يقول محمد وادي، الذي يملأه الحزن على مقتل والده وشقيقه، إن المستوطنين الإسرائيليين المسلحين في المواقع الاستيطانية المطلة على قريته في الضفة الغربية لم يعودوا يطلقون النار على الأرجل، وهم يصوبون على جيرانهم الفلسطينيين، بل "يطلقون النار الآن بهدف القتل".

وتصاعدت أعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة، التي وصلت بالفعل هذا العام إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 15 عاماً، بعد أن شنت إسرائيل حرباً جديدة على قطاع غزة رداً على أعنف هجوم تشنه حركة حماس في تاريخ إسرائيل في 7 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وفي 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد أيام من هجوم حماس، قُتل والد وادي وشقيقه بالرصاص عندما اعترض مستوطنون وجنود إسرائيليون مسلحون جنازة 3 فلسطينيين قتلهم مستوطنون في اليوم السابق، حسبما قال مراسلان من رويترز و3 شهود آخرون. وكان هذا واحداً من أكثر من 170 هجوماً للمستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين سجلتها الأمم المتحدة منذ عملية حماس.

Mourning his father and brother, Mohammed Wadi says armed Israeli settlers from outposts overlooking his olive-growing West Bank village no longer aim low when they shoot at Palestinian neighbors. ‘Now, they shoot to kill, he said https://t.co/Fa0EWcUI38

— Reuters (@Reuters) November 2, 2023

وقال وادي (29 عاماً) في قرية قُصرة التي تشتهر بزراعة الزيتون "كان العرب واليهود يرشقون بعضهم بالحجارة. ويبدو أن المستوطنين في نفس عمري يحملون جميعاً أسلحة آلية الآن"، وأضاف أن المستوطنين المسلحين كانوا قبل 10 سنوات يطلقون النار لتخويف القرويين، أو إصابتهم في أثناء المواجهات، إلا أن إطلاق النار أصبح في مقتل على نحو متزايد.

ولم تتمكن رويترز من تحديد هوية من أطلق النار على والد وادي وشقيقه بشكل قاطع. وقال المسؤولون الفلسطينيون الذين حققوا في واقعة الجنازة إن إطلاق النار جاء على ما يبدو من مستوطنين، وليس من جنود، وهو رأي أيده 3 أشخاص آخرون كانوا يشيعون الجنازة.

وقالت رئيسة مجلس يشع، المنظمة الرئيسية للمستوطنين في الضفة الغربية، شيرا ليبمان إن "المستوطنين لم يشاركوا في عمليات قتل، ولا يستهدفون الفلسطينيين".

وقال وزير الأمن الوطني الإسرائيلي اليميني المتشدد، إيتمار بن غفير وهو واحد من وزيرين كبيرين على الأقل في الحكومة يعيشان في المستوطنات، إنه أمر بشراء 10 آلاف بندقية لتسليح المدنيين الإسرائيليين، ومن بينهم مستوطنون، بعد هجوم حماس.

ولم يرد مكتب بن غفير على طلب للتعليق، عما إذا كانت الأسلحة قد وزعت بالفعل في الضفة الغربية. وقال على تويتر في 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إنه تم توزيع 900 بندقية هجومية في مناطق شمال الضفة الغربية بالقرب من لبنان، وسيتم توزيع آلاف أخرى قريباً.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن هجمات المستوطنين أسفرت عن مقتل 29 شخصاً هذا العام. ووقع 8 منها على الأقل منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مما أثار قلق الفلسطينيين وخبراء الأمن الإسرائيليين والمسؤولين الغربيين.

ونددت واشنطن بهجمات المستوطنين في الضفة الغربية، كما أدان الاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء "إرهاب المستوطنين" الذي ينذر "بتصعيد خطير للصراع".

وتظهر بيانات الأمم المتحدة أن هجمات المستوطنين اليومية تضاعفت لأكثر من مثليها، منذ أن قتلت حماس 1400 إسرائيلي واحتجزت أكثر من 200 رهينة. ومنذ ذلك الحين، تقصف إسرائيل قطاع غزة وتتوغل فيه، مما أسفر عن مقتل ما يقرب من 9 آلاف فلسطيني.

وفي حين تسيطر حماس على قطاع غزة المحاصر، فإن الضفة الغربية عبارة عن خليط معقد من المدن الواقعة على سفوح التلال والمستوطنات الإسرائيلية ونقاط التفتيش العسكرية التي تقسم التجمعات السكنية الفلسطينية.

القتل في الجنازة

وبعد أن قتل مستوطنون 3 فلسطينيين بالرصاص في بستان للزيتون بالقرب من قُصرة في 11 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قال وادي إن شقيقه أحمد ووالده إبراهيم اعتقدا أن من واجبهما المشاركة في الجنازة، بعد إحضار الجثث من مستشفى قريب.

