كارمن جوخدار: الاحتلال تعمد استهداف فريق الجزيرة وسأعمل على فضح جرائمه بحق الصحفيين
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
بيروت- قالت مراسلة الجزيرة في لبنان كارمن جوخدار -التي أصيبت مع المصور إيلي برخيا- إن قوات الاحتلال الإسرائيلي تعمدت استهداف فريق الجزيرة أكثر من مرة، لأنها تنقل الواقع والأحداث بوضوح على الهواء، لكن هذا الاستهداف سيزيد حماستنا وإصرارنا على مواصلة نقل الحقيقة.
وأضافت جوخدار في حوار مع الجزيرة نت أن الاحتلال الإسرائيلي تعمد استهداف واغتيال أكثر من 20 صحفيا فلسطينيا في حربه على غزة، كما استهدف عائلة مراسل الجزيرة وائل الدحدوح، وقبل ذلك اغتال مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، لكنها ستعمل على نشر حقيقة أن الاحتلال يتعمد ارتكاب جريمة حرب، وهي استهداف الصحفيين.
وأشارت إلى أن الشيء الذي يشجعها ويحفزها هو أن الجزيرة من أول لحظة كان لديها موقف ثابت وحازم بأن إسرائيل هي التي استهدفت صحفييها، في وقت شاهدنا تلكؤ أو صمت جهات إعلامية أخرى على الجرائم التي تتعرض لها فرقها الصحفية.
وفي ما يلي نص الحوار:
بداية، نريد أن نطمئن على صحتك؟أنا لدي مجموعة جراح تتعافى ولكن بعضها حدثت فيها التهابات، وهناك شكوك أن تكون هناك شظية بقدمي اليسرى، والأسبوع المقبل سنجري صورا وفحوصا طبية للتثبت من الأمر لأني أشعر بآلام أثناء محاولة السير.
ولكن من المهم أن أقول إن الوضع الطبي والصحي لزميلنا مصور الجزيرة إيلي برخيا أشد خطورة، وهو بحاجة لإجراء عمليات جراحية عدة.
هل يمكن أن تروي لنا ما حدث لحظة القصف؟منذ يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي توزع أكثر من فريق للجزيرة على طول القطاعات الحدودية لجنوب لبنان مع إسرائيل، وكنت أنا في الفريق الذي كان في قطاع الناقورة، وفي أول يومين كان هناك هدوء نسبي في القطاع الذي كنا نوجد فيه، وفي يوم الاثنين 9 أكتوبر/تشرين الأول حدث تغيير دراماتيكي في قطاع الناقورة بعد محاولة تسلل قامت بها سرايا القدس الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي.
وكان فريق الجزيرة يوجد في منطقة مروحين، ولم يكن هناك أي وجود لفرق صحفية أخرى وكذلك لم يكن هناك أي أشخاص آخرين، بالعكس كنا نوجد قرب أحد مقرات قوات الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل)، ولكننا تعرضنا لاستهداف مباشر عندما سقط صاروخ إسرائيلي خلفنا مباشرة ونحن على الهواء، وقد تضررت سيارة الجزيرة بشدة.
وأذكر أن إسرائيل في هذا الوقت كانت تقصف كل الشريط الحدودي بالمدفعية ولكن القصف الذي طالنا يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول كان قصفا مباشرا بصاروخ، وهو ما جعلنا نتأكد أن هذا القصف لم يكن خطأ، بل كان استهدافا مباشرا لفريق قناة الجزيرة.
وفي يوم الجمعة 13 أكتوبر/تشرين الأول كنا بمخيم البرج للاجئين الفلسطينيين في مدينة صور، لتغطية إحدى فعاليات التضامن مع أهالي غزة، وبعد انتهاء التغطية عدنا إلى الناقورة وتوجهنا عصرا إلى بلدة علما الشعب، حيث صورنا عمليات القصف في بث مباشر، ولاحقا انضم إلينا فريق عمل وكالة رويترز وفريق وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي البث المباشر الثاني قرابة الساعة الخامسة والربع صورنا مروحية أباتشي إسرائيلية في أجواء البلدة، وكنت على الهواء مباشرة فقلت إن هذه الطائرة ربما تقوم بالاستطلاع أو لديها مهمة أخرى، وبعد انتهاء البث مباشرة أطلقت المروحية من دون أي قصف تحذيري الصاروخ الأول الذي أصاب الزميل عصام عبد الله مصور رويترز وأدى إلى استشهاده فورا.
