برلمانية تُقاضي صحافييْن فضحا استغلالها سيارة الدولة للتبضع.. وحماة المال العام يَدخلون على الخط
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
أخبارنا المغربية ــــ الرباط
قررت نائبة برلمانية عن مدينة فاس مقاضاة صحافييْن اثنين "فضحا" استغلالها سيارة الدولة في التبضع بأحد الأسواق.
ووفق منشور لأحد الصحافيين المعنيين بالمتابعة القضائية على صفحته الرسمية؛ أفاد أنه "عقدت، أمس الثلاثاء، الجلسة السابعة من محاكمته رفقة زميل له".
وزاد الصحافي نفسه قائلا: "حضرنا من أجل الدفاع عن حقنا في التعبير، وإرسال رسالة مفادها أننا عازمون على المواصلة وفضح كل فعل غير قانوني".
كما تابع: "جرنا للقضاء من طرف النائبة البرلمانية وللجلسة السابعة على التوالي، جاء بسبب نشرنا صور لسيارة الجهة وهي تستغلها من أجل التبضع من أحد الأسواق الشعبية، ضاربة المذكرات الوزارية عرض الحائط".
"إن ممارستنا للفعل السياسي والجمعوي مكفول لنا دستوريا، وإننا نعرف ما لنا وما علينا، ولم يسبق لنا أن شهرنا أو شتمنا أو اقتحمنا الحياة الخاصة للسياسيين، بل ننتقد بموضوعية وكل مسؤولية"، يشرح الصحافي نفسه.
كما لفت إلى أنه "لن يرهبنا من يستقوي بوزير العدل، ولن يرهبنا من يستقوي بالأحزاب السياسية. إن الحق يعلى ولا يعلى عليه".
من جهته؛ دخل محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، على الخط، موردا أن "الصحافيين قاما بواجبهما المهني، وفضحا بعض مظاهر الفساد والريع بالمدينة، المتمثل في تصوير سيارة تابعة للدولة تستعملها برلمانية في التسوق، وقضاء مصالحها الشخصية والتباهي بالسلطة والنفوذ".
ولأنهما كذلك، يواصل الغلوسي منشوره على صفحته الرسمية، فإن "النائبة المحترمة والمثيرة للجدل بالمدينة، والمحسوبة على حزب الأصالة والمعاصرة، لم تتقبل ذلك، بل سارعت إلى تقديم شكاية ضدهما لترهيبهما، وهما الآن يتابعان أمام القضاء بفاس في جلسات ماراطونية".
كما أضاف: "فعلت ذلك عوض أن تعتذر لناخبيها ولسكان المدينة عن سلوكها المستفز، المخالف لدوريات وزارة الداخلية ولأخلاقيات العمل السياسي والمرفق العمومي".
وفي هذا الصدد؛ تساءل رئيس الجمعية ذاتها، "هل سيجرؤ حزبها على عرضها على المجلس التأديبي واتخاذ قرار في حقها، لأنها مارست سلوكا يتنافى ونبل العمل السياسي ومبادئ الحزب؟".
وأمام هذا الوضع؛ دعا الغلوسي إلى "إسقاط المتابعة في حق الصحافيين، مع فتح بحث في سلوك النائبة البرلمانية المحترمة"، مشددا على أن "هذا السلوك المشين يفرض على وزارة الداخلية فتح تحقيق في الموضوع، لأن ذلك يضرب دورياتها وتوجيهاتها الرامية إلى تخليق المرفق العمومي ضرب الحائط".
تجدر الإشارة إلى أن الغرفة الجنحية العادية في المحكمة الابتدائية بفاس أجلت جلسة محاكمة الصحافيين المذكورين إلى غاية 14 نونبر الجاري لإعداد الدفاع، بعدما تقدمت نائبة برلمانية بشكاية ضدهما، مطالبة في هذا الإطار بتعويض قدره 10 ملايين سنتيم.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
«الصحافة الحكومية».. الصوت والصدى
لم يعد هناك ما يسمى بـ«صحافة الدولة»، أو «الإعلام الرسمي» -بمفهومه الضيق والمحصور في وجهة نظر واحدة- لقد عفا الزمن عن مثل هذه التسميات التي تؤطر دور الإعلام، وتحصره في مسار واحد، وتقيد حريته، ونشاطه، وتقصر متابعاته الخبرية على الأنشطة الحكومية، لقد تحولت الصحافة إلى الشمولية، والتعددية، وأصبحت أداة للرقابة، وكشف المستور، وإجراء التحقيقات الهادفة، والاستقصائية، وهو ما يعطيها دفعتها للحياة، والبقاء، والنزاهة، فهي يد وعين للحكومة لتنفيذ مشروعاتها، وكشف أوجه القصور، والتقصير فيها، ومتابعة تنفيذها، وهي بذلك تقوم بدورها التنموي بمفهومه غير التقليدي، وكذلك تقوم بدروها في توجيه بوصلة الحكومة، كما تعين الدولة على تقليل هامش الفساد، ووقف إهدار المال العام، وتوجيه موارد الدولة إلى مكانها الصحيح.
