بوابة الوفد:
2024-12-28@07:04:10 GMT

أجساد استثنائية

تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT

يقول ابن عطاء الله السكندرى «ربما أعطاك الله فمنعك، وربما منعك فأعطاك، وإذا كشف لك الحكمة فى المنع، أصبح المنع عين العطاء», فالنعم الوفيرة قد تكون مصدر شرور وفتن، ابتلاء ونقم, ومنعها خير ونفع، ففى منع النعمة عين العطاء، والرضا بقضاء الأقدار من أرفع درجات اليقين, فأمرنا جميعًا خير، سواء كنّا فى ضيق أو فى يسر.

نجا الله نبيه موسى حينما أراد فرعون قتل كل أطفال المدينة- بأن جعل أمه تلقيه بيدها فى اليم، وحفظه من جبروت فرعون داخل بيت فرعون ذاته، إنها القدرة الإلهية العظيمة.

وفى حياة كل منا أمور من صنع الله لا نعلمها، هيأ لنا أمرًا ونحن لا ندرى أو وفقنا فى شىء دون أن ندرى كيف ذلك, فإذا تدبرناها أيقنا أنها من تمام الصنعة الإلهية.

كعادتها دائما تفاجئنا الكاتبة الصحفية والروائية فكرية أحمد بالغوص فى أعماق قضايا جديدة وشائكة وربما مسكوت عنها، ففى أحدث إصداراتها رواية «متر إلا ربع» الصادرة عن دار النخبة للنشر والطباعة والتوزيع فى 203 صفحات من القطع المتوسط, تأخذنا إلى عالم جديد وغريب يسكنه مجموعة من البشر ليست بالقليلة، ولكنها تعيش على هامش الحياة، لا يشعر بها أحد، ربما لاختلاف تكوينها وتركيبها, فملامح وجوههم غريبة, وحجم أعضائهم دقيقة مما يشكل حرجًا بالغًا لهم وشعورًا بالضآلة يفضلون معه الانزواء بعيدا عن مجتماتهم مما يفاقم مشاكلهم التى لا تنتهى.

وتستعرض الكاتبة عدة نماذج لأصحاب الحالات الخاصة، فهذه هبة الطفلة التى قضت معظم طفولتها حبيسة حجرة صغيرة فى منزل والديها لحبسها عن أنظار الأهل قبل الأغراب, ظنًا منهما أنهما يحميانها من نظرات الشفقة وربما التهمك والسخرية, ولم ينتبها إلى ذكائها الفائق عن أقرانها إلا بعد تأكيدات مدير المدرسة التى مكثت فيها عدة أيام  قبل انتقالها إلى مدرسة عادية، لتلجأ بعد ذلك إلى عالم القراءة هروبًا من واقع حاكمها وألهب حياتها بسياطه, لتواصل حياة النجاح والتفوق بعد ذلك.

وهذا كمال الطفل الذى ولد لعائلة ثرية بمواصفات خاصة أزعجت والديه فكان حرصهما على حصوله على شهادة جامعية لتعويض ما حسباه نقصا ذاتيا وعجزا لديهما فى إنجاب طفل سوى, وعندما تمرد وخرج عن تفاصيل الخطة الموضوعة له بكل بدقة طرده والده من المنزل بعد أن كال له اللعنات ولم تحرك أمه ولا أخوته ساكنا لتستمر حياته ويصل فى النهاية إلى محام ناجح يشهد له الجميع -بالطبع بعد سلسلة من المفارقات- التى لا تخلو من الحبكة الدرامية, ونقل المشاهد للقارئ وكأنه يعيشها ويتفاعل مع شخوصها بل وينحاز لهم ويتعاطف مع قضيتهم العادلة, وربما يذرف قطرات من الدموع عندما يصل المشهد إلى نهايته، يحدث ذلك كله بمنتهى الإنسابية والسلاسة, فلا تشعر بالملل والرتابة، بل دائما تعيش فى حالة شوق وشغف لمتابعة الأحداث المتلاحقة المتسارعة.

وتدخل بنا الكاتبة «عالم الأقزام», لنغوص فى أعماق أصحابه، ونستمع إلى خلجات صدورهم, وآهات نفوسهم، وأنات قلوبهم من نظرة المجتمع الظالمة لهم, ومعاملتهم كأشباح أو مسوخ ينبغى الابتعاد عنها, والتنمر عليها, او استخدامهم كورقة انتخابية كما فعل أحد المرشحين بهم, أو العبث بها, عندما أراد أحد الأطباء تجربة دواء جديد عليهم بزعم مساعدتهم فى الوصول إلى الشكل الإنسانى الطبيعى, وكانت النتيجة موت الكثيرين منهم دون ذنب أو جريرة.

وتستطرد الكاتبة معلقة على هذه الحادثة قائلة: «علينا جميعا أن نخجل من أنفسنا، وأن نحاسبها بلا رحمة أو تهاون، فنحن لم نتعامل معهم كبشر لهم كل الحقوق، بل تعاملنا معهم كنفايات، تنكرنا لهم كمشرعين، ومن بعدنا جاءت جميع السلطات الأخرى, لم تراع فيهم الله, فكان بديهيًا أن يراهم تجار الموت مجرد جرذان للتجارب».

الرواية صرخة فى أذن كل من يهمه الأمر علها تصل إلى الأسماع وتصلح ما أفسده الدهر فى هذه الفئة المقهورة.

 

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: ندى

إقرأ أيضاً:

تنصيب ترامب 2025.. حدث تاريخي في ظل دعوات استثنائية وتمويل غير مسبوق

 


بدأ العد التنازلي لموعد تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، في 20 يناير 2025، حيث يُتوقع أن يكون الحدث الأبرز في تاريخ السياسة الأميركية.

ففي سعيه لتحويل مراسم التنصيب إلى حدث عالمي، دعا ترامب 50 شخصية بارزة من مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك خصومه الجيوسياسيين، لتمثيل التنوع السياسي والاقتصادي على الساحة الدولية.

دعوات استثنائية لزعماء عالميين

وجه ترامب دعوات إلى مجموعة من الزعماء الأجانب، ومن أبرزهم الرئيس الصيني، الذي يُعتبر أحد أبرز منافسي أميركا في الساحة الجيوسياسية.

كما وجه دعوة رئيسية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي لم يحضر من قبل حفل تنصيب أي رئيس أميركي.

إضافة إلى ذلك، دعا رئيسا الأرجنتين والمجر، خافيير ميلي وفيكتور أوربان، من أبرز داعمي ترامب وأيديولوجياته في السياسة العالمية.

حملة تمويل ضخمة

يتوقع أن يكون تنصيب ترامب في 2025 تاريخيًا، ليس فقط في الأبعاد السياسية بل أيضًا المالية.

حيث أظهرت التقارير أن عددًا من كبرى الشركات قد اصطفت لدعم حفل التنصيب من خلال التبرعات المالية الضخمة، سعيًا لكسب ود الرئيس المنتخب، والشركات الكبرى مثل "تويوتا" و"فورد" و"أمازون" و"ميتا" و"أوبن إي آي" تبرعت بمبالغ طائلة، حيث قدمت "تويوتا" و"فورد" تبرعات تقدر بمليون دولار لكل منهما، في حين قدمت "أوبر" مليوني دولار.

المراسم والحدث الأبرز

سيُقام الحفل في العاصمة واشنطن على الجهة الغربية لمبنى الكابيتول، حيث سيتم أداء اليمين الدستورية الذي يمثل اللحظة الفارقة في تاريخ ترامب السياسي.

وبعد مراسم القسم، سيتسلم الرئيس المنتخب مهام عمله، بدءًا من 20 يناير 2025، ليبدأ ولايته الرئاسية التي ستستمر حتى 20 يناير 2029.

مقالات مشابهة

  • هاتف HONOR X7c.. سعر ومواصفات تتجاوز التوقعات بإمكانيات استثنائية
  • روائية تقسيم الهند البريطانية.. وفاة الكاتبة الباكستانية بابسي سيدوا
  • وفاة الكاتبة الباكستانية بابسي سيدوا المعروفة برواياتها عن تقسيم الهند البريطانية
  • وفاة الكاتبة الباكستانية سيدوا عن 86 عاما
  • تنصيب ترامب 2025.. حدث تاريخي في ظل دعوات استثنائية وتمويل غير مسبوق
  • "وحش لندن".. قاطع أجساد النساء الذي ظهر قبل جاك السفاح
  • صور.. عطلة استثنائية ليامال في إمارة دبي
  • «انتبهوا يا مصريين».. لأباطيلُ أَعْدَائِكُمْ
  • استشهاد الكاتبة الفلسطينية ولاء جمعة الإفرنجي في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات
  • استشهاد الكاتبة الفلسطينية ولاء الإفرنجي وزوجها في قصف إسرائيلي على مخيم النصيرات