عندما يكون العمل الصحفي في اليمن مسألة حياة أو موت!
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
يمن مونيتور/قسم الأخبار
أكرم الوليدي صحفي ومدافع عن حقوق الإنسان قضى ثماني سنوات قيد الاعتقال وتعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على يد السلطات الأمر الواقع الحوثية. وقد حكمت عليه بالإعدام في أبريل/نيسان 2020 مع ثلاثة صحفيين آخرين.
وبعد أن أمضوا ثلاث سنوات بانتظار تنفيذ حكم الإعدام فيهم، أُطلق سراحهم جميعًا في أبريل/نيسان 2023 في إطار صفقة لتبادل السجناء بين سلطات الأمر الواقع الحوثية والحكومة المعترف بها دوليًا.
يشرح الوليدي قصته مع ظروف التعقيل والتعذيب في سجون الحوثيين لمنظمة العفو الدولية: عند حوالي الساعة الثالثة من فجر 9 يونيو/حزيران 2015، في الوقت الذي كانت فيه القنابل تنهمر على مدينة صنعاء، كنت أنا وزملائي نعمل على توثيق استيلاء الحوثيين على السلطة وموجة عمليات انتقامهم وانتهاكاتهم بحق النشطاء السياسيين، والصحفيين، وأعضاء المجتمع المدني. وكنا تسعة، كرّسنا أنفسنا جميعًا لقضية واحدة: أن ننقذ أمة. كصحفيين، كان فضحُ جرائم الحوثيين ضمن واجباتنا.
وكان عليّ حضور حفل زفاف حينها – زفافي أنا – الذي كان سيُقام بعد شهر.
وكنا نعمل في غرفة بفندق لأن الحوثيين صادروا محتويات مكتبينا السابقيْن. ولم نرد أن تتعرض أجهزتنا للضرر في مداهمة أخرى. وبعد بضعة أيام من الانتقال إلى الفندق، سمعت طرقًا على الباب ثم مناداة لاسمي، وفي غضون ثوانٍ اقتحمت الميليشيا المسلحة غرفتنا. وفي غياب مكتب ليحطموه، كان الحوثيون هذه المرة يستهدفوننا.
وتعرّضنا جميعًا للركل والضرب الوحشي حتى قبل أن نصعد إلى سيارة “الفان” العائدة للميليشيا. ولم نكن ندري أن هذه كانت مجرد بداية شرّ آتٍ لا يمكن تصوّره. وقد تعرضتُ للضرب، حين كنت واعيًا وحتى عندما كنت فاقدًا للوعي، أثناء استجوابي وحين كانوا ينزلون بي ما يسمونه بـ
’ عقوبات‘، لكنني لم أرتكب جرمًا كي أعترف به. كنت صحفيًا.
ومنذ سيطرة سلطات الأمر الواقع الحوثية على السلطة، شنّت حربًا شعواء على الإعلاميين.
وقد وصف عبد الملك الحوثي – زعيم الحركة الحوثية – في إحدى خطبه الصحفيين بأنهم “أكثر خطرًا على هذا البلد من الخونة والمرتزقة الجهلة والمقاتلين”.
ألم الفراق
وُضعت قيود شديدة على الزيارات العائلية، ولذا تعرضت عائلاتنا للمعاناة أيضًا. وقد أمضت عائلتي سنوات تتأرجح بين الشكّ واليقين حيال ما إذا كنتُ حيًا أو ميتًا. وعندما سُمح لي في النهاية بزيارات عائلية، كانت الزيارات شديدة القيود. وفي الواقع، أمضيت أربع سنوات بدون رؤية عائلتي. وقد منحتني الزيارات العائلية متنفسًا، لكن من بينها، ثمة زيارة أذكرها بوضوح شديد في يوليو/تموز 2019، بينما كنت محتجزًا في جهاز الأمن السياسي؛ إذ وصلت والدتي لرؤيتي، لكن بالكاد مرّت دقيقتان حتى جاء الحارس وشدّني هو وثلاثة حراس آخرين وراحوا يضربونني ببنادقهم. ولا يزال صوت والدتي وهي تصرخ اسمي في أذناي. فطلبتُ عندها من عائلتي بأن تتوقف عن زيارتي.
وفي 11 أبريل/نيسان 2020، حُكم عليّ بالإعدام مع ثلاثة صحفيين آخرين، ونُقلنا في شهر أكتوبر/تشرين الأول إلى معسكر الأمن المركزي في صنعاء – وهو معسكر تابع للميليشيا ووضعنا فيه كدروع بشرية، أنه كان هدفًا متوقعًا للضربات الجوية السعودية – واعتقدنا أننا سنموت هناك. وعندما أصابت الغارات الجوية المعسكر عام 2020، شعرنا بأننا نجونا من براثن الموت. ولكن عندما لم تقتلنا الغارات الجوية، بدأ حرّاس السجن بالتهديد بقتلنا. فكانوا يقتحمون زنازيننا وهم يصيحون: “استعدوا! بات إعدامكم قريبًا!”
أجرى الحرّاس أيضًا مكالمات هاتفية متكررة مع والديَّ وأخبروهما بأنه من المقرر أن يُنفّذ بي حكم الإعدام. وفي كل مرة كان قلب والدتي ينفطر ألمًا. وعقب الإفراج عني، أخبرتني شقيقتي بأن والدتي لم تستطع أن تكف عن البكاء. ليتني أستطيع وصف ما تعرّضت له بكلمة غير ’ تعذيب‘، لكنها الأدقّ للتعبير عن العذاب النفسي المتواصل الذي أُجبرت عائلتي على تحمّله.
