ثورة نوفمبر الجزائرية وطوفان الأقصى.. انطباعات وتحليلات (1 من 2)
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
إنه من المفيد أن تُكثف الكتابة والإنتاج السمعي البصري في تاريخ الثورة النوفمبرية بأشكال متجددة جذابة، وذلك لسببين على الأقل، بسبب صعود أجيال جديدة مقطوعة عن السردية الشفوية للثورة التحريرية خلافا لجيل الاستقلال الذي نشأ أفراده على قصص الجهاد والاستشهاد التي استمعوا إليها مباشرة من جيل المجاهدين مباشرة، وبسبب تصاعد ثورة التحرير في فلسطين بعد معركة طوفان الأقصى لكي تستفيد المقاومة الفلسطينية من تجربتنا الثورية الخالدة.
لقد نشأ جيلنا فعلا في سنوات الاستقلال الأولى على التعلق العقلي والعاطفي الشديد بثورة نوفمبر المجيدة، لا من خلال قراءة التاريخ من الكتب ولكن بالاستماع لأحداث كانت قريبة الوقوع من صانعيها مباشرة. أذكر جيدا أيام الطفولة الجميلة التي عشناها في وسط العائلات الثورية في حي "العرقوب" العتيق بالمسيلة، وهو من معاقل الفداء والمنظمة الثورية المدنية في المنطقة، ومسقط رأس رئيس مجموعة الستة ومنسق الثورة عند اندلاعها سي محمد بوضياف، تلك الجلسات التي كنا نسمع فيها قصص بطولات المجاهدين وأخبار الظلم ومداهمات البيوت التي كان يقوم بها عسكر الاحتلال، والتعذيب البربري في مقر “لاصاص” الذي أقاموه في مفترق طرق شارعين أساسيين من الحي.
وقد أدينا في الحركة الإسلامية دورا مهما بعد ذلك في نهاية السبعينيات وسنوات الثمانينيات في نقل قيم الثورة للأجيال التي لحقتنا أثناء شبابنا من خلال جعل قيم نوفمبر وبيانه ركيزة أساسية في بنائنا الفكري، في خطابنا ومختلف أنشطتنا، وأذكر في هذا الإطار معرض الكتاب الإسلامي السنوي نسخة عام 1987 في جامعة سطيف الذي خصصناه لتاريخ المقاومة الجزائرية من الاحتلال إلى الاستقلال، مع التركيز على تشكل الحركة الوطنية والثورة التحريرية، وقد كان لذلك المعرض ومحاضراته التي شارك فيها مجاهدون ومثقفون إقبالا كبيرا بسبب جرأته في عرض جوانب تاريخية عن الثوار والثورة كانت مغيبة في المناهج المدرسية في عهد الحزب الواحد.
كان وعي الشباب يتشكل بعد الاستقلال على نهج قويم بخصوص القضية الفلسطينية حيث كان الموقف الرسمي متقدما جدا في مناصرة الفلسطينيين، ليس بالشعارات والتحركات السياسية فقط، بل بالدعم العسكري المباشر والمواقف الدبلوماسية القوية، وجميعنا يذكر الأصوات المنبعثة من الأثير في البرنامج الإذاعي في الإذاعة الجزائرية "صوت فلسطين، صوت الثورة الفلسطينية" والعبارة الشهيرة "حتى تحرير فلسطين، كل فلسطين"، وأخبار نقل الأسلحة لحركة فتح في مراحل كفاحها الثوري، وعن مساهمة الجيش الجزائري في حرب 1967، والمشاركة والموقف البطولي لهواري بومدين بإمضاء شيك على بياض لشراء الأسلحة من الاتحاد السوفييتي، ثم إعلان الدولة الجزائرية في الجزائر في 15 نوفمبر عام 1988، وغير ذلك. فلم يكن أحد من الشباب يشكك أو يجادل في عدالة القضية وواجب مشاركة الجزائريين في تحرير كل فلسطين، بل كانت عبارة القادة والفاعلين السياسيين والاجتماعيين، "أن استقلال الجزائر غير مكتمل ما لم تستقل فلسطين".
