إسرائيل تفقأ عين الحقيقة و40 صحفياً وإعلامياً يدفعون حياتهم ثمناً لفضح جرائمها فى غزة
صواريخ الاحتلال تقصف منازل عشرات الإعلاميين وتقتل أسرهم.. والقوانين الدولية «حبر على ورق»
نقابة الصحفيين الفلسطينية: الصهاينة يقتلون الإعلاميين مع سبق الإصرار
نقيب الصحفيين المصريين: ما يحدث فى غزة جريمة إبادة وحشية يتعرض لها الشعب الفلسطينى كله
رئيس المنظمة المتحدة الوطنية لحقوق الإنسان: قتل الإعلاميين جريمة حرب وخرق لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولى
«رشدى السراج» «ياسر أبو ناموس» «سلمى مخيمر» «سلام ميمة» «دعاء شرف» «محمد صبح» «هشام النواجحة».
ولأن المجرم لا يريد أبدا أن يراه أحد وهو ينفذ جريمته، راح مجرمو إسرائيل يصوبون نيرانهم لصدور الإعلاميين والصحفيين، فقتلوا 24 صحفياً وإعلامياً فى غزة، وهدموا منازل وقتلوا عائلات عشرات الإعلاميين الآخرين، من بينهم وائل الدحدوح مراسل الجزيرة الذى فقد زوجته وابنيه برصاص الغدر الصهيونى، والمصور الصحفى معتز العزايزة الذى فقد أسرته كلها المكونة من 25 شخصا بعد أن قصف صاروح صهيونى منزلهم الذى يقيمون فيه.
وبات واضحا أن إرهاب الكيان الصهيونى يستهدف الجميع فى غزة، فقتُل الأطفال والنساء والشيوخ والمدنيين العُزل أمام مرأى ومسمع العالم، وطالت نيرانه أصحاب القلم وعدسات الكاميرات الكاشفة عن المجازر التى تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلى، فكان قتل الصحفيين والإعلاميين واستهداف عائلاتهم عن عمد، فى محاولات لإجبارهم على الكف عن فضح جرائم الصهاينة بشكل متواصل.
ولم تكن نيران رحيل الصحفية شيرين أبوعاقلة على أيدى الاحتلال، قبل شهور، مجرد حادث عفوى أو غير مقصود بل كان جريمة قتل مع سبق الإصرار، والآن يكرر الصهاينة نفس الجريمة، مع الإعلاميين فى فلسطين، وقائمة الضحايا كثيرون، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر ومنهم من استهدفت صواريخ الصهاينة منازلهم، ولن ينسى ضمير العالم الحر مشهد وائل الدحدوح مراسل قناة الجزيرة الذى ظهر على الهواء وهو يحتضن جثتى زوجته وابنه الكبير ويبكى، ثم ظهر فى مشهد آخر وهو يحمل ابنه الصغير ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، بينتقموا منا فى أولادنا.
وأيضاً لن ينسى ضمير العالم الحر معتز العزايزة - مصور صحفى - ذهب لتغطية أحداث وتبعات غارات إسرائيلية شُنت على أحياء غزة، وهناك اكتشف أن عائلته المكونة من 25 فردا استشهدت جميعًا فى إحدى هجمات جيش الاحتلال الإسرائيلى.
وإذا كان من الصحفيين والإعلاميين من فقد أسرته فى غزة، فهناك قائمة تضم عشرات الصحفيين والإعلاميين فقدوا حياتهم برصاص الغدر الصهيونى، وقائمة شهداء الحقيقة فى غزة تضم الصحفى رشدى السراج الذى قتل فى غارات جوية إسرائيلية قصفت منزله فى غزة، كما استشهد الصحفى ياسر أبوناموس برفقة والدته بعد قصف منزلهما فى منطقة خان يونس، واستشهدت الصحفية سلمى مخيمر مع طفلها الرضيع ووالدها ووالدتها وعددٍ من أفراد عائلتها، فى غارة جوية إسرائيلية وكانت «مخيمر»، التى تقيم فى العاصمة الأردنية عمّان، قد توجهت إلى غزة فى زيارة مفاجئة لعائلتها، لتكون زيارتها الأخيرة، وأيضاً استشهدت الصحفية سلام ميمة مع زوجها وأطفالها الثلاثة، وكان آخر ما شاركته «ميمة» على صفحتها الشخصية عبر فيسبوك، صورة لأولادها الثلاثة معلقةً «هُم السند والسكن والمسكن والسكينة ولذة الحياة... اللهمَ أنهم قطعة من روحى فيارب احفظهم لى بعينك التى لا تنام»، وانتُشلت جثتها من تحت الأنقاض بعد ثلاثة أيام من تعرض منزلها فى مخيم جباليا شمالّى قطاع غزة لغارة إسرائيلية، كما قتلت صاحبة الابتسامة الحلوة والرقيقة وصاحبة الأخلاق العالية وحبيبة القلب واللقاء الحلو كما وصفتها إحدى صديقتها الصحفية دعاء شرف الصحفية فى إذاعة الأقصى مع ابنها فى غارة جوية إسرائيلية على منزلها، كما قتل محمد صبح، مصور وكالة أنباء خبر، فى غارة جوية إسرائيلية استهدفت منطقة تضم عدة وسائل إعلام.
