هجمات المستوطنين "تصب الزيت على النار" مع احتدام حرب غزة
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
يقول محمد وادي، الذي يملأه الحزن على مقتل والده وشقيقه، إن المستوطنين الإسرائيليين المسلحين في المواقع الاستيطانية المطلة على قريته في الضفة الغربية لم يعودوا يطلقون النار على الأرجل، وهم يصوبون على جيرانهم الفلسطينيين، بل "يطلقون النار الآن بهدف القتل".
وتصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة، التي وصلت بالفعل هذا العام إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 15 عاماً، بعد أن شنت إسرائيل حرباً جديدة على قطاع غزة رداً على أعنف هجوم تشنه حركة حماس في تاريخ إسرائيل في 7 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وفي 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد أيام من هجوم حماس، قُتل والد وادي وشقيقه بالرصاص عندما اعترض مستوطنون وجنود إسرائيليون مسلحون جنازة 3 فلسطينيين قتلهم مستوطنون في اليوم السابق، حسبما قال مراسلان من رويترز و3 شهود آخرون. وكان هذا واحداً من أكثر من 170 هجوماً للمستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين سجلتها الأمم المتحدة منذ عملية حماس.
Mourning his father and brother, Mohammed Wadi says armed Israeli settlers from outposts overlooking his olive-growing West Bank village no longer aim low when they shoot at Palestinian neighbors. ‘Now, they shoot to kill, he said https://t.co/Fa0EWcUI38
— Reuters (@Reuters) November 2, 2023وقال وادي (29 عاماً) في قرية قُصرة التي تشتهر بزراعة الزيتون "كان العرب واليهود يرشقون بعضهم بالحجارة. ويبدو أن المستوطنين في نفس عمري يحملون جميعاً أسلحة آلية الآن"، وأضاف أن المستوطنين المسلحين كانوا قبل 10 سنوات يطلقون النار لتخويف القرويين، أو إصابتهم في أثناء المواجهات، إلا أن إطلاق النار أصبح في مقتل على نحو متزايد.
ولم تتمكن رويترز من تحديد هوية من أطلق النار على والد وادي وشقيقه بشكل قاطع. وقال المسؤولون الفلسطينيون الذين حققوا في واقعة الجنازة إن إطلاق النار جاء على ما يبدو من مستوطنين، وليس من جنود، وهو رأي أيده 3 أشخاص آخرون كانوا يشيعون الجنازة.
وقالت رئيسة مجلس يشع، المنظمة الرئيسية للمستوطنين في الضفة الغربية، شيرا ليبمان إن "المستوطنين لم يشاركوا في عمليات قتل، ولا يستهدفون الفلسطينيين".
وقال وزير الأمن الوطني الإسرائيلي اليميني المتشدد، إيتمار بن غفير وهو واحد من وزيرين كبيرين على الأقل في الحكومة يعيشان في المستوطنات، إنه أمر بشراء 10 آلاف بندقية لتسليح المدنيين الإسرائيليين، ومن بينهم مستوطنون، بعد هجوم حماس.
ولم يرد مكتب بن غفير على طلب للتعليق، عما إذا كانت الأسلحة قد وزعت بالفعل في الضفة الغربية. وقال على تويتر في 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إنه تم توزيع 900 بندقية هجومية في مناطق شمال الضفة الغربية بالقرب من لبنان، وسيتم توزيع آلاف أخرى قريباً.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن هجمات المستوطنين أسفرت عن مقتل 29 شخصاً هذا العام. ووقع 8 منها على الأقل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مما أثار قلق الفلسطينيين وخبراء الأمن الإسرائيليين والمسؤولين الغربيين.
ونددت واشنطن بهجمات المستوطنين في الضفة الغربية، كما أدان الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء "إرهاب المستوطنين" الذي ينذر "بتصعيد خطير للصراع".
وتظهر بيانات الأمم المتحدة أن هجمات المستوطنين اليومية تضاعفت لأكثر من مثليها، منذ أن قتلت حماس 1400 إسرائيلي واحتجزت أكثر من 200 رهينة. ومنذ ذلك الحين، تقصف إسرائيل قطاع غزة وتتوغل فيه، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من 9 آلاف فلسطيني.
وفي حين تسيطر حماس على قطاع غزة المحاصر، فإن الضفة الغربية عبارة عن خليط معقد من المدن الواقعة على سفوح التلال والمستوطنات الإسرائيلية ونقاط التفتيش العسكرية التي تقسم التجمعات السكنية الفلسطينية.
القتل في الجنازةوبعد أن قتل مستوطنون 3 فلسطينيين بالرصاص في بستان للزيتون بالقرب من قُصرة في 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال وادي إن شقيقه أحمد ووالده إبراهيم اعتقدا أن من واجبهما المشاركة في الجنازة، بعد إحضار الجثث من مستشفى قريب.
وقال المراسلان من رويترز والشهود الثلاثة الآخرون إن "والد وادي أصيب برصاصة في الصدر، بينما أصيب شقيقه في الرقبة والصدر، بعد أن قطع مستوطنون مسلحون، في حضور جنود يرتدون الزي الرسمي، طريق الجنازة". وقال عبد الله أبو رحمة الذي يعمل في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة للحكومة الفلسطينية "كان إطلاق نار من المستوطنين".
تقرير: عنف المستوطنين في #الضفة_الغربية يهدد إسرائيل https://t.co/RKN6dDZ7uh
— 24.ae (@20fourMedia) October 31, 2023وذكر الجيش الإسرائيلي أنه حاول فض اشتباكات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في ذلك اليوم وأنه يحقق في الحادث. ونفت ليبمان تورط المستوطنين في عمليات القتل، في حين قالت إحدى الصفحات المحلية باللغة العبرية على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تدعم النشطاء من المستوطنين إن الجيش الإسرائيلي أطلق النار على وادي الأب وابنه.
وقالت ليبمان "تلقينا ما يكفي من الهجمات الإرهابية الوحشية. نواجه عدواً يريد تدميرنا"، لتؤكد على مخاوف أمنية واسعة النطاق بين الإسرائيليين عقب هجوم حماس، وأضافت "فرق الأمن المحلية مجهزة لحماية التجمعات السكنية اليهودية".
ومنذ أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، زاد بوضوح تأييد الفلسطينيين في الضفة الغربية لحماس، بما يشمل مناطق لم تكن تحظي فيها الحركة بشعبية كبيرة عادة. ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، هذا العام هو الأكثر دموية في 15 عاماً على الأقل بالنسبة لسكان الضفة الغربية، إذ قُتل نحو 200 فلسطيني و26 إسرائيلياً. لكن في الأسابيع الثلاثة التي تلت هجوم حماس قُتل 121 فلسطينياً آخرين في الضفة الغربية.
وسقط معظم القتلى خلال اشتباكات مع الجنود، ومع ذلك، تؤجج تصرفات المتطرفين الإسرائيليين الغضب الفلسطيني الذي يقول مراقبون إنه قد يتحول إلى المزيد من الأعمال المسلحة.
وصرح الجيش الإسرائيلي بأنه يحاول وقف العنف وحماية المدنيين الفلسطينيين. ورداً على أسئلة رويترز عن هجمات المستوطنين، قال متحدث "الأمر يضر بالأمن هنا. هذه... الحوادث تؤدي لمزيد من الاشتباكات والناس تنفذ القانون بأيديها".
خطر داهمويقول خبراء أمن إسرائيليون، إن العنف المرتبط بالمستوطنين أصبح من الصعب وقفه في ظل الحرب المستمرة في غزة والقوة المتزايدة للسياسيين من اليمين المتطرف، وقال ليئور أكرمان المسؤول السابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت): "هناك خطر داهم (من) نشطاء اليمين المتطرف في الضفة الغربية".
وذكر أن المستوطنين يستغلون انتشار الجنود في غزة وشمال إسرائيل، حيث تقاتل القوات جماعة ميليشيا حزب الله الإرهابية، لشن هجمات بدون قيود. وأردف قائلاً "الجيش أكثر انشغالاً الآن مما يسمح (للمستوطنين) بالعمل بحرية"، وأضاف "إنهم يتلقون الدعم أيضاً من ممثلي الحكومة... مما يجعل الأمر صعباً على الأجهزة الأمنية".
وعيّن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وزراء يمينيين متطرفين، من بينهم بن غفير، في حكومته العام الماضي لضمان فترة أخرى في المنصب، وقال مسؤول كبير في الحكومة الإسرائيلية طلب عدم نشر اسمه "الإرهاب الفلسطيني المتفرق (في الضفة الغربية)، هو ما يزيد من صعوبة إبقاء الأمور تحت السيطرة".
وفي إشارة إلى أن حوادث المستوطنين تثير قلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، أمرت وزارة الدفاع هذا الأسبوع بالاعتقال الإداري لأرييل دانينو، وهو من نشطاء المستوطنين البارزين لأسباب تتعلق بأمن الدولة، وهو إجراء عادة ما كان يتخذ ضد النشطاء الفلسطينيين.
امنحونا السلاحويقول وادي إن عائلته تتجنب العمل المسلح، وترى تصاعداً في الأعمال العدائية للمستوطنين، ويعمل وادي في هيئة حكومية فلسطينية تراقب عنف الجنود والمستوطنين، وأضاف أن والده إبراهيم كان مسؤولاً محلياً حاول التوسط بين السلطات الإسرائيلية والفلسطينية، للحد من العنف وكان مكروهاً من المستوطنين المتطرفين.
وذكر أكرمان أن عنف المستوطنين يهدد بتفجير أعمال مسلحة من جيل جديد من النشطاء الفلسطينيين، ظهر في الضفة الغربية من بينهم مجموعة عرين الأسود التي دعت يوم الثلاثاء إلى شن هجمات على إسرائيل.
وقال مراسل من رويترز إن مسلحين فلسطينيين اعتلوا سطح أحد المنازل لمراقبة الجنازة، التي أقيمت بعد مقتل والد وادي وشقيقه في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تحسباً على ما يبدو لأي أعمال عنف من المستوطنين.
وحتى الآن لم يتم اتخاذ أي إجراء كبير، إذ يقيد الجيش الإسرائيلي تحركات الفلسطينيين في أرجاء الضفة الغربية واعتقل مئات الرجال منهم، وجلس وادي تحت ملصق يخلد ذكرى والده وشقيقه في قُصرة الأسبوع الماضي، وفحص هاتفه بحثاً عن تهديدات بقتل سكان القرية الفلسطينيين على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي باللغة العبرية.
وقال إنه يشعر بأنه محاصر. ويبدو أن إقامة مستوطنة يحيط بها جدار كبير في الجهة المقابلة لقُصرة يلوح في الأفق، وتوجد مستوطنتان أخريان على التلال فوق مزارع الزيتون في القرية، وعبر عبد الله، أحد سكان قُصرة والذي ذكر اسمه الأول فقط، عن غضبه المتزايد. وقال "أنا مستعد لحمل السلاح لو حصلنا عليه".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الضفة الغربية هجمات المستوطنین الجیش الإسرائیلی فی الضفة الغربیة الأمم المتحدة المستوطنین فی من المستوطنین تشرین الأول هجوم حماس أکثر من
إقرأ أيضاً:
الضفة الغربية في مواجهة المجهول!
خلال الخمسة عشر شهرا المريرة من حرب غزة كانت غالبية وسائل الإعلام، العربية والعالمية، مُنشغلة بمجريات الحرب «الإسرائيلية» ضد المدنيين العزل، وتحاول جاهدة نقل بعض الحقيقة، ولكن غالبية تلك الوسائل الإعلامية تغاضت «مرغمة» عمّا يجري في الضفة الغربية لانشغالها بنقل بعض المجازر الصهيونية في قطاع غزة!
وتُشكّل الضفة أكثر من 20 بالمائة من مساحة فلسطين، وتضمّ الجزء الشرقي من مدينة القدس، ومدن الخليل، ونابلس، وجنين، وطولكرم، ورام الله، وبيت لحم وأريحا، وطوباس وتقع تحت سيطرة السلطة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس!
والهجمات «الإسرائيلية» بالطائرات المسيّرة والصواريخ والاقتحامات مستمرّة ضد الضفة وبقسوة كبيرة، وقد أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، في الثالث من الشهر الجاري، عن سقوط (905) شهداء في الضفة بينهم (182) طفلا منذ السابع من أكتوبر 2023!
ويبدو أن الجهد العسكري «الإسرائيلي»، بعد غزة، توجّه للضفة، وقد وَثّقت «هيئة مقاومة الاستيطان» (2161) اعتداء صهيونيا خلال يناير الماضي في الضفة!
والتركيز «الإسرائيلي» على «جنين، وطولكرم، وطوباس» ومخيّماتها دليل على خطّة استيطانية جديدة، وبالذات مع تهجير غالبية السكان!
وقد ركّز الاحتلال في مجازره بوضوح على جنين، ومجازره هناك لا تقلّ بشاعة عن تلك التي وقعت في غزة إلا من حيث عدد الشهداء وحجم التدمير!
ونفّذت «إسرائيل» في جنين في الأول من هذا الشهر، أكبر عملية تفجير لمربّعات سكنية منذ العام 2002 وطالت (20) منزلا، ولهذا لم يَبْق في جنين سوى (70) عائلة دون أي تواصل مع الخارج، فيما أُجبر نحو 48 بالمائة من سكان مخيّم طولكرم على النزوح، منذ «طوفان الأقصى»!
ولم يكن موقف أهالي الضفة أقل بطولة وبسالة من الغزّيين، وشهدت الضفة خلال الشهر الأول من العام الحالي تصعيدا نادرا من المقاومة الشعبية، وكانت حصيلتها، وفقا لمركز معلومات فلسطين «معطي»، مقتل ستة جنود «إسرائيليين» وجرح (40) آخرين!
ووثّق المركز (522) عملاً مقاوماً وشعبياً، وكذلك (50) اشتباكاً مسلّحاً و(20) عملية إطلاق نار، و(94) عملية زرع عبوات ناسفة، وإعطاب سبع آليات عسكرية.
وبخصوص المظاهرات وأعمال المقاومة الشعبية، قال المركز إنها بلغت (346) عملاً، فيما تَصدّت المقاومة لنحو (45) اعتداءً من المستوطنين!
وتواصل المسيّرات الصهيونية قصفها للمدنيين في جنين، وبمعدّل شهيدين يوميا خلال الأسبوعين الماضيين، بالإضافة إلى عشرات الجرحى، ودمّرت أكثر من (150) منزلا بشكل كلّي!
ويبدو أن التعطّش الصهيوني للدماء لا يمكن إشباعه بسهولة، فبعد مذابحها في غزة عادت «إسرائيل» لنقل تجاربها الإرهابية إلى مدن فلسطينية أخرى، وكأنّ قتلها لأكثر من (50) ألف مدني غَزّيّ لم يَرْو إرهابها وعطشها من دماء الفلسطينيين!
ومع ازدياد هذه الهجمات حذّرت الرئاسة الفلسطينية من انفجار لا يمكن السيطرة عليه، وخصوصا مع إصرار «إسرائيل» على توغّلها البرّيّ في الضفة، وتفجيرها لأحياء كاملة في المخيّمات وتهجيرها للمدنيين العزل، وكأنها تنفّذ خطّة استيطانية جديدة ومدروسة!
وطالب الرئيس عباس، يوم الثاني من شباط/فبراير الحالي، بعقد جلسة طارئة وعاجلة لمجلس الأمن الدولي، لوقف «العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني»!
وأعتقد أن الأيام القليلة المقبلة، وبالذات مع زيارة نتنياهو الحالية لواشنطن، والدعم المذهل الذي أظهره الرئيس ترامب «لإسرائيل»، ستكون الفيصل في معرفة المخطّطات «الإسرائيلية» الجديدة بالمنطقة، والتي تحاول من خلالها «تغيير» شَكْل الشرق الأوسط!
إن «إسرائيل» تحاول، وبخطط متنوّعة ومتجدّدة، كسر إرادة الشعب الفلسطيني وقهره، وقلب حياتهم إلى جحيم مستمرّ، ورُعْب مُمِيت لتحقيق أهدافها التوسعية!
المخطّطات الصهيونية مصيرها الفشل لأن إيمان الفلسطينيين أكبر من مؤامراتهم الخبيثة، والنصر سيتحقّق لفلسطين وأهلها ولو بعد حين!
الشرق القطرية