«واشنطن بوست» تنتقد إسرائيل: تصنع الخراب وتُسميه «سلام»
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، أنّ ما تفعله إسرائيل في الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة المحاصر من قبل جيشها، لا يعدو كونه خرابًا وتدميرًا لسكان مدنيين عُزل ومع ذلك تُسمي ما تقوم به «حرب عادلة ومقدسة» للانتقام من الفصائل الفلسطينية وحركة حماس التي شنت في 7 أكتوبر الماضي هجومًا واسع النطاق داخل إسرائيل.
واستهلت الصحيفة تقريرًا لها في هذا الشأن، نشرته عبر موقعها الالكتروني، اليوم، قائلة إنّ السياسيين الإسرائيليين بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يُصورون حملتهم المستمرة في قطاع غزة على أنّها حرب عدالة وانتقام ضد حركة حماس، المسؤولة عن الهجوم الأكثر دموية على إسرائيل منذ إعلانها، حيث تسلّل مسلحو حماس في 7 أكتوبر عبر الحدود المحصنة وقتلوا نحو 1400 إسرائيلي في العديد من البلدات والكيبوتسات، بينما اختطفوا أكثر من 230 رهينة.
واستشهدت الصحيفة في طرحها بقول المؤرخ الروماني القديم تاسيتوس «إنّهم يصنعون صحراء، ويسمونها السلام»، متابعة أنّ إسرائيل تسببت بالفعل في أزمة إنسانية عميقة في الجيب المحاصر الذي يقطنه 2.3 مليون نسمة وقتلت أكثر من 8500 شخص، بما في ذلك أكثر من 3500 طفل، كما دمرت آلاف المباني في المنطقة المزدحمة وسط قصف جوي لا هوادة فيه، حتى وصف بيان صادر عن اليونيسف، وكالة الأمم المتحدة للطفولة غزة بأنّها أصبحت «مقبرة لآلاف الأطفال» - وهذا هو المعدل المروع الذي تدمر به الغارات الجوية الإسرائيلية المنازل والعائلات في غزة، كما ذكر البيان «أنّ ما يحدث جحيم حي للجميع»- في إشارة إلى الوضع داخل القطاع.
ضربات وحشية إسرائيليةولفتت الصحيفة إلى أنّ آخر ضربة وحشية وقعت أمس الأول عندما أسقطت القوات الإسرائيلية قنابل على مخيم جباليا للاجئين المكتظ بالسكان شمال غزة ظاهريًا للقضاء على قائد عسكري كبير في حماس، لكن القنابل سوت حيّا بأكمله بالأرض ودمرت نحو 20 مبنى وفقا للروايات المحلية، وأسقطت أكثر من 400 شخص بين شهيد وجريح، وأفاد صحفيون بأنّ إسرائيل نفذت أيضًا غارات لاحقة على المنطقة.
وأضافت الصحيفة، أنّ حجم وسرعة ما يحدث أدى إلى رعب العديد من المتابعين، ففي خلال عطلة نهاية الأسبوع، استقال كريج مخيبر، مدير مكتب نيويورك لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، من منصبه، بحجة أنّ الأمم المتحدة فشلت مرة أخرى في إحباط ما وصفه بـ«قضية الإبادة الجماعية».
انتقاد المدافعين عن إسرائيلوكتب مخيبر، في رسالة تم تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي وانتقدها بعض المدافعين عن إسرائيل، باعتبارها تدعو بشكل فعال إلى حل الدولة اليهودية، أنّ المذبحة الجماعية الحالية للشعب الفلسطيني، المتجذرة في أيديولوجية استعمارية عرقية قومية، استمرارًا لعقود من الاضطهاد والتطهير المنهجي، استنادًا بالكامل إلى وضعهم كعرب لا تترك مجالًا للشك بأنّ ما يحدث هو إبادة عرقية.
مأساة حربووصف متحدث عسكري إسرائيلي، الخسائر في أرواح المدنيين في جباليا بأنّها «مأساة حرب مؤسفة»، لكن هذا الشعور- حسب ما ذكرت «واشنطن بوست»- يكذّب آراء الكثيرين في إسرائيل الذين يسعون إلى نتيجة أكثر تحديدا ـ ليس مجرد الهزيمة الكاملة لحماس بل وتسوية غزة بالأرض والسياق الكامل الذي ظهرت فيه حماس.
وأمس الأربعاء، دعت جاليت ديستيل اتباريان، الوزيرة السابقة في حكومة نتنياهو، عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى «محو غزة بأكملها من على وجه الأرض»، وحثّت على الإخلاء الجماعي للفلسطينيين.
وبالنسبة للإسرائيليين الأكثر رصانة، أبرزت الصحيفة الأمريكية أنّ هناك اعتقادًا راسخًا بأنّ الوضع القديم في غزة لا يمكن أن يعود، وفسّر البعض في إسرائيل هجوم حماس على أنّه إدانة لسياسات قديمة، بما في ذلك انسحاب المستوطنين والقوات من قطاع غزة عام 2005، والذي أنهى الاحتلال العسكري للقطاع، رغم أنّ إسرائيل مارست مع ذلك سيطرة عميقة على الكثير مما يحدث داخل القطاع وسط حصار اقتصادي خانق ونظام أمني مشدد.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة إسرائيل حماس واشنطن بوست أکثر من ما یحدث
إقرأ أيضاً:
خطة ترامب لإعادة تشكيل النظام العالمي
ناقش رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، التطورات في الشرق الأوسط حيث خلقت القوة العسكرية الإسرائيلية، بدعم من الولايات المتحدة، مشهداً جيوسياسياً أكثر ملاءمة لأمريكا لإعادة تشكيل النظام الإقليمي من خلال سلسلة من العمليات الدبلوماسية، ومنها إمكانية إبرام خمس اتفاقيات سلام عربية إسرائيلية.