لقد تزوجت مؤخرًا، وأنا مستعد للمضي قدمًا في حياتي. ومع ذلك، لا أستطيع العودة إلى دياري لأن حكم الإعدام قائم وقد صودرت جميع ممتلكاتي. فكيف لي أن أعيش في صنعاء وأواجه التهديد الدائم باعتقالي مجددًا؟ فالمحاكم الحوثية لم تبرئني رسميًا، لذا ثمة خطر دائم في أن تستأجر ميليشيا الحوثي أحد حلفائها لقتلي. لقد أُرغمت أنا وأسرتي على الرحيل تاركين وراءنا كل ذكرياتنا وممتلكاتنا.
وسلبتني سلطات الأمر الواقع الحوثية قرابة ثماني سنوات من حياتي أمضيتها رهن الاعتقال.
وعندما حُكم عليّ بالإعدام، أمر القاضي في المحكمة الجزائية المتخصصة أيضًا بمصادرة كافة متعلقاتي، ومن ضمنها أجهزة الحاسوب والطابعات، وما زالوا يرفضون إعادتها إليّ. وكان هدفهم وراء مصادرة أجهزتي إرسال رسالة واضحة بأنهم سيُسكتون الأصوات المعارضة والعمل الإعلامي مهما كان الثمن.
لكننا لا نستطيع أن ندعهم يفوزون؛ إذ يواصل الحوثيون اعتقال المدافعين عن حقوق الإنسان، والمعارضين السياسيين، وإصدار أحكام الإعدام بحقهم ظلمًا بناءً على تهم زائفة بـ “الخيانة” و”مساعدة العدو”. بما أنّني رجل حرّ الآن، أكرّس كل وقتي وطاقتي للقيام بحملات للإفراج عنهم. ولن يهدأ لي بال حتى ينعم كل واحد منهم بالحرية.
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الصحافة العفو الدولية اليمن جرائم التعذيب
إقرأ أيضاً:
تصاعد التوتر.. قبائل الأعماس في الحدا بذمار ترد على الحملة الحوثية بالتحشيد المسلح
شهدت مديرية الحدا بمحافظة ذمار توترًا أمنيًا كبيرًا مع مليشيا الحوثي في ظل استمرار احتشاد مسلحي قبائل الأعماس والحدا لليوم الرابع على التوالي.
أقامت قبائل الحدا مخيمًا في ساحة الأعماس، وتمترست في الجبال المحيطة، استعدادًا للتصدي لحملة عسكرية حوثية توقفت خارج حد المنطقة منذ أيام وسط تصاعد الاحتقان القبلي.
وأفادت مصادر قبلية لوكالة خبر بأن مئات المسلحين من قبائل الأعماس والحدا، مدججين بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، تداعوا استجابةً لدعوة "النكف المسلح".
وتأتي هذه التحركات في ظل اتهامات قبلية لمليشيا الحوثي بالانحياز لعصابة تنحدر من بني حذيفة بمحافظة صعدة، تورطت في سرقة سيارة الشيخ عبد السلام البيحاني ومقتنياته الثمينة.
أسباب التوتر
وتعود جذور الأزمة إلى حادثة استدراج الشيخ عبد السلام البيحاني إلى أمام مستشفى السلام في صعدة من قبل زعيم عصابة تربطه به معرفة سابقة. وقبل دخوله للزيارة طلب شقيق زعيم العصابة من البيحاني تسليمه سلاحه ومقتنياته الشخصية لكونه سينتظرهم على متنه، وعند خروج البيحاني من المستشفى اكتشف أن سيارته من نوع "تويوتا شاص" موديل 2022 تعرضت للنهب والسرقة وهو في ضيافتهم، إضافة إلى جنبية تقدر قيمتها بـ8 ملايين ريال ومسدس شخصي ومبلغ 80 ألف ريال سعودي من قبل زعيم العصابة وشقيقه في "عيب أسود" بحسب أسلاف وأعراف القبائل.
ردًا على ذلك، قامت قبائل أعماس الحدا بالاستيلاء على حفار وسيارة من نوع "جيب" تابعة لعصابة صعدة، في خطوة وصفتها بأنها رد على نهب الشيخ البيحاني وتقاعس سلطة الأمر الواقع في ضبط الجناة واستعادة حقوقهم.
تحركات الحوثيين
أطلقت مليشيا الحوثي حملة عسكرية قبل أيام تهدف إلى اعتقال الشيخ عبدالسلام البيحاني واستعادة المنهوبات، إلا أن مئات المسلحين من قبائل الحدا تصدوا للحملة، مما أدى إلى توقفها مؤقتًا.
مناشدة قبلية
دعت قبيلة الأعماس قبائل الحدا خاصة وذمار عامة إلى مواصلة التحشيد وعدم التهاون، مؤكدين أن تعنت الحوثيين وانحيازهم للعصابات وإصرارهم عبر الوسطاء الحوثيين على المطالبة بتوقيف الشيخ البيحاني يجعل المواجهة المسلحة خيارًا لا مفر منه.