إيران الداعية إلى محو إسرائيل.. تواجه مأزقاً
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
مع تصميم إسرائيل على سحق حركة حماس، حليفة إيران، يتعين على طهران اتخاذ قرار حيال ما إذا كان وكلاؤها من الميليشيات، التي تسلحها وتدربها، ستكون منسجمة مع خطابها المتشدد.
إيران لا تريد حرباً إقليمية من الممكن أن تنطوي على مخاطر عليها وحكامها الدينيين
فمنذ أكثر من أربعة عقود، يتوعد حكام إيران بتدمير إسرائيل، وقلما يظهر المرشد الأعلى علي خامنئي علناً إلا ويكون مرتدياً الكوفية الفلسطينية.
ويفاخر القادة العسكريون الإيرانيون فيما يتعلق بتدريب وتسليح جماعات في أنحاء المنطقة معادية لإسرائيل، بمن فيها حزب الله وحماس.. وعندما شنت حماس هجومها في 7 أكتوبر(تشرين الأول) على إسرائيل ما أسفر عن مقتل 1400 شخص، امتدح المسؤولون الإيرانيون الهجوم على أنه إنجاز هائل، بدد شعور الدولة العبرية بالأمان.
وترى صحيفة "نيويورك تايمز" أن إيران تواجه حالياً مأزقاً، وتزن كيف يجب على ميليشياتها الوكيلة –المعروفة بمحور المقاومة- أن ترد على غزو إسرائيل لغزة وقتلها آلاف الفلسطينيين، وما إذا كانت ستعزز أوراقها الثورية على حساب اشعال حرب إقليمية أوسع.
For more than four decades, Iran’s rulers have pledged to destroy Israel. But with Israel bent on crushing Iran’s ally Hamas, Tehran must decide whether it and the proxy militias it arms and trains will follow through on the fiery rhetoric. https://t.co/2LU0ZEXoCT
— The New York Times (@nytimes) November 1, 2023وقال المحلل ناصر إيماني القريب من الحكومة الإيرانية في مقابلة أجريت معه بواسطة الهاتف من طهران: "لا حاجة لإيران كي تنخرط مباشرة في الحرب وأن تهاجم إسرائيل بنفسها، لأن لديها ميليشيات محور المقاومة الذي يتبع سياسات إيران وإستراتيجياتها ويعمل باسمها.. الآن، إيران هي في مرحلة الانضباط –وتقول لهم، بمن فيهم حزب الله، أن يتركوا الأمور تغلي، مع الحفاظ على ضبط النفس".
حرب شاملةوحتى الآن، يلمح المسؤولون الإيرانيون في العلن إلى أنهم لا يريدون حرباً شاملة.
وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان في مقابلة في بعثة بلاده لدى الأمم المتحدة: "أريد أن أكرر بأننا لا نسعى إلى توسيع هذه الحرب". لكنه استدرك بأن "المنطقة هي عند نقطة الغليان ومن الممكن أن تنفجر في أي لحظة وقد يكون من الصعب تفادي الأمر. وإذا ما حدث ذلك، فإن كل الأطراف ستفقد السيطرة".
وحذر من أن الميليشيات الإقليمية في لبنان واليمن والعراق وسوريا من الممكن أن تفتح جبهات متعددة ضد إسرائيل "مع احتمال أن تكون النتيجة على غير ما يريده النظام الإسرائيلي"، لكنه لم يقل ما الذي يمكن أن يدفع هذه المجموعات إلى فتح الجبهات، مع تشديده على أن هذه الجماعات تعمل بشكل مستقل.
الأذرع الطويلة لإيرانويبقى أن إيران لا تريد حرباً إقليمية، من الممكن أن تنطوي على مخاطر على الأمة وحكامها الدينيين، وفقاً لثلاثة إيرانيين على صلة بالحكومة وعلى اطلاع على المداولات الداخلية.. ومن الممكن أن يلحق ضرر كبير بمقدرات حلفاء إيران في معركة طويلة مع إسرائيل، وحتى من الممكن أن يحدث ما هو أكثر من ذلك، في حال دخلت القوات الأمريكية على المشهد.
وتنظر الجمهورية الإسلامية إلى الميليشيات على أنها أذرعها الطويلة لبسط نفوذها، وهي تملك القدرة على توجيه ضربات بما يسمح لطهران التنصل من المسؤولية.. وهذه الميليشيات تمنح إيران رافعة في المفاوضات الدولية وتشكل وسيلة لإمالة ميزان القوى في الشرق الأوسط، بعيداً عن أعداء مثل إسرائيل والولايات المتحدة، وخصوم مثل المملكة العربية السعودية.