يجب تحفيز الحكومة السورية الجديدة على طرد القوات العسكرية الروسية
هذا ما قاله روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن، في مقاله بموقع صحيفة "ذا هيل" التابعة للكونغرس الأمريكي.
وبحسب الكاتب واجه المحور الإيراني العام الماضي ضربات قوية، انهت نفوذ كل من حزب الله وحماس، فيما فقدت إيران أهم حلفائها نظام الأسد.
"A Trumpian Middle East goal: 5 Arab-Israeli peace agreements" (@TheHillOpinion) https://t.co/ai64f8GRTs
— The Hill (@thehill) February 2, 2025وارتكبت إيران خطأً استراتيجياً هائلاً بشن هجمات مباشرة على إسرائيل، إذ أدت هذه الهجمات إلى ضربات انتقامية إسرائيلية، والتي كشفت بدورها عن نقاط ضعف رئيسة في دفاعات إيران.
تهيئة المسرح لنظام جديدواتخذ ترامب بالفعل خطوات للاستفادة من هذا الزخم.
وساهم بتدخله القوي في وقف إطلاق النار الذي طال انتظاره في غزة. والآن، يتمثل التحدي في البناء على هذا الهدوء الهش وتوسيعه إلى إطار سلام إقليمي أوسع.
وحدد ساتلوف خريطة طريق لتأمين خمس اتفاقيات سلام رئيسية بين إسرائيل والدول العربية الرئيسة.
كسر القبضة الإيرانيةولكي تتمكن إسرائيل من التوصل إلى السلام مع سوريا ما بعد الأسد ولبنان ما بعد حزب الله، يتعين على الولايات المتحدة أن تعمل على تعزيز القيادات القومية في دمشق وبيروت، وضمان تحررهما من النفوذ الإيراني أو التركي.
وبالنسبة للبنان، يجب تحذير القيادة الجديدة للرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام من السماح لحزب الله باستعادة نفوذه. ويجب منع قدرة حزب الله على السيطرة على الوزارات الرئيسة لمنع نهضته السياسية.
أما بالنسبة لسوريا، فيجب تحفيز الحكومة الجديدة على طرد القوات العسكرية الروسية من قواعدها على البحر الأبيض المتوسط، ودمج الأكراد والدروز والمسيحيين والعلويين في دولة سورية لامركزية موحدة.
وتبقى خطوات ثانوية تشجع عليها الولايات المتحدة في اتفاقيات تدريجية، مثل: اتفاقية ترسيم الحدود بين إسرائيل ولبنان، ونسخة محدثة من اتفاقية فك الارتباط في مرتفعات الجولان بين إسرائيل وسوريا. ويمكن أن تمهد هذه الاتفاقيات الطريق لاتفاقيات عدم اعتداء، وفي نهاية المطاف، معاهدات سلام كاملة.
المتطلبات الرئيسة للتوصل إلى سلام إسرائيلي سعودي هي: وقف إطلاق نار مستقر في غزة، مما يضمن عدم استئناف حماس للأعمال العدائية.
والتزام إسرائيل بعملية سلام منظمة مع الفلسطينيين محددة زمنياً (كما طالبت المملكة العربية السعودية) ومشروطة بالتعاون الفلسطيني (ضرورة لإسرائيل).
تحدٍ لنتنياهوتتمثل إحدى العقبات الأكثر حساسية في إقناع نتانياهو بالانخراط في عملية سياسية تشمل السلطة الفلسطينية. وبرغم أن السلطة الفلسطينية معيبة بشدة، لكنها تظل البديل الوحيد القابل للتطبيق لحكم حماس في غزة.
وإذا تُرِك نتانياهو للاختيار بين تمكين قيادة معدَّلة للسلطة الفلسطينية أو العودة إلى الحرب مع حماس، فمن المرجح أن يختار الحرب.
التحديات والمخاطرفي حين يرى الكاتب فرصاً تاريخية، فإنه يعترف بأن العديد من المخاطر قد تعرقل العملية: فقد تنتهك حماس وقف إطلاق النار، مما يؤدي إلى إعادة إشعال الحرب في غزة. وقد تفشل القيادة الجديدة في لبنان في استقرار البلاد، مما يسمح لحزب الله بالتعافي. وقد تعود حكومة سوريا إلى التطرف، فتخسر الدعم الدولي.
وقد تثير الفصائل اليمينية المتطرفة في إسرائيل الصراع في الضفة الغربية، مما يعرض الدبلوماسية للخطر. وقد تسعى إيران، التي تدرك تراجع نفوذها الإقليمي، إلى امتلاك الأسلحة النووية، مما قد يؤدي إلى سباق تسلح إقليمي.
ولتجنب هذه المزالق، يؤكد الكاتب على الحاجة إلى الدبلوماسية الحذرة والصبر الاستراتيجي والاستعداد لتحمل المخاطر المحسوبة.