عبد المعطي أحمد يكتب : أكتوبر رحل وجاء نوفمبر
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
رحل شهر أعظم انتصار، وجاء شهر ابتلعته شهوة أكتوبر وظلمته، نعم ظلمته، لأن نوفمبربكل المقاييس شهر عايش واحدة من أخطر الفترات وأهمها، فيه بدأت حرب الاستنزاف الثانية (80 يوما فى الثغرة)، وفيه اكتملت دائرة حصار الثغرة بقوات عظيمة، مشاة ومدرعات وصاعقة ومظلات، وفيه تأكدت القيادة المصرية تماما أن قوات العدو فى الثغرة باتت لنا والقضاء عليها يقينا عندنا، وفيه صدرت الأوامر من القيادة إلى الوحدات التى أحكمت حصارها للعدو فى الغرب بفتح ثغرات فى حقول الألغام التى حصن العدو نفسه بها وهذا معناه القرار التالى للقيادة أمر الهجوم وتصفية الثغرة
ولو أن الأمور سارت كما خططت القيادة، وصدر أمر القتال أقسم بالله ما خرج للعدو جندى واحد على رجليه من الثغرة التى كان للعدو فيها قوات ليست بالقليلة وخسارتهم تعنى نهاية حكايتهم التى بدأت عام 1948 بفلسطين.
وفى مثل هذا الوقت قبل خمسين عاما بدأ فتح الثغرات فى حقول ألغام العدو، كنا فى منطقة اسمها"أم كتيب"، وربما كانت أصعب مناطق الثغرة على العدو وليس علينا، لأنها منطقة كثيرة الهضاب والتلال، الأمر الذى جعل هناك تداخلا للقوات بيننا وبين العدو، وتلك ميزة لنا لأننا لا نخاف ورعب لهم لأنه لا ساتر ترابى يختفون وراءه ولا خط بارليف يحميهم، لذلك كانت حقول الألغام البديل الوقائى الدفاعى لهم، وفتحنا طرقا لنا فيها، والوحدات المقاتلة المصرية باتت فى قبضتها"روح" دولة الصهاينة ممثلة فى قواتهم المحاصرة بالثغرة، وهذه الوحدات دخلت فى منافسة من يرفع ويجلب أكبر عدد من ألغام العدو؟ هذا التحدى وتلك المنافسة ضحيتها حقول ألغامهم لدرجة وصول الأمر لدخول الحقل الواحد ثلاث مرات فى الليلة الواحدة، علما بأن اقتحام حقول ألغام العدو مقيد بتعليمات مستحيل تجاهلها.
مؤكد أن الله كان معنا فى دفاعنا عن أرضنا وعرضنا وشرفنا من أول يوم فتح للثغرات، وقبل أن ينتهى نوفمبر كانت المهمة قد انتهت، والثغرات التى أردناها تمت، والألغام التى زرعوها ما أردناه منها أصبح عندنا، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الرئيس أنور السادات تلقى تمام استعداد القوات المسلحة التى فى قبضتها الثغرة، وفى انتظار امر تصفية الثغرة.
رحل نوفمبر وهو شاهد على أن نهايتهم باتت قريبة. كل عمليات حرب الاستنزاف الثانية نجحت وألحقت خسائر فى العدو، وأكدت قوتنا وأبرزت مهاراتنا وشجاعتنا، وكشفت معاناة العدو من تداخل القوات الذى حرمه من تدخل طيرانه ومدرعاته، والأهم من كل هذا وذاك أن المعركة القادمة الفاصلة ستكون فى أغلب مناطق الثغرة، معارك رجل لرجل، وهم يعرفون النتيجة مقدما.
وجاء شهر ديسمبر، ورجال القوات المسلحة المصرية التى فى قبضتها الثغرة ينتظرون قرار تصفيتها، بينما أقمار أمريكا وطائرات تجسسها رصدت الموقف الصعب الذى فيه العدو، وكان كل هم أمريكا خروج قوات الصهاينة من الثغرة سالمين، وجرت مفاوضات ومساومات وضغوط وانتهى الأمر بالتهديد، وانتهى ديسمبر وجاء يناير، وعقد الرئيس السادات اجتماعا لقادة القوات المسلحة، بعده جاء وزير خارجية أمريكا فى ذلك الوقت هنرى كيسنجر، والتقى الرئيس السادات فى أسوان، وفى هذا اليوم قالها كيسنجر للسادات صراحة وعلى المكشوف: إن قررتم تصفية الثغرة أمريكا ستدخل الحرب.
