في سياقٍ شرق-أوسطي يسوده العنف الدموي، وانتهاك القانون الدولي والقانون الإنسانيّ الدولي في فلسطين، تبرز ورقة "حياد لبنان من "لقاء الخيمة" إلى التحديات الراهنة" التي أعدها الدكتور سيمون كشر وزياد الصائغ ونشرها "ملتقى التأثير المدني"، إعادة اعتِبار لقضيّة إشكالية في نِقاش السياسات العامَّة في لبنان.

في المحور الأول كتب الدكتور كشر: "إعتبرت الشهابية أن صيانة سيادة لبنان تتطلب سياسة أخوية مع المحيط العربي مؤسسة على التعاون المخلص، وعلى الدعم لكل سياسة عربية مشتركة.

ولكن إذا انقسمت البلدان العربية على السياسة العربية-العربية، أو الدولية، على لبنان أن يتخذ موقف الحياد تجاهها. كما أن الشهابية تعتبر أن التعاون الوثيق بين لبنان والبلدان العربية، لا يلغي أبدا انفتاح لبنان على الغرب والعالم، وهو انفتاح يمارس منذ فترة طويلة وينظر إليه المسيحيون على أنه نوع من الحماية والأمان. نستخلص إذاً، بأنه في موضوع وعلاقاته الإقليمية والدولية، إعتقد فؤاد شهاب بضرورة أن تحمي سياسة لبنان الخارجية وحدته الوطنية والعكس، وبالنسبة إليه كانت الوحدة الوطنية الداخلية عنصرا هاما جدا فيما يتعلق بسياسة الدولة العامة، فهو رأى واستنتج عبر التاريخ وخصوصا جراء أحداث 1958 بأن أسباب تلك الثورة هي انعدام الوحدة الوطنية والأهم من ذلك انعدام الولاء."

وأضاف كشر:" في دور لبنان العربي وسياسته الخارجية، ربط الرئيس شهاب استقلالية لبنان بحياديته عن افتراق الدول العربية، كما ربط صيانة سيادة لبنان بسياسة أخوية مع المحيط العربي، عمل أن يكون لبنان صلة الوصل بين الشرق والغرب. ورغم ذلك، اتبع معادلة واضحة جدا تقول بوقف العهد الشهابي إلى جانب الدول عند اتفاقها، وعدم التدخل هو القرار عند اختلافها. كما أنه كان يعتبر بأن استقلالية لبنان تتطلب سياسة تضامنية مع البلدان العربية عندما تتفق على موقف عربي مشترك، وسياسة حياد بين هذه البلدان عندما يفترقون فيما بينهم، أو في علاقاتهم مع البلدان الأجنبيّة. في الحياد الإيجابي، كانت القاعدة الكبرى الموجهة لسياسة لبنان الخارجية في ظل الشهابيّة هي قاعدة عدم الانحياز. وتجلى ذلك من خلال إدراك الرئيس شهاب لضرورة إجراء توازن سياسي، وإعادة العلاقات الوديّة مع جيران لبنان العرب، وفي الوقت نفسه الحفاظ على العلاقات التقليدية مع الغرب حيث القيم التي يحرص عليها لبنان.

أما في المحور الثاني فكتب الصائغ:" المدخل إلى مقاربة الحياد لا يستقيم إلّا من خلال فَهم تعقيدات الصيغة اللّبنانية التعدديّة. منذ نُشوء الكيان اللبناني كان لكل من المكونات الروحية حلفاء، أو داعمون. كان ثمة من توازن إقليمي - دولي يوازي التوازن الداخلي. كان هناك حتّ حمايات مفتَرَضة. أنشأت الإمبراطورية العثمانية نظام الملل، وأنتَجت الإمبراطوريّة الرّوسيّة المسألة الشرقيّة، وسعى الغَرب الأنغلو – ساكسونيّ لِقيام إسرائيل على حساب حقوق الشعب الفلسطيني التاريخيّة. في خضم كل هذه التناقضات أو ربما التقاطعات، كان لا بد من تأمين مناعة للكيانِ اللُّبناني في مواجهة التّمَوضع في محاور، والاصطفاف ضمن صراعات، ما قد يستدعي الاهتزازات الإقليمية – الدولية إلى الجمهورية الجنين عام 1943. إستَشعر الفلاسفة المؤثرون في قيام الكيان اللبناني ومنهم ميشال شيحا، وشارل مالك خطر إعداد نشوء إسرائيل في اغتِصابٍ لفلسطين. وتحسسوا أيضا أنّ تركيبة الصيغة اللبنانية التعدديّة، والمحتضِنة لطوائف يتطلع بعض الفاعلات والفاعلين فيها إلى بناء تحالفات مع قوى مؤثرة من وراء الحدود، تحسسوا أنها لا يمكن أن تستمر بِشَكْل سليمٍ دون إعلانِ حياد لبنان. لم يكن في فكرِهم استقالة لبنان من دعم قضايا الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، وفي مقدمها قضية فلسطين، لكن حتما لم يكن في فكرهم أيضا قبُول بتحويل لبنان منصة عسكرية أمنية تستبيح سيادة الدولة باسمِ دعمِ هذه القضايا.

