سودانايل:
2025-03-16@12:44:46 GMT

مفاوضات جدة… نافذة الرجاء السوداني

تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT

نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط
حين تطالع عيون القراء هذه الأحرف يفترض أن تكون مفاوضات جدة بين الجيش السوداني وقوات «الدعم السريع» قد بدأت أعمالها برعاية سعودية - أميركية، بعد انقطاع استمر أكثر من 4 أشهر. وكانت المفاوضات قد بدأت بعد أسبوعين من انفجار القتال في العاصمة الخرطوم في 15 أبريل (نيسان) الماضي، وعقدت عدداً من الجولات، وتم الاتفاق على وقف إطلاق النار والتوقيع على اتفاق هدنة أكثر من مرة، لكن لم يتم الالتزام بهذه الاتفاقات، وتبادل الطرفان الاتهامات بخرقها، مما دفع الوسطاء لإعلان تجميد المفاوضات في الأول من يونيو (حزيران) الماضي؛ «لعدم جدية الطرفين».



توقفت المفاوضات... ولم يتوقف القتال منذ ذلك الوقت، وامتد إلى عدد من الولايات، وتدهورت الأوضاع في العاصمة الخرطوم بمدنها الثلاث، وتمددت سيطرة قوات «الدعم السريع» على مناطق كبيرة، بخاصة في منطقة شرق النيل التي تشمل الخرطوم بحري وضواحيها. وفقدت القوات المسلحة مناطق استراتيجية منها مصنع اليرموك للصناعات العسكرية، وقيادة الاحتياطي المركزي، وحاصرت مناطق أخرى، بينما استطاعت القوات الموجودة في سلاح المهندسين ومنطقة كرري العسكرية، بما فيها قاعدة وادي سيدنا الجوية، الصمود أمام هجمات قوات «الدعم السريع».

على الصعيد الإنساني تدهورت الأوضاع أيضاً في العاصمة والولايات بسبب نزوح مئات الآلاف من العائلات إلى المدن الأخرى، واستمرت دورة قتل المدنيين بسبب القصف العشوائي والجوي من الطرفين. لكن كان الوجه الأبرز للمعاناة الإنسانية يتمثل في عمليات السلب والنهب والاستيلاء على منازل وسيارات وممتلكات المواطنين في المناطق التي تسيطر عليها قوات «الدعم السريع»، بفعل مباشر من هذه القوات، أو بتسهيل مهمة اللصوص الذين ينهبون المنازل، ولم تنجُ معظم مناطق العاصمة من هذه العمليات، كما وقع بعضها في مناطق سيطرة الجيش.

خلال هذه الفترة انقسم المجتمع السوداني بشكل لم يحدث من قبل، وباصطفافات جديدة غير التي كانت موجودة. كان هناك مؤيدون للحرب من البداية باعتبارها ستغير خريطة توازن القوى لمصلحتهم، وستضعف القوى المدنية غير المسلحة، ويتساوى في هذا الظن قيادات «الدعم السريع»، والمجموعات المسيسة المنتمية لنظام الإنقاذ داخل المؤسسة العسكرية. ويمكن القول إن هؤلاء لم يكونوا أغلبية، ثم تسببت ممارسات قوات «الدعم السريع» في تحول مواقف مجموعات أخرى من القوى الاجتماعية المدنية التي انحازت للقوات المسلحة وصارت تدعم استمرار الحرب حتى القضاء على قوات «الدعم السريع». وشهدت وسائل التواصل الاجتماعي حرباً أخرى بين المجموعات المختلفة، لم تكن حدتها أقل من حدة المعارك الميدانية. مؤيدو استمرار الحرب، يصنفون كل من يعارضون الحرب من البداية بأنهم خونة وداعمون لقوات «الدعم السريع»؛ لأنهم يستقوون بها في مواقفهم السياسية، ويخافون من انتصار الجيش عليها. وأنصار شعار «لا للحرب»، أو بعضهم على الأقل، من جانبهم، يصنفون كل مؤيد لاستمرار الحرب باعتباره مؤيداً لفلول النظام السابق وداعماً لمخططهم للقفز على السلطة عبر دبابات القوات المسلحة.

بالتأكيد كانت هناك أصوات هنا وهناك تحاول أن تدفع بعدد من الأسئلة والاحتمالات لعقلنة الحوار والنقاش الدائر، ومن ثم محاولة بناء المواقف على هذا الأساس العقلاني. فالموقف على الأرض كان من الوضوح لكل عاقل يريد أن يقرأ بعقله، لا بعواطفه، قوات «الدعم السريع» تتقدم وتحتل مواقع جديدة، وقوات الجيش تتمترس في قواعدها العسكرية من دون محاولة الخروج. ورأى كثيرون أن استمرار الحرب بهذه الطريقة وانتصار قوات «الدعم السريع» قد يعني وبشكل واضح لا لبس فيه انهيار الدولة السودانية وتمزقها، وأن وقف الحرب والاتجاه للتفاوض سيحافظان على ما تبقى من عظم الجيش السوداني ليتم البناء عليه بعد عملية إصلاح شاملة تضمن بناء جيش قومي مهني موحد.

وكان واضحاً كذلك أن قوات «الدعم السريع» قد منيت بخسائر فادحة، واستعانت بمقاتلين قبليين يعملون على أساس الغنائم التي ينهبونها، وليس على أساس أي جيش نظامي، وكان هذا ما شكل خطورة على القوات نفسها، لذلك صارت تكرر ترحيبها بالتفاوض.

