حذر تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية من أنه في أعقاب الصدمات الاقتصادية الناجمة عن وباء كورونا والحرب الروسية في أوكرانيا، لن يحظى العالم سوى بالقليل من الحماية في حال تحول القتال بين حماس وإسرائيل إلى صراع إقليمي.
وذكرت الصحيفة -في تقرير عبر موقعها الإلكتروني اليوم /الخميس/- أن المخاوف من احتمال تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى صراع إقليمي باتت تلقي بظلالها على آفاق الاقتصاد العالمي، وتهدد بإضعاف النمو ومزيد من الارتفاع في أسعار الطاقة والغذاء.


وقالت الصحيفة إن الدول الغنية والفقيرة قد بدأت للتو في التقاط أنفاسها بعد سلسلة من الصدمات الاقتصادية استمرت ثلاث سنوات، بما في ذلك جائحة كوفيد 19 والحرب الروسية في أوكرانيا. إذ انخفض معدل التضخم القاسي، واستقرت أسعار النفط وتم تجنب الركود المتوقع.
والآن، تحذر بعض المؤسسات المالية الدولية الرائدة ومستثمرو القطاع الخاص من أن التعافي الهش ربما يتحول إلى وضع سيئ.
ونسبت الصحيفة إلى إنديرميت جيل، كبير الاقتصاديين في البنك الدولي قوله: "هذه هي المرة الأولى التي نتعرض فيها لصدمتين للطاقة في نفس الوقت"، وذلك في إشارة إلى تأثير الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط على أسعار النفط والغاز.
وأضاف أن هذه الزيادات في الأسعار لا تؤدي إلى تقليص القوة الشرائية للأسر والشركات فحسب، وإنما تؤدي أيضا إلى ارتفاع تكلفة إنتاج الغذاء، الأمر الذي يزيد من مستويات انعدام الأمن الغذائي المرتفعة، لا سيما في البلدان النامية.
وفي الوقت الحالي، تعاني الدول بالفعل من مستويات مرتفعة بشكل غير عادي من الديون والاستثمارات الخاصة المتعثرة، فضلا عن أبطأ وتيرة انتعاش في التجارة منذ خمسة عقود، ما يجعل من الصعوبة بمكان بالنسبة لها أن تجد طريقها للخروج من الأزمة. كما أن ارتفاع أسعار الفائدة، نتيجة لجهود البنك المركزي لترويض التضخم، جعل من الصعب على الحكومات والشركات الخاصة الحصول على الائتمان وتجنب التخلف عن السداد.
وأوضح جيل أن: "كل هذه الأشياء تحدث في نفس الوقت". "نحن في واحدة من أكثر المراحل هشاشة بالنسبة للاقتصاد العالمي."
وأشارت نيويورك تايمز إلى أن تقييم جيل يعكس كذلك تقييمات المحللين الآخرين. ففي الشهر الماضي، قال جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورجان تشيس، إن "هذا قد يكون أخطر وقت شهده العالم منذ عقود من الزمن"، ووصف الصراع في غزة بأنه "الأمر الأكثر أهمية وحيوية بالنسبة للعالم الغربي".
وأضافت الصحيفة أن الشواغل السياسية المهيمنة تعني أيضا أن الأدوات النقدية والمالية التقليدية مثل تعديل أسعار الفائدة أو الإنفاق الحكومي ربما تكون أقل فعالية.
لقد أدى القتال بين إسرائيل وحماس إلى مقتل الآلاف من المدنيين وجلب البؤس المؤلم. ومع ذلك، في حال ظل الصراع تحت السيطرة، فمن المرجح أن تظل التأثيرات المتتالية على الاقتصاد العالمي محدودة، وفقا لمحللين.
ونقلت الصحيفة عن جيسون بوردوف، مدير مركز سياسة الطاقة العالمية في جامعة كولومبيا قوله: "إنه وضع متقلب للغاية وغير مؤكد ومخيف". ولكن هناك "اعتراف بين معظم الأطراف، الولايات المتحدة وأوروبا وإيران ودول الخليج الأخرى، بأنه ليس من مصلحة أحد أن يتوسع هذا الصراع بشكل كبير خارج إسرائيل وغزة".
وأضاف أن الأخطاء وسوء التواصل وسوء الفهم يمكن أن تدفع الدول إلى التصعيد حتى لو لم ترغب في ذلك.
وأشار إلى أن الانخفاض الكبير والمستدام في المعروض العالمي من النفط - أيا كانت الأسباب - يمكن أن يؤدي في الوقت نفسه إلى إبطاء النمو وتأجيج التضخم، وهو مزيج ملعون يعرف باسم الركود التضخمي.
من جانبه قال جريجوري داكو، كبير الاقتصاديين في مجموعة /EY-Parthenon/ الاستشارية إن السيناريو الأسوأ الذي يتسع فيه نطاق الحرب قد يتسبب في ارتفاع أسعار النفط إلى 150 دولارا للبرميل، من حوالي 85 دولارا حاليا، محذرا من أن "العواقب الاقتصادية العالمية لهذا السيناريو وخيمة".
واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها قائلة إنه من الممكن أن يؤدي الصراع في الشرق الأوسط وكذلك الضغوط الاقتصادية إلى زيادة تدفق المهاجرين المتجهين إلى أوروبا من تلك المنطقة وشمال إفريقيا. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الحرب في الشرق الأوسط الاقتصاد العالمي

