الاحتلال يستهدف تاريخ غزة.. تهديدات لمقر البلدية الأثري وتدمير مساجد وكنائس
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
غزة – خلال 4 أسابيع من الحرب الإسرائيلية الدموية على قطاع غزة، ارتكبت قوات الاحتلال "مذابح مروعة" بحق "البشر والحجر والشجر"، ولم تسلم حجارة الآثار في المدينة -التي تضم مواقع تعود لحقب تاريخية مختلفة- من العدوان والقصف.
ينظر العارفون بقيمة المباني التاريخية بالقطاع المحاصر إلى عمليات الاستهداف الإسرائيلي أنها محاولة "لاقتلاع التاريخ"، والنيل من تراث المدينة العريقة الذي يتفوق بعقود طويلة على تاريخ دولة الاحتلال المقامة على أنقاض فلسطين التاريخية إبان النكبة في العام 1948.
ونال الدمار من منازل ومقابر أثرية، وعشرات المساجد، و3 كنائس، تبرز من بينها كنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس، القريبة من المستشفى الأهلي العربي الشهيرة بـ"المستشفى المعمداني"، الذي شهد بدوره واحدة من أبشع المجازر الإسرائيلية خلال الحرب المحتدمة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
خسارة تاريخية وفوضى مدنيةويخشى مجلس بلدية غزة من أن يطال الدمار المقر التاريخي للبلدية، الذي يبعد بضع عشرات من الأمتار عن المستشفى المعمداني، بعدما تلقى المجلس تهديدات إسرائيلية وإنذارات بقصف المقر وتدميره.
ويمثل مقر البلدية، الذي يعود تاريخ تشييده إلى ما قبل نحو 200 عام، رمزية عالية في مدينة غزة، كبرى مدن القطاع ويقطنها أكثر من 800 ألف نسمة، كما يقول للجزيرة نت رئيس البلدية الدكتور يحيى السراج.
ويطل مقر البلدية على "ميدان فلسطين"، ويقع فيما تعرف "غزة القديمة"، التي تضم بين جنباتها ومناطقها عشرات المباني والمعالم الأثرية والتاريخية، أبرزها "المسجد العمري الكبير" و"كنيسة القديس برفيريوس" المجاورة لمسجد "كاتب ولاية" ويعود تاريخه للقرن السابع الميلادي، و"حمام السمرة" آخر وأبرز معالم الحقبة العثمانية، و"سوق القيسارية" في حي الدرج أحد أعرق أحياء المدينة وتميزه منازل يعود تاريخها لمئات السنين.
وأضاف السراج، الذي فقد نجله الصحفي "رشدي" في غارة جوية إسرائيلية خلال الحرب الحالية، أنه "غير واثق" بأن المقر التاريخي للبلدية سيبقى صامدا، وربما تنفذ قوات الاحتلال تهديدها وتقصفه وتحوله إلى ركام في أي لحظة، وبرأيه فإن تدمير مبنى البلدية "يمثل خسارة تاريخية، وسيتسبب في فوضى كبيرة نتيجة فقدان المعلومات، حيث يضم وثائق وأرشيف المدينة".
واستخدم المقر الحالي لبلدية غزة وقت تشييده لفترة قصيرة كمستشفى، وبحسب السراج فإنه لا مبرر للاحتلال لقصفه وتدميره سوى "الانتقام"، والنيل من "رموز غزة الأثرية والتاريخية".
استهداف رموز مسيحيةوليس بعيدا عن مقر بلدية غزة، تعانق أجراس كنيسة القديس برفيريوس مأذنة مسجد "كاتب ولاية"، وتشكلان رمزا للتعايش التاريخي بين المسلمين والمسيحيين في غزة، الذين لم تفرق بينهم صواريخ الاحتلال وقذائفه، واختلطت دماؤهم معا، في مجزرة وقعت داخل أسوار الكنيسة، أسفرت عن 18 شهيدا، والحقت أضرارا جسيمة بمبانيها التاريخية العريقة.
رئيس أساقفة طبريا ألكسيوس يزور كنيسة القديس برفيريوس في مدينة غزة، التي تعرضت لأضرار بالغة (الجزيرة)وهذه الكنيسة التي تعرف شعبيا في غزة باسم "كنيسة الروم الأرثوذكس" أو "كنيسة المقبرة" حيث تحيط بها مقبرة مسيحية، هي واحدة من أقدم الكنائس على مستوى العالم، ولجأ إليها نازحون من الأحياء المجاورة كملجأ آمن، غير أن غارات الاحتلال لاحقتهم، وأوقعت في أوساطهم شهداء وجرحى من المسلمين والمسيحيين.
ويعود تاريخ بناء الكنيسة، كما قال مدير العلاقات العامة بها كامل عياد، للعام 425 ميلاديا، وتبلغ مساحتها 216 مترا مربعا، وتمتاز بجمال البناء على الطراز البيزنطي، وتلفت الأنظار إليها لما تحتويه من لوحات رخامية فنية تعبر عن تاريخ الوجود المسيحي في غزة الممتد لمئات السنين، بحسب حديثه السابق للجزيرة نت.
وبفعل الظروف الصعبة التي تشهدها غزة منذ العام 2007، جراء الحروب الإسرائيلية المتكررة والحصار الخانق، تراجعت أعداد المسيحيين في غزة لنحو 1300 نسمة، وفقا لتقديرات مؤسسات مسيحية، وذلك نتيجة الهجرة إلى الضفة الغربية والخارج، وتراجع معدلات المواليد.
"ظننت أنها مكان آمن"..
إسرائيل ترتكب مجزرة جديدة بقصف كنيسة الروم الأرثوذكس بغزة والبطريركية تصفه بجريمة حرب. pic.twitter.com/98j76rx6eB
— AJ+ عربي (@ajplusarabi) October 20, 2023
تدمير أعمدة دينية وتاريخيةورغم أن أعدادهم في تراجع مستمر، فإن الحضور المسيحي في غزة تميز بحضور شخصيات مجتمعية، ومعالم أثرية وتاريخية، ومدارس ومؤسسات تعليمية وثقافية، لم تسلم من القصف والتدمير، ويعد "المستشفى المعمداني" أحد أبرز المعالم المسيحية في غزة، وقد شهد مجزرة إسرائيلية مروعة راح ضحيتها زهاء 500 شهيد ومئات الجرحى، فضلا عن دمار كبير لحق بمرافقه.
ويقع هذا المستشفى في القلب من "غزة القديمة" أو ما يعرف حاليا بـ"حي الزيتون"، وتحيط به "كنيسة القديس برفيريوس" ومسجد الشمعة، ومقبرة الشيخ شعبان وهي واحدة من أقدم المقابر في القطاع.
ويتبع المستشفى المعمداني، وهو الأقدم في القطاع وتأسس عام 1882 ميلادي، للكنيسة الأسقفية الأنجليكانية في القدس، وتم تشييده على يد البعثة التبشيرية التي كانت تابعة لإنجلترا. وتعتبر الكنيسة المعمدانية واحدة من 3 كنائس للمسيحيين، إلى جانب "كنيسة القديس برفيريوس" و"الكنيسة اللاتينية" وجميعها تقع في محيط واحد يمتاز بعراقته التاريخية.
موقع كنيسة القديس برفيريوس الأرثوذكسية ومواقع دينية ومدنية أخرى في مدينة غزة (الجزيرة)ودمرت غارات جوية إسرائيلية أحدث المعالم المسيحية في غزة وهو "المركز الثقافي الأرثوذكسي" في حي تل الهوا بمدينة غزة، وقالت بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية في بيان إن قصف هذا المركز يمثل "استهدافا مباشرا وغير مبرر لأحد أعمدة الثقافة والخدمات الاجتماعية في غزة"
وبحسب البطريركية فإنه غارات الاحتلال دمرت عشرات دور العبادة بين مسجد وكنيسة، منذ اندلاع الحرب على غزة، من دون "مبرر عقلاني ولا أساس إنساني، ولا تتماشى مع أدنى القيم الأخلاقية".
ووفقا لتوثيق أولي لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية فإن عشرات المساجد دمرت كليا أو جزئيا جراء الغارات الجوية الإسرائيلية العنيفة في جميع مناطق القطاع، من بينها أكثر من 50 مسجدا تحولت إلى ركام، وهناك مساجد ذات قيمة أثرية وتاريخية نال منها الدمار بدرجات متفاوتة.
ويبلغ عدد معالم غزة 145 معلما أثريا، حسب الدليل الأثري الذي أصدرته وزارة السياحة والآثار العام الماضي، موزعة على مدن مختلفة بقطاع غزة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: کنیسة القدیس برفیریوس المستشفى المعمدانی واحدة من فی غزة
إقرأ أيضاً:
السنوار 2.. من هو الأسير الذي يخشى الاحتلال إطلاق سراحه؟
تبدي أوساط في حكومة الاحتلال تخوفها من إطلاق سراح أحد الأسرى الفلسطينيين، في إطار صفقة مرتقبة لتبادل الأسرى، خشية ان يتحول إلى "سنوار جديد".
وفي الوقت الذي تتصدر فيه صفقة إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين، النقاش العام في "إسرائيل"، طرح مسؤول إسرائيلي؛ إسما من بين الأسرى الأمنيين الذين يقضون أحكامًا طويلة السجن، وحذر من أنه يمكن أن يتحول إلى قائد جديد، كبديل لرئيس حركة حماس في غزة، يحيي السنوار.
ونقلت صحيفة "معاريف" عن اللواء دوفيدو هراري، رئيس قسم جمع المعلومات في وحدة الاستخبارات بمصلحة السجون، قوله، إن "بين الشخصيات البارزة من حركة حماس، الأسير إبراهيم حامد، رئيس الجناح العسكري لحماس في الضفة الغربية في الانتفاضة الثانية، والمُدان بعشرات أحكام السجن المؤبد".
كما يشير هراري إلى الأسير عباس السيد من طولكرم، الذي قاد الهجوم على فندق بارك في نتانيا، والأسير حسن سلامة من غزة، المسؤول عن الهجمات الكبرى في القدس في التسعينيات، إضافة إلى محمد عرمان، الذي كان وراء الهجوم في مقهى مومنت في القدس.
ومن جانب حركة فتح، يبقى مروان البرغوثي الشخصية الرمزية الأكثر أهمية في الشارع الفلسطيني، وإلى جانبه يُذكر ناصر عوف من نابلس، الذي كان شخصية قيادية في فترة الانتفاضة الثانية. وفق المسؤول الإسرائيلي.
ووفقًا لبيانات مصلحة السجون، يوجد حاليًا نحو 10 آلاف أسير "أمني" فلسطيني، 40% منهم ينتمون إلى فتح، و40% آخرين إلى حماس، وحوالي 10% إلى الجهاد الإسلامي، والبقية ينتمون للجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية.
ولفت هراري إلى التغيير داخل السجون والتشديد الكبير ضد الأسرى قائلا: "منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر حدث تغيير دراماتيكي، فلقد فصلنا بين الأسرى، وقطعنا كل قدرتهم على إدارة أي نوع من بناء القوة في السجون، وكل قدرة نقل الرسائل، الهواتف، الزيارات، كل قدرة لتوجيه أسرى آخرين، وإدارة عمليات القيادة والانتخابات داخل السجن".