من بين الأعلى في الشرق الأوسط ومع ذلك، فإن التحديات ما زالت قائمة. تشمل هذه التحديات الفجوات الاجتماعية والاقتصادية وفضلاً عن الأمن والتحديات الجيوسياسية.
«إن تأثير الحروب على الاقتصاديات يمكن أن يكون عميقاً ومتعدد الأوجه، فالحروب تخلق موجات من العواقب الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة التي تتجاوز بكثير الأضرار الفعلية الناجمة عن الصراع»
و في هذا المقال، سنستعرض الآثار الاقتصادية لآليات الصراع العربي الإسرائيلي وسياسة الاحتلال على اقتصاد الكيان المحتل، مدعمين بالأرقام والإحصاءات والنظريات المفسرة.
لمحة تاريخية عن الصراعات السابقة لدولة الاحتلال وأثرها على اقتصادهابعد خروج بريطانيا من الأراضي الفلسطينية في شهر مايو عام 1948 وإعلان انتهاء الاحتلال وتمكين الكثير من اليهود بالأراضي الفلسطينية من كل حدب وصوب، قام المجلس اليهودي بقيادة “ديفد بن جوريون” إعلان قيام دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، ومرت إسرائيل بأزمة اقتصادية حادة في أوائل خمسينيات القرن الماضي وقد نتجت هذه الأزمة عن عدة عوامل أهمها:
النفقات العسكرية الضخمة التي تكبدتها إسرائيل إثر حرب 1948 مع الدول العربية. فقد بلغت النفقات العسكرية 50% من الناتج المحلي الإجمالي في أوائل الخمسينات. تدفق مئات الآلاف من المهاجرين اليهود إلى إسرائيل مما زاد العبء على الاقتصاد والخدمات. حظر الدول العربية التجارة مع إسرائيل مما أثر سلباً على صادراته.واتخذت دولة الكيان إجراءات قاسية لمواجهة الأزمة، ويمكن تلخيص الخطوات الرئيسية التي اتخذتها إسرائيل لمواجهة هذه الأزمة فيما يلي:
تقليص الإنفاق العام وخفض الدعم على السلع. مما أدى لانخفاض مستوى المعيشة. تجميد الهجرة اليهودية لمدة عام في 1954 للحد من أعداد المهاجرين. تعزيز الصناعة وتشجيع الاستثمار الأجنبي لزيادة النمو الاقتصادي.ويمكن تلخيص الأسباب الرئيسية لتخطي إسرائيل هذه الأزمة فيما يلي:
تعويضات ألمانيا: حصلت دولة الكيان على تعويضات مالية ضخمة من ألمانيا في إطار اتفاقية التعويضات عن المحرقة عام 1952 وساهمت في دعم اقتصادها. المساعدات الأمريكية: تلقت إسرائيل مساعدات اقتصادية وعسكرية أمريكية ضخمة منذ الخمسينيات ساهمت في إنقاذ اقتصادها. مصادرة أملاك الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم بعد حرب 1948 تطوير الصناعة والتكنولوجيا: نجحت إسرائيل في تطوير قطاعات صناعية وتكنولوجية قوية ساهمت في تعزيز اقتصادها. النظريات المفسرة للحرب بين فلسطين ودولة الاحتلالأولا | الاقتصادية
نظرية الاستعمار الاستيطاني: وترى أن إسرائيل تسعى للسيطرة على الأراضي والموارد الفلسطينية لصالح مشروعها الاستيطاني نظرية التبعية الاقتصادية: وتفسر الصراع بالتبعية الاقتصادية للاحتلال الإسرائيلي التي تفرضها إسرائيل على الاقتصاد الفلسطينيثانيا | النظريات في العلاقات الدولية
النظرية البنائية: وتركز على الهويات والمعتقدات المختلفة كعامل مفسر للصراع.
تعرضت دولة الاحتلال للعديد من الحروب والصراعات المسلحة منذ نشأتها عام 1948، وكان لهذه الحروب آثار اقتصادية سلبية كبيرة على اقتصادها. وفيما يلي أبرز هذه الآثار:
أولاً: الآثار على معدلات النمو والناتج المحلي الإجمالي
وفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي عام 2003، شهد الاقتصاد الإسرائيلي تباطؤاً كبيراً في معدلات النمو خلال فترات الحروب والتوترات الأمنية. فعلى سبيل المثال تراجع معدل النمو من 6.4% عام 2000 إلى ما دون الصفر عام 2002 أثناء الانتفاضة الثانية و خلال الفترة 2000-2004 التي شهدت ذروة الانتفاضة الثانية، بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإسرائيلي حوالي 2.9% مقارنة بـ 4.3% بين عامي 1995-1999. كما تسببت حرب لبنان عام 2006 في تدني معدل النمو إلى 1.1% مقابل 5.1% قبل الحرب و بلغت الخسائر الاقتصادية لإسرائيل نتيجة حرب لبنان 2006 نحو 3.5 مليار دولار أي ما يعادل 0.5% من إجمالي الناتج المحلي أيضا خلال الحرب على غزة عام 2014، تقدر الخسائر الاقتصادية الإسرائيلية بنحو 2.5 مليار دولار أي حوالي 0.4% من الناتج المحلي أيضا خلال الحرب على غزة عام 2014، تقدر الخسائر الاقتصادية الإسرائيلية بنحو 2.5 مليار دولار أي حوالي 0.4% من الناتج المحلي.
ووفقًا لبيانات البنك الدولي، بلغ متوسط نمو الناتج المحلي الإسرائيلي 2.7% في الفترة بين 2010-2014 أثناء تكرار حروب غزة، مقارنة بـ 4.5% في الفترة 2005-2009 قبل هذه الحروب وخلال حرب غزة 2014، تراجع نمو الناتج المحلي الإسرائيلي إلى 2.6% مقارنة بـ3.2% في العام السابق 2013 حيث أشار تقرير لصندوق النقد الدولي إلى أن الانكماش في النشاط الاقتصادي جراء حرب 2014 كلّف الاقتصاد الإسرائيلي حوالي 18 مليار شيكل (نحو 5 مليارات دولار).