إقرأ أيضاً:

لواء البراء بن مالك.. كيف عادت كتائب الدفاع الشعبي إلى واجهة الصراع في السودان؟

وسط الضجيج المستمر للحرب في السودان، يطفو اسم "لواء البراء بن مالك" على سطح الأحداث كواحدة من أبرز المجموعات المسلحة غير النظامية التي تقاتل إلى جانب الجيش السوداني. هذه المجموعة التي بدأت ككتيبة صغيرة قبل أن تعلن عن تضخم عدد مقاتليها إلى 21 ألف فرد، تعيد إلى الأذهان تاريخ كتائب الدفاع الشعبي في السودان، وتثير أسئلة حول دور الجماعات العقائدية في النزاع الدائر.

من كتيبة إلى لواء.. كيف نشأت؟
ظهر اسم "كتيبة البراء بن مالك" لأول مرة خلال حرب الجنوب، حيث كانت جزءًا من قوات الدفاع الشعبي، الذراع القتالي الشعبي للحركة الإسلامية السودانية. وبعد سقوط نظام الرئيس السابق عمر البشير في 2019، تراجعت هذه الجماعات مع حل مؤسساتها الرسمية، لكن أفرادها ظلوا على تواصل، يجتمعون تحت مظلة الأنشطة الاجتماعية، منتظرين اللحظة المناسبة للعودة إلى الواجهة.

بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021، وجد أفراد الكتيبة الفرصة مواتية لاستعادة نشاطهم، مستفيدين من الأجواء التي أعادت بعض الوجوه الإسلامية إلى المشهد. ومنذ ذلك الحين، بدأوا إعادة تنظيم صفوفهم، مقسمين أنفسهم إلى ثلاثة قطاعات رئيسية في ولاية الخرطوم، مستغلين شبكة العلاقات التي تجمعهم، لا سيما في أوساط الموظفين بالقطاعات الحيوية مثل البنوك وشركات البترول والأطباء والمهندسين وحتى أفراد الأمن السابقين.

الحرب تفتح الباب للعودة
مع اندلاع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في 15 أبريل 2023، كان أمير الكتيبة، المصباح أبو زيد، سريعًا في الإعلان عن تلقيهم "أوامر التسليح"، وهو ما يطرح تساؤلات عن الجهة التي زودتهم بالسلاح في وقت كانت القوات النظامية نفسها تكافح للحفاظ على معاقلها. انتشرت مقاطع مصورة تُظهر مقاتلي الكتيبة يحملون أسلحة ثقيلة، بعضها متطور مثل طائرات الدرون ومدافع القنص، وهو ما يعكس مستوى تسليح متقدم يتجاوز مجرد كونه "قوة احتياطية" كما يدعون.

