السومرية نيوز – دوليات

خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض الفيتو، في 18 أكتوبر/تشرين الأول، في مجلس الأمن الدولي، وذلك ضد قرار البرازيل الذي يدعو إلى هدنة إنسانية بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، والذي يدعو إلى السماح للمساعدات بالدخول إلى قطاع غزة المحاصر.

هذه الخطوة تؤكد دعم أمريكا التام لإسرائيل، والذي يؤكد بدوره استمرار المجازر والإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان غزة منذ قرابة الشهر، ليبدأ التساؤل عن حق النقد الفيتو، وما الدول التي لديها صلاحية استخدامه؟

حسب موقع "jstor" الأمريكي في روما القديمة، كانت مؤسسة حق النقض تعرف حينها باسم الشفاعة، والتي اعتمدتها الجمهورية الرومانية خلال القرن السادس الميلادي، لتمكين المنبر من حماية مصالح المانداموس العامة، والتي تعني باللغة الحالية حماية حقوق المدنيين أو المواطنين العاديين، من تعديات الأرستقراطيين الذين سيطروا على مجلس الشيوخ.

في روما القديمة لم يمنع حق النقض، الذي استخدمه المنبر، "مجلس الشيوخ"، من تمرير مشروع القانون، ولكنه يعني حرمانه من قوة القانون. يمكن للمنبر أيضاً استخدام حق النقض لمنع عرض مشروع القانون على الجمعية العامة، كان للقناصل أيضاً سلطة النقض، حيث إن اتخاذ القرار يتطلب عموماً موافقة كل القناصل.

الرومان أول من أسسوا حق النقض في العالم
يمكن لأي منهم استدعاء الشفاعة لمنع عمل الآخر، كان حق النقض عنصراً أساسياً في المفهوم الروماني للسلطة، حيث لم يتم استخدامه لإدارة شؤون الدولة فحسب، بل أيضاً لتخفيف وتقييد سلطة كبار المسؤولين والمؤسسات في الدولة.

حدث استخدام ملحوظ لحق النقض الروماني في إصلاح الأراضي في غراشان، والتي كان يقودها في البداية المنبر "تيبيريوس غراكوس"، سنة 133 قبل الميلاد، عندما اعترض ماركوس أوكتافيوس، زميل غراكوس، على الإصلاح، صوتت الجمعية لإقالته على أساس النظرية القائلة بأن المنبر يجب أن يمثل مصالح عامة الناس.

في وقت لاحق، قام أعضاء مجلس الشيوخ الغاضبون من الإصلاح بقتل غراكوس والعديد من المؤيدين له، وهو ما تسبب في بداية فترة من العنف السياسي الداخلي في روما.

ما هو حق النقض "الفيتو" Veto؟
حقّ النقض الفيتو Veto، وهي كلمة لاتينية تعني "أنا أمنع"، هو حق تستخدمه الدول التي لها حق استخدامه، من أجل إيقاف عمل رسمي من طرفٍ واحد، هذا الحق قد يكون مطلقاً أو محدوداً، حق النقض، والمعروف بـ"حق الفيتو"، ويعني النقض باللغة الإنجليزية، هو حق الاعتراض على أي قرار يقدم لمجلس الأمن دون إبداء أسباب، ويُمنح للأعضاء الخمسة دائمي العضوية في مجلس الأمن:
روسيا
الصين
المملكة المتحدة
فرنسا
الولايات المتحدة

ويمنح حق النقض السلطة فقط لوقف التغييرات، وبالتالي السماح لحاملها بحماية الوضع الراهن، مثل الفيتو التشريعي الأمريكي، أو اعتمادها أيضاً حق النقض التعديلي، مثل الفيتو التشريعي للرئيس الهندي على سبيل المثال. والذي يسمح له باقتراح تعديلات على مشاريع القوانين التي يتم إرجاعها إلى البرلمان لإعادة النظر فيها.

لم يرد لفظ "نقض" في ميثاق الأمم المتحدة، بل عادة ما استخدم حق الاعتراض على قرار، إذ يكفي اعتراض دولة واحدة فقط من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن ليرفض القرار ولا يمرر نهائياً. حتى وإن كان مقبولاً للدول الأربعة عشر الأخرى.

يعتبر الفيتو من أكثر القوانين المثيرة للجدل في العالم، إذ يعتبره المؤيدون له أنه داعم للاستقرار الدولي، وضبط ضد التدخلات العسكرية، وضمانة حاسمة ضد الهيمنة الأمريكية. يقول النقاد إن حق النقض هو أكثر العناصر غير الديمقراطية في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى السبب الرئيسي للتقاعس عن اتخاذ إجراءات بشأن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، حيث إنه يمنع فعلياً تحرك الأمم المتحدة ضد الدول الدائمة العضوية وحلفائها.