وبعد ثوانٍ سقط صاروخ آخر مباشرة على سيارة الجزيرة، فأصبت أنا وباقي الزملاء، ولأنني ابتعدت عن السيارة بعد الصاروخ الأول كانت إصابتي أقل من باقي الزملاء، وبعد ذلك اتصلنا بقوات الجيش والإسعاف، لكن وصول الإسعاف تأخر لمدة نصف ساعة لأن إسرائيل كانت تشوش على أجهزة الملاحة "جي بي إس".
قلت في فيديو إن الحادثة غيرت حياتك، فكيف أثرت عليك؟بالتأكيد عندما يتعرض الإنسان لهذا الاستهداف المباشر والظلم والشر بدون أي ذنب فإنه يتأثر ويتألم وأيضا تزيد لديه الرغبة والإصرار على مساعدة المصابين، وتعرف أنه ليس صاروخا هو الذي يحدد مسارك ويؤثر على حياتك المهنية، بل على العكس يزيد إصرارك وحرصك على المواصلة في نقل الحقيقة.
والشيء الذي يشجع أكثر ويحفز أكثر أن الجزيرة من أول لحظة كان لديها موقف ثابت وحازم بأن من استهدف صحفيينا هي إسرائيل، فيما شاهدنا تلكؤا أو صمتا من جهات أخرى.
نعلم أنك قررت العمل على نشر حقيقة استهداف الاحتلال الصحفيين، كيف تخططين للقيام بذلك؟من المهم أن يعلم العالم ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من جرائم بحق الصحفيين وبحق الشعب الفلسطيني، لأننا نخوض معركة لمواجهة سردية الاحتلال وكشف الحقيقة للرأي العالم العربي والعالمي.
هل يمكن أن تكون هذه الجهود مفيدة، خاصة أن قتلة شيرين أبو عاقلة لم يحاسبوا حتى الآن والغرب يدعم إسرائيل ويحميها؟إسرائيل تعتقد أنها فوق المحاسبة، ونحن نعرف أن إدانتها أو محاسبتها أمر شبه مستحيل في الوقت الحالي، ولكن هذه الجريمة التي تمثل جريمة حرب تضاف إلى سجل إسرائيل الحافل بالانتهاكات ضد الصحفيين، وآخر هذه الانتهاكات التي نشهدها على الهواء كان في غزة، والذي اغتالت فيه قوات الاحتلال أكثر من 20 صحفيا واستهدفت عائلة مراسل الجزيرة وائل الدحدوح، وقبل ذلك اغتالت مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة.
لكن يجب أن نعمل على تشكيل أطر جديدة ربما تسهل أو تضغط باتجاه السماح للصحفيين بالعمل بحرية أكبر، خصوصا الصحفيين الذين يعملون في الأراضي الفلسطينية المحتلة ويتعرضون للكثير من الانتهاكات الإسرائيلية.
أريد أيضا أن أقول إنه صحيح أن إسرائيل قتلت شيرين أبو عاقلة لإخفاء صوتها وحتى هاجمت جثمانها أثناء تشييعها، ولكن شيرين كانت حاضرة بشكل كبير منذ بداية معركة طوفان الأقصى، كما أن الاحتلال قام بتجريف شارع شيرين أبو عاقلة خلال اقتحامه مدينة جنين في الضفة الغربية.
وهذا يثبت أن شيرين بعملها وأفكارها ومعتقداتها كانت تزعج الاحتلال بشكل كبير، وهو ما جعله يغتالها ويغتال صحفيين آخرين.
اليوم المعركة هي معركة السردية، وأعتقد أننا من خلال فضح جرائم الاحتلال وطرح سردية بديلة تقول إن إسرائيل تقوم بجريمة حرب فإننا نساهم بشكل كبير في تغيير الرأي العام العالمي.
هل هناك جهات دولية حقوقية أو إعلامية تواصلت معك بعد الحادث؟منذ اليوم الأول الذي تلا الاستهداف تعاونت مع منظمات حقوقية دولية وعلى رأسها منظمة العفو الدولية و"هيومن رايتس ووتش" و"مراسلون بلا حدود" عبر شرح تفاصيل ما جرى، وأولى النتائج صدرت من "مراسلون بلا حدود" التي وجهت أصابع الاتهام إلى إسرائيل في النتائج الأولية لتحقيقها بشأن حادثة استهداف فريق الجزيرة في لبنان.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أکتوبر تشرین الأول شیرین أبو عاقلة فریق الجزیرة على الهواء أن إسرائیل أکثر من
إقرأ أيضاً:
من هو الشهيد محمد الضيف؟.. مرعب إسرائيل الذي أرهق الإحتلال لثلاثة عقود
أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، مساء الخميس 30 يناير 2025، استشهاد قائدها العام محمد الضيف، بعد مسيرة طويلة، توجها بعمليتي "سيف القدس" (2021) و"طوفان الأقصى" (2023).