إن الحكومات في أي دولة -تسعى إلى المستقبل- لا تحتاج لمن يردد خلفها «آمين»، أو أن يكون مجرد صدى لصوتها، بل تحتاج إلى من يعينها على أداء واجباتها، ومسؤولياتها تجاه مواطنيها، وتقدم لها صورة واضحة، وحقيقية، ومحايدة للمشهد العام، فالصحافة -بكل قنواتها سواء إذاعة أو تلفزيون أو جرائد- قادرة على النزول إلى الشارع، ومعرفة همس الناس، ونقل قضاياهم، ووجهات نظرهم إلى المسؤولين في الحكومة، ونبش خبايا أمور قد لا تظهر أحيانا للجهات الرسمية، ولذلك يبقى صوت الصحافة مؤثرًا ومحوريًا في عملية التنمية، سواء بشرية أو مادية، وفي كل الأحوال يبقى لصوت الحكومة ودعايتها لمشاريعها، وأجندتها التي تعمل عليها هامش واسع لكي تنقل وجهة نظرها للجمهور، وتركز على أهدافها المشروعة، وتوصل صوتها إلى الناس، وتعكس جهودها، فهذا من حقها، وجزء من رسالتها المجتمعية، مع عدم إغفال وجود مساحة واسعة كذلك للرأي الشعبي العام، ونقل وجهات نظر الناس في الشارع، فهم المعنيون بكل تنمية، لذا يجب فهم آرائهم، وجس نبضهم، وفهم مدى رضاهم عمّا تقدمه الحكومة، والذي سيساعد ولا شك في إشراك الجمهور في خريطة بناء الدولة، وتنمية المجتمع بكل صدق، وشفافية.
لقد حلّت وسائل التواصل الاجتماعي بشتى منصاته مكان الصحافة الحكومية، وغدا الناس يتابعون تلك القنوات؛ لأنهم يرون أنها تنقل ما يعانونه، وتسهم في «تفريغ» الغضب، أو عدم الرضا عن قرار معين، أو مشروع غير ذي جدوى بالنسبة لهم، ولذلك انحسرت متابعة الجمهور للصحافة الرسمية؛ لأنهم يرون أنها تنقل وجهة نظرة واحدة، ووحيدة، وأصبح كثير من وسائل الخبر الحكومية لا تؤدي الغرض منها في نقل صورة حقيقية وواقعية للمشهد في المحيط العام، وهذا منحنى خطير على التنمية البشرية بالذات، وهو بحاجة إلى معالجات حاسمة، وحلول جذرية تعيد الصحافة الرسمية إلى مكانتها، وتعمل على تشكيل وعي مجتمعي مؤثر، وقادر على التغيير الذي تسعى إليه أي حكومة في العالم، وهو يأتي عبر إتاحة مساحة جيدة لسماع صوت المواطن في تلك الدول.
إن تأثير الصحافة على الرأي العام أمر مهم، وضروري، ولا يأتي هذا التأثير من خلال «الطريق ذي الاتجاه الواحد»، بل يكون عبر إتاحة مسارات مختلفة، ومتعددة تنقل كل ما يدور في الشارع، وتتيح الفرصة للجميع -سواء الحكومة أو الجمهور- للتعبير بشكل أكثر شفافية، واحترافية، ومهنية عن آرائهم، وهذا التوازن الإيجابي أحد أهم مرتكزات التنمية المستقبلية لأي مجتمع يسعى إلى بناء نفسه، دون أن يخل بأحد طرفي المعادلة البشرية «الحكومة والشعب».