سودانايل:
2024-11-17@05:25:15 GMT

عبد الله النور الجيلي.. الرحيل الموجع

تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT

من العاصمة القطرية الدوحة ، تلقيت صباح اليوم (الأول من نوفمبر ٢٠٢٣) بكثير من الحزن والأسى نبأ رحيل الأستاذ عبد الله النور الجيلي .

الفقيد مربي أجيال ، تخرج في معهد (بخت الرضا) أعرق مؤسسة لاعداد المعلمين عرفها تاريخ السودان، ولعب أدورا في نشر الوعي في مناطق النيل الأبيض) و(الجزيرة ) بالسودان ، وهو من المعلمين الأوائل و البارزين الذين ساهموا في النهضة التعليمية في دولة قطر .



رحيله فقد كبير لأسرته وزملائه وأصدقائه وأحبابه والجالية السودانية ولعارفي فضله من القطريين الذين تتلمذوا على يديه ونهلوا من علمه وفنه وابداعه ، إذ سجل اسمه وعطاءه في سجل الرواد الذين عملوا بجد واجتهاد وضمير حي في مجال التعليم في دولة قطر .

الراحل فنان تشكيلي ، روائي، شاعر، انسان بطبعه ودواخله ونبضه الجميل ، مرهف الاحساس ، كريم ، شجاع ،طيب القلب ومشحون بأنبل وأجمل قيم التواضع .

على الصعيد الشخصي ربطتني بالوالد الحبيب الاستاذ عبد الله علاقة محبة يصعب وصفها، وكان بيننا بحر من الود والمودة والعناق الانساني المتميز . رغم فارق السن ، وتجربته عميقة الجذور في عالم التعليم والابداع .

خلال سنوات عملي في الدوحة (أكثر من ٣٠ عاما). توثقت بيننا جسور المحبة والاحترام المتبادل ، و شكل نبض الكلمة قاسمًا مشتركا ، وقد أهداني في تاريخ قديم بخط يده الجميل - وهو خطاط بارع- اوبريت تاريخي كتبه بعنوان ( من صوت الوطن).

أبدع في الأوبريت بتسجيل وقائع بطولات سودانية سجلها بحروف من نور قادة الثورة المهدية الذين انتصروا للسودان والسودانيين وسجلوا بحروف من نور اروع الملاحم والبطولات في تاريخ السودان والمنطقة والعالم آنذاك ، وهذا ما شهد به أعداء قبل الأصدقاء.

نشرت الأوبريت كاملا في حلقات في صحيفة (العرب ) القطرية في مرحلتها الأولى ،وكان مؤسسها و صاحبها آنذاك عميد الصحافة القطرية الراحل الأستاذ عبد الله حسين نعمه ورئيس تحريرها ابنه الأستاذ خالد عبد الله نعمة, وقد لعبت هذه الصحيفة دورا تاريخيا وحيويا في دعم تطلعات السودانيين للحرية والعدالة ، في توقيت مهم وصعب، وتلك الفترة تستحق ان أوثق لها. في وقت لاحق بعون الله.

كان راحلنا العزيز الحبيب الأحب عبد الله النور الجيلي حتى ساعة رحيله متفاعلا مع قضايا شعب السودان وهمومه وتطلعاته من أجل العيش الكريم .

بشخصيته الفذة وروحه الجميلة ونبض الانصاف الكامن في أعماقه كان مبادرا بتسجيل وقائع انجازات أبطال سودانيين قبضوا على الجمر ، في سبيل استقلال و عزة وكرامة السودان وشعبه ، من خلال الكلمة المبدعة .

بعد مغادرتي الدوحة الى لندن في العام ٢٠١٥ حرص الراحل على تعزيز جسور التواصل ، اذ كان يرسل سلامه وتحياته، ولعب ابنه المقيم في بريطانيا الأستاذ السموأل دورا في هذا التواصل بنقل رسائل الوالد ثم نقل لي كتاب أوبريت (من صوت الوطن ) بعد طباعته، وكان الراحل ارسل قبل ارسال الكتاب هدية هي زي سوداني وانا مقيم في بريطانيا ، واعتبرها من أجمل الهدايا لأنها تحمل دلالات مهمة.

في العام ٢٠١٩ سعدت بتلقي دعوة كريمة من شخصية قطرية رفيعة المستوى ، لزيارة قطر وكانت هي الأولى بعد المغادرة ، وشكلت زيارة الدوحة فرصة،اذ حرصت رغم قصر فترة الزيارة على زيارة الراحل الصديق في بيته في ١٦ نوفمبر ٢٠١٩ .

