الضفة الغربية مسرح هجمات المستوطنين على الفلسطينيين
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
يقول محمد وادي، والحزن يملأ قلبه بعد استشهاد والده وشقيقه، إن المستوطنين -المسلحين في البؤر الاستيطانية المطلة على قريته في الضفة الغربية المحتلة- لم يعودوا يطلقون النار على الأرجل عندما يصوبون على جيرانهم الفلسطينيين بل "يطلقون النار الآن بهدف القتل".
وتصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة، التي وصلت بالفعل هذا العام إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 15 عاما، بعد أن شنت إسرائيل عدوانا جديدا على قطاع غزة ردا على معركة طوفان الأقصى التي أشعلتها حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) مع فصائل المقاومة في السابع من الشهر الماضي.
وبعد أيام من هجوم حماس المباغت على إسرائيل، استشهد والد وادي وشقيقه رميا بالرصاص عندما اعترض مستوطنون وجنود إسرائيليون جنازة 3 فلسطينيين قتلهم مستوطنون اليوم السابق. وكان هذا واحدا من أكثر من 170 هجوما للمستوطنين على الفلسطينيين سجلتها الأمم المتحدة منذ "طوفان الأقصى".
وقال وادي (29 عاما) في قرية قُصرة التي تشتهر بزراعة الزيتون "كان العرب واليهود يرشقون بعضهم بالحجارة. ويبدو أن المستوطنين في نفس عمري يحملون جميعا أسلحة آلية الآن".
وأضاف أن المستوطنين المسلحين كانوا قبل 10 سنوات يطلقون النار لتخويف القرويين أو إصابتهم أثناء المواجهات، إلا أن إطلاق النار أصبح الآن في مقتل على نحو متزايد.
ولم تتمكن وكالة رويترز من تحديد هوية من أطلق النار على والد وادي وشقيقه بشكل قاطع. وقال المسؤولون الفلسطينيون الذين حققوا بالواقعة إن إطلاق النار جاء على ما يبدو من مستوطنين وليس من جنود، وهو رأي أيده 3 أشخاص آخرون كانوا يشيعون الجنازة.
لم يشاركوافي المقابل، قالت شيرا ليبمان رئيسة مجلس "يشع" المنظمة الرئيسية للمستوطنين بالضفة -لرويترز- إن المستوطنين لم يشاركوا في عمليات قتل ولا يستهدفون الفلسطينيين.
وقال وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير -وهو واحد من وزيرين كبيرين على الأقل بالحكومة يعيشان في المستوطنات- إنه أمر بشراء 10 آلاف بندقية لتسليح المدنيين الإسرائيليين، ومن بينهم مستوطنون، بعد هجوم حماس.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن هجمات المستوطنين أسفرت عن مقتل 29 شخصا هذا العام. ووقع 8 منها على الأقل منذ هجوم حماس، مما أثار قلق الفلسطينيين، واهتمام خبراء الأمن الإسرائيليين والمسؤولين الغربيين.
وقد نددت واشنطن بهجمات المستوطنين في الضفة المحتلة، كما أدان الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء "إرهاب المستوطنين" الذي ينذر "بتصعيد خطير للصراع".
وتظهر البيانات الأممية أن هجمات المستوطنين اليومية تضاعفت لأكثر من مثليها، منذ أن مقتل 1400 إسرائيلي وأسر أكثر من 200 خلال "طوفان الأقصى". ومنذ ذلك الحين، تقصف إسرائيل القطاع المحاصر وتتوغل فيه، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 9 آلاف فلسطيني، أغلبهم نساء وأطفال، وجرح وفقدان الآلاف.
وبينما تسيطر حماس على القطاع، فإن الضفة عبارة عن خليط معقد من المدن الواقعة على سفوح التلال والمستوطنات ونقاط التفتيش العسكرية التي تقسم التجمعات السكنية الفلسطينية.
ووفقا لبيانات الأمم المتحدة، كان هذا العام الأكثر دموية خلال 15 عاما على الأقل بالنسبة لسكان الضفة، إذ قُتل نحو 200 فلسطيني و26 إسرائيليا. لكن الأسابيع الثلاثة التي تلت هجوم حماس شهدت استشهاد 121 فلسطينيا آخرين بالضفة. واستشهد معظمهم خلال اشتباكات مع الجنود.
"خطر داهم"ويعلق خبراء أمن إسرائيليون بأن العنف المرتبط بالمستوطنين أصبح من الصعب وقفه في ظل الحرب على غزة، والنفوذ المتزايد للسياسيين من اليمين المتطرف.
ويقول ليئور أكرمان المسؤول السابق بجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شاباك) "هناك خطر داهم (من) نشطاء اليمين المتطرف في الضفة".
ويقول وادي إن عائلته تتجنب العمل المسلح، وترى تصاعدا بالأعمال العدائية للمستوطنين. ويعمل الشاب بهيئة حكومية فلسطينية تراقب عنف الجنود والمستوطنين.
وقال وادي إن والده إبراهيم كان مسؤولا محليا حاول التوسط بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية للحد من العنف، وكان مكروها من المستوطنين المتطرفين.
وذكر أكرمان أن عنف المستوطنين يهدد بتفجير أعمال مسلحة من جيل جديد من النشطاء الفلسطينيين ظهر بالضفة، من بينهم مجموعة عرين الأسود التي دعت الثلاثاء إلى شن هجمات على إسرائيل.