وبحسب بيانات البنك المركزي الإسرائيلي، تراجع معدل نمو إجمالي الناتج المحلي إلى نحو 1.4% في عام 2021 بفعل جائحة كورونا والحرب على غزة، مقارنة بتوقعات سابقة كانت تشير إلى نمو بنسبة 6.3% حيث أدى التضخم المرتفع نتيجة آثار الحرب والجائحة إلى تآكل الدخل الحقيقي للأسر الإسرائيلية بنسبة 2.5% تقريبًا في الربع الأخير من عام 2021
ثانياً: الآثار على الاستثمار والتجارة
حسب تقرير للغرفة التجارية الإسرائيلية أن الشركات الإسرائيلية فقدت أسواقاً بقيمة 1.4 مليار دولار في الضفة الغربية وقطاع غزة بعد اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987 وأشار تقرير لوكالة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة (أونكتاد) إلى أن حصار غزة تسبب في خسائر بلغت نحو 16.7% من الناتج المحلي الإجمالي عام 2015 ووفقاً لتقديرات البنك الدولي، تكبدت إسرائيل خسائر اقتصادية بقيمة 3 مليارات دولار نتيجة الانتفاضة الفلسطينية الثانية بين الأعوام 2000-2005 و اوضح تقرير لمعهد أبحاث الاقتصاد الإسرائيلي، انخفضت الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى إسرائيل بنسبة 66% بين عامي 2000 و2004 كما بلغت خسائر الصادرات غير العسكرية نتيجة حرب غزة 2014 ما يقرب من 15 مليار شيكل وفقاً لغرفة التجارة أي ما يعادل 3 مليار دولار حسب أسعار الصرف في سنة 2004 و سجلت الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى إسرائيل تراجعًا حادًا بلغت نسبته 80% في عام 2002 مقارنة بعام 2000 أثناء ذروة الانتفاضة حيث بلغ إجمالي التدفقات الوافدة من الاستثمار الأجنبي المباشر إلى إسرائيل 5.2 مليار دولار عام 2014 مقابل 11.8 مليار دولار عام 2013 قبل الحرب على غزة و خسرت إسرائيل صادرات تجارية بقيمة ملياري دولار تقريبًا بسبب الحصار الذي فرضته على قطاع غزة عقب الحرب عام 2014 أيضا أدت حرب لبنان عام 2006 إلى فقدان صادرات إسرائيلية تقدر قيمتها بنحو 1.2 مليار دولار.
ثالثاً: الآثار على قطاع السياحة
أظهرت بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني انخفاض عدد السياح القادمين إلى فلسطين بنسبة 80% تقريبًا في عام 2002 مقارنةً بعام 2000 و وفقًا لتقرير البنك الدولي، تسببت الانتفاضة الثانية بين 2000-2006 في خسارة قطاع السياحة ما يقدر بـ6 مليارات دولار و وفقاً لتقرير منظمة السياحة العالمية، أيضا شهدت السياحة الوافدة إلى إسرائيل تراجعاً حاداً بنسبة 46% خلال الانتفاضة الثانية ما بين عامي 2000 و2004، وتسببت حرب لبنان عام 2006 في خسارة قطاع السياحة نحو 1 مليار دولار أمريكي وفقاً لتقديرات غرفة السياحة الإسرائيلية. وحذرت غرفة السياحة الإسرائيلية من تراجع إيرادات قطاع الفنادق بنسبة 85% خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 وأفاد معهد السياحة الإسرائيلي بأن الحرب على غزة 2008-2009 تسببت في خسارة قطاع الضيافة ما يقدر بـ250 مليون دولار و أشارت بيانات وزارة السياحة الإسرائيلية إلى انخفاض عدد السياح إلى إسرائيل من 3.2 مليون عام 2013 إلى 2 مليون عام 2014 بعد الحرب على غزة و بلغت خسائر الفنادق الإسرائيلية أكثر من 40 مليون دولار نتيجة إلغاء وتأجيل الحجوزات بعد الحرب عام 2021 وفقاً لتحليلات شركة سميذ حيث أشارت منظمة السياحة العالمية إلى أنه من المتوقع أن يستغرق قطاع السياحة الإسرائيلي أكثر من عام للتعافي من آثار حرب عام 2021، وكشف البنك الدولي أن انخفاض وتيرة النمو الاقتصادي بسبب تراجع السياحة يهدد ما يصل إلى 10,000 وظيفة في إسرائيل.
رابعاً: الآثار على ميزانية الدولة والدين العام
أشار تقرير البنك الدولي إلى أن الإنفاق العسكري الإضافي خلال حرب لبنان 2006 تسبب في زيادة عجز الموازنة بمقدار 0.9% من الناتج المحلي، ووفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي، أدى الإنفاق الطارئ أثناء الانتفاضة الثانية إلى زيادة الدين العام الإسرائيلي من 79% إلى 100% من الناتج المحلي بين 2000 و2006، أيضا تسببت حرب غزة 2014 في زيادة عجز الموازنة الإسرائيلية بمقدار 0.5% من الناتج المحلي وعزز ذلك التقرير الصادر عن مكتب المحاسبة الحكومي الإسرائيلي أن تمويل حرب غزة 2014 تم عبر الاقتراض الخارجي بشكل رئيسي مما زاد من أعباء خدمة الدين في حين أفاد تقرير لمركز أبحاث الكونغرس الأمريكي بأن تكلفة الانتفاضة الفلسطينية الثانية 2000-2005 بلغت نحو 10 مليارات دولار أثقلت كاهل الميزانية الإسرائلية.
ووفقاً لتقرير صادر عن صندوق النقد الدولي عام 2021، ارتفع العجز في الميزانية الإسرائيلية من 3.7% من الناتج المحلي عام 2019 إلى 11.6% في عام 2020 بسبب جائحة كوفيد-19 وتكاليف الحرب. وأفاد تقرير لمعهد أبحاث السلام الإسرائيلي إلى أن الإنفاق العسكري الإضافي نتيجة الحروب رفع الدين الحكومي من 60% من الناتج عام 2000 إلى 75% في عام 2020، وحذر تقرير لمركز أبحاث الكنيست من ارتفاع الدين العام إلى مستويات غير مستدامة بلغت 90% من الناتج بحلول عام 2023 نتيجة تبعات الحروب.