واستشهد أيضاً معه هشام النواجحة، الصحفى فى وكالة أنباء خبر، ونعى والد النواجحة نفسه وشارك صورته معلقاً عليها، «نم يابا قرير العين، كم سهرت من أجل شعبك وتوصيل رسالتك فجاءت يا حبيبى وقت استراحتك».
وتستكمل إسرائيل مجازرها الدموية مع الصحفيين والمدنيين بقطع الماء والكهرباء والاتصال وعزل غزة عن العالم أجمع، وأبلغ الجيش الإسرائيلى وسائل الإعلام الدولية فى قطاع غزة أنه لا يستطيع ضمان عدم تعرض طواقمها للأذى فى الهجمات التى يتم تنفيذها فى داخل القطاع.
جاء فى نص الرسالة، «إن جيش الدفاع الإسرائيلى يستهدف جميع الأنشطة العسكرية لحماس على امتداد غزة»، وزعم أن حماس تتعمد تنفيذ عمليات عسكرية قرب الصحفيين والمدنيين.
وعلى الجانب الآخر حذرت نقابة الصحفيين الفلسطينيين من ارتكاب جيش الاحتلال الإسرائيلى مجازر بحق الصحفيين فى قطاع غزة، فى ظل انقطاع الاتصالات وشبكة الإنترنت، وتوسيع عمليات القصف الجوى والمدفعى.
وشددت النقابة، فى بيان صحفى، أن الاحتلال قتل حتى الآن أكثر من 40 صحفيًا فى غزة، وعشرات من عائلات الصحفيين، ودمر عشرات المؤسسات الإعلامية، وقصف عشرات المنازل لصحفيين، ضمن سياسة مُمنهجة وبقرار رسمي، لكى يرهب الصحفيين لمنع نقل جرائمه للعالم.
وناشدت النقابة كل المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة لأخذ خطورة التبرير المسبق لجيش الاحتلال للمجازر ضد الصحفيين بأقصى درجات الجدية، وألا تنتظر لكى ترسل التعازى بفقدان شهود الحقيقة بل تتحرك فورا ودون أى مواربة، ونقول لهم كفى للمواقف الخجولة التى تكيل بمكيالين وتساوى بين الضحية والجلاد.
يقول الكاتب الصحفى خالد البلشى، نقيب الصحفيين، إن نقابة الصحفيين المصرية تعتبر القضية الفلسطينية هى قضيتها الأولى، وكذلك الحقيقة التى تعد قضيتها الأولى أيضاً، وإن الفترة الماضية ومع بداية العدوان الصهيونى على غزة، رأينا وجهًا آخر لكل القيم، وانحيازاً سافراً لجيش الاحتلال على حساب الضحية، وإنكاراً واضحاً للضحية.
وأضاف «البلشى» أن ما يحدث فى غزة جريمة إبادة واستهداف ممنهج وجريمة وحشية يتعرض لها الشعب الفلسطينى، ولا بد من وقفة انتصار لقضية شعب محتل، والانتصار للقيم الإنسانية، معتبرًا أن استهداف الصحفيين جريمة إبادة ضد ناقلى الحقيقة.
وأوضح «البلشى» أن نموذج وائل الدحدوح هو نموذج على الأرض وهناك زملاء فقدوا عائلاتهم، مشيرا إلى أن هناك 20 منزلا لصحفيين جرى استهدافها، ومازالت الحقيقة تنقل فى غزة.