من ناحية أخرى، فقد كانت قيادة الجيش المحاصرة داخل القيادة العامة خاضعة لابتزاز الإسلاميين وضغوطهم لاستمرار الحرب التي وظفوا لها كتائب منظمة تعمل على وسائل التواصل الاجتماعي، وتجرم أي دعوة للتفاوض.

خروج الفريق عبد الفتاح البرهان من حصار القيادة العامة، ومن ثم تبعه خروج الفريق شمس الدين الكباشي، والفرصة التي أتيحت للبرهان لمقابلة رؤساء وزعماء دول المنطقة، ومتابعة ردود الفعل المحلية والإقليمية والعالمية، وقراءة الواقع الميداني، ساعد في اتخاذ القرار الذي تأخر كثيراً باستئناف التفاوض، وربما احتاج الأمر لتهيئة الأجواء داخل القوات المسلحة، وإجراء حوار داخلي، يحترم مشاعر الجنود والضباط الذين ودعوا إخوة وزملاء استشهدوا في هذه الحرب، ويعمل في الوقت نفسه على المحافظة على أرواح ودماء أبناء الشعب السوداني من النظاميين والمدنيين.

هذا التفاوض يفتح نافذة للأمل بأن تتوقف الحرب بأسرع ما يمكن، وتنصرف جهود السودانيين لمداواة الجراح ومعالجة أسباب الحرب، والاتجاه لبناء بلد دمرته مطامع وأهواء بعض أبنائه، قبل إلقاء اللوم على القوى الخارجية، وهي مهمة عسيرة بالتأكيد، ولن تتحقق بخطوة واحدة، لكنها تبدأ بهذه الخطوة... لعل وعسى.

https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A3%D9%8A/4633046-%C2%AB%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%AA-%D8%AC%D8%AF%D8%A9%C2%BB-%D9%86%D8%A7%D9%81%D8%B0%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AC%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86%D9%8A  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع تختطف طبيباً في شمال كردفان بعد هجوم مسلح على منطقة «أم سيالة»

الشبكة دعت المنظمات الأممية والدولية إلى ممارسة الضغط على قوات الدعم السريع لوقف استهداف الكوادر الطبية، مؤكدةً أهمية دورهم في إنقاذ الأرواح واستقرار الأوضاع الصحية في مناطق النزاع. 

الخرطوم: التغيير

أعلنت شبكة أطباء السودان اختطاف الطبيب مالك إبراهيم من قِبل قوة تابعة لقوات الدعم السريع بعد هجوم نفذته الأخيرة على منطقة “أم سيالة” بولاية شمال كردفان.

وأوضحت الشبكة في منشور على منصة (فيسبوك) اليوم الخميس، أن الطبيب اختُطف من مكان عمله واقتيد إلى جهة غير معلومة.

وأدانت ما وصفته بالاستهداف الممنهج للأطباء والكوادر الطبية من قِبل قوات الدعم السريع، مشيرةً إلى تصاعد عمليات الخطف والاعتقال القسري والقتل بحق العاملين في المجال الطبي منذ اندلاع الحرب في السودان.

كما طالبت بالإفراج الفوري عن الطبيب وحمّلت الجهة التي قامت باختطافه المسؤولية الكاملة عن سلامته.

ودعت الشبكة المنظمات الأممية والدولية إلى ممارسة الضغط على قوات الدعم السريع لوقف استهداف الكوادر الطبية، مؤكدةً أهمية دورهم في إنقاذ الأرواح واستقرار الأوضاع الصحية في مناطق النزاع.

ومنذ اندلاع الحرب في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، تفاقمت الأوضاع الأمنية والإنسانية في مناطق عدة، لا سيما في دارفور وكردفان والعاصمة الخرطوم.

وتواجه الكوادر الطبية تحديات متزايدة بسبب تكرار الهجمات على المستشفيات والمرافق الصحية، إلى جانب عمليات الاعتقال والخطف التي طالت عددًا من الأطباء والمتطوعين في المجال الصحي.

وقد أصدرت منظمات حقوقية وتقارير دولية تحذيرات متكررة بشأن الانتهاكات التي يتعرض لها العاملون في المجال الطبي، مطالبةً بحمايتهم وضمان قدرتهم على أداء مهامهم في ظل النزاع المستمر.

الوسومآثار الحرب في السودان جرائم وانتهاكات قوات الدعم السريع شبكة أطباء السودان ولاية شمال كردفان

مقالات مشابهة

  • تقرير لـ «الأمم المتحدة» يكشف فظائع بمعتقلات الدعم السريع و الجيش بالخرطوم
  • الجيش السوداني يقترب من القصر الجمهوري ويسيطر على أحياء جديدة في الخرطوم
  • الجيش السوداني: سيطرنا على موقف شروني المؤدي للقصر الجمهوري وسط الخرطوم
  • الجيش السوداني يتقدم بالفاشر والدعم السريع يقتل 8 مدنيين بالخرطوم
  • عثمان ميرغني يوضح كيف طور الجيش السوداني قدراته للتصدي للدعم السريع
  • الجيش يحرر منطقة حدودية جديدة من قبضة الدعم السريع
  • هدوء حذر في العاصمة السودانية بعد تضييق الخناق على الدعم السريع وسط الخرطوم
  • الدعم السريع تختطف طبيباً في شمال كردفان بعد هجوم مسلح على منطقة «أم سيالة»
  • الجزيرة نت تكشف آخر مناطق سيطرة الدعم السريع بالخرطوم
  • الجيش السوداني: مقتل 5 أطفال برصاص "الدعم السريع" في الفاشر ‎