خامساً: الآثار على سوق العمل
وفقاً لمسح للقوى العاملة في إسرائيل، فقد حوالي 50 ألف شخص وظائفهم خلال الأعوام 2001-2004 أثناء الانتفاضة الثانية وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي ارتفاع معدلات البطالة إلى 11% خلال الانتفاضة الثانية مقابل 6% قبل اندلاعها وفقاً لتقرير معهد أبحاث العمل، وشهد قطاع الصناعة والبناء أعلى معدلات البطالة بعد الحرب على لبنان عام 2006، ووفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي، تسببت الحرب على غزة عام 2008-2009 في فقدان أكثر من 40 ألف وظيفة في إسرائيل أيضا شار تقرير للبنك الدولي إلى أن البطالة بين الشباب الإسرائيليين بلغت 15% بعد الحرب على غزة 2014 مقابل 10% قبل الحرب. وأشار تقرير معهد أبحاث الاقتصاد الإسرائيلي إلى أن حوالي 45% من المجندين أثناء حرب غزة 2014 كانوا من العاملين، مما تسبب في خسائر اقتصادية كبيرة، وعلى سبيل الذكر بلغ عدد أيام العمل الضائعة بسبب التجنيد 50 مليون يوم عمل تقريبًا خلال الحرب على غزة عام 2021 وفقًا لتقديرات النقابات العمالية. وجاء تقرير منظمة العمل الدولية عام 2021، أن معدل البطالة في إسرائيل ارتفع من 5.9% عام 2019 إلى 8.6% في عام 2020 بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19 والتوترات الأمنية في المنطقةـ وبالتبعية حذرت غرفة العمل الإسرائيلية من فقدان ما يصل إلى 70 ألف وظيفة بحلول نهاية عام 2022 بسبب تداعيات الحرب الأخيرة على غزة حيث كشف مسح لمعهد أبحاث العمل أن 37% من أرباب العمل الإسرائيليين أجبروا على تخفيض العمالة بعد الحرب الأخيرة مع غزة.
سادساً: الآثار على الصناعات التكنولوجية
تضرر قطاع التكنولوجيا من حيث انخفاض الصادرات وهروب رؤوس الأموال والاستثمارات، إلى جانب صعوبة جذب المهارات التقنية من الخارج وبشكل عام، تسببت الحروب المتكررة في خسائر اقتصادية فادحة لإسرائيل تمثلت في تدني مؤشرات النمو والاستثمار وارتفاع معدلات البطالة والدين العام. فوفقاً لتقرير غرفة التجارة والصناعة، تسببت الانتفاضة الثانية بخسائر متراكمة بلغت 10 مليارات دولار لقطاع تكنولوجيا المعلومات بين عامي 2000 و2005، أيضا تسبب الركود الاقتصادي إثر الانتفاضة الثانية في إغلاق أكثر من 800 شركة ناشئة في مجال التكنولوجيا بين عامي 2000 و2003. وبالنظر إلى الأحداث المتتالية أظهر مسح لجمعية مستثمري المخاطرة أن 54% من المستثمرين خفضوا استثماراتهم في الشركات الناشئة الإسرائيلية بعد الحرب على لبنان 2006، ونتيجة للتباطؤ الاقتصادي بعد حرب 2014 تم تسريح أكثر من 6000 موظف في قطاع التكنولوجيا حسب تقديرات وزارة الصناعة والتجارة و بلغت خسائر قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي نحو 1.4 مليار دولار بسبب الحرب على غزة سنة 2014 وفق تقديرات البنك الدولي.
انخفضت استثمارات رأس المال المخاطر في الشركات التكنولوجية الإسرائيلية إلى 2.1 مليار دولار في 2020 مقابل 5 مليارات دولار في 2019 و وفقًا لتقرير غرفة التجارة والصناعة الإسرائيلية عام 2021، تراجع نمو الصادرات التكنولوجية بنسبة 15% خلال عام 2021 مقارنة بالعام السابق بسبب الحرب حيث تسبب إغلاق المعابر إلى غزة بعد الحرب 2021 في خسارة شركات تكنولوجيا المعلومات ما يقدر بنحو 200 مليون دولار. وانخفض عدد شركات التكنولوجيا الجديدة المؤسسة في إسرائيل بنسبة 18% في الربع الأول من عام 2022 مقارنةً بالربع الأول من 2021 حيث حذرت جمعية مستثمري المخاطرة من هجرة رؤوس الأموال والكفاءات من قطاع التكنولوجيا إلى الخارج بحثاً عن بيئة أكثر استقرار.
سابعاً: الآثار على قطاع الزراعة
خسر القطاع الزراعي حوالي 220 مليون دولار أمريكي بسبب الحظر الذي فرضته دول عربية على الواردات الزراعية الإسرائيلية إثر حرب 1967حسب تقرير صادر عن (المركز الإسرائيلي للبحوث الزراعية) و تسببت حرب لبنان الأولى 1982 في خسارة إنتاج الفواكه والخضروات بنسبة 35% بسبب نقص العمالة وانخفضت الصادرات الزراعية إلى أوروبا بنسبة 18% بعد انتفاضة الأقصى 2000. وحسب ما جاء في تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الاسرائيلي انخفض عدد العاملين في القطاع الزراعي من 109,000 عامل عام 2000 إلى 91,000 عام 2003 بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، وأشارت تقديرات وزارة الزراعة الإسرائلية إلى تعرض أكثر من 2000 فدان للتلف خلال حرب غزة 2014 بفعل القصف، وتسبب إغلاق المعابر خلال حروب غزة في خسارة مئات المزارعين لمنتجاتهم الزراعية نتيجة تعذر تصديرها. ووفقاً لتقرير وزارة الزراعة الإسرائيلية، انخفض إنتاج المحاصيل الزراعية بنسبة 24% في النصف الأول من 2021 مقارنةً بالفترة نفسها من 2020، ويرجح التقرير أسباب الانخفاض إلى تداعيات التصعيد مع غزة واضطرار المزارعين للبقاء في الملاجئ أيضا أدى إلغاء الاتحاد الأوروبي لامتيازات تجارية مع إسرائيل عام 2021 إلى انخفاض صادرات الفواكه والخضروات بنسبة 42% حسب ما جاء في تقرير صادر عن (مكتب الإحصاء المركزي الاسرائيلي).