Iran’s choice: lose its arm or lose its face https://t.co/R9kYay6CjR @farnazfassihi
— Yaroslav Trofimov (@yarotrof) November 1, 2023لكن إذا لم تفعل إيران شيئاً، فإن قادتها المتحمسين يجازفون بخسارة المصداقية في صفوف المؤيدين والحلفاء.. ويتساءل بعض المحافظين الإيرانيين المتشددين لماذا لا تتسق أفعال إيران مع خطابها المتشدد حول "تحرير القدس" من الحكم الإسرائيلي. ووقع الكثير من مؤيدي الحكومة الإيرانية بشكل رمزي أسماءهم كمتطوعين للذهاب إلى غزة ومحاربة إسرائيل.
حزب الله والحوثيوبحسب مدير برنامج إيران لدى مجموعة الأزمات الدولية علي فائز، فإن إيران "تجازف في سيناريو أول بخسارة أحد أذرعها، وفي السيناريو الثاني تخاطر بخسارة ماء الوجه.. من الممكن أن تحاول إيران تربيع هذه الدائرة من طريق السماح لحلفائها بتصعيد هجماتهم على إسرائيل والولايات المتحدة بطريقة محسوبة".
ومؤخراً، شن حزب الله وميليشيا الحوثي في اليمن هجمات ضد إسرائيل، لكنها كانت ذات نطاق محدود.. إن الهدف الآن، ليس إثارة حرب شاملة وإنما ابقاء إسرائيل تحت الضغط، والأرجح الحد من قدرتها خلال الحرب ضد حماس، وفقما رأى الأشخاص المطلعون على إستراتيجية إيران.
ومن المقرر أن يلقي زعيم حزب الله حسن نصرالله، الجمعة، خطابه الأول منذ بدء الحرب، حيث يتوقع مراقبون أن يحدد الخطوات التي سيعتمدها الحزب في المرحلة التالية.
وتقلق مخاطر توسع الحرب الولايات المتحدة وإسرائيل، وحذرت إدارة الرئيس جو بايدن علناً إيران ووكلاءها من مغبة توسيع النزاع، مشيرة إلى أنها لا تسعى إلى الحرب ضد إيران، وحضت طهران على ضبط حلفائها.
لكن بالنسبة إلى كل الأطراف، يبقى الخطر عالياً حيال خطأ في الحسابات، قد يجر إلى نزاع يخرج عن السيطرة.
ويقول فائز إنه "علاوة على ما يمكن أن تضبطه طهران، فلا يزال هناك احتمال خطير، بأن بعض شركائها الإقليميين الذين لديهم علاقات أكثر مرونة، أو لديهم سجل حافل بتجاهل النصائح الإيرانية، قد ينخرطون في عمل غير منسق يضع طهران في مواجهة الأمر الواقع.. على مدى نحو أربعة عقود حمت سياسة الدفاع الأمامية إيران من هجمات أجنبية.. إن الصراع في غزة هو اختبار لحدود تلك السياسة على نحو غير مسبوق".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل إيران حزب الله من الممکن أن حزب الله
إقرأ أيضاً:
محللان: حزب الله تعلم الدرس وسيقاوم إسرائيل بطرق تتجاوز القصف
يبدو أن حزب الله قد تعلم دروس الجولة السابقة من الحرب حيث لم يعد يتجاوز الحكومة اللبنانية من جهة، وتأكيد قدرته على التعامل مع عدم التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار، كما يقول محللان.
فقد أكد الأمين العام للحزب نعيم قاسم، في كلمة متلفزة اليوم الأربعاء، أن المقاومة تستعيد عافيتها وأنها ستترك فرصة للحكومة والجيش اللبناني والأطراف الدولية المعنية حتى تلزم إسرائيل بتنفيذ التزاماتها في اتفاق وقف إطلاق النار.
واعتبر قاسم الاعتداء الإسرائيلي المتواصل على جنوب لبنان اعتداء على الدولة والمجتمع الدولي، وقال إن على الدولة اللبنانية مسؤولية متابعة وقف إطلاق النار مع لجنة تنفيذ الاتفاق، مؤكدا أن هناك فرصة الآن للدولة اللبنانية لتثبت نفسها بالعمل السياسي.