أيديولوجيا المواجهة.. معركة عقائدية أم سياسية؟
على الرغم من أن الحرب الدائرة في السودان تبدو ظاهريًا صراعًا عسكريًا بين الجيش والدعم السريع، إلا أن تصريحات قادة "لواء البراء بن مالك" توحي بوجود بعد عقائدي للصراع، حيث يعتبرون القتال ضد الدعم السريع حربًا ضد "المدعومين من دول الكفر"، على حد تعبير أميرهم، مما يجعل الأمر يتجاوز كونه دعمًا للجيش إلى كونه معركة ذات أبعاد أيديولوجية.

أنشطة علنية رغم السرية
قبل اندلاع الحرب، لم يكن نشاط الكتيبة يقتصر على التدريب العسكري السري، بل امتد إلى مشاهد أكثر علنية، أبرزها تأمين الإفطارات الرمضانية التي نظمتها قيادات المؤتمر الوطني المحلول، حيث ظهروا بأسلحة بيضاء وأخرى نارية. كما شاركوا في احتجاجات ضد التطبيع مع إسرائيل، مسجلين حضورًا لافتًا في وقفة مناهضة للبرهان على خلفية لقاءاته مع مسؤولين إسرائيليين.

من هم مقاتلو الكتيبة؟
يتكون أغلب عناصر الكتيبة من شباب ترعرعوا على الخطاب الإسلامي الجهادي الذي كان يروج له رموز مثل إسحق أحمد فضل الله، وعبيد ختم، وعلي عبد الفتاح. كثير منهم أبناء لقادة في الحركة الإسلامية أو ممن قتلوا خلال الحرب في جنوب السودان، وهو ما جعل لديهم دافعًا شخصيًا بالإضافة إلى الدافع العقائدي.

الخلاف الداخلي والانشقاقات
ورغم هذا الولاء الظاهر، شهدت الكتيبة حالة من الانقسام في الأيام الأولى للحرب، عندما انضم أحد أفرادها إلى قوات الدعم السريع، مما أثار موجة استنكار شديدة من زملائه الذين اتهموه بـ "خيانة الإسلام"، لكنه عاد لاحقًا إلى صفوفهم، مدافعًا عن موقفه بوثيقة عسكرية تثبت أنه كان يتحرك وفق أوامر قيادته.

دورهم في الصراع الحالي
اليوم، وبعد أن تحولوا من كتيبة صغيرة إلى لواء، بات مقاتلو "البراء بن مالك" جزءًا أساسيًا من القوات المساندة للجيش السوداني في مناطق القتال، خاصة في الخرطوم وأم درمان. ومع سقوط العديد من أفرادهم، تتزايد التساؤلات حول مدى قدرتهم على الاستمرار، خاصة في ظل تصاعد الضغوط الدولية على الجيش السوداني للحد من اعتماده على قوات غير نظامية ذات طابع أيديولوجي.

إلى أين يتجهون؟
مع استمرار الحرب، يظل مستقبل "لواء البراء بن مالك" مرهونًا بمسار الصراع الأكبر في السودان. فهل سيكونون مجرد أداة مؤقتة في يد الجيش أم أنهم يمثلون نواة لحركة جهادية جديدة قد تعيد رسم المشهد المسلح في البلاد؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة عل هذا السؤال .

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية الأمريكي يصل إلى الرياض ضمن جولته في الشرق الأوسط
  • «بي إن بي باريبا»: 4.7% نمو متوقع في الاقتصاد المصري السنة المالية المقبلة
  • وفقا للحسابات الرياضية.. عالم أفغاني يتبنأ بموعد تدمير الاقتصاد العالمي والحرب العالمية الثالثة
  • وزير الخارجية الأمريكي يلتقي نتنياهو في أول جولة له في الشرق الأوسط.. فما أهميتها؟
  • لواء البراء بن مالك.. كيف عادت كتائب الدفاع الشعبي إلى واجهة الصراع في السودان؟
  • شاهد.. الآلاف يتظاهرون في لندن ضد خطة ترامب حيال غزة
  • اتساع نطاق الرفض العالمي لمخطط ترامب تهجير الفلسطينيين والسيطرة على قطاع غزة
  • عمرو أديب: نيويورك تايمز تتكلم عن مقترح طلعت مصطفى لإعمار غزة مثل ترامب
  • ارتفاع أسعار النفط وسط تفاؤل تجاري وارتفاع الطلب العالمي
  • المجر: سنعيد دمج روسيا في الاقتصاد العالمي فور انتهاء الحرب