ثامناً: الآثار على قطاع المواصلات
وفقاً لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، تسببت الانتفاضة الثانية في خسارة قطاع النقل الإسرائيلي ما يقدر بنحو 450 مليون دولار سنويًا، وأظهرت بيانات البنك الدولي أن حركة المسافرين عبر مطار بن غوريون انخفضت بنسبة 25% خلال الأشهر الـ6 الأولى من اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 أيضا انخفضت حركة البضائع في موانئ إسرائيل بنسبة 30% خلال الأشهر الأولى من اندلاع الانتفاضة الثانية عام 2000 حسب ما جاء في تقرير عن منظمة التجارة العالمية. ووفقاً لتقرير وزارة المواصلات الإسرائيلية، تكبدت شركات الطيران الإسرائيلية خسائر بقيمة 260 مليون دولار خلال حرب لبنان 2006 نتيجة إلغاء الرحلات و سجلت حركة المسافرين في ميناء حيفا انخفاضًا بنسبة 55% خلال الأيام الـ21 الأولى من العدوان على غزة عام 2008 وتكبدت شركة إسرائير الجوية خسارة مالية قدرها 11 مليون دولار بسبب إلغاء رحلاتها خلال الحرب على غزة في عام 2014. حسب تقرير صادر عن شركة إسرائير 2014 وهبطت حركة المسافرين في مطار بن غوريون بنسبة 12% خلال النصف الأول من عام 2021 مقارنةً بـ 2020 بسبب تداعيات الحرب حسب البيانات الصادرة عن إحصاءات مطار بن غوريون 2021، وحسب تقرير صادر عن سلطة القطارات الاسرائلية تسبب إطلاق الصواريخ من غزة في تعطل حركة القطارات لمدة 220 ساعة خلال عام 2021 مما تسبب في خسارة تقدر بـ 18 مليون شيكل أي ما يعادل 5,625,000 دولار أمريكي حسب سعر الصرف في تلك الفترة.
ويمكن دعم المؤشرات الاقتصادية بتصريح شخصيات بارزة من دولة الكيان
ذكر في مقال تم نشره بعنوان “التكلفة الاقتصادية المرتفعة للصراع مع غزة” في مجلة “ذا ماركر” الإلكترونية بتاريخ 19 سبتمبر 2016 لرئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية “زئيف إلكين” أن حروب إسرائيل في غزة منذ عام 2006 كلفت اقتصادها أكثر من 45 مليار شيكل، وصرحت أيضا عضو الكنيست عن الليكود “عالية كباها”، خلال جلسة في اللجنة المالية بتاريخ 6 ديسمبر 2015، إن الخسائر الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة الناجمة عن انتفاضة السكاكين بلغت 14-15 مليار شيكل سنويًا وأضافت “كباها” أن هذه التكلفة الباهظة تشمل الأضرار التي لحقت بقطاعات السياحة والنقل والتجارة، بالإضافة إلى تكاليف الإجراءات الأمنية الإضافية. وفي مقابلة مع إذاعة دولة الكيان بتاريخ 4 أغسطس 2014، قال “يوفال شتاينتز” إن حرب غزة 2014 التي اندلعت في يوليو من نفس العام، من المتوقع أن تكلف الاقتصاد الإسرائيلي ما بين 20-25 مليار شيكل على الأقل أي ما يعادل 5.7 – 6.9 مليار دولار أمريكي حسب سعر الصرف في تلك الفترة و أضاف “شتاينتز” أن هذه التكلفة الاقتصادية الباهظة ستنعكس سلبًا على معدلات النمو وسوق العمل والميزانية العامة للدولة. وفي خطاب ألقاه أمام الكنيست بتاريخ 15 مايو 2021، رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” إن الحروب التي خاضتها إسرائيل ضد حركة حماس في قطاع غزة منذ عام 2008 كلّفت الاقتصاد الإسرائيلي أكثر من 50 مليار شيكل أي يمكن القول إن تكلفة الحروب مع حماس على الاقتصاد الإسرائيلي منذ 2008 بلغت حوالي 15.15 مليار دولار أمريكي إلى تاريخ الخطاب في 2021.
انعكاس الآثار الاقتصادية للحروب على السياسة الخارجية الإسرائيلية
وفقًا لتقرير مركز بيغن- السادات للأبحاث الاستراتيجية، أدت الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الحروب إلى زيادة الضغوط الداخلية على الحكومة الإسرائيلية لتحقيق استقرار أمني وسياسي مع الدول المجاورة أيضا أشارت دراسة مركز أبحاث الكونغرس إلى أن الركود الاقتصادي إثر حرب 2014 دفع إسرائيل للتوصل لاتفاقيات غاز شرق المتوسط مع مصر والأردن وقبرص و ذكر تقرير لمجلس العلاقات الخارجية الاسرائلية أن الرغبة في استعادة النمو الاقتصادي شكلت حافزًا لإسرائيل للتفاوض مع السلطة الفلسطينية بشأن حل الدولتين في عهد أوباما وبالتبعية صرح معهد دراسات الأمن القومي الاسرائيلي، تراجع الاستثمارات الأجنبية بفعل عدم الاستقرار في تشجيع إسرائيل على توقيع اتفاقيات سلام مع دول عربية مثل الإمارات والبحرين كما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الاعتبارات الاقتصادية كانت وراء قرار إسرائيل الانضمام لمعاهدة السلام مع الإمارات والبحرين في عهد ترامب.
أثر الهجمات الصاروخية عام 2021 على اقتصاد دولة الاحتلالأثرت حرب غزة 2021 التي اندلعت في مايو 2021 بين إسرائيل وقطاع غزة على الاقتصاد الإسرائيلي من عدة جوانب :
1- الخسائر المباشرة
تشير تقديرات أولية إلى أن الخسائر المباشرة بلغت نحو 3-4 مليار شيكل (900 مليون – 1.2 مليار دولار) نتيجة إغلاق المصانع والمدارس وخسائر قطاع السياحة بسبب إلغاء الحجوزات السياحية والرحلات الجوية بنسبة تصل إلى 40%.