وقال المراسلان من رويترز والشهود الثلاثة الآخرون إن "والد وادي أصيب برصاصة في الصدر، بينما أصيب شقيقه في الرقبة والصدر، بعد أن قطع مستوطنون مسلحون، في حضور جنود يرتدون الزي الرسمي، طريق الجنازة". وقال عبد الله أبو رحمة الذي يعمل في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التابعة للحكومة الفلسطينية "كان إطلاق نار من المستوطنين".

تقرير: عنف المستوطنين في #الضفة_الغربية يهدد إسرائيل https://t.co/RKN6dDZ7uh

— 24.ae (@20fourMedia) October 31, 2023

وذكر الجيش الإسرائيلي أنه حاول فض اشتباكات بين الإسرائيليين والفلسطينيين في ذلك اليوم وأنه يحقق في الحادث. ونفت ليبمان تورط المستوطنين في عمليات القتل، في حين قالت إحدى الصفحات المحلية باللغة العبرية على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تدعم النشطاء من المستوطنين إن الجيش الإسرائيلي أطلق النار على وادي الأب وابنه.

وقالت ليبمان "تلقينا ما يكفي من الهجمات الإرهابية الوحشية. نواجه عدواً يريد تدميرنا"، لتؤكد على مخاوف أمنية واسعة النطاق بين الإسرائيليين عقب هجوم حماس، وأضافت "فرق الأمن المحلية مجهزة لحماية التجمعات السكنية اليهودية".

ومنذ أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، زاد بوضوح تأييد الفلسطينيين في الضفة الغربية لحماس، بما يشمل مناطق لم تكن تحظي فيها الحركة بشعبية كبيرة عادة. ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة، هذا العام هو الأكثر دموية في 15 عاماً على الأقل بالنسبة لسكان الضفة الغربية، إذ قُتل نحو 200 فلسطيني و26 إسرائيلياً. لكن في الأسابيع الثلاثة التي تلت هجوم حماس قُتل 121 فلسطينياً آخرين في الضفة الغربية.

وسقط معظم القتلى خلال اشتباكات مع الجنود، ومع ذلك، تؤجج تصرفات المتطرفين الإسرائيليين الغضب الفلسطيني الذي يقول مراقبون إنه قد يتحول إلى المزيد من الأعمال المسلحة.

وصرح الجيش الإسرائيلي بأنه يحاول وقف العنف وحماية المدنيين الفلسطينيين. ورداً على أسئلة رويترز عن هجمات المستوطنين، قال متحدث "الأمر يضر بالأمن هنا. هذه... الحوادث تؤدي لمزيد من الاشتباكات والناس تنفذ القانون بأيديها".

خطر داهم

ويقول خبراء أمن إسرائيليون، إن العنف المرتبط بالمستوطنين أصبح من الصعب وقفه في ظل الحرب المستمرة في غزة والقوة المتزايدة للسياسيين من اليمين المتطرف، وقال ليئور أكرمان المسؤول السابق في جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت): "هناك خطر داهم (من) نشطاء اليمين المتطرف في الضفة الغربية".

وذكر أن المستوطنين يستغلون انتشار الجنود في غزة وشمال إسرائيل، حيث تقاتل القوات جماعة ميليشيا حزب الله الإرهابية، لشن هجمات بدون قيود. وأردف قائلاً "الجيش أكثر انشغالاً الآن مما يسمح (للمستوطنين) بالعمل بحرية"، وأضاف "إنهم يتلقون الدعم أيضاً من ممثلي الحكومة... مما يجعل الأمر صعباً على الأجهزة الأمنية".

وعيّن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو وزراء يمينيين متطرفين، من بينهم بن غفير، في حكومته العام الماضي لضمان فترة أخرى في المنصب، وقال مسؤول كبير في الحكومة الإسرائيلية طلب عدم نشر اسمه "الإرهاب الفلسطيني المتفرق (في الضفة الغربية)، هو ما يزيد من صعوبة إبقاء الأمور تحت السيطرة".

وفي إشارة إلى أن حوادث المستوطنين تثير قلق المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، أمرت وزارة الدفاع هذا الأسبوع بالاعتقال الإداري لأرييل دانينو، وهو من نشطاء المستوطنين البارزين لأسباب تتعلق بأمن الدولة، وهو إجراء عادة ما كان يتخذ ضد النشطاء الفلسطينيين.

امنحونا السلاح

ويقول وادي إن عائلته تتجنب العمل المسلح، وترى تصاعداً في الأعمال العدائية للمستوطنين، ويعمل وادي في هيئة حكومية فلسطينية تراقب عنف الجنود والمستوطنين، وأضاف أن والده إبراهيم كان مسؤولاً محلياً حاول التوسط بين السلطات الإسرائيلية والفلسطينية، للحد من العنف وكان مكروهاً من المستوطنين المتطرفين.

وذكر أكرمان أن عنف المستوطنين يهدد بتفجير أعمال مسلحة من جيل جديد من النشطاء الفلسطينيين، ظهر في الضفة الغربية من بينهم مجموعة عرين الأسود التي دعت يوم الثلاثاء إلى شن هجمات على إسرائيل.

وقال مراسل من رويترز إن مسلحين فلسطينيين اعتلوا سطح أحد المنازل لمراقبة الجنازة، التي أقيمت بعد مقتل والد وادي وشقيقه في 12 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تحسباً على ما يبدو لأي أعمال عنف من المستوطنين.

وحتى الآن لم يتم اتخاذ أي إجراء كبير، إذ يقيد الجيش الإسرائيلي تحركات الفلسطينيين في أرجاء الضفة الغربية واعتقل مئات الرجال منهم، وجلس وادي تحت ملصق يخلد ذكرى والده وشقيقه في قُصرة الأسبوع الماضي، وفحص هاتفه بحثاً عن تهديدات بقتل سكان القرية الفلسطينيين على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي باللغة العبرية.

وقال إنه يشعر بأنه محاصر. ويبدو أن إقامة مستوطنة يحيط بها جدار كبير في الجهة المقابلة لقُصرة يلوح في الأفق، وتوجد مستوطنتان أخريان على التلال فوق مزارع الزيتون في القرية، وعبر عبد الله، أحد سكان قُصرة والذي ذكر اسمه الأول فقط، عن غضبه المتزايد. وقال "أنا مستعد لحمل السلاح لو حصلنا عليه".

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الضفة الغربية هجمات المستوطنین الجیش الإسرائیلی فی الضفة الغربیة الأمم المتحدة المستوطنین فی من المستوطنین تشرین الأول هجوم حماس أکثر من

إقرأ أيضاً:

قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 12 فلسطينيًا على الأقل من الضفة الغربية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ مساء أمس وحتى صباح اليوم الأربعاء، 12 فلسطينيًا على الأقل من الضفة الغربية.
وأفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير - في بيان وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) - بأن عمليات الاعتقال توزعت على محافظات: الخليل، نابلس، رام الله، وجنين.
وتواصل قوات الاحتلال تنفيذ عمليات اقتحام وتنكيل واسعة أثناء حملات الاعتقال، ترافقها اعتداءات بالضرب المبرح، وتهديدات بحق المعتقلين وعائلاتهم، إلى جانب عمليات التخريب والتدمير الواسعة في منازل المواطنين.
يشار إلى أن عدد حالات الاعتقال منذ بدء حرب الإبادة المستمرة والعدوان الشامل على أبناء الشعب الفلسطيني، بلغت أكثر من (11) ألف مواطن من الضفة بما فيها القدس.
وفي سياق آخر.. شددت قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأربعاء، إجراءاتها العسكرية عند معظم مداخل المحافظات ومخارجها في الضفة الغربية.
وأفادت مصادر محلية فلسطينية، بأن الاحتلال شدد إجراءاته في محيط رام الله والبيرة والقدس ونابلس والخليل وأريحا وطوباس.
وشددت أن قوات الاحتلال إجراءاتها العسكرية على الحاجز منذ العدوان على قطاع غزة في السابع من أكتوبر 2023، وعمدت إلى إغلاقه لفترات طويلة امتدت لأشهر، قبل أن تعيد فتحه في الآونة الأخيرة، بعد نصب بوابة حديدية، لساعات محددة وفترات متقطعة تخضع لأمزجة جنود الاحتلال المتمركزين على الحاجز.
 

مقالات مشابهة

  • جيش العدو ومستوطنوه ينفذون 1344 اعتداء في الضفة خلال شهر سبتمبر الماضي
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل 12 فلسطينيًا على الأقل من الضفة الغربية
  • أمريكا تعلن تقديم 336 مليون دولار مساعدات إنسانية لدعم الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية
  • أميركا تعلن تقديم 336 مليون دولار مساعدات إنسانية لدعم الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية
  • يديعوت أحرونوت: الضفة الغربية قد تشتعل في لحظة
  • مخططات إسرائيلية لضم الضفة الغربية
  • قوات الاحتلال تعتقل 30 فلسطينياً وتهدم منزلين بالضفة الغربية
  • صافرات الإنذار تدوي في تل أبيب والسهل الداخلي ومستوطنات الضفة الغربية
  • «القاهرة الإخبارية»: إسرائيل تعتقل 30 فلسطينيا على الأقل في الضفة الغربية
  • في الضفة الغربية وغزة..أمريكا تدعم الفلسطينيين بـ 300 مليون دولار