المملكة العربية السعودية منذ بزوغ فجرها على يد مؤسسيها وهي يد بيضاء ومعونة خير للمحتاجين في أصقاع الأرض و بشتى مجالات الحياة، فهي تجزل لكل من تصل إليه محلياً وعالميًا ، وقد كانت مساهماتها الخارجية ذات أثر ملموس في قضاء حوائج البشرية الأساسية من مأكل ومشرب ومسكن وتعليم وغيرها من الحاجات، بدون تمييز عرقي أو سياسي أو ديني ، لقد جندت نفسها وأبناءها على العمل الإنساني وهي تنطلق من رسالتها السامية المتمثلة في كتاب الله وسنة نبية في قضاء حوائج الناس ، على امتداد تاريخها وتوالي ملوكها كانت رسائلهم الإنسانية واضحة في أفعالهم وأقوالهم ، وصرفت المليارات من الريالات لقضاء حوائج الدول صحّيا وإغاثيا وتعليميا، وهذا ليس بمستغرب على دولتنا العظيمة في قدرها ورؤيتها للعالم الإسلامي فهي قائدة وقدوة يحتذى بها في أعمالها الإنسانية، حتى أصبحت علامة فارقة بين الدول ، عندما ترى بذلها المشاهد في خدمة ضيوف الرحمن وتفانيها في تقديم أفضل الخدمات بكل يسر وسهولة وتميزها وكذلك استقطابها للكوادر المتميزة من جميع الجنسيات للتنمية الاقتصادية والتعليمية لبلدنا الحبيبة ،وكذلك حرصها على المنح التعليمية للدول ذات الاحتياج واستقطاب أبنائها للتعلم ، فظل هذه الدولة حماها الله وارف على هذه البسيطة ثمارها الحب والخير والعطاء والإنسانية وهي محل تقدير بين الدول ، وامتداد لتلك الأعمال الإنسانية دشنت المملكة العربية السعودية حملة مباركة لنجدة أهل فلسطين بغزة الذين يواجهون حرباً ضروساً وتحديات كبيرة في الصحة والإغاثة، حملة الخير والرحمة دشنها ملك الإنسانية سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان وابتدروها بدعم مالي قوامه 50 مليون ريال هدفهم الاستقرار والإغاثة للضعفاء والمساكين والمعوزين والوقوف معهم في محنتهم بعد تدهور الأوضاع الإنسانية من غذاء ودواء ومأوى ومياه صالحة للشرب وغيرها من الاحتياجات الإنسانية ، منذ تطور الأوضاع في غزة والمملكة ترقب الأحداث ودعت إلى وقف التصعيد بين الجانبين وحماية المدنين وضبط النفس حتى لا تتفاقم الأحداث ويكون الضرر أكبر بل وجددت دعوتها بعدم حرمان الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة وتكرار استفزاز الإسرائيلين لهم ضد المقدسات وحوائجهم ،ونرجو أن يساهم الجميع في هذه الحملة المباركة عبر المنصة الإلكترونية ( ساهم ) التابعة لمركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية ، وختاما لايسعنا إلا أن نشكر ولاة أمرنا على منحهم الفرصة و نسأل الله أن يجزيهم عنا كل خير وأن يبارك فيهم ويكتب لهم التوفيق والسداد ، وأن يصلح حال إخواننا في فلسطين وأن ينزل عليهم الأمن والأمان وأن يكفيهم شر الأشرار وكيد الفجار إنه على ذلك قدير وبالإجابة جدير.
المصدر: صحيفة صدى
إقرأ أيضاً:
العالم عبارة عن مزيج من الثقافات الإنسانية
الكثير من المشاكل التي تشعل الحروب والفتن بالعالم تنشأ في الأساس نتيجة لغياب اللغة المشتركة. وحينما نقول اللغة المشتركة فإننا نعني الأساليب التي تناسب بها الأفكار بين الناس هي أساليب تختلف بدرجات متفاوتة نتيجة لاختلاف ثقافات البشر.
لقد شهدت تسعينات القرن الماضي زوال كتلة المعسكر الشرقي وعلى رأسها الإتحاد السوفيتي. وهي كتلة كانت تمثل قوة عظمى شكلت في مقابل المعسكر الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية نوعاً من التوازن في السياسة الدولية، نتج عنه ما تمتعت به مجموعة من الشعوب والمجموعات والدول الصغيرة أو الضعيفة من قدر نسبي من الاستقلالية فيما يخص توجهاتها العامة واحتفاظها بهوياتها الثقافية والاجتماعية لفترة طويلة.
كانت أبرز ملامح العالم الجديد هو بزوغ المعسكر الغربي الرأسمالي على المستوي العسكري والسياسي أولاً ثم تبعت ذلك التجليات الثقافية والاجتماعية الرامية إلى نقض الأنماط الثقافية والاجتماعية الأخرى المخالفة لتوجهات ذلك المعسكر، والعمل على إشاعة نمط واحد وتصويره على أنه هو النموذج الأفضل للحياة الإنسانية.
ولا نستغرب كثيراً أن بعض المفكرين خصوصاً الذين ينطلقون من فرضية انتصار نمط بعينه التي أشاعها هذا الفهم والتي نجد أبرز أمثلته في الكتابات التي صدرت في تسعينيات القرن الماضي لعدد من المفكرين الغربيين وأبرز تلك الكتابات، أطروحة “نهاية التاريخ” والتي كتباها فرانسيس فوكوياما، وهو مفكر أمريكي وجد في نهاية الحرب الباردة وانتصار النموذج الغربي الليبرالي الأمريكي أنه الشكل الأخير للحياة الإنسانية على كوكب الأرض، ودافع عن فكرته من حيث هذا النمط والنموذج الثقافي، وهو خلاصة التطبيق الإنساني لفلسفة الحرية الفردية التي صارت حرية المجتمع.
ونظراً للحالة التي كان العالم يعيشها في ذاك الوقت، فقد وجدت هذه الأطروحة رواجاً كبيراً وتصدت لنشرها عدد من المنابر والصحف ودور النشر، واهتمت بها الدوائر الثقافية على مستوى العالم وعملت بها بحثاً ودراسة كل حسب زاوية نظره للأمور. لكن أبرز نقد وجه لهذه الأطروحة كان متمثلاً في أن الكاتب لم يستطع أن يبرر حالات الفقر المدقع والحروب المستمرة والنزاعات التي تنتشر وما إذا كانت هذه الصورة هي ما يبشر به النمط الثقافي الجديد المتمثل في ثقافة ذات بعد واحد.
غير بعيد عن هذا الأمر كانت مساهمة أخرى تمثلت في كتاب “صدام الحضارات” للمفكر صمويل هنتنغتون الذي قسم العالم إلى غرب وشرق وساق التباين الثقافي بين الاثنين بما خلص منه إلى حتمية أن يتم صدام شامل بين هاتين الحضارتين.
فالأساس الذي وضعه الكاتب هذه المرة لم يكن أساساً أو نظرية سياسية، وإنما انطلق من مفهوم مبنى عليه فكرة التباين الثقافي التي تقتضي أن ينقسم العالم في النهاية إلى جزئين كبيرين هما الشرق والغرب وأن الصدام بينهما هو نهاية الاستقطاب الثقافي الكبير بينهما.
أيضاً هذه الأطروحة تعاملت مع الشأن الثقافي ككل غير تاريخي وغير قابل للتحول والتنوع، فمفاهيم الثقافة مفاهيم جدلية وليست جامدة، وهي متغيرات في حالة تفاعل مستمر مع معطيات الواقع حولها. فليس هناك شرق محض أو غرب محض. العالم هو مزيج من الثقافات الإنسانية المتداخلة والمتعددة والمتنوعة.
وأختم حديثي عن قصة شهيرة عن النبي إبراهيم “علية السلام”: جاء رجل للنبي وطلب منه أنْ يبيت عنده، أو أنْ يضيفه، فسأله إبراهيم عليه السلام عن دينه فقال: إنه مجوسي، فردَّ الباب في وجهه، فعاتبه ربه في ذلك، وقال له: يا إبراهيم تريده أنْ يغير دينه لضيافة ليلة، وهو طول عمرة عايش تحت رحمتي؟؟ فقام النبي إبراهيم ولحق بالرجل: وقال الرجل فقد أتيت لك ورديتني …
فقال نبينا إبراهيم: لقد عاتبني ربي.
فرد الرجل المجوسي: نعم الرب، رباً يعاتب أحبابه في أعدائه، ثم دخل الإسلام وأمن بالله.