يثأر لشقيقه.. ما الدافع الحقيقي وراء الحرب بين نتنياهو والمقاومة الفلسطينية؟
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
دخلت الحرب الإسرائيلية على غزة يومها الـ 27، ويكثف الجيش الإسرائيلي الغارات والقصف الجوي والمدفعي والبحري على قطاع غزة، فيما تستهدف الفصائل الفلسطينية حشود قوات الاحتلال الإسرائيلي المتوغلة في القطاع في محاولة لتحرير الأسرى الإسرائيليين في غزة، ولكن يمتلك نتنياهو ذكريات مؤلمة مع عمليات تحرير الأسرى والرهائن، ففي 1976 قُتل أخوه الأكبر المقدم يوناتان "يوني" نتنياهو أثناء إنقاذ رهائن من مطار عنتيبي في أوغندا، وهو حدث قال عنه نتنياهو إنه رسم شكل حياته المستقبلية.
خلال القرن الماضي، تجاوز الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الحدود الفلسطينية ليلقي بظلاله على العديد من المناطق الأخرى بالعالم.
ففي سبتمبر 1972، احتجزت مجموعة فلسطينية منتمية لمنظمة أيلول الأسود عدداً من الرياضيين الإسرائيليين المنتمين للبعثة الإسرائيلية المشاركة بالألعاب الأولمبية ميونيخ 1972. وطالب المنفذون بالإفراج عن نحو 237 معتقلاً بالسجون الإسرائيلية.
فيما أسفرت العملية مع انتهائها عن مقتل 11 رياضياً إسرائيلياً و5 من المنفذين إضافة لألمانيين.
وبعد نحو 4 سنوات فقط، عاش مطار عنتيبي (Entebbe) الأوغندي بأفريقيا على وقع حادثة مماثلة حيث لم يتردد عدد من أفراد منظمة التحرير الفلسطينية في خطف طائرة تابعة للخطوط الجوية الفرنسية تواجد على متنها عدد كبير من الإسرائيليين.
أثناء رحلتها ما بين تل أبيب وباريس، اختطفت طائرة إيرباص أي 300 (Airbus A300)، تابعة للخطوط الجوية الفرنسية، فوق سماء أثينا من قبل عدد من أفراد منظمة التحرير الفلسطينية ومنظمة الخلايا الثورية، اليسارية، الألمانية. وعقب تحويل وجهتها، انتقلت الطائرة نحو ليبيا قبل أن تمر فيما بعد نحو أوغندا حيث استقرت بمطار عنتيبي. وهنالك، حظي الخاطفون بدعم من الرئيس الأوغندي عيدي أمين دادا الذي وفر لهم الحماية.
وحسب مصادر تلك الفترة، تواجد على متن هذه الطائرة التي خطفت يوم 27 يونيو 1976 حوالي 248 راكباً، تواجد ضمنهم عدد هام من حاملي الجنسية الإسرائيلية. وطالب الخاطفون بإطلاق سراح عشرات المحتجزين بالسجون الإسرائيلية وإطلاق سراح 13 أسيرًا آخرين ممن تواجدوا بسجون 4 دول أخرى.
ومع وصولهم لمطار عنتيبي، رحب الرئيس الأوغندي عيدي أمين دادا شخصياً بالخاطفين وأرسل 100 عسكري لدعمهم. فيما لم يتردد الخاطفون في تفريق المختطفين حيث وضع حاملو الجنسية الإسرائيلية في مكان خاص بعيداً عن المسافرين الآخرين. وبالساعات التالية، لم يتردد أفراد منظمة التحرير الفلسطينية في إطلاق سراح الأسرى غير الإسرائيليين مفضلين بذلك الاحتفاظ بنحو 94 مسافرًا إسرائيليًا وطاقم الطائرة.
عقب جملة من المشاورات، أطلق الموساد الإسرائيلي العنان يوم 4 يوليو 1976 لعملية هبوط الظلام. وخلال هذه العملية الخاصة، جند الإسرائيليون نحو 100 فرد من أفراد الكوماندوس واستعدوا في الآن ذاته لمواجهة عسكرية محتملة مع الجيش الأوغندي.
وأثناء هذه العملية، نقل الإسرائيليون قواتهم لمسافة 4 آلاف كلم على متن طائرة عسكرية خاصة رافقتها بعض الطائرات الحربية. وخلال عملية استمرت لنحو 90 دقيقة، تمكنت فرق الكوماندوس الإسرائيلية من تحرير الرهائن والانسحاب نحو الأراضي الكينية. فيما قتل العديد من الخاطفين إضافة لنحو 45 من الجنود الأوغنديين كما أسقطت العشرات من المقاتلات الأوغندية. في الأثناء، خسر الإسرائيليون 6 جنود كان من ضمنهم 5 جرحى وقتيل واحد وهو يوناتان نتنياهو (Yonatan Netanyahu) الشقيق الأكبر لرئيس وزراء إسرائيل الحالي بنيامين نتنياهو.