رافقني مشكورا الاخ العزيز المهندس جمال موسى الزين ، هناك سعدت بلقائه، وجدته كما عرفته لم يزده تعاقب السنين الا مزيدا من التواضع والكرم والتواضع والمحبة النابعة من دفء الأعماق، فكان عناقا حارا، وحيويا .

عدت الى لندن ، وبعدما علم الراحل باصابتي بمرض السرطان ، والحمد لله و - حماكم الله وشفى كل المرضى-
فقد أرسل تسجيلا صوتيا سكب فيه عصارة محبته وانسانيته وعطفه وروائع وجدانه الزاخر بالحنين والدعاء والايمان العميق برب السموات والأرض وما بينهما .

قال بصوته الدافيء ،وكنت استمع اليه وأعرف ان يتكلم وتنساب الدموع من عينيه ( السلام عليكم ياولدي محمد المكي، سلامتك يازول، أجر وحسنة ، كلمني السموأل، سلامتك يا رجل، الف أجر وحسنة، اصبر ، أصبر ، نشكر الله الذي لا يحمد على مكروه سواه، ان شاء الله نشوفك،الله يخليك يا محمد، الله يسلمك، الله يبارك فيك، ماقصرتوا، كله خير يا ولدي، سلم على الأسرة كلها واولادنا والأهل ،الله يخليك، الله يحفظك ).

لم يستطع ان يواصل الكلام في التسجيل الصوتي …….. بسبب قوة تدفق مشاعره وعواطفه ومحبته التي اعتز بها وستبقى قوة دفع لتمتين علاقتي بأسرته الكريمة أكثر من أي وقت مضى لو كان في العمر بقية .

هذه حروف أكتبها بحزن وألم شديد في وداع الوالد والأخ والصديق والحبيب والمبدع الأستاذ عبد الله النور الجيلي، فبرحيله فقد سودانيو قطر رجلا من أبرز رجال التعليم وعلما من أعلام الوطنية التي تسمو فوق (الأنا ) .

السودانيون،وخصوصا القابضون على أنفاس الناس، محتاجون في زمن الحرب والبؤس والتشرد والنزوح وانتشار الحقد، والكراهية وأمراضها،
للتعلم من قيم ومباديء آمن بها عبد الله النور الجيلي وجسدها بالقول والعمل،وفي صدارتها نشر المحبة بين الناس لا سفك الدماء .

نسأل الله ان يتغمد الفقيد،ابن (الملاحة ) البار بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء بقدر ما قدم لوطنه السودان وقطر من اسهامات وأدوار تعليمية وتربوية وابداعية .

أحر التعازي الى أبنائه النور والفياض والسموأل ومحمد وبناته وأحفاده ،وكل أفراد الأسرة الكريمة والأهل في الدوحة والسودان .
(إنا لله وإنا اليه راجعون)
لندن ١-١١-٢٠٢٣

modalmakki@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

عربي الأصل.. قصة عبد النور الذي غير حياة زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ

"تعلمت منه كل ما أعرفه عن الخدمة العامة"، هكذا يتفاخر جون ثون، الزعيم الجديد للجمهورين في مجلس الشيوخ بعلاقته بالسياسي الأميركي الراحل جيم عبد النور المنحدر من أبوين لبنانيين مهاجرين.

ويحيي السيناتور ثون، الذي اُنتخب، الأربعاء، لمنصب زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ للعامين المقبلين خلفا ميتش ماكونيل، ذكرى وفاة عبد النور سنويا (توفي في مايو عام 2012) ويشيد بالمنجزات التي حققها لولاية ساوث داكوتا خلال عمله بالكونغرس.

Happy birthday, @SenJohnThune! #TBT to the 80’s with current Sen. Thune and former Sen. Jim Abdnor of S.D. pic.twitter.com/fdVcYy5HGy

— Senate Republicans (@SenateGOP) January 7, 2016

وقال ثون في بيان نشر على موقعه الإلكتروني "جيم عبد النور معروف باسم (سيناتور الشعب)، مثّل جيم قيم ولاية ساوث داكوتا في واشنطن لمدة تقرب من عقدين"، لافتا إلى أن الراحل عرف عنه "نكران الذات، حيث ألهم الناس من حوله ليكونوا أفضل. لقد تعلمت منه معظم ما أعرفه عن الخدمة العامة".

.@SenJohnThune's Weekly Column: A Tribute to "the People's Senator," Jim Abdnor

"Many of us have someone in our life who challenged us to think bigger, to consider our purpose, and to live for others. Jim Abdnor was that person for me..."https://t.co/4Hjd8q3r9T

— Annie Topp (@annie_topp) February 17, 2023

واستعاد ثون في بيان آخر ذكريات بدايات صداقته بالسيناتور الراحل، مشيرا إلى أن هذه العلاقة بدأت في مباراة كرة سلة خلال سنوات دراسته الثانوية. ففي تلك المباراة، كان عبد النور، الذي كان حينها نائبا عن ولاية ساوث داكوتا حاضرا بين المتفرجين.

وخلال المباراة، نجح ثون في تسديد خمس رميات حرة من أصل ست. وبعد نهاية اللقاء اقترب منه عبد النور وقال له مازحا: "لاحظت أنك أخفقت في تسديد واحدة". ويقول ثون إن هذه المحادثة هي التي مهدت لصداقة دامت لسنوات بين الرجلين بل وكانت السبب في دخوله السياسة.

فمن يكون جيم عبد النور؟

ولد إليس جيمس عبد النور، ببلدية كينبيك بولاية ساوث داكوتا (الغرب الأوسط) في الـ13 من فبراير عام 1923، لأبوين لبنانيين مهاجرين هما صمويل عبد النور وماري وهبي.

ترعرع جيم في كنف أسرة متوسطة الحال، حيث كان والده بائعا متجولا قبل أن ينجح في سنوات لاحقة في امتلاك متجر خاص به.

لم تتطرق المصادر التاريخية التي تناولت مسيرة هذا السياسي لطفولته، واكتفت بالإشارة بالتفصيل إلى ما بعد حصوله على الثانوية العامة.

غادر الشاب بلدته وولايته وشد الرحال إلى ولاية نبراسكا في بداية أربعينيات القرن الماضي، واضطر إلى التوقف عن الدراسة بسبب مشاركته في الحرب العالمية الثانية.

وفي عام 1945، تخرج عبد النور من الجامعة بدرجة البكالوريوس في إدارة الأعمال.

وبعد تخرجه عمل الشاب مدرسا في مدرسة ثانوية في ريف ساوث داكوتا، واشتغل بالموازاة مع وظيفته مزارعا ومربيا للماشية في مزرعة بلغت مساحتها 4 آلاف فدان.

وخلال تلك المرحلة من حياته، تأثر عبد النور بحال الفلاحين والكادحين في ولايته، ودأب على حضور الاجتماعات التي تتطرق إلى حاضر ومستقبل ساوث داكوتا.

قاده هذا الحماس السياسي في بداية الخمسينيات إلى التعرف على جورج ماكجفرن، وهو سياسي جمهوري كُلف من حزبه بإعادة بناء قواعد الجمهوريين في ولاية ساوث داكوتا بعد الحرب العالمية الثانية.

أعجب ماكجفرن بنشاط عبد النور وسانده لشغل منصب رئيس منظمة الجمهوريين الشباب في ولايته.

وفي عام 1956، انتخب عبد النور عضوا في مجلس شيوخ الولاية، ثم انتخب في عام 1968 نائبا لحاكمها.

لكن طموح هذا السياسي المنحدر من أصول لبنانية كان أبعد من ذلك، إذ كان يطمح لتمثيل ولايته في العاصمة واشنطن.

مثل عبد النور ولاية ساوث داكوتا بمجلس النواب خلال الفترة الممتدة بين عامي 1973 و1981. كما مثل ابتداء من عام 1980 ولايته أيضا بمجلس الشيوخ وبقي في المنصب إلى حدود يناير عام 1987.

يعد عبد النور ثاني عضو من أصول لبنانية بمجلس الشيوخ الأميركي بعد جيمس أبو رزق، الذي مثل أيضا ولاية داكوتا الجنوبية بالمؤسسة التشريعية.

وبعد انتهاء ولايته، عينه الرئيس رونالد ريغن مديرا لإدارة الأعمال الصغيرة الفيدرالية.

وفي عام 2012، أعلن عن وفاة جيمس عبد النور بسيوكس فولز بولاية ساوث داكوتا عن عمر ناهز 89 عاما.

مقالات مشابهة

  • سيرلانكا تهزم اليمن وديا في الدوحة
  • افتتاح مسجد النور بقرية البهنسا في محافظة المنيا
  • بلادنا في زمن الردة المضادة
  • الحصاد الأسبوعي.. نشاط مُكثف لوزارة الأوقاف دعويًّا واجتماعيًّا
  • تفاصيل عزاء شقيق الفنان الراحل خالد صالح
  • هل تتفق قطر وتركيا حول صفقة "قادة حماس"؟
  • عربي الأصل.. قصة عبد النور الذي غير حياة زعيم الجمهوريين بمجلس الشيوخ
  • أنتوني يرفض الرحيل عن «الشياطين»!
  • ألونسو يقرر الرحيل عن باير ليفركوزن
  • ملحمة شيكان