2- التأثيرات الاقتصادية غير المباشرة
وتتمثل في ارتفاع معدلات التضخم بسبب ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية وتراجع النمو الاقتصادي المتوقع لعام 2021 إلى أقل من 3% بدلاً مما كان متوقعاً 5-6% وبالتبعية هروب رؤوس الأموال والاستثمارات بسبب عدم الاستقرار الأمني وزيادة الإنفاق العسكري على حساب الإنفاق الاجتماعي.
3- الآثار طويلة المدى
قد تضطر إسرائيل لزيادة ميزانية الأمن بمقدار 6-8 مليار شيكل سنوياً و زيادة تكاليف التأمين في المناطق المتضررة من الصواريخ و انخفاض التصنيف الائتماني للاقتصاد الإسرائيلي أيضا انخفاض ثقة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد الإسرائيلي لها تبعات لا يحمد عقباها.
العواقب الاقتصادية لحرب غزة عام 2023 على إسرائيل و أثارها1- ضعف الأداء للشيكل (عملة دولة الاحتلال)
في يوم 10 أكتوبر، ووفقًا لتقرير صادر عن رويترز، هبطت قيمة الشيكل إلى مستوى غير مسبوق منذ 8 سنوات قبل هجوم المقاومة الفلسطينية على دولة الاحتلال، حيث وصلت إلى ما يقرب من 3.9581 شيكل مقابل الدولار الواحد. هذا أدى إلى استغلال المضاربين للوضع وفتحهم مراكز بيع قصيرة للشيكل. ولولا تدخل البنك المركزي لدولة الاحتلال، لكانت قيمة الشيكل هبطت إلى أدنى مستوى في تاريخها. حيث اتخذ البنك المركزي إجراءات غير مسبوقة لمنع انهيار قيمة الشيكل، وأعلن استعداده لبيع 30 مليار دولار من احتياطياته لدعم العملة، بالإضافة إلى 15 مليار دولار كتمديد لاتفاقيات المبادلة. بالمجمل، تصل قيمة الدعم للعملة إلى حوالي 45 مليار دولار، بهدف منع انهيار الشيكل وتقليل تدهوره أكثر من ذلك.
2- الديون السيادية
ثأترت الديون الإسرائيلية في الأسواق الدولية تأثيرًا سلبيًا مُباشرًا، وارتفعت تكلفة تأمين الديون السيادية الإسرائيلية ضد التخلف عن السداد إلى أعلى مستوى لها منذ 14 سنة. تضررت الأسهُم المُرتبطة بإسرائيل على مستوى العالم أيضًا، وتكبدت الكثير من الخسائر، إذ بلغت حوالي 43 مليار دولار في الأسواق الدولية من أسهُم وسندات موجودة في صناديق استثمار سواء كانت سلبية أو نشطة في البورصات الأمريكية، بغضِّ النظر عن الشركات المُنشأة في إسرائيل والمُدرجة في البورصة الأمريكية. ووفقًا لـ”بلومبيرغ”، فإن هناك أكثر من 100 شركة مُدرجة في البورصة الأمريكية يكون مقرّها إسرائيل. كما انخفضت الأسهُم المُحلية في البورصة بنسبة 6% في يوم 8 أكتوبر، وهو أكبر انخفاض لها منذ 3 سنوات.
3- قطاع السياحة
وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء المركز الإسرائيلي في شهر يوليو 2023 بشأن الستة أشهر الأولى من عام 2023، قام أكثر من 2 مليون سائح بزيارة إسرائيل وأنفقوا حوالي 3.1 مليار دولار. وعلى الرغم من محاولة قطاع السياحة التعافي من آثار جائحة كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية، كان من المتوقع أن يصل دخل إسرائيل من قطاع السياحة في هذا العام إلى أكثر من 6 مليارات دولار فقط؛ ولكن مع هجوم المقاومة الفلسطينية واستمرار الحرب، تراجع أداء قطاع السياحة وتم ملاحظة ذلك منذ بداية الهجوم. بدأت شركات الطيران العالمية في إلغاء رحلاتها إلى الأراضي المحتلة، وألغت معظم الشركات العالمية رحلاتها إلى تل أبيب حتى منتصف شهر ديسمبر على الأقل، وهناك أيضًا شركات علقت رحلاتها حتى نهاية ديسمبر، وقامت بعض الشركات الأخرى بإلغاء رحلاتها حتى 30 مارس 2024.
أستدعاء جنود الإحتياط والتعبئة
وكما ذكرنا سابقاً، قامت معظم شركات الطيران بتعليق رحلاتها إلى تل أبيب، باستثناء شركة الطيران الإسرائيلية (إل عال). تركزت مهمة هذه الشركة على نقل أشخاص محددين من دول مختلفة داخل إسرائيل، وهؤلاء هم جنود الاحتياط، بغرض تحقيق أكبر تعبئة في تاريخ الكيان المحتل، وهو ما ترتب عليه ضغط اقتصادي على إسرائيل. ففي صباح يوم 9 أكتوبر 2023، تم استدعاء ما يقدر بحوالي 300 ألف جندي احتياط إسرائيلي للخدمة، ووصل العدد في النهاية إلى 360 ألف جندي وفقًا لوكالات دولية، وهو أقل بقليل من استدعاء حرب أكتوبر 1973، حيث تم استدعاء حوالي 400 ألف جندي احتياط تقريباً.
يمكن القول بأن توجيه هؤلاء الجنود للخدمة يؤثر مباشرة على اقتصاد الدولة المحتلة، حيث يشكلون جزءًا كبيرًا من القوى العاملة في مجالات متنوعة مثل المهندسين والتقنيين وأصحاب المشاريع الناشئة والمعلمين والمزارعين والمحامين والأطباء والممرضات والفنيين والعمال في قطاع السياحة و ذالك في سبيل الانضمام إلى حرب قد تمتد لأكثر من شهر، فحسبما صرح به (أليال ونتر)، أستاذ الاقتصاد في جامعة القدس العبرية، الذي درس تأثير الحروب على اقتصاد إسرائيل. وأشار إلى أن انسحاب القوة العاملة الضخمة بشكل مفاجئ سيكون له تأثير كبير على اقتصاد إسرائيل، حيث يؤدي إلى تقليل عرض العمالة في سوق العمل الإسرائيلية المعروفة بضيقها، ما سيؤدي بالطبع إلى تعطيل يؤدي الي ركود تضخمي (ارتفاع في معدل التضخم وهبوط في النمو الاقتصادي) وحجم الضرر الاقتصادي يعتمد على فترة بقاء جنود الاحتياط بعيداً عن وظائفهم.
