بغداد اليوم-متابعة

يعيش سكان العراق الغنيّ بالنفط والذي يعاني من تأثيرات التغير المناخي، البالغ عددهم 43 مليون نسمة بشكل يومي انقطاعاً متكرراً للكهرباء قد يصل إلى عشر ساعات، ويزيد الأمر سوءاً ارتفاع درجات الحرارة حتى الخمسين خلال الصيف.

في قرية هزار ميرد الجبلية الواقعة جنوب مدينة السليمانية، يخيّم الهدوء البعيد عن ضوضاء المدن الكبيرة مثل بغداد التي تطغى عليها أصوات المولدات الكهربائية المستخدمة لسدّ الحاجة انقطاع الكهرباء، لكنها شديدة التلويث وتعمل على الطاقة الأحفورية.


في هذه القرية، لجأ غالبية الأهالي أي 17 منزلاً من أصل 25، إلى نصب ألواح الطاقة الشمسية على أسطح منازلهم.

ويقول دانيار عبدالله أحد سكان القرية والبالغ من العمر 33 عاماً، "استرحنا كثيراً بعدما وضعنا منظومة الطاقة الشمسية...تغطي كل حاجاتنا، من ثلاجة وتلفزيون ومبردات هواء، وأجهزة المنزل من غسالة ومكنسة كهربائية خلال النهار".

وقد دفع هذا الأب لطفلتين 2800 دولار مقابل الألواح الشمسية في العام 2018.

ويضيف دانيار المنضوي في القوات الأمنية أنهم في السابق كانوا يستخدمون "مولداً كهربائياً، لكنه كان يتعطل دائماً"، فيما تصل مدّة انقطاع الكهرباء الحكومية عن القرية "إلى 12 و13 ساعة في اليوم".

وعلى غرار دانيار، "كثير من أصدقائي هرعوا لوضع منظومات طاقة شمسية في قرى أخرى"، كما قال.


"رفاهية"

مع ذلك، لا يزال الإقبال على الطاقة الشمسية ضعيفاً.

ففي السليمانية، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان العراق، يوجد 600 ألف منزل مشترك في الكهرباء الوطنية، وضع 500 منها فقط منظومات طاقة شمسية، وفق المتحدث باسم مديرية كهرباء محافظة السليمانية سيروان محمد محمود.

لكن منذ عام 2021، لوحظ تصاعد في الإقبال على منظومات الطاقة الشمسية، عقب قرار لبرلمان الإقليم في 2021 يخفّض فواتير الكهرباء الوطنية لمستخدمي الطاقة الشمسية، وفق المسؤول.

ويعود هذا القرار بالفائدة خصوصاً على أصحاب الشركات التجارية الذين عادة ما تكون فواتيرهم أعلى من فواتير المنازل.

وأشار محمود إلى أن إقليم كردستان بشكل عام يطمح إلى بناء ثلاث محطات للطاقة الشمسية بطاقة 75 ميغاواط.

على العموم، يحتاج العراق الذي يعاني من تهالك في بنيته التحتية إثر عقود من النزاعات ومن فساد مزمن في الإدارات العامة، إلى أكثر من 32 ألف ميغاواط لتغطية حاجته، لكن محطات الطاقة الكهربائية في البلاد تنتج حوالى 24 ألف ميغاواط فقط.

على الرغم من هذه الحاجة، تظلّ الطاقة المتجددة غير مستغلة بما يكفي. ويتمتع العراق بأكثر من ثلاثة آلاف ساعة مشمسة من أصل 8700 ساعة في السنة. في الوقت نفسه، فإنّ "أكثر من 98% من كهرباء العراق" يتمّ إنتاجها بواسطة "الوقود الأحفوري"، وفق تقرير للبنك الدولي.

على المستوى الحكومي، يطمح العراق إلى تأمين ثلث إنتاجه الكهربائي من مصادر طاقة متجددة بحلول العام 2030. فقد وقّعت بغداد اتفاقات عدّة لبناء محطات طاقة شمسية، لا تزال تنتظر التحول إلى واقع ملموس.

وتسعى شركة "توتال إنرجيز" خلال عامين إلى تسليم "الجزء الأول" من مشروعها للطاقة الشمسية في العراق الذي تبلغ قدرته الإنتاجية ألف ميغاواط. كذلك وقّعت بغداد في العام 2021 مع شركة "مصدر" الإماراتية اتفاقاً لبناء خمس محطات طاقة شمسية بقدرة إنتاجية هي ألف ميغاواط.


