ماذا سيكون ثمن إطاحة حماس من حكم غزة؟
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
رأى كامران بخاري، الأكاديمي المتخصص في شؤون الأمن القومي والسياسة الخارجية في جامعة أوتاوا، أنه بعد الهجوم الذي وقع يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، لم يعد بوسع إسرائيل التساهل مع سيطرة حماس على قطاع غزة، إلا أن تكاليف إطاحة حماس مرتفعة إلى الحد الذي قد يجعل النصر باهظ الثمن في نهاية المطاف.
سوف يُضطر الإسرائيليون إلى إدارة غزة لفترة من الوقت
وقال بخاري في تحليل بموقع "جيوبوليتيكال فيوتشرز" أن إسرائيل تواجه تحديين رئيسيين، أولهما تفكيك نظام حماس، مع تقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى حدها الأدنى، والآخر إقامة نظام جديد في قطاع غزة بعد حرب يعترف المسؤولون الإسرائيليون بأنها ستكون طويلة.
ومن المرجح أن تمتد العواقب المترتبة على حتمية قيام إسرائيل بتحييد حماس، إلى الشرق الأوسط الكبير وأبعد.
وأشار الكاتب إلى استقبال السلطات المصرية في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) نحو 80 جريحاً فلسطينياً و 500 أجنبي عبر معبر رفح الحدودي. ويُسمح بعمليات الإجلاء المحدودة هذه من قطاع غزة بموجب اتفاق توسطت فيه قطر مع مصر وإسرائيل وحماس.
وفي اليوم السابق، أسفرت سلسلة غارات جوية إسرائيلية استهدفت أحد قيادات حماس في منطقة سكنية في جباليا شمال غزة عن مقتل العشرات وإصابة المئات. وأسفر الرد العسكري الإسرائيلي على هجوم حماس، الذي أفضى إلى مقتل قرابة 1400 إسرائيلي، في حد ذاته عن مقتل آلاف الفلسطينيين. فشل محاولات عزل حماس
ولفت الكاتب النظر إلى أنه في عمليات مكافحة التمرد الناجحة، تقوم الدول بعزل خصمها غير الحكومي عن السكان المدنيين ككل، وهو شيء لا تقدر عليه إسرائيل لعدة أسباب. أولاً: بمساحته البالغة 139 ميلاً مربعاً (ضعف مساحة واشنطن العاصمة مرتين فقط)، وتعداد سكانه البالغ 2.2 مليون نسمة، يعتبر قطاع غزة من أكثر المناطق كثافة بالسكان في العالم.
ثانياً: تنطوي استراتيجية حماس العسكرية على دمج أنفسهم مع السكان المدنيين. ثالثاً: أسفر التاريخ الطويل من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، مقترناً بحقيقة أن هذه هي الحرب الخامسة في غزة خلال 15 سنة، عن خلق عداء متبادل يصعّب على إسرائيل استمالة قلوب وعقول أهل غزة.
أخيراً: حماس كيان هجين، فهي جماعة في المشهد الفلسطيني الأوسع، لكنها تعمل أيضاً كحكومة منتخبة في غزة منذ عام 2007، عندما استولت على المنطقة بالقوة، بعد هزيمة منافستها حركة فتح.
وذكر الكاتب أن البيئة الخارجية والشأن السياسي الداخلي الإسرائيلي يقيدان الخيارات أمام إسرائيل أيضاً، حيث تعرضت إسرائيل لمستوى غير مسبوق من الانتقادات الدولية، على الرغم من حقيقة أن هجوم حماس هو الذي أشعل شرارة أحدث جولة من الأعمال العدائية.
وبسبب العدد المتزايد من الضحايا المدنيين الفلسطينيين، تحث إدارة بايدن الحكومة الإسرائيلية بشكل متزايد على حماية المدنيين في إطار سعيها إلى تحقيق هدفها المتمثل في تحييد حماس. وقد صار الموقف السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو شديد الضعف.
وأكد الكاتب أنه يتعين على إسرائيل التصرف بحذر لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين، لكن ينتابها قلق من التورط في حرب مدن. فهدفها الرئيسي الأول يتمثل في تحييد قدرة حماس الهجومية، وهو أمر شديد الصعوبة، وقد انتهت جميع حروب غزة السابقة مع احتفاظ حماس بقدرتها على القتال مرة أخرى.