ولم توضح القسام، في كلمة مصورة لمتحدثها أبو عبيدة، ظروف استشهاد الضيف الملقب بـ"أبو خالد"، واكتفت بالإشارة إلى أنه ارتقى في ساحات القتال بقطاع غزة ضد إسرائيل "مقبلا غير مدبر".
ونعاه أبو عبيدة قائلا إنه "استشهد هو وثلة من الرجال العظماء أعضاء المجلس العسكري العام للكتائب في خضم معركة طوفان الأقصى حيث مواطن الشرف والبطولة والعطاء".
وأضاف أن هؤلاء القادة "حققوا مرادهم بالشهادة في سبيل الله التي هي غاية أمنياتهم كختام مبارك لحياتهم الحافلة بالعمل في سبيل الله، ثم في سبيل حريتهم ومقدساتهم وأرضهم".
وشدد على أن "هذا ما يليق بقائدنا محمد الضيف الذي أرهق العدو منذ أكثر من 30 سنة، فكيف بربكم لمحمد الضيف أن يُذكر في التاريخ دون لقب الشهيد ووسام الشهادة في سبيل الله؟".
وعلى مدى سنوات، نفذت إسرائيل محاولات عديدة لاغتيال الضيف، لكنها فشلت في تحقيق هدفها، رغم إصابته في إحدى تلك المحاولات.
آخر محاولة لاغتياله أعلنتها إسرائيل كانت في 13 يوليو/ تموز 2024، حين شنت طائرات حربية غارة استهدفت خيام نازحين في منطقة مواصي خان يونس جنوب غزة، التي صنفها الجيش الإسرائيلي بأنها "منطقة آمنة"، ما أسفر عن استشهاد 90 فلسطينيا، معظمهم أطفال ونساء، وإصابة أكثر من 300 آخرين.
لكن "القسام" نفت آنذاك صحة اغتياله، قائلة: "هذه ليست المرة الأولى التي يدعي فيها الاحتلال استهداف قيادات فلسطينية، ويتبين كذبها لاحقا، وإن هذه الادعاءات الكاذبة إنما هي للتغطية على حجم المجزرة المروعة".
** فمن محمد الضيف؟
ولد محمد دياب إبراهيم الضيف عام 1965، لأسرة فلسطينية لاجئة عايشت كما آلاف العائلات الفلسطينية آلام اللجوء عام 1948؛ لتعيش رحلة التشرد في مخيمات اللاجئين قبل أن تستقر في مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزة.
وفي سن مبكرة، عمل الضيف في أكثر من مهنة ليساعد أسرته الفقيرة، فكان يعمل مع والده في محل "للتنجيد".
درس الضيف في كلية العلوم في الجامعة الإسلامية بغزة، وخلال هذه الفترة برز طالبا نشيطا في العمل الدعوي والطلابي والإغاثي، كما أبدع في مجال المسرح، وتشبع خلال دراسته الجامعية بالفكر الإسلامي.
وبدأ نشاطه العسكري أيام الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث انضم إلى حماس في 1989، وكان من أبرز رجالها الميدانيين، فاعتقلته إسرائيل في ذلك العام ليقضي في سجونها سنة ونصفا دون محاكمة بتهمة "العمل في الجهاز العسكري لحماس".
وأوائل تسعينيات القرن الماضي، انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة "القسام" في قطاع غزة، ومكث فيها مدة من الزمن، وأشرف على تأسيس فرع لكتائب القسام هناك.
في عام 2002، تولى قيادة كتائب القسام بعد اغتيال قائدها صلاح شحادة.
** مدافع عن القدس والأقصى
وعلى مدار حياته وقيادته في القسام، انشغل الضيف بالدفاع عن القدس والمسجد الأقصى في مواجهة اعتداءات إسرائيل.
هذا الأمر جعل اسمه يترد في الهتاف الشهير "إحنا رجال محمد ضيف" الذي بات يردده الفلسطينيون بالمسجد الأقصى في مواجهة الاقتحامات الإسرائيلية له، رغم أنهم لا يهتفون عادة لأي شخصية سياسية سواء كانت فلسطينية أو عربية أو إسلامية.