ولكن، للأسف الشديد، بدأت السموم تتسرب إلى بعض العقول، حين تراجع حضور الجزائر في الملف الفلسطيني أثناء فتنة التسعينيات، وخصوصا حين تحركت رياح التطبيع مع مجيء الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، عبر ثلاث عمليات متتالية في عام واحد بين 1999 و2000، من المصافحة المشؤومة في الرباط، إلى دعوة المغني الصهيوني انريكو ماسياس، إلى المهمة الدنيئة بإرسال وفد من الصحفيين الجزائريين لزيارة الكيان الصهيوني. وقد مثل ذلك التراجع البيّن، المخطط له، صدمة كبيرة لدى الأوفياء لقيم الثورة التحريرية والقضية الفلسطينية، من داخل النظام السياسي وفي المجتمع.
وقد كنا بحمد الله من هؤلاء، حيث سارعنا إلى تأسيس "التنسيقية الوطنية لمناهضة التطبيع" للتصدي لذلك التوجه الرسمي، وقد انخرط في التنسيقية التي أسسناها مع عدد من الأحزاب والمنظمات، العديد من الشخصيات الوطنية والثورية، منهم الشيخ شيبان والأستاذ عبد العزيز بلخادم وغيرهما، وكنا نعقد اجتماعاتنا في مقر “الحركة الديمقراطية الجزائرية” التي أسسها الرئيس السابق أحمد بن بله، وكان منسق الحزب آنذاك الأستاذ خالد بن إسماعيل. استطاعت هذه التنسيقية التي امتدت لعدد من الولايات الكبرى أن تحقق أهدافها وقد ساعدها في ذلك انفجار انتفاضة الأقصى في آخر عام 2000 التي كسرت موجة التطبيع التي تسارعت قبلها.
بدأت السموم تتسرب إلى بعض العقول، حين تراجع حضور الجزائر في الملف الفلسطيني أثناء فتنة التسعينيات، وخصوصا حين تحركت رياح التطبيع مع مجيء الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، عبر ثلاث عمليات متتالية في عام واحد بين 1999 و2000، من المصافحة المشؤومة في الرباط، إلى دعوة المغني الصهيوني انريكو ماسياس، إلى المهمة الدنيئة بإرسال وفد من الصحفيين الجزائريين لزيارة الكيان الصهيوني.لقد كانت تنسيقية مناهضة التطبيع بداية موجة كبيرة من الأعمال التي قمنا بها لصالح فلسطين، ومنها فتح فرع مؤسسة القدس بالجزائر الذي كنت بحمد الله أمينه العام وكان رئيس الفرع الشيخ شيبان ونائبه الأستاذ عبد الحميد مهري رحمهما الله، ونائب آخر السيد بوزغوب أحد الطيارين الذين شاركوا في الحرب ضد الكيان، وكان الأستاذ محمد دويبي المدير التنفيذي. وقد كان فرعنا الجزائري أنشط فروع مؤسسة القدس دوليا ومن إنجازاته مشروع "وقف القدس" الذي أشرف عليه الأستاذ جعفر شلي ولايزال هذا المَعلم شامخا إلى الآن يدر بمداخيل معتبرة لصالح فلسطين، بالإضافة إلى الحركية الشعبية الفئوية التي بعثها الفرع ومنها منظمة “شباب من أجل القدس”، و ما رسخه من بعد تنسيقي للعمل الجزائري الفلسطيني الذي كان من إنجازاته الكبرى المساهمة الجزائرية التاريخية في "أسطول الحرية" وما تبعها من حملات كسر الحصار ونقل أعداد هائلة من المتضامنين الجزائريين والجزائريات ضد الحصار إلى غزة، التي بذل فيها الشيخ أحمد الإبراهيمي، رئيس جمعية البركة، بلاء حسنا حولته مع مرور الزمن إلى رمز عالمي للعمل الفلسطين، وكان من ثمرة ذلك التنسيق كذلك اللجنة الشعبية لدعم المقاومة ونصرة فلسطين التي احتضنتنا فيها جريدة الشروق مشكورة، ثم لاحقا تأسيس منظمة البركة من قبل عدد من نشطاء القضية على رأسهم الشيخ أحمد براهيمي وهي اليوم المنظمة الشعبية الأكثر حضورا في دعم أهلنا في غزة ومختلف الملفات الفلسطينية الأخرى.