يبدو أن هذا النظام في التصويت اعتمد في مجلس الأمن لتشجيع بعض الدول على المشاركة في الأمم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية، بعد أن بدا لها أنها قد تخسر بعض الامتيازات في حال شاركت في منظمة تحترم الديمقراطية. كما ساعد الفيتو الولايات المتحدة على تقديم أفضل دعم سياسي للكيان الإسرائيلي ذلك بإفشال صدور أي قرار من مجلس الأمن يُلزم "إسرائيل" بضرورة وقف احتلال أراضي فلسطين وأعمال العنف ضد الشعب الفلسطيني أو إفشال أي قرار يدين إسرائيل.

أنواع حق النقض "Veto"
هُناك عدة أنواع مختلفة لحق النقض في مجلس الأمن، وتتضمن القائمة 5 أنواع مختلفة وهي كالتالي:
الفيتو الحقيقي: يطلق على هذا النوع كذلك اسم الفيتو الافتتاحي، ويكون ذلك بتصويت أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن على الاعتراض ضد القرار الموضوعي، وفي هذه الحالة لا يمكن إصدار القرار بأية حالة.

الفيتو المزدوج: في هذا النوع يدفع أحد الأعضاء الدائمين المسألة إلى كونها موضوعيّة، وإذا عارضه عضو آخر يستخدم حق الفيتو عند التصويت لتكييف المسألة، ثم يستخدم حق الفيتو لمنع القرار بصفته موضوعياً.

الفيتو الجماعي: يندر وقوع هذا النوع في مجلس الأمن، ويكون ذلك عندما يصوّت أكثر من 6 أعضاء غير دائمي العضوية ضد القرار؛ فإن الأغلبية المطلوبة لسريان القرار في هذه الحالة ممتنعة، وحتى لو صوتّت جميع الدول الدائمة.

الفيتو غير المباشر: تقوم بعض الدول الدائمة بدفع أكثر من ثلث أعضاء مجلس الأمن للامتناع عن التصويت للقرار، أو التصويت ضدّه، حتى لا يسري في مجلس الأمن دون تصويتها هي بالنقض، ويعرف ذلك بالفيتو غير المباشر أو المستتر.

الفيتو بالوكالة: إذا لم يسمح للعضو الدائم بالتصويت لكونه أحد أطر النزاع؛ فإنه يقوم باستنابة أحد الأعضاء الآخرين أحياناً وتوكيله للتصويت بالنقض حتى لا يسري القرار في مجلس الأمن الدولي.

آلية التصويت في قرارات مجلس الأمن الدولي
نص ميثاق الأمم المتّحدة على آلية التصويت في مجلس الأمن، وفيما يأتي تفاصيل آلية التصويت:

حق الدول في التصويت: يحق لكل واحدة من الدول الأعضاء في مجلس الأمن التصويت سواء أكانت عضويّتها دائمة أو لا، وتمتلك كل واحدة من هذه الدول صوتاً واحداً فقط.

التصويت للقرارات الإجرائيّة: تتم الموافقة على القرارات الإجرائيّة المختلفة لمجلس الأمن الدولي بعد موافقة 9 أعضاء على هذه القرارات، ولا تشمل هذه القرارات حق النقض المعروف باسم الفيتو.

التصويت للقرارات الموضوعية: يتم إصدار القرارات غير الإجرائيّة في الأمم المتّحدة بعد موافقة 9 أعضاء على الأقل، ولا بُد أن تكون الدول دائمة العضويّة متفقة على هذه القرارات.

منع أطراف النزاع من التصويت: لا يحق لأطراف النزاع التصويت على قرارات مجلس الأمن، في حالة كانت هذه القرارات متّخذة وفق أحكام الفقرة 3 من المادة 52، أو وفق أحكام الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.

كم عدد مرات استخدام حق الفيتو من قبل الأعضاء الدائمين؟
بالنظر إلى نشوء حق الفيتو، وتاريخه واستخداماته، يتبين أن هُناك بعض الدول التي استخدمت الفيتو كثيراً، في حين لا يعدو استخدام بعضها الآخر لهذا الحقق عدداً قليلاً من المرات، وفيما يلي قائمة تبين عدد المرات التي استخدم فيها حق الفيتو لكل دولة:

روسيا: استخدمت روسيا حق الفيتو 293 مرة، بما في ذلك عدد المرات التي استُخدم فيها هذا الحق من قبل الاتحاد السوفييتي، وكان استخدامها للفيتو أول مرة عام 1946، وهي أول دولة استخدمت الفيتو على الإطلاق.

