«أيووووووه.. طب وحياة المرسي أبو العباس بنحبوه».. حكاية أقدم مسجد في الإسكندرية
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
"شالله يا مرسي.. أيووه طب وحياة المرسي أبو العباس بنحبوه"، كلمات وحلف للتأكيد تجري دائما على ألسنتهم ولا يعرفها غير الإسكندرانية فقط، نظرا لارتباطهم بمسجد المرسي أبو العباس الذي يقع في منطقة بحري.
لمع اسم المرسي في العديد من الأغاني منها "اقروا الفاتحة لأبو العباس يا إسكندرية يا أجدع ناس.. الفاتحة التانية لسيدى ياقوت.
وأصبح مسجد "أبو العباس المرسي" علامة من علامات أقدم وأشهر المساجد بمحافظة الإسكندرية وخاصة منطقة بحري، حيث يتميز المسجد ببنائه على الطراز الأندلسي بقبابه الأربع ومنارته المرتفعة، والتي ينفرد بها عن باقي مساجد الإسكندرية.
وأعتاد المواطنون زيارته طوال أيام السنة وخاصة خلال شهر رمضان لما فيه من روحانيات، حيث شرعت مديرية الأوقاف والطرق الصوفية إلى تحويل مسجد أبي العباس المرسي الي لوحة رمضانية من خلال تزين وجهة المسجد لإدخال البهجة والسرور على المواطنين.
حكاية المرسي
الاسم هو "شهاب الدين أبو العباس أحمد بن حسن بن على الخزرجي الأنصاري المرسي"، أطلق عليه الإسكندرانية اسم "المرسي أبو العباس".
ولد في مدينة الأندلس عام 616 هـ الموافق 1219 م، ويرجع نسبه إلى الصحابي سعد بن عبادة كان جده الأعلى قيس بن سعد بن عبادة أميراً على مصر من قبل سيدنا الإمام على بن أبي طالب.
ظل الشيخ أبو العباس المرسي في الإسكندرية 43 سنة ينشر العلم ويربي المريدين وصاحبه الكثير من علماء عصره كالإمام البوصيري وابن عطاء الله السكندري وياقوت العرش وابن اللبان والعز بن عبد السلام وابن أبي شامة وغيرهم.
ودفن الشيخ أبي العباس المرسي في محافظة الإسكندرية في مقبرة باب البحر، وفى سنة 706 هـ بنى الشيخ زين الدين بن القطان، كبير تجار المحافظة مسجدا عليه، وخضع المسجد إلى توسعات وترميم حتى وصل إلى المهندس الإيطالي ماريو روسي وهو معماري شهير.
وفي لوحة مجاورة إلى ضريح أبي العباس المرسي وضعتها إدارة المسجد لمعرفة رواده بتاريخه وقصته، والتي تتضمن أنه في عام 640 هـ الموافق 1242 قرر والده الحج إلى بيت الله الحرام فصحبه معه وأخيه وأمهما، قاموا باستقلال مركب بالبحر عن طريق الجزائر حتى إذا كانوا على مقربة من شاطئ تونس هبت ريح عاصفة أغرقت المركب بمن فيها غير أن عناية الله تعالى أدركت أبا العباس المرسي وأخاه فقط نجيا من الغرق فقصدا تونس واتخذاها دارا لهما، وهناك التقى الشيخ أبو الحسن الشاذلى فى عام 640هـ وانتقل معه إلى مصر عام 1244م.
ونشأ في بيئة دينية وحفظ القرآن وهو صغير وظهرت عليه إمارات الفطنة ورجاحة العقل، وكان أبوه تاجراً صالحاً وكان يعمل معه.
بعد غرق المركب، اتجه إلى تونس وحلم بأنه يصعد إلى رأس جبل فرأى هناك رجلا عليه برنس أخضر وهو جالس وعن يمينه رجل وعن يساره رجل فنظر إليه فقال له عثرت على خليفة الزمان، عندما استيقظ من النوم، فجاء له رجل دعاه لزيارة الشيخ أبي الحسن الشاذلي، فعندما دخل رآه بنفس ما رآه في الحلم فوق الجبل فقال له اليوم عثرت على خليفة الزمان.
وتزوج أبي العباس من ابنة شيخه سيدي أبي الحسن الشاذلي، وأنجب منها ولدين وبنت تزوجها تلميذه ياقوت العرشي ولما تقدم السن بسيدي أبي الحسن الشاذلي، وفقد بصره استخلف تلميذه وصفيه سيدي أبي العباس لإدارة شئون الطريق.
وفي سنة 656 هـ توفى سيدي أبي الحسن الشاذلي أثناء رحلته إلى الحج، وقد بلغ أبي العباس في ذلك الوقت أربعين سنة قضاها بين العلم والعمل واشتهر أمره ويقصده الخاصة والعامة ويهذب النفوس وينشر علم التصوف.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أبو العباس المرسي الإسكندرية الطرق الصوفية المرسى أبو العباس شهر رمضان مسجد أبو العباس المرسي مسجد أبو العباس محافظة الاسكندرية المرسی أبو العباس العباس المرسی
إقرأ أيضاً:
حكايات المؤسسين (4): حكاية جيش التأسيس – الحلم الذي اقترب من أن يصبح حقيقة
د. احمد التيجاني سيد احمد
لماذا جيش التأسيس؟
السودان اليوم أمام مفترق طرق حاسم؛ فإما أن يتوحد السودانيون تحت مظلة جيش قومي حقيقي يدافع عن البلاد، وإما أن يظل السودان رهينة للمليشيات، والتدخلات الأجنبية، والمؤسسة العسكرية الفاسدة التي لطالما استخدمت ٨٠٪ من ميزانية الدولة في تعزيز سلطتها بدلاً من حماية الوطن والمواطن.
لطالما كانت المؤسسة العسكرية السودانية أداةً في يد الأنظمة الاستبدادية، منذ قمع تمرد توريت إلى قصف القرى الجنوبية بقيادة حسن بشير، وصولاً إلى الانقلابات العسكرية المتكررة، وأخيرًا الحرب التي أشعلتها مليشيات الإسلاميين في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ لإعادة عقارب الساعة إلى حكمهم الشمولي. لكن الأوضاع اليوم مختلفة، إذ تشكلت قوى مقاومة واسعة تسيطر على أكثر من ٧٠٪ من السودان، وهي فرصة ذهبية لتأسيس جيش قومي جديد هدفه حماية السودان، وليس حماية نظام بعينه أو عقيدة شمولية.
١. توحيد الفصائل المقاومة: ضرورة وجودية
السودان يعيش حالة تشرذم عسكري خطير، حيث تتوزع السيطرة بين الجيش الرسمي المودلج الشمولي والمليشيات والقوات المتحالفة مع النظام السابق. هذا الوضع لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج ٣٥ عامًا من الحكم الإسلاموي الذي قوّض الجيش القومي لصالح كتائب الظل والمليشيات الموالية، والتي أُعيد إنتاجها في عدة أشكال بعد سقوط البشير.
لكن على الضفة الأخرى، هناك واقع جديد:
- الفصائل المناهضة للانقلاب العسكري تسيطر على الغالبية العظمى من السودان، وتملك القدرة على تأسيس جيش جديد على أسس قومية.
- القوى المدنية والمسلحة المتضررة من حكم العسكر بدأت تفهم ضرورة التنسيق العسكري والسياسي لخلق كيان قادر على فرض معادلة جديدة في البلاد.
وهنا يبرز السؤال إلى خالد عمر والقوى المدنية فيما اسموه تحالف الصمود :
لماذا لا يكون هناك تحالف شامل يوحد الفصائل المقاومة ضد الانقلابيين الذين تحصنوا في بورتسودان؟ لماذا لا تنضمون إلى تحالف التأسيس، الذي يسعى إلى تشكيل جيش قومي يحمي السودان من التفكك والخضوع للنفوذ الأجنبي؟
٢. الأدلة الإحصائية والمنطقية على الحاجة لجيش قومي جديد
أ. انهيار الجيش الرسمي وسيطرة المليشيات
- فقد الجيش السوداني الرسمي أكثر من ٦٠٪ من قوته القتالية بسبب الانشقاقات والصراعات الداخلية.
- أصبحت المؤسسة العسكرية مخترقة بالكامل من الإسلامويين، وتحولت إلى أداة لحماية مصالحهم وليس حماية الوطن.
- المليشيات المنتشرة الآن تتجاوز ٨٠ مجموعة مسلحة، ما يجعل السودان أقرب إلى الفوضى إذا لم يتم بناء جيش قومي موحد.
ب. التجارب السابقة لفشل الدمج العسكري
- كل محاولات دمج المليشيات في الجيش الرسمي فشلت لأنها لم تكن قائمة على أساس قومي حقيقي.
- تجربة اتفاق جوبا للسلام أثبتت ، بالرغم من اهمية الاتفاقية و الامال العريضة التي بنيت عليها، هشاشة الحلول الجزئية، إذ لم تسهم في توحيد القوات بل زادت من تشرذمها.
ج. البوادر المشجعة نحو جيش التأسيس
- على المستوى السياسي، هناك توافق على ميثاق ودستور لدولة التأسيس، ما يمهد لإطار قانوني لجيش قومي جديد.
- على المستوى العسكري، بدأت بوادر تنسيق بين الفصائل المسلحة، وهي خطوة يجب تعزيزها بإعلان توحيد الجيش بدون تأخير.
٣. المخاطر الإقليمية: مصر، روسيا، وتركيا تتربص بالسودان
في ظل انهيار الجيش الرسمي، بدأت قوى إقليمية ودولية في فرض أجنداتها على السودان:
- مصر تدعم بقايا النظام القديم، وتسعى لإبقاء السودان ضعيفًا لضمان عدم تهديدها في ملف النيل. كما أنها فرضت عقودًا تمتد ٩٩ عامًا للاستحواذ على مساحات شاسعة من الأراضي السودانية.
- روسيا تستغل الوضع لتمرير مشاريع التعدين ونهب الذهب، وتسعى لإنشاء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر.
- تركيا تدخل على خط الأزمة بعلاقات مشبوهة مع فلول النظام البائد لضمان مصالحها الاقتصادية والعسكرية.
لذلك، فإن بناء جيش وطني مستقل ليس خيارًا، بل ضرورة وجودية لحماية السودان من التبعية والانهيار.
٤. جيش التأسيس: كيف يبدو الحل؟
إنشاء جيش قومي جديد لا يعني فقط استبدال الأشخاص، بل بناء مؤسسة قومية عسكرية جديدة بالكامل، تستند إلى المبادئ التالية:
✅ محايد سياسيًا: يعمل وفقًا لدستور وقوانين الدولة، وليس وفقًا لأيديولوجيا حزبية أو دينية.
✅ متنوع قوميًّا وجغرافيًا: يمثل كافة أقاليم السودان بعدالة، لمنع احتكار السلطة العسكرية.
✅ تدريب احترافي: يعتمد على معايير عسكرية حديثة، بدلاً من التعبئة العشوائية الحالية.
✅ خاضع للحكم المدني: لا يتدخل في السياسة، بل يكون تحت إشراف حكومة ديمقراطية منتخبة.
٥. الخطوات المطلوبة الآن
1. الإعلان عن هياكل دولة التأسيس، بما يشمل قيادة الجيش الجديد وآلياته التنظيمية.
2. دمج الفصائل المقاومة في كيان عسكري قومي يضمن عدم تكرار تجارب الفشل السابقة.
3. عزل بقايا النظام السابق عن أي ترتيبات عسكرية جديدة لمنعهم من التسلل وإفساد المشروع.
4. رفض أي تدخل خارجي في تشكيل الجيش الجديد، خاصة من القوى التي تسعى لاستغلال السودان لمصالحها.
٦. الخاتمة: البناء أو الانهيار
السودان يواجه خيارًا واضحًا:
- إما بناء جيش قومي جديد يحمي وحدة البلاد ويمنع التدخلات الأجنبية.
- أو الاستمرار في دوامة الفوضى، مما سيؤدي إلى تقسيم البلاد وتحويلها إلى ساحة صراع دولي.
تحالف السودان التأسيسي (تاسيس Tasees) هو الفرصة الأخيرة لإنقاذ السودان من التفكك والخضوع للنفوذ المصري والروسي والتركي. إن لم يتم استغلال هذه الفرصة الآن، فإن الأجيال القادمة لن تتذكرنا سوى كجيل فرّط في السودان.
نواصل
د. احمد التيجاني سيد احمد
٩ مارس ٢٠٢٥ نيروبي كينيا
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com