وختم الصائغ: "ميثاق 1943 لم يكن تلاقي سلبيتين، بل كان دعوة لتَنقية الالتِزام الوطني من شوائب الارتهان إلى الخارج، أي خارج. كان تدعيما لفرادة الهويّة اللبنانيّة في وجهها العربي، وامتدادها الأممي. واتفاق الطائف أكد على هذا الميثاق ربطا بخيار العيشِ الواحِد، مع ما يحمله هذا الخيار من تكريسٍ للدولة المدنية، أي تعميم المواطنة على أنّها تتفوق على كُلّ الهويّات الأخرى دون إلغائها، وتحديدًا تِلك الدّينيّة منها(...) وهذا يقتضي الذّهاب أبعد من رفعِ شعار الحياد الإيجابي، والدعوة إلى مؤتمر دولي لتكريسه في القانون الدولي من خلال مجلس الأمن.

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

مروحة أسماء تراوح مكانها وجعجع يحمل ورقة ترشّحه للربع الساعة الأخيرة!

كتبت وفاء بيضون في" اللواء: ترى المصادر السياسية ان التشابك السياسي والتعارض في سلة الأسماء يبقي جلسة التاسع من كانون الثاني على حافة الانهيار والتأجيل بسبب غياب أي من الإشارات التي توحي بالتوافق بين مختلف الكتل على المرشح الذي يمكن أن يكون مقبولا من الجميع، أو بالحد الأدنى من أغلبية وازنة ومؤثرة في صندوق الاقتراع.
ثمّة رأي يقول إن البحث في الأسماء قد لا يخرج الى العلن والجديّة قبل ربع الساعة الأخير، وأن المشاورات الحقيقية مرحلة الى ما بعد أعياد الميلاد ورأس السنة، وان كان ثمة رأي آخر يقول إن اسم قائد الجيش اللبناني الممددة ولايته سنة إضافية العماد جوزيف عون هو الذي يتصدر قائمة الأسماء المتداولة رغم تأكيد رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية استمرار ترشيحه حتى اللحظة الأخيرة ما اعتبره الآخرون إسقاطا للإجماع الدولي على قائد الجيش المعلق تأييده حتى الآن من قبل الثنائي الوطني وكتلة لبنان القوي.

تتابع المصادر انه وفي حين يحظى قائد الجيش بدعم واضح من قبل العديد من القوى السياسية، المحلية ومن المجتمعين العربي والدولي إلّا ان تساؤلات عن الموقف الداخلي منه، خصوصا الفيتو من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على عكس الحماس والاندفاعة التي يبديها رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وبعض الكتل النيابية المعارضة والتي اعتبرتها مصادر مراقبة قناعا يحمل وجه العماد عون ليخفي حقيقة وجه سمير جعجع الطامح لكرسي بعبدا وهو ما لوّح به جعجع بترشيح نفسه على اعتبار أن الفرصة مؤاتية بعد التطورات التي عصفت بالمنطقة وخاصة في سوريا.

على الرغم من هذا التشابك والتضاد الداخلي المتمخض عن الكيد السياسي وتنافس النفوذ بين الأحزاب المسيحية خاصة، يقول المطلّعون إن حظوظ قائد الجيش الرئاسية تبقى الأعلى في لائحة الأسماء المرشحة.
الى ذلك تنقل أوساط مقرّبة من جعجع رغم إبدائه الليونة استنادا الى أن رئيس حزب القوات اللبنانية هو أول من طرح إمكانية دعم عون، قبل فتح البازار الرئاسي، إلّا ان هناك من يعتقد أن تغيّر المعادلات بعد الحرب الإسرائيلية، يفرض تغيرا في المقاربة والعقلية التي يدار بها الاستحقاق الرئاسي، لذلك يلوح بترشيح نفسه، باعتبار أن فرصة المعارضة اليوم بإيصال مرشح يمثلها بالمباشر، لا تعوّض وهذا ما عبر عنه أكثر من نائب يغرّد في سرب الحكيم.
وأمام هذه المعطيات يبقى لنا أن نسأل عما إذا كانت التجاذبات السياسية والتباعد بين الأقطاب من شأنه أن يحدث تأجيلا للجلسة بضعة أيام، أو أسابيع إذا كان مسحوبا على خريطة طريق المعارضة التي تراهن رفع أسهم جعجع أو غيره ممن تنطوي عليها الورقة المتداولة في أروقتها الداخلية؟

مقالات مشابهة

  • مراسل العربية: توقيف نجل القرضاوي في المنفذ الحدودي اللبناني أثناء عودته من سوريا
  • الركود الديمقراطي.. نكسة عابرة أم مرض الموت؟
  • الاتحاد العربي للمعارض يطلق معرضًا للصناعات العربية في العراق 2025
  • ورقة غير عادية.. هذه آخر رسالة من جنبلاط لـحزب الله
  • مروحة أسماء تراوح مكانها وجعجع يحمل ورقة ترشّحه للربع الساعة الأخيرة!
  • هذه سياسة حزب الله الآن.. هل ستعود الحرب؟
  • فشلنا في التأثير على جوارنا الأفريقي منذ بداية الحرب
  • «الدقير»: وصول قافلة مساعدات إنسانية إلى الخرطوم خطوة إيجابية لتعزيز الحياد الإنساني
  • «الحياد خيانة».. مصطفى بكري: الجيش المصري مستهدف وعلى الشعب الالتفاف حوله
  • رجال الصناعة يناقشون ورقة عمل بأهم التشريعات المطلوبة لتطوير القطاع الصناعي