وجلس وادي تحت ملصق يخلد ذكرى والده وشقيقه في قُصرة الأسبوع الماضي، وفحص هاتفه بحثا عن تهديدات بقتل سكان القرية الفلسطينيين على صفحات وسائل التواصل باللغة العبرية.
وقال إنه يشعر بأنه محاصر. ويبدو أنه تلوح في الأفق إقامة مستوطنة يحيط بها جدار كبير بالجهة المقابلة لقُصرة، وتوجد مستوطنتان أخريان على التلال فوق مزارع الزيتون بالقرية.
وعبر عبد الله، أحد سكان قُصرة والذي ذكر اسمه الأول فقط، عن غضبه المتزايد. وقال "أنا مستعد لحمل السلاح لو حصلنا عليه".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: هجمات المستوطنین هجوم حماس فی الضفة أکثر من
إقرأ أيضاً:
هيئة فلسطينية: إلغاء إسرائيل اعتقال المستوطنين يسهل جرائمهم
قالت هيئة حكومية فلسطينية تعنى بشؤون الأسرى إن قرار إسرائيل وقف إصدار مذكرات اعتقال إداري ضد مستوطنين متهمين بمهاجمة فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة يضعهم فوق أي محاسبة قانونية ويعطيهم تسهيلات لارتكاب مزيد من الجرائم.
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين في فلسطين (حكومية) قدورة فارس ردا على قرار وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن صدوره في هذا الوقت دليل على مدى وقاحة الاحتلال واستهتاره وتعاليه على المنظومة الدولية وتشكيلاتها.
وفي بيان له، أضاف فارس أن القرار يعطي تسهيلات للمستوطنين لارتكاب مزيد من الجرائم بحق الفلسطينيين، ويجردهم من بعض القيود الشكلية، والتي كان الاعتقال الإداري لهم جزءا منها.
وشدد على أن قرار كاتس يعكس عنصرية إسرائيلية كونه يأتي في الوقت الذي تتوسع فيه سلطات الاحتلال باستخدام سياسة الاعتقال الإداري ضد الفلسطينيين، والتي يحتجز بفعلها اليوم نحو 3500 فلسطيني.
وطالب فارس المجتمع الدولي بالخروج عن صمته القاتل بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه.
بدورها، اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان أمس الجمعة أن قرار كاتس يشجع المستوطنين على مزيد من الجرائم.
أدوات بديلةوأعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية أمس الجمعة وقف إصدار قرارات اعتقال إداري ضد مستوطنين متهمين بمهاجمة فلسطينيين في الضفة.
وقال مكتب كاتس في بيان إن الوزير أبلغ رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار في لقاء عقداه هذا الأسبوع "قراره وقف استخدام مذكرات الاعتقال الإدارية ضد المستوطنين اليهود في يهودا والسامرة (الضفة الغربية) وطلب منه وضع أدوات بديلة".
والاعتقال الإداري هو اعتقال يستند إلى معلومات سرية لا يتم الكشف عنها، لكنها طالت مستوطنين متهمين بجرائم خطيرة ضد المدنيين الفلسطينيين، بما فيها القتل وإحراق الأراضي والممتلكات والاعتداءات الجسدية المبرحة.
ووفق البيان، قال كاتس إنه "ليس من المناسب لدولة إسرائيل أن تتخذ مثل هذا الإجراء الصارم ضد المستوطنين في واقع يتعرض فيه الاستيطان اليهودي في يهودا والسامرة لتهديدات إرهابية فلسطينية خطيرة بدعم ومساندة من محور الشر الإيراني"، على حد تعبيره.
كما اعتبر أن الوقت غير مناسب لهذه الإجراءات أيضا بالنظر إلى العقوبات الدولية غير المبررة ضد المستوطنين والمنظمات في المستوطنات، في إشارة إلى عقوبات اقتصادية -منها أوروبية- لحظر استيراد بضائع مصنعة في مستوطنات أقيمت على أراض محتلة بعد عام 1967.
أول وزيرونادرا ما تصدر مذكرات كهذه عن وزراء الدفاع الإسرائيليين، لكن كاتس المعروف بمواقفه اليمينية المتشددة هو أول وزير دفاع يرفض إصدار قرارات اعتقال إداري ضد مستوطنين.
وأضاف "إذا كان هناك اشتباه في ارتكاب أعمال إجرامية يمكن محاكمة مرتكبيها، وإذا لم يكن الأمر كذلك فإن هناك إجراءات وقائية أخرى يمكن اتخاذها غير الاعتقال الإداري"، دون ذكر تلك الإجراءات.
وكانت دول غربية عدة -بما فيها الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي وبريطانيا- أعلنت في الأشهر الماضية فرض عقوبات على مستوطنين ومنظمات استيطانية في الضفة الغربية لارتكابهم جرائم ضد الفلسطينيين.
وتستخدم إسرائيل الاعتقال الإداري بشكل أساسي ضد الفلسطينيين، إذ تفيد هيئة شؤون الأسرى بوجود 3443 فلسطينيا قيد الاعتقال الإداري في السجون الإسرائيلية.
ولا يوجد إحصاء إسرائيلي رسمي بعدد الإسرائيليين قيد الاعتقال الإداري أو من سبق وتم اعتقالهم إداريا، ولكن يدور الحديث عن أعداد قليلة جدا.
ويستمر الاعتقال الإداري لفترة تصل إلى 6 أشهر يمكن تمديدها دون تقديم إثباتات ضد المعتقل.
وتشير تقديرات حركة "السلام الآن" الإسرائيلية إلى وجود أكثر من 720 ألف مستوطن في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة.