الصباح الجديد -
في (الدراما) مرحلة الذروة (climax هي المرحلة الأخيرة والتي بعدها تُحل (العُقدة) وتنتهي فصول العمل الدرامي، ويبدو أن الحرب العبثية في السودان وصلت إلى هذه المرحلة التي تتوالى فيها الأحداث عاصفة قبل أن تصفو السماء بعد كدرتها.
في زاوية سابقة تحدثنا عن قرب إنتهاء شهر العسل بين قيادة الجيش والحركة الإسلامية التي يقودها علي كرتي فالأخير لم يستطع الإيفاء بكل وعوده للجيش وحملات الاستنفار دعائية ولم تدفع بقوة إحتياطية مقاتلة مساندة تحرك ساكن الفعل العملياتي ، في وقت عادت فيه روح التعالي القديمة لدى (المجاهدين) في مواجهة (العساكر) لتسود حالة من فقدان الثقة وتعلو المظان بين القوات.
وبدا واضحاً أن قيادة الجيش عندما رأت أنها تسير في الطريق نحو الهاوية، قررت العودة للتفاوض لتحافظ على ما تبقى من الحاميات وتكسب وقتاً لتنظيم صفوفها، وبالتالي لن تقطع ما تبقى من شعرة معاوية مع الإسلاميين أو (المستنفرين) فهم وقودها لحين ترتيب الأوضاع ، وقد يصل التفاهم بينها والدعم السريع للتوقيع على وقف لاطلاق النار لمدى ستة أشهر وهي كفيلة بـ(خم النفس) واعادة الأمور لنصابها.
في المقابل تحاول قوات الدعم السريع فرض واقع جديد بالهجوم على الحاميات العسكرية في الولايات لتعزيز موقفها التفاوضي ليتزامن ذلك مع صوت داخل الدعم السريع متسائل عن دوره ما بعد الحرب خاصة وأن هناك تخوف من أن التحالفات السياسية الحالية هشة ولا تقوى على خلق وضعية لقوات قدمت تضحيات جسام فيما يتعلق بأهدافها المزعومة ، ووجد هذا الخط تغذية من طامحين داخل الدعم ورفع عقيرته بشدة.
يحدث ذلك والجبهة المدنية لوقف الحرب ما زالت في طور التشكيل .. صحيح أن المناخ مواتياً أمام القوى الثورية الديمقراطية لإعادة هيبتها بتوافق وحدوي يخرجها من مأزق الحرب ويضع حداً فاصلاً لتراكمات عجز سياسي ظل ملازم لها نتيجة التعقيدات التي (تكتفها) ، فالكتلة الديمقراطية فرزت (عيشتها) وما زال جبريل إبراهيم وزير مالية للبرهان ومناوي حاكماً لدارفور يجاري السلطة في بورتسودان والبقية حرقوا مع الحرب وجهودهم لإطفاءها محل تشكيك ومظان مثلهم مثل التوم هجو وترك ومن لف لفهم.. لكن أيضاً غياب قوى فاعلة ومؤثرة من الجبهة المدنية كحزبي البعث والشيوعي لا يجعل بتمددها في الداخل سهلاً فالحرب في السودان وليست خارجه.
هذه التعقيدات ربما تحفز كرتي والتيارات المختلفة معه داخل المؤتمر الوطني المحلول لإيجاد حل بمغازلة الاسلاميين داخل الدعم السريع خاصة وأن لديهم مفاتيح كثيرة ..صحيح المتشددين داخل الحركة وأدوا أكثر من محاولة قادها زعماء قبائل في هذا المنحى لكن المضطر قد يركب الصعب..ليس من السهولة أن تستجيب قوات الدعم السريع لذلك لكن في كثير من الأحيان الطموح في السياسة السودانية هو الذي يحدث الفارق فمعظم الصراعات والنزاعات في السودان هي على كرسي السلطة.
هذا الخيار قد يجد القابلية من الأطراف المتنازعة إذا لم تتوحد القوى المدنية بالسرعة المطلوبة وتخرج من مطب الخلافات الضيقة الى رحاب الرؤى الاستراتيجية وإتخاذ التدابير العقلانية الرامية للوصول للهدف السامي وهو وقف الحرب وبدء العملية السياسية وصولاً للتحول الديمقراطي (وما شهدنا إلا بما علمنا).
الجريدة
///////////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
ماذا تعرف عن الشبكة الشبابية للمراقبة المدنية في السودان؟
لم يكن سقوط نظام البشير سوى البداية الفعلية لدور الأجيال الجديدة من الشباب السوداني في مساعي إحداث التغيير والانتقال الديمقراطي، رغم التحديات الجسيمة التي لا تزال تواجه البلاد.
التغيير : بروفايل: فتح الرحمن حمودة
منذ اندلاع ثورة ديسمبر، برزت العديد من الأجسام الشبابية المدنية التي واصلت العمل بلا انقطاع لتحقيق رؤى السودان الجديد. في هذا السياق، تأتي الشبكة الشبابية للمراقبة المدنية كواحدة من هذه المبادرات الشبابية الفاعلة.
وفي ظل تطورات المشهد السياسي والظروف الاستثنائية التي ما زال يشهدها السودان منذ الإطاحة بنظام البشير في أبريل 2019، وحتى اندلاع حرب “الجنرالات” المستمرة حاليًا، برزت الشبكة كمنصة رائدة تعمل على توحيد جهود الشباب السودانيين والشابات في مراقبة الوضع الأمني والسياسي والإنساني في البلاد.
التأسيس والبداياتتأسست الشبكة كفكرة تحمل طموحًا كبيرًا للجمع بين المنظمات الشبابية ولجان المقاومة ومكونات المجتمع المدني في مختلف مدن وولايات السودان. هدفها الرئيسي هو تحقيق تحول مدني ديمقراطي وشفاف ومستدام.
بدأت الشبكة كمشروع في يناير 2020 بهدف ربط المنظمات الشبابية ولجان المقاومة، وأجرت سلسلة من المقابلات مع الشباب لتحديد أولوياتهم ومخاوفهم وتصوراتهم للتحول المدني الديمقراطي في السودان. أسفرت هذه اللقاءات عن تقرير شامل يعكس القضايا الملحة للشباب، ما مهد الطريق لتأسيسها ككيان رسمي.
رغم التحديات التي فرضها انقلاب أكتوبر 2021، واصلت الشبكة مراحل تأسيسها كقوة محورية لتعزيز الشفافية وحقوق الإنسان والديمقراطية. بعد اندلاع الحرب في 15 أبريل، أطلقت الشبكة عملية مراقبة ميدانية واسعة للانتهاكات أثناء الحرب، وظلت تغطي كل ولايات السودان بدقة ومهنية.
الرؤية والإدارةتنطلق الشبكة من رؤية تهدف إلى تعزيز مبدأ الحكم الرشيد وترسيخ الديمقراطية الاجتماعية، مع تمكين الشباب ليصبحوا حجر الزاوية في بناء مستقبل قائم على الحرية والسلام والعدالة. كما تسعى إلى معالجة انتهاكات حقوق الإنسان، تعزيز الشفافية، ودعم مبادرات السلام لتحقيق رفاهية الشعب السوداني وخلق مجتمع أكثر شمولاً.
تدار الشبكة بواسطة مكتب تنفيذي يرأسه الأمين العام، ويدعمها مجلس إداري يضم 18 منظمة تمثل أصحاب المصلحة من بين 742 كيانًا شبابيًا تحت مظلتها. تضم الشبكة مكاتب متخصصة تشمل وحدة التقارير والأبحاث، مكتب المناصرة، قسم الإعلام، ووحدة التدريب وبناء القدرات.
فريق المراقبين والنجاحاتتمتلك الشبكة فريقًا من المراقبين الميدانيين المنتشرين في مختلف محليات السودان لرصد الانتهاكات وتوثيق تأثير الحرب على المدنيين، خصوصًا في مناطق الاقتتال الرئيسية. تعتمد تقاريرها على مصادر مباشرة من الميدان، مما عزز مصداقيتها وأصبحت مرجعًا رئيسيًا للعديد من المنظمات المحلية والدولية.
من أبرز نجاحات الشبكة إصدار تقارير دورية توثق تأثيرات الحرب في السودان، ودعوتها لتقديم إحاطة حول السودان في مجلس الأمن بتاريخ 28 أكتوبر الماضي، بدعوة من البعثة السويسرية. تمثل الشبكة الآن مصدرًا موثوقًا في مجال حقوق الإنسان، وتعد تقاريرها مرجعًا للمنظمات الإنسانية والفاعلين الإقليميين والدوليين.
تقاريرها المتنوعة والتحدياتمنذ مايو 2023، تصدر الشبكة تقارير شهرية تسلط الضوء على أوضاع حقوق الإنسان، النزوح، والهجرة، إلى جانب التداعيات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للحرب. كما أنتجت وحدة الأبحاث تقارير متخصصة تناولت قضايا مثل مرور عام على الحرب، تأثير تعدد الجيوش في شرق السودان، ومفاوضات السلام المتعثرة، إضافة إلى تقارير عن الأزمة الإنسانية وتنفيذ تعهدات جنيف بشأن فتح المسارات الإنسانية.
رغم المخاطر الأمنية التي تواجه المراسلين ومصادر المعلومات، وتعطل شبكات الاتصالات في بعض المناطق، تواصل الشبكة عملها لنقل تأثيرات الحرب على السودانيين وتضخيم الأصوات الداعية للسلام. بفضل تفاني أعضائها وشراكاتها القوية، تسعى الشبكة إلى مواصلة دورها المحوري في تعزيز السلام والديمقراطية من خلال توحيد جهود الشباب وبناء مجتمع يقوم على الشفافية والحقوق والمشاركة الفعالة.
الوسومالشباب في السودان الشبكة الشبابية للمراقبة المدنية حقوق الإنسان وقف الحرب