ولفت نقيب الصحفيين المصريين إلى أن هناك إصرارا من صحفيى غزة على نقل الحقيقة والعمل، لافتا إلى أن هذه دروس تُعطى فى الصحافة، بينما آلة الإعلام الغربى تتعامل بانحياز سافر للاحتلال الإسرائيلى.
وتابع نقيب الصحفيين المصريين: «خاطبنا كل المؤسسات الدولية للتحرك ضد جريمة حرب ترتكب فى فلسطين، النقابة شكلت لجنة لرصد وتوثيق جرائم الاحتلال الإسرائيلى ضد الفلسطينيين ومواقف الإعلام الغربى، وسنصدر كل التفاصيل عن حجم الجريمة التى ترتكب فى حق الشعب الفلسطينى والعدوان الذى يستهدف كل شىء البشر والحجر، وسنستمر فى هذا العمل بالتنسيق مع اتحاد الصحفيين العرب لفضح جرائم الصهاينة فى حق الشعب الفلسطينى بكل طوائفه وفئاته».
وأوضح خالد البلشى سننظم قافلة لإرسالها إلى غزة وفتح حسابات بنكية مشتركة مع النقابات المهنية، وجاءتنا تبرعات كثيرة والنقابة قررت دعم ذلك بمبلغ كبير، وهناك يوم مشترك للتبرع بالدم للفلسطينيين وتعاون مع نقابة المحامين لتحريك دعاوى قضائية ضد الاحتلال الإسرائيلى، ومجموعة أخرى من الإجراءات على مستوى الرصد الإعلامى.
ويقول محمد عبدالنعيم، رئيس المنظمة المتحدة الوطنية لحقوق الإنسان، إن ما يتعرض له ما يقارب 3 ملايين فلسطينى على الأراضى المحتلة من الكيان الصهيونى فى أرض فلسطين الحرة من قتل أطفال ونساء وشيوخ والقصف العشوائى للمستشفيات وسيارات الإسعاف يعتبر خرقاً للقانون الدولى لم يحدث سابقا فى أى دولة حدث بها حروب، لم نر هذه الجريمة التى تقوم بها حكومة الاحتلال الفاشية والغاشمة فما تفعله تجاه الصحفيين من رصد منازلهم واستهدافها، فهذه جريمة تعاقب عليها المحاكم الدولية.
وأكد «عبدالنعيم» أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأن تأثير الأحداث الجارية على الوضع الإنسانى والسياسى فى قطاع غزة يستدعى تحركا دوليا فورياً للحد من هذه الانتهاكات وحماية حقوق الإنسان.
واستطرد: لابد من جميع النقابات الإعلامية ونقابة الصحفيين والقنوات الإعلامية أن تتكاتف لفضح الكيان الصهيونى، مع وضع إشارة حداد على شهداء العمل المهنى الشريف من الإعلاميين والصحفيين ولابد من يكون هناك وقفات تندد بهذا العمل.
وناشد «عبدالنعيم» المؤسسات الدولية والدول الكبرى التدخل لوقف هذه الجريمة، مطالباً المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق عاجل فى الجرائم المرتكبة بحق الشعب الفلسطينى، الذى يتعرض للإبادة الجماعية، بمن فى ذلك الصحفيون والإعلاميون، وهو ما يعد خرقا فجا لميثاق الأمم المتحدة، الذى ينص على حماية حرية الرأى وحرية التعبير، وهناك ميثاق وقوانين دولية تحمى الصحفيين وآن الآوان أن تفعّل بشكل عاجل.
أكد «عبدالنعيم»، أنه لا بد للمجتمع الدولى أن يتدخل بشكل فورى من أجل وضع حد لهذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان فى قطاع غزة، إذ إن جيش الاحتلال الإسرائيلى يرتكب جرائم حرب حقيقية تحتاج إلى وقفة من قبل المجتمع الدولى.
وفى هذا السياق أشار محمد ممدوح، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان رئيس مجلس أمناء مجلس الشباب المصرى عضو التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، إلى خطورة الوضع فى غزة، حيث وصفه بالكارثى منذ بداية العدوان الإسرائيلى فى 7 أكتوبر، وأن ما تقوم به سلطات الاحتلال باستمرار جرائم ضد الإنسانية ومخالفة واضحة وصريحة للقانون الدولى الإنسانى، بالإضافة لمخالفات المعاهدات الدولية سواء أوسلو وچنيف التى تقر بمجموعة من الفئات لهم حصانة خاصة فى حالات الحرب، وعلى رأسهم الأطقم الطبية والصحفيون.