وفي تلك الفترة، قدمت كينيا الدعم للقوات الإسرائيلية للقيام بالعملية على الأراضي الأوغندية. وكرد على ذلك، أمر عيدي أمين دادا بقتل جميع الكينيين المقيمين على الأراضي الأوغندية. وفي خضم أعمال العنف التي تلت تصريحاته، قتل 245 كينيا بينما فر نحو 3 آلاف آخرين خارج الأراضي الأوغندية.
رغم استمرار المعارك والغارات الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، عكفت بعض الدول الأوروبية على البحث في خيارات ما بعد الحرب، وهوية من يدير القطاع.
وبحثت عدة دول أوروبية قبل يومين خيار تدويل إدارة القطاع بعد الحرب، مقترحة تشكيل تحالف دولي يدير غزة بالتعاون مع الأمم المتحدة، حيث اقترحت الوثيقة، التي أعدتها ألمانيا ووزعتها على عدد من الدول الأوروبية، تولي تحالف دولي لتأمين غزة بعد الحرب، وتفكيك أنظمة الأنفاق وتهريب الأسلحة إلى القطاع وتجفيف منابع دعم حركة حماس ماليا وسياسياً.
ومن جانبه قال الدكتور جهاد الحرازين، أستاذ العلوم السياسية بـ"جامعة القدس"، والقيادي بحركة فتح إن التحالف الدولي يذكر باحتلال العراق، وتولي الأمريكي بول بريمر إدارته وكان احتلالا حقيقيا أضاع العراق وهو ما لن يقبل الفلسطينيون بتكراره في غزة.
وأضاف في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن البديل الذي يمكنه أن يحكم غزة موجود ويحظي بشرعية دولية وفلسطينية وهو منظمة التحرير الفلسطينية، الجهة الوحيدة المعترف بها دوليا، والمقبولة من كافة أطياف الشعب الفلسطيني، موضحا أن أي خلافات حول المنظمة هي خلافات بسيطة يمكن حلها والتجاوز عنها خلال الاجتماعات التي ترعاها مصر بين الفصائل الفلسطينية لإنهاء الانقسام والتي كان آخرها اجتماع العلمين.
وتابع قائلاً إن السلطة تقدم لغزة نحو مليار دولار سنويا من ميزانية الدولة الفلسطينية، وفي حالة الاتفاق على منظمة التحرير واندماج الجميع داخل إطاراتها، يمكن للسلطة تولي مسؤولياتها في غزة مثل ما هو الحال في الضفة، وإعادة توحيد الصف الفلسطيني والتوجه نحو انتخابات تمكن الفلسطينيين في الداخل والخارج في اختيار من يحكمهم من أبناء شعبهم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: نتنياهو الحرب غزة فلسطين الحرب الإسرائيلية منظمة التحریر الفلسطینیة بعد الحرب
إقرأ أيضاً:
مبتورو الأطراف بغزة.. معاناة تتفاقم مع الحصار والإبادة الإسرائيلية
في إطار حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة والمدمرة على غزة منذ أكثر من عام ونصف، تزداد أعداد ومعاناة وآلام مبتوري الأطراف، معظمهم من الأطفال والنساء، لا سيما مع النقص الحاد في المعدات الطبية والأدوات اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية، بسبب استمرار الحصار الخانق على القطاع.
ومن بين هؤلاء، الفلسطيني رائد أبو الكاس، الذي يجلس داخل مركز الأطراف الصناعية والشلل في مدينة غزة، بانتظار دوره في تلقي خدمة العلاج الطبيعي والتأهيل الجسدي لاستخدام الطرف الصناعي، بعد أن بترت قدمه في قصف إسرائيلي أثناء ممارسة عمله في تشغيل آبار المياه.
وتجسد قصة أبو الكاس، أحد موظفي بلدية غزة، حجم المأساة الإنسانية التي خلفتها الحرب الإسرائيلية، فقد بترت قدمه اليمنى واستشهد اثنان من زملائه. وبينما كان يحاول الجيران وأبناؤه إسعافه وسط الدمار والدخان، لاحقتهم الطائرات من جديد، فقتل أحد أبنائه وأصيب الآخر بإصابات بليغة أدت إلى بتر قدمه لاحقا.
يتذكر رائد أحداث ذلك اليوم بصوت يختنق بالألم يقول: كنت أفتح محابس المياه للمواطنين، وكنت أظن أن عملي في خدمة الناس سيحميني، لكن الاحتلال لم يترك لنا أي أمان. استهدفونا ونحن عُزّل، بترت قدمي أمام عيني، واستشهد ابني، وتعرض محمود لإصابة غيرت حياته للأبد.
إعلانأما محمود، الذي كان يحلم بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفا في صفوف ناشئي نادي الشجاعية، فيروي قصته لمراسل الأناضول، بصوت حزين: كنت ألعب كرة القدم يوميا، كان حلمي أن أرتدي قميص النادي وأسعد عائلتي، لكن الاحتلال دمر حلمي وبتر قدمي.
وأضاف: الآن أجلس على كرسي متحرك وأحلم فقط أن أركب طرفا صناعيا متطورا يساعدني على الوقوف مرة أخرى، حتى أعين والدي الذي بترت قدمه.
خلال الأشهر الماضية، خضع رائد ومحمود لعدد كبير من العمليات الجراحية داخل مستشفى المعمداني، في ظل ظروف طبية صعبة ونقص حاد في الإمكانيات، وتم تركيب أطراف صناعية لهما عبر مركز الأطراف الصناعية، إلا أن نقص المعدات والكوادر الفنية يؤثر على عمل المركز.
اليوم، يقضي الأب والابن عدة ساعات يوميا داخل مركز الأطراف، يتدربان على استخدام أطرافهما الصناعية، ويتلقيان جلسات التأهيل والتدريب، ووسط هذه الرحلة الشاقة، يحدوهما حلم واحد: السفر إلى الخارج لتركيب أطراف صناعية متطورة تمكنهما من استعادة جزء من حياتهما الطبيعية.
وبهذا الخصوص، قال رائد، وهو ينظر إلى نجله محمود بعينين حزينتين: لم يتبق لي من أبنائي إلا محمود، وزوجتي التي تتحمل العبء الأكبر في رعايتنا، وحلمنا أن نركب أطرافا خفيفة نتمكن من خلالها أن نساعد بعضنا بعضا ونعيش بكرامة.
ويقاطعه محمود قائلا: أحلم بالسفر، أريد أن أركض مجددا، أن أعود للعب الكرة ولو بشكل بسيط مع أصدقائي (..)، الاحتلال دمر أحلامي، لكن لم يدمر إيماني بأننا سنعود للحياة.
أعداد مضاعفة
ويشهد قطاع غزة تصاعدا كبيرا في أعداد المصابين بحالات البتر نتيجة الإبادة الإسرائيلية المدمرة المستمرة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسط نقص حاد في المعدات الطبية والأدوات اللازمة لتصنيع الأطراف الصناعية، بسبب الإغلاق المستمر للمعابر ومنع دخول المستلزمات الأساسية.
إعلانوسُجلت 4700 حالة بتر بسبب الحرب الإسرائيلية، ضمن قوائم برنامج صحتي، الذي تنفذه وزارة الصحة الفلسطينية بالشراكة مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ومركز الأطراف الصناعية والشلل التابع لبلدية غزة، في كافة محافظات القطاع، وفق مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في المركز حسني مهنا.
وشدد مهنا، للأناضول، على أن تضاعف أعداد حالات البتر المسجلة منذ بداية الحرب الإسرائيلية ناتج عن الاستخدام المكثف للأسلحة المتفجرة والاستهداف المباشر للمدنيين.
وقال: إنّ مركز الأطراف الصناعية استقبل نحو 600 حالة من مبتوري الأطراف منذ بدء العدوان الإسرائيلي، ويتم متابعتهم دوريا عبر المختصين والطواقم الفنية.
وأضاف أن المركز تمكن منذ بداية الحرب من تركيب أطراف صناعية لنحو 100 مصاب، كما قام بتسليم عشرات الأجهزة التعويضية والكراسي المتحركة للمحتاجين.
وأشار مهنا إلى تزايد الطلب على خدمات المركز يوميا.
وحذر من أن استمرار الحرب سيؤدي إلى ارتفاع عدد الحالات بشكل كارثي، خاصة أن 48% من حالات البتر الجديدة هي لسيدات، و20% لأطفال،مما يفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل خطير.
نقص حاد
وأشار مسؤول الإعلام والعلاقات العامة إلى أن المركز يعاني من نقص في المواد الخام الأساسية لتصنيع الأطراف الصناعية، بالإضافة إلى حاجة ماسة للأجهزة والمعدات الطبية وقطع الغيار اللازمة للمعدات الموجودة، مما يعيق تقديم الخدمات بشكل فعال للمصابين.
وبين مهنا أن الطواقم العاملة في المركز، التي تعمل تحت ضغط شديد وبإمكانيات محدودة، تكافح يوميا لتلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من المصابين، مع الحاجة إلى مضاعفة الكوادر البشرية لمواكبة هذه الزيادة الكبيرة.
وتخضع حاليا 320 حالة للعلاج الطبيعي داخل مركز الأطراف الصناعية والشلل، حيث تُقدم خدمات العلاج الطبيعي والتأهيلي ومتابعة تركيب الأطراف الصناعية والصيانة الدورية لها، بحسب مهنا.
إعلانوفي مطلع مارس/آذار الماضي، صعَّدت إسرائيل من جرائمها باتخاذ قرار تعسفي بإغلاق جميع المعابر المؤدية إلى القطاع، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والإغاثية وشاحنات الوقود بشكل كامل.
وفي 18 مارس/آذار الماضي، تنصلت إسرائيل من اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الساري منذ 19 يناير/كانون الثاني الماضي، واستأنفت حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، رغم التزام حركة حماس بجميع بنود الاتفاق.
وتسبب تنصل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته من الاتفاق وعدم إكمال مراحله في إبقاء المحتجزين الإسرائيليين قيد الأسر لدى حماس، حيث تشترط الحركة وقف الحرب وانسحاب كافة القوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
وبدعم أميركي مطلق ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة خلفت أكثر من 170 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.