فى هذا اليوم توصل الرئيس السادات وكيسنجر إلى اتفاق وهو الأرض كل الأرض مقابل خروج الصهاينة من الثغرة أحياء بل وكل سيناء مقابل تأمين خروج قواتهم من الثغرة.
انسحبوا عندما وجدوا أن التخلى عن الأرض الحل الوحيد لخروجهم من الثغرة أحياء، وعندما وجدوا أنفسهم فى قبضة جيش مصر القوى.
• حتى لا ننسى فى 28 أكتوبر 1974 قرر مؤتمر القمة العربى السابع بالرباط اعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعى والوحيد للشعب العربى الفلسطينى.
• عندما تضيق بك الدنيا فاعلم أن الفرج قريب وأن الله يستجيب الدعاء، وإذا اشتد الكرب هان، ونحن فى أزمات وقلق اِعلم أن الله يدبر أمورنا كلها.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: من الثغرة
إقرأ أيضاً:
يوسف القعيد: السباعي روائي جيد والغيطاني أخ ونجيب محفوظ أستاذي
قال يوسف القعيد، الكاتب الروائي الكبير، إن يوسف السباعي روائي جيد لكن ظلمته مناصبه الكثيرة وعملت مسافة بينه وبين الناس، كما أن يوسف إدريس أخلص للقصة القصيرة، كما أن إحسان عبد القدوس روائي شديد الأهمية و"مظلوم"، ونجيب محفوظ "أستاذي"، وصديقي، وكنا نجلس سويًا في مقهى ريش ومقهى الفشاوي في خان الخليل.
وأضاف القعيد، خلال مقابلته، لـ «برنامج مصر جديدة»، مع الإعلامية إنجي أنور، المذاع على قناة etc، ان نجيب محفوظ على سقف الإبداع في الرواية العربية، ولن احدًا ابدًا إلى ملكاته في الكتابة، فنجيب محفوظ رجل أخلص للكتابة والكتابة فقط ولم يقترب من عالمه أحد في الوطن العربي كله.
وأوضح القعيد، ان جمال الغيطاني اخ لي، وكل الناس تقول انه ملاحمة تشبك وأخوك، أنا لا أستطيع فصل حياتي عن حياته، كما لدي صله بشقيقة اللواء مهندس اسماعيل الغيطاني ونتواصل كل يوم باستمرار.
الجدير بالذكر أن الكاتب والروائى يوسف القعيد ولد بمحافظة البحيرة في أبريل عام 1944، وتخرج في معهد المعلمين، ثم التحق بالقوات المسلحة عام 1965، شارك فى حرب الاستنزاف التى بدأت فى عام 1969 وحرب أكتوبر 1973 وظل بالقوات المسلحة حتى عام 1974، عمل بمجال الصحافة محررًا أدبيًا بمجلة المصور التابعة لدار الهلال، وتدرج في المناصب حتى شغل منصب نائب رئيس تحرير المجلة في عام 2000، كما كان مقررا للجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة بدءاً من نوفمبر 2017، كما أنه يعتبر من رواد الرواية في مرحلة ما بعد نجيب محفوظ الذي ربطته به علاقة متينة، له العديد من المؤلفات التى تنوعت ما بين الروايات والمجموعات القصصية والمقالات وادب الرحلات وحولت بعض أعماله إلى افلام سينمائية ومسلسلات تليفزيونية وإذاعية، وقد حصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب سنة 2008 وحازت روايته "الحرب في بر مصر" المرتبة الرابعة ضمن أفضل مائة رواية عربية وقد تم تكريمه فى مهرجان القلعة الدولى للموسيقى والغناء 32 لإسهاماته الثقافية البارزة.