وبدأ الشبان الفلسطينيون في ترديد هذا الهتاف بمنطقة باب العامود، أحد أبواب بلدة القدس القديمة، في بداية شهر رمضان عام 2021 الذي وافق آنذاك 13 أبريل/ نيسان، حينما كانوا يحتجون على إغلاق الشرطة الإسرائيلية المنطقة أمامهم.
وبعد احتجاجات استمرت أكثر من أسبوعين، تخللها إطلاق أكثر من 45 صاروخا من غزة، على تجمعات إسرائيلية محاذية له، تراجعت إسرائيل وأزالت حواجزها من باب العامود.
وآنذاك، حذر الضيف إسرائيل من مغبة الاستمرار في سياساتها في القدس.
ولاحقًا، تكرر اسم الضيف في مظاهرات تم تنظيمها في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، احتجاجا على قرارات إخلاء عشرات العائلات الفلسطينية من منازلها في الحي لصالح مستوطنين.
وعلى إثر ذلك، خصّ الضيف، في بيان صدر في 4 مايو/ أيار 2021، سكان الشيخ جراح بأول إطلالة بعد سنوات من الاختفاء الإعلامي.
إذ قال إنه يحيي "أهلنا الصامدين في حي الشيخ جراح في القدس المحتلة"، مؤكدا أن "قيادة المقاومة والقسام ترقب ما يجري عن كثب”.
ووجه "تحذيرا واضحا وأخيرا للاحتلال ومغتصبيه بأنه إن لم يتوقف العدوان على أهلنا في حي الشيخ جراح في الحال، فإننا لن نقف مكتوفي الأيدي وسيدفع العدو الثمن غاليا”.
وبعد أكثر من عامين من ذلك التاريخ، عاد الضيف للدفاع عن المسجد الأقصى، عبر عملية "طوفان الأقصى"، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، الذي يُعتبر من مهندسيها.
إذ كان من أبرز مبررات إقدام "القسام"، على تلك العملية، تمادي إسرائيل في العدوان على القدس والمسجد الأقصى.
وعلى مدى نحو عقدين من الزمن، جاء الضيف على رأس قائمة الأشخاص الذين تريد إسرائيل تصفيتهم، حيث تتهمه بالوقوف وراء عشرات العمليات العسكرية في بداية العمل المسلّح لكتائب القسام.
ويفتخر جل الفلسطينيين بالضيف وبما حققه من أسطورة في التخفي عن أعين إسرائيل عقودا من الزمن، ودوره الكبير في تطوير الأداء العسكري اللافت لكتائب القسام، وخاصة على صعيد الأنفاق والقوة الصاروخية.
ويعزو جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" فشله لسنوات طويلة في تصفية الضيف إلى شخصيته، وما يتمتع به من حذر، ودهاء، وحسن تفكير، وقدرة على التخفي عن الأنظار، لدرجة أنه سماه "ابن الموت".
** "كما أنتِ هنا مزروعٌ أنا"
وسابقا، نجا الضيف من عدة محاولات اغتيال منها في أغسطس/ آب 2014، حيث قصفت إسرائيل منزلا شمالي مدينة غزة بخمسة صواريخ، ما أدى إلى مقتل 5 فلسطينيين بينهم زوجة القيادي الضيف (وداد) وابنه علي.
كذلك، حاولت إسرائيل اغتيال الضيف عام 2006، وهو ما تسبب، وفق مصادر إسرائيلية، في خسارته لإحدى عينيه، وإصابته في الأطراف.
وحاولت إسرائيل اغتياله للمرة الأولى عام 2001، لكنه نجا، وبعدها بسنة تمت المحاولة الثانية والأشهر، والتي اعترفت إسرائيل فيها بأنه نجا بأعجوبة وذلك عندما أطلقت مروحية صاروخين نحو سيارته في حي الشيخ رضوان بغزة.
وكان آخر المشاهد المسجلة للضيف ظهوره ضمن وثائقي "ما خفي أعظم" على قناة الجزيرة، وهو يضع اللمسات الأخيرة لعملية "طوفان الأقصى".
وحينها ردد كلمات لخصت مسيرته وهو يشير إلى خريطة فلسطين، جاء فيها:
كما أنتِ هنا مزروعٌ أنا
ولِي في هذه الأرض آلافُ البُذُور
ومهما حاوَل الطُّغاةُ قلعَنَا ستُنبِتُ البُذُور
أنا هنا في أرضِي الحبيبة الكثيرة العطاء
ومثلُها عطاؤُنا نواصِلُ الطَّريق لا نوقفُ المَسير