يقول القاضى المصرى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة فى إحدى دراساته عن " التهجير القسرى جريمة حرب تهدر الشرعية الدولية وتعيد البشرية لشريعة الغاب "  أن بعض المصادر - موقع إخباري إسرائيلي سيشا ميكوميت (Sicha Mekomit) - كشفت ما اقترحته وزارة الاستخبارات الإسرائيلية في وثيقة رسمية بنقل سكان قطاع غزة، وعددهم 2.

3 مليون نسمة تقريبًا، على هيئة مدن خيامية في شمال سيناء، وهو ما كشف عنه ايضًا قول جيورا إيلاند رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي السابق بأن "إسرائيل بحاجة إلى خلق أزمة إنسانية في غزة، وإجبار عشرات الآلاف أو حتى مئات الآلاف على البحث عن ملجأ في مصر أو الخليج " وهو الاقتراح الذى يمثل عدوانًا على السيادة المصرية ومخالفًا للشرعية الدولية وسيؤدى إلى محو الوجود الفلسطينى من سياق التاريخ، وهو ما يتنبه إليه الفلسطينيون أنفسهم بالذكريات النكباء التي حلت بهم في عام 1948 حينما أجبر الآلاف منهم على ترك منازلهم دون أن يتمكنوا من خدمة قضيتهم مرة أخرى.

ويضيف الدكتور محمد خفاجى إن أي نقل قسري لبعض أو كل الفلسطينيين من غزة خارج ديارهم سيشكل فى حقيقته وجوهره انتهاكًا خطيرًا للقانون الإنساني الدولى، إذ تحظر المادة (49) من اتفاقية جنيف الرابعة  النقل القسري الفردي أو الجماعي أو ترحيل الأشخاص المحميين إلى أي دولة أخرى، بغض النظر عن الدافع إليه،  كما أنه سيشكل انتهاكًا خطيرًا للمادة (2)  من البروتوكول الإضافى الثانى  لاتفاقيات جنيف، الذي يحظر الأمر بتهجير السكان المدنيين أو إجبارهم على النزوح، وتجدر الإشارة إلى أن الترحيل والنقل القسري للسكان يعتبر جرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، التي يجب أن تجري تحقيقًا نشطًا في الوضع في  غزة  وما يجرى فيها. 

ويشير الدكتور محمد خفاجى إن شعوب العالم تشعر بالصدمة والرعب من توثق الجرائم الدولية وعمليات القتل العشوائي للمدنيين والتدمير الشامل لأحياء بأكملها على جسد غزة والاستهداف المنهجي للبنية ​​التحتية والممتلكات على يد الكيان المحتل بالإخلال بميزان الحق الدولى للإنسانية، الأمر الذى تشكل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وتتعاظم قواعد المسئولية الدولية عن جرائم الإبادة الجماعية لاستخدام إسرائيل للذخائر الفسفورية التى تسبب قتلًا بشعًا للبعض وحروقا مبرحة وإصابات طويلة الأمد للبعض الأخر، خاصة حينما لم تتمكن فرق الإنقاذ من الوصول إلى بعض المنازل المدمرة بسبب نقص المعدات اللازمة  مما يعجز معه على البشرية  التعامل مع الكم الهائل من الإصابات الرهيبة التي يواجهونها.

ويذكر إن ما تفعله إسرائيل من التخيير بين الإبادة الجماعية أو التهجير القسرى لسكان غزة يعد عملا انتقاميا خالصا للعنف المروع كشفت عنه  كلمات المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي الذي قال إن "التركيز ينصب على الضرر وليس الدقة". فضلًا عن تدفق التفجيرات العشوائية القاتلة لسكان غزة شيوخًا ونساءً وأطفالًا مع قطع إمدادات الغذاء والماء والكهرباء والوقود والدواء، وهى تشكل جرائم دولية يجب على القوى الكبرى أن تتدخل لوقفها حفظًا لكرامة الإنسانية.

ويؤكد إن محاولة إجبار المدنيين بقطاع غزة وتهجيرهم بشكل يخالف الشرعية الدولية  يعكس نية الإبادة الجماعية وعلى الدول الكبرى فى العالم أن تعمل على  وقف فوري لإطلاق النار، ورفع الحصار والسماح بإيصال المساعدات الإنسانية دون تأخير ووضع حد لنظام العقاب الجماعي لسكان غزة، ولا يجب لهذا الوضع غير الشرعى أو القانوني في فلسطين أن يستمر، وإلا ستكون تلك القوى الكبرى متواطئة في الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني.

ويضيف هذه لحظات فارقة للإنسانية في جميع أنحاء العالم وعلى الدول الكبرى أن تفيق وتتحد  للحفاظ على الحقوق العالمية للبشرية، فليس من مصلحة السلام العالمى أن يكون فكر بعض القادة السياسيين فى الغرب الداعمين للكيان المحتل  ينطوى على تقويض لأحكام القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان والمبادئ الأخلاقية التي تقوم عليها سياسة السلام والتنمية المستدامة لشعوب الكرة الأرضية.

ويوجه الدكتور محمد خفاجى رسائل تاريخية فى دراسته بأن الولايات المتحدة الأمريكية سوف تندم كثيرًا على المستوى الدولى فى نظر القوى النظيرة إذا لم تضغط على إسرائيل لإنهاء جرائم الحرب وقبول وقف إطلاق النار، ويجب عليها أن تعارض أي أعمال للكيان المحتل  قد تؤدي إلى التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، إن إسرائيل تتلاعب بأمريكا فى التهجير القسرى لغزة وستكلف العالم حربًا إقليمية ضدها، وستخسر أمريكا أكثر مما ستربحه، وينبغى على الكونجرس الأمريكى أن يكون واعيًا للحفاظ على هيبة أمريكا أكبر دولة فى العالم وأن يصوت ضد أي مشروع قانون يعكس لغة شريعة الغاب وأن يرفض تشجيع أو إجازة أو تسهيل أو تمول الترحيل القسري للفلسطينيين.

 ويختتم على الإدارة الأمريكية الحالية ألا يغرنها بالله الغرور بتدعيمها الجهود الإسرائيلية بمحاولة نقل الفلسطينيين قسرًا، وعليها أن تقف ضد رغبة إسرائيل التى تريد بغزة أن تبصح غير صالحة للحياة والسكنى لإجبار الفلسطينيين على الفرار إلى مصر،  لأن مثل هذا التفكير الشيطانى من شأنه أن يجعل القادة الأمريكيين مسئولين عن التواطؤ في جرائم الحرب بصفة مباشرة،  ويجب على غطرسة القوة ألا تنسيهم ما تدرجه المادة 8 من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية من أن "ترحيل السكان أو النقل القسري للسكان" باعتباره جريمة حرب،  وما تحدده المادة 25 من نفس النظام المسئولية الجنائية الفردية والتى تنص على أن " الشخص يكون مسئولًا جنائيًا ويعاقب بالعقوبة على جريمة تدخل في اختصاص المحكمة إذا "ساعد أو حرض أو ساعد بطريقة أخرى في ارتكابها أو محاولة ارتكابها، بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها".

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: أزمة إنسانية السيادة المصرية الوجود الفلسطيني الاستخبارات الإسرائيلية سكان قطاع غزة التهجير القسري وزارة الاستخبارات التهجیر القسرى الدکتور محمد

إقرأ أيضاً:

رئيس الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني لـ«الأسبوع»: جرائم الاحتلال الإسرائيلي تتعارض مع كافة قواعد القانون الدولي

أدان الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني، استئناف قوات الاحتلال الإسرائيلي وبدعم امريكي معلن، حرب الإبادة الجماعية والعدوان على قطاع غزة، مؤكدا أنه يعيد الى الاذهان مشاهد العدوان وحرب الإبادة الجماعية السابقة والمتواصلة التي حصدت أرواح قرابة 65 ألف شهيد ومفقود، وأصابت أكثر من 112 ألف آخرين، 70% منهم أطفال ونساء.

وأكد عبد العاطي، في تصريح خاص لـ «الأسبوع»، أن جرائم الاحتلال الإسرائيلي تتعارض تماما مع كافة قواعد القانون الدولي الإنساني وأعراف الحرب وبخاصة اتفاقيات جنيف واتفاقيات لاهاي، مشيرا إلى أن القصف الإسرائيلي فجراً تسبب في سقوط أكثر من 356 شهيدا، وإصابة أكثر من 1000 آخرين بجراح مختلفة معظمها خطيرة، وأن المستشفيات المتبقية تعجز عن استيعاب وتقديم الخدمات الصحية المطلوبة للمصابين.

وأضاف عبد العاطي أن جميع الشواهد والوقائع تؤكد أن جيش الاحتلال الإسرائيلي، تعمد خرق اتفاق وقف اطلاق النار الذي جرى توقيعه برعاية مصرية وقطرية وأمريكية والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 17 يناير 2025، بوذلك رفضه الالتزام بمراحل الاتفاق وتعهداته، واستمرار رغبة نتنياهو في مواصلة الحرب والعدوان حفاظا على بقائه في الحكومة.

وأكد عبد العاطي، أن ادعاءات ومبررات الاحتلال الإسرائيلي لاستئناف حرب الإبادة الجماعية (عدا عن كونها غير قانونية وغير أخلاقية) فإنها مبررات كاذبة تهدف الي تبرير قتل المدنيين وخاصة الأطفال والنساء وتدمير المنشآت المدنية التي حولها الاحتلال الإسرائيلي لأهداف حربية، وان استمرار الهجمات الحربية الوحشية على قطاع غزة ينذر بكارثة وأخطار إنسانية فادحة لا يمكن تدارك عواقبها وخاصة أنها تتزامن من ضعف القطاع الصحي المدمر والذي يعمل بشكل جزئي،

اقرأ أيضاًوزير الأوقاف: العدوان الإسرائيلي على غزة جريمة حرب وانتهاك لجميع المواثيق الدولية

مصر تدين الغارات الجوية الإسرائيلية على قطاع غزة

شهداء وجرحى في رمضان.. ماذا يحدث في غزة الآن؟

مقالات مشابهة

  • خلال لقائهما في استراحة المرموم بدبي.. رئيس الدولة ومحمد بن راشد يبحثان شؤون الوطن بحضور منصور بن زايد
  • محمد بن زايد ومحمد بن راشد يبحثان شؤون الوطن بحضور منصور بن زايد
  • رئيس الدولة ومحمد بن راشد يبحثان شؤون الوطن بحضور منصور بن زايد
  • اجتماع أمني في مجلس الدولة يناقش تداعيات الهجرة غير الشرعية
  • رئيس الهيئة الدولية لدعم الشعب الفلسطيني لـ«الأسبوع»: جرائم الاحتلال الإسرائيلي تتعارض مع كافة قواعد القانون الدولي
  • الصغير: المنفي يعزم تكالة بصفة رئيس مجلس الدولة ومستشاره يدعو المشري لأمريكا بنفس الصفة
  • سفير الإمارات يقدم أوراق اعتماده إلى رئيس غانا
  • رئيس الدولة: العمل الإنساني من سمات هويتنا الوطنية
  • رئيس الدولة يستقبل وفد مؤسسة إرث زايد الإنساني والجهات التابعة والمانحين
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس إيرلندا باليوم الوطني