قطاع التكنولوجيا المتقدمة
قطاع التكنولوجيا هو المسؤول عن دفع نمو الاحتلال، حيث يساهم هذا القطاع بما يقرب من نصف صادرات إسرائيل. ووفقًا لوزارة الاقتصاد الإسرائيلية، تم تصدير سلع وخدمات بقيمة تقريبية تبلغ 165 مليار دولار في عام 2022، وكانت 51% من هذه الصادرات تتمثل في التكنولوجيا المتقدمة مثل البرمجة والبحث والتطوير وأشباه الموصلات. وسنركز هنا على أشباه الموصلات التي تلعب دورًا كبيرًا في صناعتها عالميًا، على الرغم من صغر حجم الاحتلال. فإنها تُعَدُّ جزءًا من سلسلة التوريد العالمية للرقائق الإلكترونية، بالإضافة إلى كونها مصدرًا رئيسيًا للمواهب الهندسية. فهي تعد مركزًا رئيسًا لشركات تصنيع أشباه الموصلات العالمية، مثل شركة انتل، والتي تمتلك فروعًا عديدة في إسرائيل وتعمل في مجال تصنيع أشباه الموصلات منذ ما يقرب من 50 عامًا. بالإضافة إلى ذلك، توجد شركة شركة نيفيديا، والتي تُعتَبَر واحدة من أكبر مصنعي أشباه الموصلات في العالم والتي تُستخدَم في أنظمة الذكاء الاصطناعي، متواجدة بقوة في إسرائيل. وللشركة أبل أيضًا مقر لها في إسرائيل ، وهي تقوم أيضًا بتصميم جزء من السيليكون المستخدم في أجهزتها في إسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، تملك كل من شركات أمازون ومايكروسوفت مراكز لتصميم الرقائق الإلكترونية هناك.
وتهدد هجمات المقاومة الفلسطينية هذا القطاع الحيوي في إسرائيل، حيث دخل هذا القطاع الحساس في حالة من الذعر بعد استدعاء العديد من الموظفين كجنود احتياط في الجيش الإسرائيلي، مما تسبب في تعطيلات كبيرة في سوق العمل.
زيادة عجز الموازنة:
تزايدت النفقات العسكرية الناجمة عن واردات الأسلحة والذخائر، مما زاد من قيمة الإنفاق العسكري بملايين الدولارات يوميًا في العمليات العسكرية، وعمَّق عجز الموازنة الإسرائيلية. فالموازنة الإسرائيلية تعاني من عجز مالي بسبب نفقات الحكومة التي تتجاوز حجم الدخل، بحسب بيان الموازنة الحكومية الاسرائلية الصادر في أغسطس 2023، حيث أظهر البيان عجزًا بنحو 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي، أي ما يعادل تقريبًا 6 مليارات دولار، وهذا نتيجة استمرار انخفاض الضرائب داخل إسرائيل وزيادة الإنفاق الحكومي على المبلغ المقدر في الميزانية. وبالطبيعة، يتزايد الإنفاق الحكومي يوميًا بعد العمليات العسكرية بسبب زيادة الإنفاق الدفاعي، بالإضافة إلى نفقات إعادة الإعمار وتعويض فقدان الدخل للموظفين والتدابير الأمنية الجديدة، وبشكل خاص بعد فشل الجدار الحديدي الذي يفصل بين قطاع غزة وباقي الأراضي المحتلة، والذي تم بناؤه في 3 سنوات ونصف بتكلفة تقدر بحوالي 1.1 مليار دولار. وهذا يضع الحكومة التي يرأسها نتنياهو في وضع لا يحسد عليه، حيث ستُجبر الحكومة على تمويل هذا العجز بطريقتين:
1 الاقتراض: هو اقتراض أموال إضافية، ولكن الفوائد العالية في العالم تعرقل ذلك.
2 رفع أسعار الضرائب: إجبار المواطنين على دفع ضرائب أعلى هو خيار صعب وسيكون له تأثير على الاقتصاد في ظل تراجع النمو الاقتصادي وتعطيله بعد بدء العمليات العسكرية التي أثرت في جميع جوانب الاقتصاد.
أخيراً و ليس آخراً لا يزال من المبكر قياس أثر الضرر لهجوم المقاومة الفلسطية في أكتوبر 2023 على الاقتصاد الإسرائيلي لأن الحرب لا تزال قائمة ويوميا اقتصاد دولة الاحتلال يتم استنزافه في هذه الحرب.
أهم مصادر جمع البيانات صندوق النقد الدولي بنك إسرائيل معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي جامعة تل أبيب البنك الدولي bloomberg Federation of Israeli Chambers of Commerce, 2021 Technology Export Report ITRI Research on Impact of 2014 Gaza War Estimate by Israel Venture Capital Research Center Begin-Sadat Strategic Research Center, The Impact of Wars on Israel’s Foreign Policy, 2018 Congressional Research Service, Israel-Middle East Energy Relations, 2017 CFR, Israeli-Palestinian Peace Talks and Economic Considerations, 2014 INSS, Economy and Israel’s National Security Doctrine, 2020 ILO Labor Market Report – Israel 2021 Israeli Central Bureau of Statistics Labor Force Survey 2004 Histadrut Statement on Unemployment 2022 IPRI Budget Deficit Report 2021 IMF Staff Report on 2014 Gaza War Impact CRS Report for US Congress 2008 UNWTO, Tourism Statistics 2005 Israeli Ministry of Tourism, 2014 STR Hotel Industry Analysis, 2022 UNWTO Press Release on Recovery of Tourism Sector Post 2021 Gaza War Israeli-Palestinian Chamber of Commerce, 2018 Report UNCTAD Report on Assistance to Palestinian People, 2015 Israeli Knesset Research Center, 2004 Oxfam, Impact of Gaza Conflict 2014 Bank of Israel Estimate, 2006 Research Institute of Economic Affairs 2004 Israeli Ministry of Finance 2006الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
إقرأ أيضاً:
هآرتس: عندما يصبح الجيش الإسرائيلي نموذجا للوحشية
ربطت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية -في مقالين منفصلين- بين انتشار العنف والوحشية في جيش إسرائيل وخطاب الكراهية والانتقام الذي تنتهجه حكومتها، وشبهت ما يحدث في غزة بمعسكر الاعتقال النازي لليهود (أوشفيتز)، متأسفة على غياب رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو عن ذكرى المحرقة لأن دولته أصبحت منبوذة، ولأنه مطلوب من قبل المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب.