وبالنظر لأهمية نشر الوعي الشعبي خصوصا في أوساط الشباب أصدرت كتاب "الجزائر والقضية الفلسطينية"، رصدت فيها المساهمات الجزائرية في القضية الفلسطينية منذ عهد صلاح الدين الأيوبي، وذكّرت بما بذله الجزائريون وهم تحت الاحتلال، سواء على مستوى الشخصيات، كعمر راسم، والشيخ السعيد الزاهري، والشيخ إبراهيم أبو اليقظان، والشيخ الفضيل الورتلاني، ومساهمات الجزائريين في مختلف الثورات الفلسطينية إلى إعلان دولة الاحتلال، أو كمنظمات وعلى رأسها جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عبر العديد من المبادرات، ومنها "الهئية العليا لإعانة فلسطين" التي حدثني عن دورها صاحب الفكرة ذاته الشيخ عبد الرحمن شيبان والتي شارك فيها المنظمات والشخصيات من مختلف التيارات الوطنية، وقد ترأس الهيئة الشيخ البشير الإبراهيمي، وكان فرحات عباس كاتبا عاما لها، والشيخ الطيب العقبي أمينا للمال وينوبه الشيخ بيوض، وتكفلت الهيئة بتجهيز وإرسال المجاهدين للقتال في فلسطين وجمع المال وتنظيم حملات التعبئة لصالح القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى المساهمات الأخرى لكل منظمات الحركة الوطنية الأساسية، حزب الشعب الجزائري وأحباب البيان والحرية.
ثم تطرقت في الكتاب إلى مساهمات الجزائريين بعد الاستقلال، سواء الشخصيات المعارضة كمحمد خيضر الذي دعم حركة فتح ماليا وفق ما هو مدون في أرشيف الأستاذ منير شفيق، أو المجاهد محمد بودة الذي انخرط في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الفلسطينية وكان منسق العلميات الخاصة للجبهة الشعبية في أوربا ومنها حادثة ميونخ الشهيرة، وقد ارتقيى شهيدا رحمه الله على يد الموصاد في فرنسا بأمر من غولدا مايير نفسها. أو السلطات الرسمية منذ عهد بن بلة وقد أشرنا إلى بعض المساهمات الحكومية أعلاه، وختمت الكتاب بمساهمات حركة مجتمع السلم منذ عهد الشيخ محفوظ نحناح والعمليات الكبيرة التي أشرفت عليها بنفسي وأشرت إليها أعلاه.
ولشعوري بحاجة ربط العلاقة بين الثورة التحريرية النوفمبرية الجزائرية والمقاومة الفلسطينية شرعت في تأليف كتاب آخر تحت عنوان "دروب المقاومة: نضال الشعب الجزائري من الاحتلال إلى الاستقلال" وحرصت أن أسجل المقارنات مع كفاح الشعب الفلسطيني، وتشابه الاحتلالين الاستيطانيين الإحلاليين الفرنسي والإسرائيلي، وتشابه جرائم الإبادة وتدبير البنية الإنسانية للشعبين، والتشابه والفروق في أدوات النضال المسلح. وهو كتاب بدأته قبل سنوات، تتمة لبحث قدمته عن التجربة الثورية الجزائرية في مؤتمر نظمه مركز الإعلام العربي بالقاهرة في سبتمبر 2006 عن التجارب الثورية في تاريخ الدول وكيفية استفادة المقاومة الفلسطينية، ثم شُغلت عنه باهتمامات وكتابات أخرى ضاغطة فتركته بعد أن أنهيت أكثر من نصفه تقريبا.