وأوضح «ممدوح»، أن ما يحدث حاليا من اعتداء على الصحفيين واستهدافهم واستهداف أسرهم هو نوع من أنواع محاولات تكميم الأفواه، وانتهاك واضح وصريح لحق الصحفيين فى نقل الحقيقة، فما تقوم به سلطات الاحتلال لمنعهم من القيام بدورهم فى نقل الحقائق والقيام بالدور المنوط لهم فى تعزيز حرية الرأى وتداول المعلومات والارتفاع الذى يحدث فى أعداد استشهاد الصحفيين يوميا داخل قطاع غزة، والذى تجاوز عددهم حتى الآن أكثر من 38 شهيداً خلال الأيام القليلة الماضية، والتى اعتبرتهم اليونسكو الأسبوع الأكثر دموية للصحافة فى تغطية النزاعات يؤكد أن ما تقوم به إسرائيل جرائم حرب.
وأكد محمد ممدوح، أن هناك العديد من الاتفاقيات الدولية التى تضمن حق الصحفيين فى الحياة، وضمان عدم الاعتداء عليهم من أى طرف من أطراف النزاع وتجعل سلطات الاحتلال تلتزم بضمان حريتهم وسلامتهم الجسدية، وعدم ملاحقتهم واستهدافهم وفقا لأحكام القانون، وهناك مجموعة من القوانين الدولية تؤكد أن من يخالف قرارات مجلس الأمن الدولى وعلى رأسها القرار الذى يدين أى هجوم على الصحفيين أثناء النزاعات المسلحة ويشدد على ضرورة حمايتهم يجب الآن العمل على توثيق جرائم جيش الاحتلال ضد العاملين فى القطاع وملاحقتهم لارتكابهم مجموعة من جرائم الحرب لضمان عدم إفلاتهم من العقاب.
للصحفى حق «أسير الحرب» وقت النزاعات المسلحة
كفلت الدساتير والقوانين المحلية والدولية كل الحق للصحفيين فى أداء عملهم بحرية، كما ضمنت إجراءات حمايتهم فى أوقات النزاعات والحروب، وذلك بموجب قواعد القانون الدولى الإنسانى، وجاء منبع حقوق الصحفيين وفق ملحق البروتوكول الأول الإضافى إلى اتفاقيات جنيف سنة (1977)، وذلك حسب نص المادة (50) ونص المادة (79)، وإضافة إلى الحقوق الإنسانية العامة المستمدة من اتفاقيات جنيف والأعراف الدولية، والتى يتمتع بها كل إنسان سواء صحفياً أم لا فهى تعتبر معاملة إنسانية واخلاقية، وجاءت فى المادة (50) من ملحق البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف، أن الصحفيين الذين يباشرون أعمالهم الخطيرة التى تعرّض حياتهم للخطر فى أوقات الحروب والنزاعات المسلحة، هم أشخاص مدنيون.
وليس هذا فقط، بل وجب التفرقة بين الصحفيين ومراسلى الحرب، فالصحفى ومراسل الحرب كلا الطرفين هم أشخاص مدنيون لكن مراسل الحرب يتمتع عند اعتقاله بحقوق «أسير الحرب» عند إلقاء القبض عليه بالحماية المنصوص عليها فى اتفاقيات جنيف وبرتوكولها الإضافى والعرف الدولى، كما أن لإعطاء مراسل الحرب ميزة «أسير الحرب»، لكن هذا لا يعنى أن الصحفى عند وقوعه فى قبضة العدو، لا يتمتع بالحماية القانونية، بل يتمتعون فى الأحوال التى يتمتع بها الصحفيون وغيرهم بشكل عام، وذلك ما جاء فى المادة (75) من ملحق البروتوكول الأول الإضافى لاتفاقيات جنيف، وجاء بالمجمل فى حظر ممارسة العنف والتعذيب بشتى أشكاله على جميع المدنيين ومنهم الصحفيون والأسر المحتجزون سواء كان الاحتجاز يتعلق بنزاع دولى أم غير دولى.
كما أن القوانين التى جاءت لتنظم حقوق والتزامات الصحفيين والإعلاميين، هى قوانين متينة وكافية لحماية الصحفيين من النزاعات المسلحة، لذا لا يوجد أى نقص فى القواعد القانونية المنظمة للصحفيين، لكن المشكلة تكمن فى تنفيذ هذه القوانين السارية مما يؤدى إلى هدر حق الصحفيين من خلال الانتهاكات وعدم ملاحقة مرتكبي الجرائم بحق الصحفيين أو التقاعس فى ملاحقتهم سواء مقنع أو صريح.
لكن لا ننسى دور اللجنة الدولية فى سعيها فى تطبيق القوانين السارية وإعطاء دورات تدريبية للقائمين على تطبيق التنظيم القانونى للصحفيين ومحاسبة كل مخالف أو كل شخص ارتكب جرماً بحق الصحفيين وإدانة كل شخص ثبتت عليه المخالفة، وقامت اللجنة الدولية فى المشاركة فى العديد من الندوات أو الدورات، وأهمها الدورة الرابعة عشرة لحقوق الإنسان ومجلس الأمم المتحدة، وكان مجمل الندوة بشأن حماية الصحفيين أثناء الحروب والنزاعات المسلحة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رشدي السراج مجرمو إسرائيل الصحفیین والإعلامیین الاحتلال الإسرائیلى النزاعات المسلحة جویة إسرائیلیة نقابة الصحفیین لحقوق الإنسان جیش الاحتلال حق الصحفیین فى قطاع غزة جمیع ا فى غزة
إقرأ أيضاً:
أول حوار لمدعي عام «الجنائية الدولية» السابق: تعرضت للتهديدات وكنت على حق بمساءلة إسرائيل وفقا للقانون
قالت الدكتورة فاتو بنسودة، المدعى العام السابق للمحكمة الجنائية الدولية والمفوض السامى الجامبى لدى المملكة المتحدة حالياً، فى أول حوار لها فى وسائل الإعلام بعد انتهاء عملها فى المحكمة، إنها اتخذت القرار الصحيح بفتح تحقيقات عن الوضع فى فلسطين، مشيرة إلى أنها تعرضت لتهديدات من أمريكا وإسرائيل بسبب فتح قضية الجرائم الإسرائيلية بالأراضى الفلسطينية.
وأضافت، فى حوار لـ«الوطن»، أنها تعرضت للتهديدات هى وزوجها وأفراد عائلتها لترك القضية وعدم الاستمرار فيها، لكنها كانت واثقة بشكل كامل أنها على الطريق الصحيح ولم تلتفت للتهديدات، موضحة أن الجرائم الإسرائيلية خلال فترة عملها أوسع مما يحدث الآن، وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أثناء حكمه فرض عقوبات عليها وعلى زميل لها فى قسم الاختصاص، لكنها لم تتوقف لأنها كانت متأكدة أن ما تفعله هو الصواب.. وإلى نص الحوار:
أول حوار لمدعي عام «الجنائية الدولية» السابقمتى بدأ عملكِ فى المحكمة الجنائية الدولية؟
خدمت فى المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2004، وتم انتخابى نائباً للمدعى العام فى عام 2004، ثم عملت حتى عام 2011 مع المدعى العام حينها حتى أكمل فترة ولايته كاملة، ثم أُعيد انتخابى، وانتُخبت مرة أخرى كمدعٍ عام رئيسى، ومن هنا بدأت خدمتى فى عام 2012 حتى انتهيت فى عام 2021، وأمضيت ما يقرب من 18 عاماً فى المحكمة.
هل حاولت فلسطين رفع قضية ضد إسرائيل فى المحكمة من قبل؟
نعم، خلال عام 2009 حاولت فلسطين رفع قضية أمام المحكمة الجنائية الدولية، ولكن فى ذلك الوقت لم تكن فلسطين دولة طرفاً فى نظام روما الأساسى، وهو النظام الذى بموجبه تعمل المحكمة، وإذا لم تكن دولة عضواً فإن «الجنائية الدولية» ليس لها ولاية قضائية على أراضيك، لذا عندما حاولوا القيام بذلك فى عام 2009، قرر المدعى العام السابق وجميعنا فى ذلك الوقت أننا لا نستطيع تولى القضية لأنهم لم يكونوا دولة طرفاً فى نظام روما، وكان علينا رفض القضية.