الولايات المتحدة: في المرتبة الثانية بعد روسيا تأتي الولايات المتحدة، التي قامت باستخدام حق الفيتو أكثر من 84 مرة، وكان استخدام الحق المذكور من قبل الولايات المتحدة الأمريكية أول مرة عام 1970.

المملكة المتحدة: تم استخدام حق الفيتو من قبل المملكة المتحدة 32 مرة، بداية من عام 1946، ما يجعلها في المرتبة الثالثة بعد روسيا والولايات المتحدة، وكان استخدامها للفيتو أول مرة عام 1956.

فرنسا: كان استخدام حق الفيتو من قبل الجمهورية الفرنسية أول مرة عام 1956 أيضاً، قامت فرنسا باستخدام الفيتو 18 مرة فحسب، وهو ما يجعلها في المرتبة الرابعة.

الصين: تُعد جمهورية الصين الشعبية أقل الدول استخداماً لحق الفيتو حتى الآن؛ إذ إنها استخدمت هذا الحق 16 مرة فحسب، وكان استخدام الفيتو أول مرة من قبل جمهورية الصين الشعبية عام 1955.

خلال القرن الحادي والعشرين استخدم حق الفيتو أكثر من 44 مرة، كانت آخرها من قبل الولايات المتحدة، التي استخدمته في 18 أكتوبر /تشرين الأول 2023، في مجلس الأمن الدولي، وذلك ضد قرار البرازيل الذي يدعو إلى هدنة إنسانية بين الاحتلال الإسرائيلي والمقاومة الفلسطينية، والذي يدعو إلى السماح للمساعدات بالدخول إلى قطاع غزة المحاصر.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: مجلس الأمن الدولی الولایات المتحدة الأمم المتحدة فی مجلس الأمن هذه القرارات کان استخدام الفیتو من من الدول هذا الحق یدعو إلى حق النقض أکثر من من قبل

إقرأ أيضاً:

المبعوث الأممي لدى اليمن: التطورات في لبنان تقف عائقاً أمام السلام في اليمن

قال المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن هانس جروندبرج، إن التطورات الأخيرة في لبنان تزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط وتعيق التسوية السلمية في اليمن.

 

ونقلت وكالة تاس عن غروندبرغ على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة قوله إن التصعيد الشامل الذي شهدناه في المنطقة منذ ما يقرب من عام الآن يزعزع استقرار الشرق الأوسط بشكل عام. كما يؤثر على حل الصراعات وإمكانيات اتخاذ قرارات جادة واستراتيجية لصالح السكان في الشرق الأوسط".

 

وقال إن "ذلك يؤثر على قدرتنا على التوصل إلى السلام. لذا فإن التطور الأخير الذي نراه في لبنان يشكل جزءًا آخر من هذا المسار المقلق للغاية والذي أعتقد أنه يجب عكسه".

 

والاثنين الماضي بدأت إسرائيل عملية عسكرية أطلق عليها اسم "سهام الشمال” ضد حزب الله في لبنان، حيث نفذت ضربات واسعة النطاق على مواقع عسكرية للحزب. والهدف المعلن هو خلق بيئة آمنة في المناطق القريبة من الحدود الشمالية لإسرائيل، حتى يتمكن عشرات الآلاف من الأشخاص من العودة إلى منازلهم، بعد أن اضطروا إلى الإخلاء بسبب القصف المتواصل من قبل حزب الله منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

 

 


مقالات مشابهة

  • أردوغان يطالب الجمعية العامة للأمم المتحدة باستخدام القوة ضج إسرائيل
  • إذا فشل مجلس الأمن.. إردوغان يقترح الخطوة التالية مع إسرائيل
  • “الصغير” يتوقع التصويت بالأغلبية بجلسة النواب على استئناف إنتاج وتصدير النفط
  • خبير علاقات دولية: دور مجلس الأمن في حفظ السلام معطل
  • رداً على اغتيال حسن نصر الله.. إيران تطالب باجتماع طارئ لمجلس الأمن
  • وزير الخارجية يلقي كلمة المملكة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها التاسعة والسبعين بنيويورك
  • «الوزاري الخليجي» وأميركا: دعم إنشاء دولة فلسطينية على طول حدود 1967
  • المبعوث الأممي لدى اليمن: التطورات في لبنان تعيق السلام في اليمن
  • الاجتماع الوزاري بين دول مجلس التعاون وأمريكا يؤكد التزام الأطراف بالشراكة الاستراتيجية
  • المبعوث الأممي لدى اليمن: التطورات في لبنان تقف عائقاً أمام السلام في اليمن