غير أن نقاشي الطويل والمتكرر مع قيادة المقاومة الفلسطينية في ظل الأزمات التي تعرفها الأمة والصعوبات التي تمر بالملف الفلسطيني جعلني أقرر العودة لإنهاء الكتاب مع التركيز أكثر على استخلاص الدروس من تجربة الثورة التحريرية بما ينفع الكفاح الفلسطيني، وقد شجعني على ذلك بعض القادة الفلسطينيين الذين شعروا بأنهم رغم دراستهم الثورة التحريرية الجزائرية لم يكونوا على علم بكثير من تفاصيل الكفاح الجزائري ضد المستعمر الفرنسي التي ذكرتها لهم، ورأوا في تدوينها وإسقاطها على الحالة الفلسطينية فائدة كبيرة، وأسأل الله تعالى أن يعينني على إنجاز ذلك.
وفي حقيقة الأمر حينما نرى ما يحدث من تضحيات جسيمة وبطولات مدهشة في طوفان الأقصى أننا لم نقدم أي شيء ذي بال، وإنما أملنا أن يعذرنا الله ويسامحنا إذ لم نستطع القيام بما يجب القيام به لضعفنا وقلة حيلتنا وأن يتقبل الله منا جهد المقل ولا حول ولا قوة إلا بالله.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير فلسطين الجزائرية فلسطين الجزائر علاقات رأي أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المقاومة الفلسطینیة القضیة الفلسطینیة الثورة التحریریة کان من
إقرأ أيضاً:
سودانيون يحيون ذكرى ثورة 19 ديسمبر بـ«احتجاجات إسفيرية» .. أنصار البشير يتحدونهم بالنزول إلى الشوارع
تحولت مواقع التواصل الاجتماعي السودانية إلى «ساحة نزال لفظي عنيف» بين المجموعة الشبابية والمدنية التي قادت «ثورة 2018» التي أطاحت نظام الرئيس عمر البشير، وأنصار ذلك النظام والرافضين لوقف الحرب الحالية من الإسلاميين، وذلك في الذكرى السادسة لثورة 19 ديسمبر (كانون الأول) التي أنهت حكم البشير بعد 30 عاماً في السلطة.
وضجت الوسائط الإسفيرية بالمطالبين بوقف الحرب، التي اندلعت في منتصف أبريل (نيسان) 2023 بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، مطالبين بالانتقال المدني.
وفي المقابل، كانت مجموعة أخرى من أنصار النظام السابق من الإسلاميين وأعضاء حزب «المؤتمر الوطني» الذي كان يرأسه البشير، تنشر تهديدات باستمرار الحرب حتى القضاء على أعدائهم، وتسخر منهم وتقلل من شأنهم.
وعدّ دعاة السلام يوم 19 ديسمبر فرصة لإعلاء الصوت المناوئ لاستمرار الحرب، ومناسبة لإحياء شعارات ثورتهم تحت شعارها القديم «حرية وسلام وعدالة»، مطالبين بالحكم المدني والانتقال السلمي الديمقراطي، فسارعوا إلى تزيين المنصات الإسفيرية بصور ومقاطع فيديو تعود للأيام والأسابيع الأولى من اشتعال الثورة، سموها «تظاهرات إسفيرية».
ويعد المحتجون الإسفيريون إشعال الحرب بين الجيش و«الدعم السريع»، محاولة للقضاء على «ثورة ديسمبر»، ويرون في الاحتفاء بها تعزيزاً لمطلب وقف الحرب والعودة إلى خيار الديمقراطية وعودة العسكريين إلى ثكناتهم.
الذكرى السادسة للثورة
ودعا الناشط محمد خليفة، وناشطون وسياسيون آخرون، تحت اسم «الديسمبريون» إلى مظاهرات إسفيرية بمناسبة الذكرى السادسة للثورة، وأعاد خليفة نشر مقطع فيديو لإحراق دار حزب «المؤتمر الوطني» في مدينة عطبرة أيام الثورة الأولى، بقوله على منصة «فيسبوك»: «هذا أكثر مشهد يوجع الكيزان (الإسلاميين) وعناصر الأمن وكارهي ثورة ديسمبر المجيدة، إنه مشهد حريق دار المؤتمر الوطني في عطبرة عند بدايات الثورة».