في المقال الأول وصف الأستاذ الفخري يوئيل إليزور باعتباره طبيبا نفسيا، حالة أفراد الجيش الإسرائيلي النفسية في حربه الجارية، وقال إنه يشعر بالرعب من القتل الجماعي للمدنيين في غزة وبالانزعاج من تأثير الوحشية التي يمارسونها على الصحة العقلية للجنود الذين يتعرضون للخطر بسبب خطاب الحكومة التحريضي وإضعاف أنظمة العدالة المدنية والعسكرية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إنترسبت: هل ينكر مسؤولو أوروبا جرائم الحرب في غزة رغم الوثائق؟list 2 of 2نيويورك تايمز: الهند تشوه الحقيقة وهذا ما يحدث فعلا للهندوس ببنغلاديشend of listوأوضح إليزور هدفه من هذا المقال بصفته جَدا وطبيبا نفسيا بحث في تجربة الجنود مع الوحشية، وقال إنه يريد أن يحمي حفيده وكل من يخدم في الجيش الإسرائيلي، ويريدهم أن يعرفوا مدى صعوبة الوقوف في وجه قائد قاس ومقاومة ضغوط الأقران التي تشجع على الوحشية.
وصنف الكاتب 5 مجموعات من الجنود بناء على سمات الشخصية، استنادا إلى دراسة قامت بها ضابطة الرعاية الاجتماعية نوفار إيشاي أثناء الانتفاضة الأولى تحت إشرافه، نُشرت لاحقا عام 2012، باعتبارها الفصل الأول من كتاب بعنوان "بقعة من ضوء.. الجنود الإسرائيليون والجيش والمجتمع في الانتفاضة".
إعلان
تأثير الضباط الصغار
المجموعة الأولى صغيرة وقاسية تتألف من جنود قساة، اعترف بعضهم بالعنف قبل التجنيد، وقد ارتكب هؤلاء معظم الفظائع الشديدة، ونظروا إلى الوحشية باعتبارها تعبيرا عن القوة والرجولة، أسكرتهم السلطة التي تلقوها في الجيش، يقول "إنها مثل المخدرات. تشعر وكأنك أنت القانون، أنت من يضع القواعد. وكأنك منذ اللحظة التي تغادر فيها إسرائيل وتدخل قطاع غزة تصبح إلهًا".
يقول أحد هؤلاء "ليس لدي مشكلة مع النساء. رمتني إحداهن بحذاء، فركلتها هنا (أشار إلى الفخذ)، وحطمت كل هذا هنا. لا يمكنها إنجاب أطفال اليوم"، وأطلق أحدهم النار على عربي 4 مرات في ظهره وأفلت بدعوى الدفاع عن النفس، و"تلقى شاب عربي فجأة رصاصة في بطنه وكان يحتضر على الرصيف وابتعدنا بالسيارة بلامبالاة"، كما يقول جندي.
المجموعة الثانية مجموعة صغيرة عنيفة أيديولوجيًا، أيدت الوحشية دون المشاركة، كان أفرادها يؤمنون بتفوق اليهود وكانوا ينتقدون العرب، ولم يتم الإبلاغ عن الإصابات الأخلاقية في هذه المجموعة.
المجموعة الثالثة صغيرة وغير قابلة للفساد، عارضت تأثير المجموعات القاسية والأيديولوجية على ثقافة الفرقة، تم ترهيبهم في البداية من قبل القادة الوحشيين، ثم اتخذوا موقفا أخلاقيا واستمروا في الإبلاغ عن الفظائع إلى قائد الفرقة، تعرض أحدهم للنبذ، وأصيب بصدمة نفسية واكتئاب وغادر البلاد بعد التسريح.
المجموعة الرابعة كبيرة وتتكون من جنود ليس لديهم ميل مسبق للعنف، ولكن سلوكهم كان متأثرا بشكل كبير بنماذج الضباط الصغار ومعايير الفرقة.
أما المجموعة الخامسة فكانت كبيرة، وتشكلت من الجنود الذين يوجهون أنفسهم داخليا والذين حافظوا على المعايير العسكرية ولم يتركبوا فظائع، وقد استجابوا للعنف الفلسطيني والمواقف التي تهدد الحياة بطرق متوازنة ومبررة قانونيا، ولم يبلغوا عن إصابات أخلاقية.
إعلان سلوك صادموفي سياق تأثير القادة الصغار والجنود المؤثرين، يقول أحدهم "جاء قائد جديد إلينا. خرجنا معه في أول دورية، لم يكن هناك أحد في الشوارع سوى طفل صغير (4 سنوات) يلعب في فِناء منزله. فجأة جرى القائد وأمسك بالطفل وكسر ذراعه وساقه وداس على بطنه ثلاث مرات وغادر. نظرنا إليه في حالة من الصدمة. سألت القائد "ما قصتك؟" قال يجب قتل هؤلاء الأطفال منذ اليوم الذي يولدون فيه. وعندما يفعل القائد ذلك يصبح الأمر شرعيا".
وذكر إليزور أن هناك أدلة كثيرة على جرائم الحرب المزعومة في الحرب الحالية، وقد قام المؤرخ الإسرائيلي لي مردخاي بجمع البيانات وتصنيفها وتحديثها بانتظام، وهي تشمل تقارير من مؤسسات مرموقة كالأمم المتحدة، وتقارير من وسائل الإعلام الرئيسية، وصورا ومقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي.