وهذا هو الظهور الأول لنعيم قاسم منذ أسابيع، وقد وجّه من خلاله رسالة واضحة بأن الحزب لن يتجاوز الدولة اللبنانية وأنه في الوقت نفسه سيتخذ مواقف مختلفة ما لم تنفذ إسرائيل كل ما عليها من التزامات بنهاية الـ60 يوما التي نص عليها الاتفاق، كما يقول المحلل السياسي اللبناني قاسم قصير.
رسائل وترتيب أوضاع
وتعليقا على كلمة قاسم، قال قصير إن الحزب التزم عدم الرد على انتهاكات إسرائيل لوقف إطلاق النار حتى يرتب أوضاعه الداخلية من جهة وحتى لا يتهم بتخريب الاتفاق وعدم مراعاة المصلحة اللبنانية من جهة أخرى.
إعلانومنذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، نفذ جيش الاحتلال العديد من العمليات في الجنوب اللبناني والتي كان آخرها قصف مركبة ومستودع أمس الثلاثاء.
ولم يرد الحزب على خروقات إسرائيل إلا مرة واحدة خلال الأيام الـ35 الماضية، وهو ما اعتبره قصير رسالة من الحزب بأنه قادر على الرد لكنه لا يريد تخريب الاتفاق.
وقد أكد الأمين العام للحزب المعنى نفسه في كلمته اليوم والتي عنت ضمنا أن بعد انتهاء مدة الـ60 يوما سيكون لكل حادث حديث، بحسب تعبير قصير، الذي يرى أن الحزب "يريد استعادة شرعية المقاومة التي واجهت مشكلة خلال الحرب".
ووفقا لحديث المحلل السياسي اللبناني، فإن عدم التزام إسرائيل بالاتفاق بعد المدة المحددة سيجعل المقاومة خيارا وحيدا لكافة التيارات اللبنانية ولن تكون مقصورة على حزب الله فقط.
استمرار عمليات الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان بالأيام الأولى من وقف إطلاق النار (مواقع التواصل) أشكال جديدة للمقاومةوقال قصير إن لديه معلومات من داخل الحرب بأن المقاومة قد تتخذ أشكالا مختلفة عما كانت عليه في السابق، بعد انتهاء فترة الـ60 يوما، مؤكدا أن الحزب "تعلم من دروس الحرب واعترف بتلقيه ضربات موجعة، لكنه بدأ استجماع قواه والإمساك بزمام المبادرة".
ومن أهم الدروس التي تعلمها الحزب -كما يقول قصير- هو إصرار أمينه العام على إعطاء فرصة للدولة اللبنانية والجيش للقيام بما يجب عليهما، وهذا على عكس المرحلة السابقة التي كان يتحدث فيها بلسان صاحب القرار.
وخلص المحلل اللبناني إلى أن الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في هذا الصراع الذي سيتوقف على موقف الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب من هذه الحرب ومن مستقبل لبنان.
بدوره، قال المحلل السياسي عادل شديد إن إسرائيل لا يمكنها قراءة كلمة نعيم قاسم الأخيرة بارتياح لأنها كانت تراهن على أن خصوم الحزب في لبنان سيكملون -خلال وقف إطلاق النار- ما عجزت هي عن إكماله بالحرب.
إعلانوقد حاولت إسرائيل وضع الحزب أمام خيارين خلال الفترة الماضية فإما أن يقبل بخروقاتها ويظهر بمظهر الضعيف أو أن يرد عليها ويتهم بتخريب وقف إطلاق النار ومن ثم استئناف الحرب بدعم دولي وإقليمي، كما يقول شديد.
لكن الحزب لم يفعل الأمرين -برأي شديد- لأنه لم يرد على الخروقات لكنه أكد قدرته على الرد ثم أعطى فرصة للأطراف المعنية بتنفيذ الاتفاق للقيام بدورها رغم معرفته الكاملة بأن هذه الأطراف لن تجبر إسرائيل على شيء.
ويعتقد شديد أن الموقف اللبناني من أي رد جديد لحزب الله بعد انتهاء الـ60 يوما، سيكون مختلفا لأن ما سيحدث سيكون ردا على عدم التزام إسرائيل بالاتفاق.
واتفق شديد مع حديث قصير عن الدور الحاسم لترامب في هذه الأزمة، وقال إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يحاول فرض أمر واقع بعينه في لبنان لأنه يخشى ألا توافقه الإدارة الأميركية المقبلة على كل ما يريده في هذا الملف على عكس موقفها من الضفة الغربية والجولان السوري المحتل.