"ثقافة"

ولتشجيع السكان على تركيب منظومات للطاقة الشمسية، أعلن البنك المركزي العراقي في 2022 عن تخصيص تريليون دينار (حوالى 750 مليون دولار) لتأمين قروض مدعومة للقطاع الخاص، تشمل المنازل والشركات الخاصة.

وكشف محافظ البنك المركزي العراقي، علي العلاق، سبب عزوف المواطنين عن مبادرة البنك في اقراض استخدام الطاقة النظيفة ومنها اقتناء لوائح الطاقة الشمسية.

وقال العلاق في تصريح للصحيفة الرسمية اليوم الخميس، أنَّ "التمويل حلقة مكملة عندما تتوافر الظروف المناسبة، كما حصل في إطلاق مبادرة لإقراض استخدام الطاقة النظيفة وخاصة على المستوى المنزلي في استخدام الخلايا الشمسية".

وأضاف "أننا لا نجد أي إقبال على هذه المبادرة، مما يجعلنا نراجع العوامل الأخرى التي تتعلق بعملية الوعي، إذ إنَّ الغالبية العظمى من المواطنين ليس لديهم تصور كاف لما تحققه هذه الخلايا من مزايا على الصعيد الشخصي والبيئي".

ورأى محمد الدليمي الخبير في مجال الطاقة المتجددة ورئيس "مركز بغداد للطاقة المتجددة "فإن "هذا المشروع...متلكئ بسبب عدم تعاون المصارف".

كما يرى علي العامري المدير التنفيذي لشركة "كوكب للطاقة الشمسية" في بغداد، أن هناك "غياب ثقافة" حول أهمية الطاقة الشمسية. هذا العام مع ذلك، كان هناك منحى تصاعدي، فقد نصبت شركته 12 منظومة ألواح للطاقة الشمسية.

وتبدأ الأسعار عند "4500 دولار" وفد تصل إلى "6 آلاف دولار"، وفق العامري.

من بين زبائنه، "أساتذة جامعات وأطباء" وكذلك منظمات إنسانية، وفق العامري، مشيراً إلى أن "عدداً كبيراً من المزارعين اعتمدوا الطاقة الشمسية في الأنبار والنجف".

وخلال السنوات الثلاث التي مرت على تأسيس الشركة، نفّذت الشركة 70 مشروعاً "أغلبها منازل"، في بغداد ومحافظة الأنبار (غرب) وجنوباً في البصرة والديوانية وفق العامري.

في أحد مواقع العمل، قال العامري وهو يتابع تثبيت 18 لوحاً للطاقة الشمسية على سطح أحد المنازل في بغداد، إن هذه "المنظومة ستؤمن 35 أمبيراً للمنزل"،وسنقدم ضماناً يمتد 15 عاماً لألواح الطاقة الشمسية.

على الرغم من ذلك، فإن الإمكانيات التي قد تنتظر العراق في هذا المجال ضخمة.

ويشرح علي الصفار الخبير في مجال الطاقة في مؤسسة روكفلر الأمريكية أن "أسوأ موقع للطاقة الشمسية في العراق قادر على توفير موارد تفوق ثلثي أفضل موقع في ألمانيا".

وبفضل الطاقة الشمسية التي "توفر إمداداً رخيصاً ونظيفاً"، وفق الصفار، "ستكون لدى البلاد الفرصة لحل نقص الكهرباء الدائم مرة واحدة وإلى الأبد".


المصدر: فرانس برس

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: للطاقة الشمسیة الطاقة الشمسیة ألف میغاواط الشمسیة فی طاقة شمسیة شمسیة فی

إقرأ أيضاً:

تنفيذ مشروع "طاقة الريف المستدامة" لاستغلال المخلفات الزراعية في توليد الطاقة النظيفة بالأقصر

أعلن محمد حسين بغدادي وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالأقصر، أن جمعية الأقصر للتنمية والتدريب، بصدد تنفيذ مشروع "طاقة الريف المستدامة" والممول من منظمة بيبول باور إنكلوجن (PPI) والسفارة الفرنسية والاتحاد الأوروبي، والذي يهدف إلى توفير حلول مستدامة للطاقة في المناطق الريفية بقرية المريس بمحافظة الأقصر، من خلال إنشاء وحدات البيوجاز واستغلال المخلفات الزراعية لتوليد الطاقة النظيفة.