نموذج مصغر للوحشية
وهناك توثيق لإطلاق النار على المدنيين الذين يلوحون بالأعلام البيضاء، وإساءة معاملة الأسرى والجثث، وحرق المنازل دون موافقة قانونية، والتدمير الانتقامي للممتلكات والنهب، مقابل عدد ضئيل من التحقيقات، حسب لي مردخاي.
واستغرب الكاتب كلمات التأبين التي ألقيت في جنازة جندي احتياطي قُتل في لبنان، حيث أشار أحد المتحدثين إلى قتله لفلسطيني كان يحصد الزيتون مع أطفاله، وروى أفراد وحدته كيف نجح في رفع الروح المعنوية في غزة بإشعال النار في منزل دون موافقة، وأعلنوا التزامهم بمواصلة أعمال الحرق والانتقام في غزة ولبنان والضفة الغربية.
أما مركز الاحتجاز سدي تيمان فهو بالنسبة ليوئيل إليزور نموذج مصغر للوحشية في الحرب الحالية، وقد أصبح سيئ السمعة عندما أبلغ طبيب عن علامات إساءة جنسية شديدة لدى أحد المعتقلين، وقد أبلغت تقارير إعلامية عن 36 تحقيقا بشأن وفاة معتقلين كانوا محتجزين فيه، كما تشير شهادات فلسطينيين مفرج عنهم، جمعتها منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية غير الحكومية بتسيلم، إلى العنف القاسي والتعسفي بشكل متكرر والإذلال والإهانة والتجويع المتعمد وغير ذلك من الممارسات المسيئة.
إعلان الانتقام وخطاب الكراهيةوفي جو الانتقام هذا، ذكّر الكاتب بما كتبه اللواء (احتياط) يعقوب عميدرور قائلا "الحرب شيء قاس، والسؤال الحقيقي هو كيف نركز القسوة على أولئك الذين يريدون إيذاءنا لا على الآخرين الذين يصادف وجودهم في المنطقة".
وفي هذا السياق، أدى خطاب الكراهية والانتقام الذي تنتهجه حكومتنا والذي تعزز بسبب تقويضها المتعمد لنظام العدالة -كما يقول الأستاذ- إلى الانتقام المفرط والقتل الجماعي للمدنيين في غزة، كما وفّر ذلك رياحا مواتية للفظائع التي يرتكبها الجنود القساة والعنيفون إيديولوجيًا، وزاد من نفوذهم على الأتباع، وأزاح غير القابلين للفساد جانبا.
ويستمر إليزور قائلا إنه وفي هذا الوضع الصعب، تقع على عاتق القيادة العليا مسؤولية الحفاظ على القيم المدرجة في مدونة أخلاقيات الجيش، وعلينا نحن المواطنين الذين نرسل أطفالنا وأزواجنا وأحفادنا إلى الخدمة العسكرية، أن نجد طرق المقاومة ونتحدث بوضوح من أجل الحفاظ على حدود قسوة الحرب والحفاظ على مدونتنا الأخلاقية، وحماية الجنود من الأذى الأخلاقي وعواقبه الطويلة الأجل.
أوشفيتز وغزة ولاهاي
أما في المقال الثاني، فيتأسف جدعون ليفي على أن نتنياهو لن يسافر إلى بولندا الشهر المقبل لحضور الحفل الرئيسي بمناسبة الذكرى الثمانين لتحرير معسكر الموت في أوشفيتز بسبب المخاوف من احتمال اعتقاله على أساس مذكرة الاعتقال الصادرة ضده من قبل المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
ورأى الكاتب في ذلك مفارقة مرَّة، أن من بين جميع الشخصيات والدول، يُمنع رئيس وزراء إسرائيل وحده من حضور النصب التذكاري لأفراد شعبه بسبب تهديد القانون الدولي الذي يلوح فوق رأسه، ويقبل حضور المستشار الألماني.
قبل 80 عاما، عندما تم تحرير أوشفيتز، مُنح اليهود الاختيار بين أمرين "لن يواجه اليهود أبدا خطرا مماثلا" و"لن يواجه أي شخص في العالم أبدا خطرا مماثلا"، ولكن إسرائيل اختارت الخيار الأول، مع إضافة قاتلة، بعد أوشفيتز يُسمح لليهود بفعل أي شيء.
إعلانوقد طبقت إسرائيل هذه العقيدة في العام الماضي كما لم تفعل من قبل -حسب الكاتب- ولعل هروب رئيس الوزراء من حفل أوشفيتز هو المثال الأكثر فظاعة على ذلك، وحقيقة أن أوشفيتز هو أول مكان يخشى نتنياهو الذهاب إليه من بين جميع الأماكن في العالم، تصرخ بالرمزية فضلا عن العدالة التاريخية.
همس ودوي الهولوكوستومع أن المسافة بين أوشفيتز وغزة مع توقف في لاهاي، لا تزال هائلة -حسب الكاتب- فإن المقارنة بينهما لم تعد سخيفة، فعندما يكون هناك خط وهمي للموت في غزة المحتلة، وكل من يعبره محكوم عليه بالموت، حتى لو كان طفلا جائعا أو معوقا، تبدأ ذكريات الهولوكوست في الهمس، وعندما يتم تنفيذ التطهير العرقي في شمال غزة، مع علامات واضحة على الإبادة الجماعية في جميع أنحاء القطاع، فإن ذكرى الهولوكوست تدوي بالفعل.
ويبرز السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 كنقطة تحول مصيرية على غرار حرب عام 1967 حيث فقدت إسرائيل تواضعها، واليوم فقدت إنسانيتها، وفي كلتا الحالتين حصل ضرر لا رجعة فيه.
وخلص الكاتب إلى وجوب تأمل المناسبة التاريخية واستيعاب أهميتها، فالاحتفال بإحياء الذكرى الثمانين لتحرير أوشفيتز يسير فيه زعماء العالم في صمت ومعهم آخر الناجين الأحياء، ويصبح مكان رئيس وزراء الدولة التي نهضت من رماد الهولوكوست شاغرا، إذ لن يكون نتنياهو في أوشفيتز، لأنه مطلوب في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب.