أستطيع التأكيد أننى طوال ستة عقود تابعت فيها عدة حروب فى بعض البقاع الساخنة والدرامية بالعالم، ومنها حروب مصر فى الاستنزاف ونصرنا المجيد فى أكتوبر، وإيران - العراق وغزو الأخيرة للكويت ثم أمريكا لبغداد، وروسيا وأوكرانيا، ووسط كل هذا الدمار وتلك الدماء، لم أشاهد طوال عمرى جرائم حرب صوتًا وصورة وعلى الهواء مباشرة، كما الآن فى حرب إسرائيل -البربرية- على قطاع غزة المحتلة وشعبها الأعزل.
جرائم حرب أفزعت الكبار قبل الأطفال، لدرجة أن حفيدى روع من بعض المشاهد التى وصلت عقله الصغير وسألنى وهو مرعوب «هى إسرائيل دى بعيدة يا جدو؟ وليه بتضرب غزة؟ مش كده حرام عليهم؟».. وطبعا حاولت تهدئته وعدم إثارة فزعه -بالكذب- وقلت له الحرب بعيدة عننا لا تخف يا حبيبى!
هذه حرب بخيال تفوق على كل أفلام الحروب العالمية بكل ما حصلت عليه بعضها من جوائز كالأوسكار وغيرها.
مشاهد الأب المكلوم وهو يحمل أطفاله الشهداء ويواسى زوجته التى تقطر دما من كل أطرافها وهى تنظر لجثث فلذات أكبادها، والطفلة البريئة التى تودع شقيقها لمثواه الأخير بقولها بالسلامة يانور العين.
شهداء الحرب من الصحفيين الذين تجاوز عددهم الثلاثين ومنهم من شيع بنفسه أطفاله ثم واصل رسالته الإعلامية بشجاعة وهو يتمتم «معلش».. عائلات كاملة أبيدت وانقطعت سلالتهم.. ورجال الجيش الأبيض من أطباء وممرضات ومسعفين وهم يعالجون الجرحى وسط الدمار والأنقاض وبظلام الشموع وشباب يحفر بالأنامل لاستخراج طفل حى أسفل الركام. لم نر كل هذا الظلم وتلك الخسة والتواطؤ، لم نر فى أفلام الحروب العالمية بطولات كتلك التى نراها الآن ونحن نعرف أن الذى مات هو ميت بالفعل وليس مشهدًا بفيلم.
جرائم حرب قدمت للعالم قضية فلسطين ماثلة وكاملة مع صمت العالم طوال سبعين عامًا، وتواطئه مع إسرائيل، هذه الجرائم أنطقت ألسنة العقلاء فيهم وهزت مشاعرهم لدرجة أنهم تبنوا القضية بلسان فصيح وتعاطفوا معنا كما لم يحدث من قبل وقالوا ما عجزنا نحن عن قوله فى المحافل الدولية، وكان آخرهم أمين عام الأمم المتحدة، والذى سيكون مصيره - ما بلغه يوسف بطرس غالى.
مظاهرات فى كل البقاع تندد ببربرية إسرائيل ورئيس وزرائها المتعطش للدم ويريد الثأر لنفسه على لطمة طوفان الأقصى.. ويبقى أن نؤكد على عدالة القضية الفلسطينية وعلى جرائم الحرب التى نراها على الهواء كما لم نر من قبل ومشاهد حية للوطنية الفلسطينية والقسم على الفداء بالروح والدم والإصرار على التمسك بالأرض ورفض التهجير لتحيا القضية أبد الدهر بوجودهم على تراب فلسطين.
حماس ليست هى البطلة ولكن الشعب الفلسطينى هو البطل، وهو الذى يدفع ثمن الطوفان.
فيا ضمير العالم ألم يهزك طوفان الخراب وبرك الدم ودموع الثكالى وفزع الصغار والكبار؟! وهل تتصور أن طفلا فلسطينيا شيع والده وأخاه وكل عائلته فى جنازة واحدة، أتراه سينسى دمهم ولن يسعى للثأر من القتلة الذين أفقدوه ما بقى من آدميته وكرامته التى تبددت وأقسم أن يستعيدها؟.. ويا مسهل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الهواء مباشرة قطاع غزة جرائم حرب
إقرأ أيضاً:
قدامى المحاربين في إسرائيل يطالبون بوقف الحرب وإعادة المحتجزين بغزة
قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية إن 1600 من قدامى المحاربين في سلاحي المظلات والمشاة في إسرائيل وقعوا رسالة تطالب بإعادة المحتجزين في قطاع غزة ووقف الحرب.
من جهتها، ذكرت صحيفة تايمز أوف إسرائيل أن أكثر من 250 عضوا سابقا في الموساد أعلنوا دعمهم لرسالة المحاربين القدامى لإنهاء الحرب ودعوا لإعطاء الأولوية لإعادة الأسرى المحتجزين لدى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
إضافة إلى ذلك، قالت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي إن أكثر من 170 خريجا من برنامج تابع للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وقعوا رسالة تطالب باستعادة الأسرى من خلال إنهاء الحرب.
أزمة في جيش الاحتلالويأتي ذلك في وقت أفادت فيه صحيفة يديعوت أحرونوت بأن رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي أبلغ الطاقم الوزاري المصغر بوجود نقص كبير في المقاتلين بالجيش.
وكشف تقرير إسرائيلي حديث أن جيش الاحتلال يواجه أكبر أزمة رفض منذ عقود، إذ إن أكثر من 100 ألف إسرائيلي توقفوا عن أداء الخدمة الاحتياطية، ويرفض بعضهم الانضمام للحرب على قطاع غزة بدوافع "أخلاقية".
وذكرت مجلة 972 الإسرائيلية أن الأرقام المتداولة حول عدد جنود الاحتياط الذين يبدون استعدادهم للخدمة العسكرية غير دقيقة، مشيرة إلى أن النسبة الحقيقية هي أقرب إلى 60%، بينما تتحدث تقارير أخرى عن نسبة تحوم حول 50% فقط.
إعلانوالخميس الماضي صدّق رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير على قرار فصل قادة كبار ونحو ألف جندي احتياط من الخدمة، وذلك بعد توقيعهم على رسالة تدعو لإنهاء حرب غزة.
وأكد زامير أن توقيع هؤلاء الجنود على العريضة يُعتبر أمرا خطيرا، مشيرا إلى أنه لا يمكن للمجندين في القواعد العسكرية التوقيع على رسائل ضد الحرب ثم العودة إلى الخدمة.
وكان 970 من جنود الاحتياط الحاليين والسابقين في سلاح الجو الإسرائيلي قد نشروا رسالة تدعو إلى إعادة جميع الأسرى الإسرائيليين من غزة، حتى لو على حساب إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من عام ونصف العام.
وأفادت القناة الإسرائيلية بأن من بين الموقعين على الرسالة القائد السابق للأركان الفريق احتياط دان حلوتس، والقائد السابق لسلاح الجو اللواء احتياط نمرود شيفر، والرئيس السابق لسلطة الطيران المدني العقيد المتقاعد نيري يركوني.
ووفق الجيش، فإن 10% من الموقعين على الرسالة التي أثارت قلق كبار مسؤولي الجيش والدولة حتى قبل نشرها هم من جنود الاحتياط العاملين ومعظمهم من المتطوعين والبقية سابقون أو متقاعدون، حسب صحيفة يديعوت أحرونوت.
وفي مطلع مارس/آذار الماضي سلط تقرير للمحلل العسكري للصحيفة يوآف زيتون الضوء على الصعوبات التي يواجهها الجيش الإسرائيلي، ومنها نقص القوى البشرية، والضغوط التشغيلية والنفسية، والتحديات اللوجستية التي تهدد قدرته على الحفاظ على استقرار الجبهات المختلفة.
واعترف زيتون بأن الجيش الإسرائيلي خسر أكثر من 12 ألف جندي منذ بداية الحرب الأخيرة على غزة، بين قتلى وجرحى. كذلك فإن الزيادة في عدد القوات المطلوبة للدفاع عن الحدود، وتوسيع الوحدات العسكرية مثل وحدات المدرعات والهندسة، أدت إلى عجز كبير في عدد الجنود المتاحين.
وترتكب إسرائيل بدعم أميركي مطلق منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 167 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
إعلان