وبدوره، عدّ تحالف «الحرية والتغيير» الحرب الحالية محاولة من أنصار «النظام المباد» للانقضاض على ثورة ديسمبر وإعادة إنتاج الشمولية والدكتاتورية، وتمكين عناصره واختطاف الدولة والعودة للسلطة، وفرض إشراكهم في كل عملية سياسية مستقبلية. وقال حزب «المؤتمر السوداني»، في بيان، إن النظام البائد أوقد نيران الحرب للانقضاض على الثورة وتجريفها، وأضاف: «ثورة ديسمبر المجيدة باقية ما بقيت مطالبها النبيلة، وأن آلة الخبث والدمار تسعى لإعادة الحركة الإسلامية للسلطة من جديد». وقالت أيضاً «الحركة الشعبية لتحرير السودان – التيار الثوري»: «إن الحرب في الأصل مكيدة لتدمير ثورة ديسمبر، وإن الثورة عائدة وإرادة الشعب سوف تهزم الحرب وتأتي بالسلام»، فيما قال عضو مجلس السيادة السابق، محمد الفكي سليمان، في تغريدة على منصة «فيسبوك»: «اضبط بوصلتك على خطاب ديسمبر، فستعرف إلى أي وجهة تتجه».
وروجت المنصات بشكل واسع شعارات الثورة مثل «حرية سلام وعدالة... والثورة خيار الشعب»... و«العسكر للثكنات والجنجويد ينحل»، والمقصود بالعسكر هو الجيش، و«الجنجويد» هي قوات «الدعم السريع». كما تزينت المنصات الاجتماعية بصور الشهداء الذين قتلوا في الثورة، والمطالبات بالثأر من قاتليهم، وتم تصميم الرقم 19 لمجسم ثلاثي الأبعاد للتذكير بأهمية اليوم ومحوريته.
أنصار النظام السابق
في المقابل، ضجت منصات الإسلاميين وأنصار النظام السابق، بالتقليل والسخرية من ثورة ديسمبر وتجاهل الاحتفاء بها. واستنكر الإعلامي الإسلامي إبراهيم الصديق في «فيسبوك»، الاحتفال بثورة ديسمبر وعدّه محاولة لطمس هوية الوطن، أتى بها تحالف «الحرية والتغيير»، قائلاً إنها تجاهلت الحدث التاريخي، وسمت يوم 19 ديسمبر «يوم ثورة ديسمبر»، بينما هو في الأساس يوم إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان في عام 1955. وأضاف: «في 2020 أصدر رئيس مجلس السيادة بيان احتفال بعيد الاستقلال، بينما أصدر عبد الله حمدوك (رئيس وزراء الثورة) بيان احتفال بثورة ديسمبر».
وهدد نشطاء إسلاميون منظمي المظاهرات الإسفيرية، ودعوهم للتظاهر على الأرض إذا كانوا يجرؤون على ذلك، فيما خلت معظم صفحات مؤيدي الحرب من الإشارة لثورة ديسمبر.
وكانت ثورة ديسمبر 2018 قد انطلقت من بلدة مايرنو في ولاية سنار، ومن مدينة الدمازين في ولاية النيل الأزرق في 6 ديسمبر من ذلك العام، لكن إحراق دار «حزب المؤتمر الوطني» في مدينة عطبرة، عُدّ شرارة الثورة التي أشعلتها بقوة، ثم انتقلت الاحتجاجات بعدها إلى العاصمة الخرطوم ومدن البلاد الأخرى، وتواصلت الاحتجاجات بشكل يومي واكتسبت زخماً طوال 4 أشهر، واجهتها السلطات بعنف مفرط وقتلت المئات وجرحت الآلاف حتى سقط النظام في 11 أبريل (نيسان) 2019 تحت ضغط ملايين المحتجين الذين انتشروا في جميع أنحاء البلاد، فيما اعتصم مئات الآلاف أمام مقر القيادة العامة للجيش لمدة خمسة أيام، ما اضطر اللجنة الأمنية العسكرية إلى إطاحة الرئيس عمر البشير لإنهاء الاحتقان.
كمبالا: الشرق الأوسط: أحمد يونس