فلسطين حاولت رفع قضية أمام «الجنائية الدولية» خلال عام 2009ماذا حدث بعد انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية؟
فى عام 2015 انضمت فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية ونظام روما الأساسى، وقدمت إلى الأمين العام للأمم المتحدة طلباً بانضمامها مصحوباً بإعلان مخصص تقبل بموجبه الدولة ولاية المحكمة على الأحداث هناك، وقدموا صكوك التصديق الخاصة بهم لدى الأمين العام لأن هذا هو الإجراء الذى يجب اتباعه، وحينها أصبحت دولة عضواً، وفى الوقت نفسه أصدروا إعلاناً بقبول اختصاص المحكمة.
كيف تعاملت مع انضمام فلسطين إلى الجنائية الدولية؟
لقد اتخذت القرار فى عام 2015 بفتح تحقيقات فى الوضع بفلسطين، وكان ذلك أول فحص وتحقيق بدأته، حينها كان هناك الكثير من المناقشات والجدال حول ما إذا كان بإمكانى أو لا ينبغى لى القيام بذلك، لأن فلسطين لم تكن دولة، لكننى أخبرتهم، وجادلت بأننى لست هناك لتحديد دولة فلسطين، لكننى هناك لتحديد ما إذا كان من الممكن الآن ممارسة اختصاص المحكمة فى فلسطين، و2019 تقدمت بطلب إلى القضاة أطلب منهم السماح لى بفتح تحقيق فى فلسطين، كنت أرغب فى ذلك بشكل كبير، وقررت التواصل مع القضاة حتى يتمكنوا من إعطائى الإذن أو إخبارى بأن الطريق الذى أسير فيه هو الطريق الصحيح، وقم تم بالفعل.
بنسودة: كنت على حق بمساءلة إسرائيل وفقاً للقانون والأدلةهل تعرضتِ لضغوطات من داخل المحكمة أو الولايات المتحدة للعدول عن قرارك؟
بالفعل خلق تحركى بشأن فلسطين والتحقيقات فى الأوضاع هناك الكثير من الجدل، وانضمت العديد من الدول وقالت إنه لا يمكننى القيام بذلك، وقال لى البعض إننى لا أستطيع أن أفعل ذلك، وهناك من دعمنى، وهناك من لم يدعمنى، لكننى كنت واثقة بشكل كامل أننى على الطريق الصحيح، واستمررت فى القضية حتى عام 2020، وواجهت ضغوطات كما واجه مكتبى الضغوطات نفسها وقالوا إنه لا يجب أن أفتح القضية فى فلسطين، وهددونى بأنهم سيعاقبوننى إذا مضيت قُدماً فى القضية، لكننى واصلت ولم ألتفت لكل هذه الأمور، لأننى أعتقد أن هذا هو الشىء الصحيح الذى يجب القيام به، لذلك فرض الرئيس الأمريكى وقتها دونالد ترامب عقوبات علىَّ وعلى زميل آخر لى فى قسم الاختصاص، لكن كل ذلك لم يوقفنى لأننى أعلم أن ما أفعله هو الصواب، لقد كنت على حق وفقاً للقانون، ووفقاً للأدلة.
بنسودة: فُرضت عليّ عقوبات بسبب فتح قضية فلسطين أمام المحكمةكيف بدأت التحقيق بشأن الأوضاع والانتهاكات الإسرائيلية فى فلسطين؟
بعد وصول الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى السلطة، رفعوا العقوبات عنى وعن زميلى، وقرر القضاة إعطائى السلطة القضائية لفتح الوضع فى فلسطين، وقبل مغادرتى فتحت القضية لأنه يجب على المحكمة الجنائية الدولية أن تتدخل للتحقيق فيها، وأعتقد أن هذا مهّد الطريق لخليفتى المدعى العام الحالى ليكون قادراً على التحقيق فى الوضع وتوجيه الاتهامات، ومع مرور الوقت والتطورات الحالية وجَّه خليفتى اتهامات ضد نتنياهو وجالانت وآخرين، وأعتقد أن القضية مستمرة ولن تنتهى، ربما يكون أحد التحديات التى سنواجهها هى الاعتقالات، ولكن على الأقل كانت القضية مفتوحة وتم إصدار أوامر.
بنسودة: ما حدث في فلسطين خلال فترة ولايتي أفظع مما يحدث اليومما هى الاتهامات التى تم توجيهها لإسرائيل أثناء عملك كمدعٍ عام للمحكمة؟
ما يحدث فى غزة وفلسطين أمر فظيع ولا يمكن القبول به، ويتم ارتكاب العديد من الجرائم فى هذه الحرب، الوضع هناك لا يطاق، لكن خلال ولايتى كانت الجرائم التى طلبت توجيه اتهامات بسببها أوسع بكثير مما تم توجيه الاتهامات بسببه خلال الأحداث الجارية، لأننى فى ذلك الوقت طلبت التحقيق فى قضية المستوطنات الإسرائيلية التى كانت تحدث وجرائم أخرى، ولكن فى القضية المرفوعة حالياً، أعتقد أنها تقتصر على الجرائم التى حدثت منذ السابع من أكتوبر فقط، لذا هذا هو الفرق بينى وبين خليفتى، ربما يتم توجيه اتهامات أخرى فى المستقبل لكننى أدرك أن ما أردت أن أبحث فيه فى ذلك الوقت كان أوسع مما هو متهم به الآن.
تعرضت للتهديدات هي وأسرتها لإسقاط القضيةهل تعرضت للتهديدات من الولايات المتحدة وإسرائيل؟
نعم تعرضت لتهديدات عديدة، وليس أنا وحدى، بل وأسرتى، لقد كان وقتاً صعباً وعصيباً جداً بالنسبة لى، كانت هذه التهديدات فقط من أجل إسقاط القضية، وبالإضافة إلى العقوبات التى فُرضت ضدى، تم حظر حسابى المصرفى، وتأشيرتى إلى الولايات المتحدة، رغم أننى كانت لدىّ التزامات وكنت أريد إبلاغ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بما يحدث معى ولكن تم إلغاء تأشيرتى وبالطبع هناك بعض الأشخاص أو بعض الدول التى دعمت ذلك، وحاولت إسرائيل بطريقة ما التأثير علىَّ لعدم الاستمرار فى القضية، لكننى لم أتعامل مع كل ذلك على محمل الجد، أعلم أنه كان لدىَّ واجب ومسئولية للقيام بما كان من المفترض أن أفعله بصفتى المدعى العام الرئيسى فى هذا الموقف، لذلك مضيت قُدماً وقمت بعملى، وكان الأمر صعباً، وأثناء عملى كان من الصعب تكليف موظفىّ، وخاصة أولئك الذين هم من أمريكا، لأنهم سيتأثرون بشكل مباشر بالعقوبات التى فرضتها حكومة دونالد ترامب علىّ فى ذلك الوقت، وظلت العقوبات حتى جاء جو بايدن.
نشرت صحيفة جارديان منذ أشهر عن التهديدات التى تعرضت لها.. هل ما نُشر عنك حقيقى؟
أعتقد أن الصحفيين فى «جارديان» أجروا الكثير من الأبحاث خاصة فى مدينة لاهاى بهولندا، وهو مقر المحكمة، لأننى عندما تلقيت التهديدات أبلغت مكتبى وأفراد الأمن فى مكتبى وأبلغنا السلطات الهولندية بهذا الأمر، فكل ما نُشر وما قيل صحيح وأؤكد أنه صحيح، لقد تعرضت لهذه التهديدات وكذلك أفراد عائلتى، وحاولوا العثور على أدلة ضدى ربما أكون قد فعلت شيئاً ما أو أن زوجى فعل شيئاً وكانوا سيستخدمونه ضدى، والسبب الرئيسى وراء كل ما حدث هو ترك القضية وعدم الاستمرار فيها، وأشكر الله أننى تمكنت من المضى قدماً والاستمرار على الرغم من كل التهديدات التى وُجهت لى.
كيف تعلقين على التهديدات التى تطال المحكمة بعد قرار اعتقال نتنياهو وجالانت؟
لا ينبغى لنا إطلاقاً السماح لأى حسابات سياسية بالتأثير على المحكمة وعلى صنع القرار، ويجب على جميع الدول الموقعة على نظام روما الأساسى أن تتعاون وتحمى المحكمة من الضغوطات والتهديدات والتلاعب بقراراتها، ويجب أن نحمى المحكمة والعاملين بها للقيام بوظائفهم دون أى ضغوطات سياسية.
بنسودة: هناك أفريقيا إيجابية.. وأخرى سلبيةكيف ترين مستقبل أفريقيا فى ظل الصراعات المتنامية والداخلية؟
أفريقيا تنقسم لنصفين، أحدهما إيجابى والآخر سلبى، وما يتعلق بالسلبى، أنه ما زالت هناك الصراعات السيئة للغاية، وكل هذه الصراعات تؤثر على الأفارقة ويكون الضحايا دائماً من المدنيين، ويكفى ما يحدث فى السودان الآن وتيجراى وأماكن أخرى، وهذا ليس إيجابياً، وأعتقد أنه بصفتنا أفارقة، يتعين علينا إيجاد طريقة لمعرفة السبب الجذرى وراء كل هذه الصراعات ونحاول التعامل معها، لكن على الجانب الآخر هناك بعض الأشياء الإيجابية التى تحدث، على سبيل المثال، فيما يتعلق بالانتخابات، معظم الأحيان تندلع الصراعات بعد الانتخابات أو محاولة الحصول على السلطة أو محاولة الاحتفاظ بالسلطة، وإذا نظرت إلى بوتسوانا مثلاً والطريقة التى تحولت بها السلطة بشكل سلمى فهذا أمر جيد، وغانا أيضاً هى مثال آخر، أعتقد أنه منذ أيام فقط فقط كانت السلطة تتغير دون قتال ثم تجد الرئيس المنتهية ولايته والرئيس القادم يجلسان ويتناقشان، وأعتقد أننا يجب أن نحاول كأفارقة قدر الإمكان محاكاة هذا النوع من الأمثلة حتى نتمكن من تجنب الصراعات التى تحدث.
هل سيؤدى التعاون بين أفريقيا وأوروبا إلى التنمية المستقبلية والنمو الاقتصادى للقارة؟
بالطبع سيحدث ذلك، لكن فى أفريقيا نحن بحاجة إلى إعادة ضبط العلاقات التى لدينا، يجب علينا دائماً أن نحاول الوصول إلى وضع مربح للجانبين، فلا ينبغى لنا أن نتعرض للظلم من أجل مصلحة الآخرين، ولأننا كأفارقة لدينا الكثير لنقدمه من حيث الموارد، سواء الموارد البشرية أو موارد أخرى، وهذه القارة لديها ما يكفى بالفعل لتقدمه، نحن بحاجة للبدء فى إقامة تعاون أفضل بين بلدان الجنوب، وأعتقد أن هذا أمر بالغ الأهمية، وعندما نتعامل مع الخارج، أو مع الغرب، فلنتأكد من أننا فى وضع لا نخسر فيه، فنحن يجب ألا نكون فى وضع غير مناسب أو يستفيد فيه شركاؤنا ونحن نخسر، هذا ما يجب على أفريقيا أن تفعله.
السعى للسلطة.. أبرز أسباب الصراعات في القارة السمراءما هو السبب الرئيسى وراء الصراعات فى أفريقيا؟
هناك العديد من الأسباب، ولكن بشكل أساسى السبب محاولة اكتساب السلطة أو محاولة الاحتفاظ بالسلطة، وهناك أسباب أخرى، على سبيل المثال هناك أسباب اقتصادية، ومن المؤسف أن هناك أحياناً أسباباً قبلية وراء حدوث الصراعات، وفى أغلب الأحيان يكون الهدف هو السيطرة ومحاولة فرضها، سواء كان ذلك على الأراضى، أو الموارد، أو السلطة، أو عدم فقدان السلطة، وهذا هو المصدر الرئيسى للعديد من الصراعات التى نشهدها فى أفريقيا، والتى تتلخص فى القتال على الأراضى أو التنافس على منصب الرئيس.
كيف كان شعورك حين أعلنت مجلة فوربس أنك ضمن الأكثر تأثيراً فى العالم؟
كان خبراً ساراً بالفعل، أعتقد أنه شرف كبير أن أجد نفسى جديرة بالوجود فى القائمة، لكننى أريد أن أذكّرك أنها ليست المرة الأولى، ففى 2015 أدرجتنى مجلة تايم ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة فى العالم فى عددها السنوى، وذلك بسبب دورى باعتبارى صوتاً رائداً يضغط على الحكومات لدعم السعى لتحقيق العدالة.