وتتمثل المرحلة التالية في تدمير قدرات حماس الدفاعية لحرمانها من فرصة شن هجمات تمرد ضد القوات الإسرائيلية، التي سيكون احتلالها لغزة هو الأول منذ انسحاب إسرائيل الأحادي من القطاع سنة 2005. وينصب التركيز الإسرائيلي الرئيسي في الوقت الراهن على الطرف الشمالي من قطاع غزة، حيث يدفع القتال المدنيين إلى النزوح إلى جنوب غزة ويتمخض عن أزمة إنسانية، بدأت آثارها بالفعل تمتد إلى مصر.
وأضاف الكاتب: "من السابق لأوانه أن نجزم كيف ستسير هذه الحرب، لكن في حالة نجاح إسرائيل في هزيمة حماس عسكرياً، فسوف يُضطر الإسرائيليون إلى إدارة غزة لفترة من الوقت، على الرغم من رغبتهم في الحد من مدة هذا الاحتلال. وستكون هذه المرحلة صعبة، كما يتبين من تجربة الولايات المتحدة مع تغيير النظام الحاكم في العراق وأفغانستان".
وفي حالة غزة، يقول الكاتب، سيتحرك المجتمع الدولي وإسرائيل على الأرجح لإشراك السلطة الفلسطينية بقيادة فتح، التي تحكم أجزاء من الضفة الغربية. والسلطة الفلسطينية هي السلطة السياسية الفلسطينية الأخرى الوحيدة القادرة على إدارة غزة نظرياً، لكنها ضعيفة وفاسدة ومنقسمة إلى فصائل، ورئيسها محمود عباس يبلغ من العمر نحو 90 سنة.
وحتى لو فقدت حماس سيطرتها على غزة، يضيف الكاتب، فإنها تتمتع بحضور كبير في الضفة الغربية وتترقب لاستغلال الانتقال المنتظر لقيادة السلطة الفلسطينية. وفي ظل هذه الظروف، سيكون صعباً للغاية إقناع السلطة الفلسطينية بتولي السلطة في غزة. فقد أثبت مصير الحكومات المدعومة من الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان أن الأنظمة السياسية الضعيفة المدعومة من الخارج تفتقر إلى القدرة على البقاء. وبكل بساطة فالأرجح، برأي الكاتب، أن تتم الإطاحة بالنظامين اللذين ظلا قائمين منذ قرابة 30 سنة في المنطقتين الفلسطينيتين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل السلطة الفلسطینیة قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
الجيش الإسرائيلي يسوي رفح بالأرض
القاهرة - رويترز
قال سكان إن الجيش الإسرائيلي يسوي بالأرض ما تبقى من أنقاض مدينة رفح جنوب قطاع غزة فيما يخشون أن يكون جزءا من خطة لمحاصرة الفلسطينيين في معسكر ضخم على الأرض القاحلة.
ولم تدخل أي إمدادات غذائية أو طبية إلى سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة منذ ما يقرب من شهرين حين فرضت إسرائيل ما أصبح منذ ذلك الحين أطول حصار شامل لها على الإطلاق على القطاع، في أعقاب انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الذي استمر ستة أسابيع.
واستأنفت إسرائيل حملتها العسكرية في منتصف مارس آذار، واستولت منذ ذلك الحين على مساحات واسعة من الأراضي وأمرت السكان بإخلاء ما تطلق عليها "مناطق عازلة" حول أطراف غزة، بما في ذلك مدينة رفح بأكملها والتي تشكل نحو 20 بالمئة من مساحة القطاع.
وذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية (كان) يوم السبت أن الجيش بصدد إنشاء "منطقة إنسانية" جديدة في رفح حيث سيتم نقل المدنيين بعد إجراء تفتيش أمني لمنع مقاتلي حماس من دخولها. وستتولى شركات خاصة توزيع المساعدات.
لم يعلق الجيش الإسرائيلي على التقرير بعد، ولم يستجب حتى الآن لطلب رويترز للتعقيب.
وقال سكان إن دوي انفجارات هائلة يُسمع الآن بلا انقطاع من المنطقة المدمرة التي كان يقطنها سابقا 300 ألف نسمة.
وقال تامر، وهو من سكان مدينة غزة نزح إلى دير البلح شمالا لرويترز عبر رسالة نصية "الانفجارات ما بتتوقفش لا نهار ولا ليل، كل ما الأرض تهز بتعرف أنهم بينسفوا بيوتا في رفح، رفح انمسحت".
وأضاف أنه يتلقى مكالمات هاتفية من أصدقاء في مصر على الحدود مع قطاع غزة، حيث لم يتمكن أطفالهم من النوم بسبب الانفجارات.
وقال أبو محمد، وهو نازح آخر في غزة، لرويترز عبر رسالة نصية "إحنا الخوف عنا إنه يجبرونا ننزح هناك ويسكروا علينا زي القفص أو معسكر نزوح كبير معزولين عن العالم".
وتقول إسرائيل، التي تفرض حصارا مطبقا على غزة منذ الثاني من مارس آذار، إن إمدادات كافية وصلت إلى القطاع خلال فترة وقف إطلاق النار التي استمرت ستة أسابيع، ومن ثم فإنها لا تعتقد أن السكان في خطر. وتؤكد أنها لا يمكنها السماح بدخول الغذاء أو الدواء خشية أن يستغلها مقاتلو حماس.
وتقول وكالات الأمم المتحدة إن سكان غزة على شفا تفش واسع للمجاعة والمرض، وأن الظروف الآن في أسوأ حالاتها منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 عندما هاجم مقاتلو حماس تجمعات سكنية إسرائيلية.
وأعلن مسؤولو الصحة في غزة اليوم الاثنين مقتل 23 شخصا على الأقل في أحدث الضربات الإسرائيلية على القطاع.
وقُتل ما لا يقل عن عشرة أشخاص بينهم أطفال في غارة جوية إسرائيلية على منزل في جباليا شمال القطاع، إلى جانب ستة آخرين في غارة جوية على مقهى بجنوب القطاع. وأظهرت لقطات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي بعض الضحايا مصابين بجروح خطيرة حول طاولة بالمقهى.
* يأكلون العشب والسلاحف
لم تفلح المحادثات التي توسطت فيها قطر ومصر حتى الآن في تمديد اتفاق وقف إطلاق النار الذي أطلقت حماس خلاله سراح 38 رهينة فيما أفرجت إسرائيل عن مئات المعتقلين.
ولا يزال 59 رهينة إسرائيليا محتجزين في غزة ويُعتقد أن أقل من نصفهم على قيد الحياة. وتقول حماس إنها لن تفرج عنهم إلا في إطار اتفاق ينهي الحرب بينما تقول إسرائيل إنها لن توافق إلا على هدن مؤقتة ما لم يتم نزع سلاح حماس بالكامل، وهو ما يرفضه مقاتلو الحركة.
وفي الدوحة، قال رئيس الوزراء القطري أمس السبت إن الجهود المبذولة للتوصل إلى وقف إطلاق نار جديد في غزة أحرزت بعض التقدم.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي يوم الجمعة نفاد مخزوناته الغذائية في غزة بعد أطول حصار يفرض على القطاع على الإطلاق.
وجاب بعض السكان الشوارع بحثا عن الأعشاب التي تنمو طبيعيا على الأرض، بينما جمع آخرون أوراق الأشجار اليابسة. وفي ظل اليأس، لجأ صيادون إلى صيد السلاحف وسلخها وبيع لحومها.
وقالت امرأة من مدينة غزة لرويترز طالبة عدم نشر اسمها خشية الانتقام "المرة الماضية رحت على الدكتور قال لي عندك حصاوي في الكلى ولازم عملية جراحية بتكلف حوالي 300 دولار، أنا أحسن لي آخد مسكنات وأخلي المصاري لأولادي أطعميهم فيهم".
وأضافت "باختصار الوضع في غزة لا أكل ولا غاز للطبخ ولا طحين ولا حياة".
واندلعت حرب غزة بعد هجوم قادته حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول 2023 على إسرائيل، والذي أسفر حسبما تشير الإحصاءات الإسرائيلية عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة. ويقول مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن الحملة العسكرية الإسرائيلية على القطاع منذ ذلك الحين أدت إلى مقتل أكثر من 51400 فلسطيني.