 

جاء ذلك في إطار خطة الدولة للتنمية المستدامة و رؤية 2030 ونحو بيئة نظيفة  وتعظيم الاستفادة من المخلفات الزراعية وتحويلها إلى طاقة نظيفة، وتحت رعاية محافظ الأقصر المهندس عبدالمطلب عماره، وتحت إشراف مديرية التضامن الاجتماعي بالأقصر.


وأوضح وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالأقصر، أنه نظرًا لأهمية الالتزام بالمعايير البيئية والتنمية المستدامة، فقد قامت الجمعية بتشكيل لجنة الأثر البيئي لحضور الاجتماعات الدورية ومراجعة وتقييم الأثر البيئي للمشروع وضمان توافقه مع المعايير البيئية.

وأشار وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالأقصر، إلى أن اللجنة سوف تعقد 10 اجتماعات دورية على مدار عمر المشروع  ( 12 شهر ) من 1/1 / 2025  الي 31/ 12/ 2025 لضمان المتابعة المستمرة وتقييم الأداء البيئي.


وتختص لجنة الأثر البيئي بتقييم الأثر البيئي و مراجعة الدراسات والتقارير البيئية الخاصة بالمشروع ومتابعة التنفيذ والتأكد من تطبيق التدابير الوقائية للحد من التأثيرات البيئية، وتقديم التوصيات واقتراح التدابير التصحيحية لتحسين الأداء البيئي، وإجراء زيارات ميدانية لمتابعة التقدم في تنفيذ المشروع ميدانيًا، ومراجعة خطط الطوارئ: لضمان الاستعداد لمواجهة المخاطر البيئية المحتملة.


وتضم اللجنة ممثلين عن الجهات التالية لضمان التنوع والتكامل في تقييم الأثر البيئي:
وزارة التضامن الاجتماعي – لمتابعة الأثر الاجتماعي للمشروع ممثلة في محمد حسين بغدادي وكيل وزارة التضامن الاجتماعي بالأقصر، ووزارة البيئة لمتابعة الالتزام بالمعايير البيئية ممثلة في المهندس محمد رضوان حسن مدير ادارة شئون البيئة بالمحافظة، ووزارة التربية والتعليم  لنشر الوعي البيئي بين الطلاب،  د صفوت جارح وكيل الوزارة بالمحافظة، وزارة الزراعة  لدعم الاستخدام الآمن للمخلفات الزراعية ممثلة في وكيل وزارة الزراعة  دكتور جابر محمد كلحى، وجامعة الأقصر  لتقديم الدعم العلمي والبحثي، ممثلة في دكتورة رضا عطا الله مسئول التواصل المجتمعي بجامعة الاقصر، وبنك التنمية والائتمان الزراعي – لدعم التمويل الزراعي والمشروعات الصغيرة، ممثلة في المحاسب /محمد مغربى عبدالله  مدير عام الائتمان بالبنك الزراعى المصرى، والمجلس القومي للمرأة – لضمان مشاركة المرأة في المشروع وتعزيز دورها ممثلة في امانى محمد مدنى مقرر المجلس القومي للمرأة، و مسئولى الجمعية الأقصر للتنمية والتدريب – كممثل ومنفذ للمشروع، ممثلين في الدكتورة منى محمود الدكرونى مدير المشروع ، وضياء احمد عبدالله منسق المشروع، وحسين عكاشة المدير التنفيذي.

مقالات مشابهة

  • غدا .. ندوة ضبمعرض الكتاب للاحتفال بمرور 80 عاما على تأسيس الصناعية النووية الروسية
  • تكنولوجيا الأغذية: تعاون أفريقي بمجالات الطاقة الشمسية والتعبئة والتغليف
  • الإمارات تعزز ريادتها بمشاريع للطاقة الشمسية تدعم الاستدامة
  • تنفيذ مشروع "طاقة الريف المستدامة" لاستغلال المخلفات الزراعية في توليد الطاقة النظيفة بالأقصر
  • تركيب أنظمة طاقة شمسية بمقياس النيل وقصر المانسترلي بالروضة ومتحف الفن الإسلامي بباب الخلق
  • بدء تركيب أنظمة طاقة شمسية بمقياس النيل وقصر المانسترلي ومتحف الفن الإسلامي
  • المغرب يعلن عن استثمار ضخم بـ27 مليار درهم لتعزيز شبكة الكهرباء
  • الطاقة الشمسية تهزم الفحم للمرة الأولى في دول الاتحاد الأوروبي
  • "بوليتيكو": خلافات الطاقة مع الاتحاد الأوروبي تطيح بحكومة النرويج
  • الطاقة الشمسية تهزم الفحم في دول الاتحاد الأوروبي