يعتبر مئات الفلسطينيين، أنّ يوم الثاني من شهر نوفمبر عام 1917 هو ليل لم يبزغ فجره بعد، في إشارة إلى اليوم الأسود في تاريخ العرب لـ«وعد بلفور»، وهو النقطة الفاصلة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، الذي يؤرق تفكير جميع الدول، بحثًا عن حلًا ونهاية للصراع المستمر منذ أكثر منذ 106 أعوام.

في الثاني من شهر نوفمبر عام 1917، الذي يحل ذكراه اليوم، كان الفلسطينيون يعيشون في بلدهم الأم غرب قارة آسيا، داخل حدود أرض امتلكها أجدادهم منذ آلاف السنين، دون علم بمخطط تحويل دولتهم وأرضهم إلى وطن قومي لليهود، ينتهكها الغريب، ويحاول سرقتها طوعًا.

2 نوفمبر.. ذكرى إعلان وعد بلفور

اليوم، ذكرى إعلان بريطانيا وعد بلفور، الذي كتبه بيده وزير الخارجية البريطاني حينها آرثر بلفور، ويتكون من 67 كلمة فقط، قلبت موازين الشرق الأوسط، لكن قبل «بلفور» وقبل عام 1917 بسنوات، كانت أولى محاولات احتلال فلسطين، عندما وعد نابليون بونابرت، اليهود حين توجه إلى فلسطين وكان يتطلع لاحتلال عكا، وأراد مساعدة اليهود مقابل تحويل فلسطين إلى دولة لهم، لكن فشلت كل مؤامراته، وظلت محاولات احتلال فلسطين «حبر على ورق».

ثيودور هرتزل.. مؤسس الحركة الصهيونية

ظهر ثيودور هرتزل، مؤسس الفكر الصهيوني، ونشر كتاب «الدولة اليهودية»، الذي كان البداية لانتشار الفكر الصهيوني، وحقق انتشارًا كبيرًا، واقتنع اليهود بأفكار «هرتزل» وآمنوا بها، بحسب حديث الدكتور محمد غريب، أمين سر حركة فتح الفلسطينية في مصر، وما اطلعت عليه «الوطن» في كتاب هرتزل.

محاولات تحويل فلسطين إلى وطن قومي لليهود

ظل «هرتزل» يحاول استمالة السلطان العثماني عبدالحميد الثاني لاتخاذ فلسطين وطنًا لليهود، ورغم الإغراءات المالية، رفض السلطان، وأقام «هرتزل» مؤتمرًا جماهيرًا في مدينة بازل السويسرية حضره آلاف اليهود، وأعلن فيه إنشاء المنظمة الصهيونية التي عملت على تحقيق حلمهم، حتى توفي مؤسس الحركة الصهونية عام 1904، وظهر رجلُ آخر، تولى رئاسة المنظمة اليهودية العالمية، وكان مؤمنًا بأن فلسطين هي وطن اليهود، وهي أرض الميعاد، بحسب اعتقاداتهم حول ما ورد في التوراه.

الرجل هو اليهودي الروسي حاييم وايزمان، وكان نشيطًا ذكيًا، ظل يفكر في طريقة لتحويل فلسطين إلى دولة يهودية صهيونية، وكان اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914، الشرارة التي استغلها «وايزمان»، وبدأ بالتحدث مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد لويد جورج، وأقنع الحكومة البريطانية بأن اليهود ستمد لهم يد العون في الحرب.

مرت الأيام، وتتعرف «وايزمان» على شخص يدعى هربرت صاموئيل، وذلك من خلال صديق مشترك بينهما كان يعمل صحفيًا، وتحدث «وايزمان» معه حول أفكار الحركة الصهونية وأحقية اليهود في العيش بفلسطين، فتحمس للفكرة، وكتب مذكرة رسمية عام 1915 يتحدث فيها عن مستقبل فلسطين، وهي أول مذكرة رسمية يطلب فيها اليهود فلسطين، بحسب ما ذكره حاييم وايزمان في مذكراته.

هربرت صاموئيل.. الرجل المهم في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي

كان هربرت صاموئيل، وهو المندوب السامي البريطاني في فلسطين بعد إعلان بلفور، وهو أحد أهم الأشخاص عند الحديث عن الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين، وزيرا للصحة في بريطانيا، قبل إعلان بلفور، وهو أول يهودي يشغل منصبًا في الحكومة البريطانية.

أقنع «وايزمان» الحكومة البريطانية بالجلوس والحديث معه حول فلسطين وأخبرهم هو و«صاموئيل» أن يهود العالم سيقفون بجانب بريطانيا في الحرب، واستغل خبرته الكيميائية بصناعة المتفجرات والأسلحة التي تفيد بريطانيا في الحرب، وبهذا دخل حاييم وايزمان أروقة الحكم في بريطانيا بأفكاره العبقرية، واستغل علاقته الجيدة بعد ذلك ببعض الوزراء البريطانيين.

اتفاقية سايكس بيكو.. وحكم مشترك بفلسطين

في عام 1916، وقعت اتفاقية «سايكس بيكو»، التي كانت غير مرضية للحكومة البريطانية، وكان من نتائجها تقسيم خريطة العالم العربي بين بريطانيا وفرنسا، لكن فلسطين، هي الدولة الوحيدة التي كانت محل جدل، فوُضعت تحت حُكم مُشترك بين بريطانيا وفرنسا، ومن هنا بدأت بريطانيا في مساعدة «وايزمان» و«صاموئيل» واليهود الصهاينة، على احتلال فلسطين، ليكون هناك قوى تابعة لهم في الشرق الأوسط وإزاحة فرنسا.

كانت فرنسا شوكة في حلق بريطانيا واليهود لتنفيذ مخططهم، فلم يرد الصهاينة حكمًا مشتركًا في فلسطين، فأرادوا أن يحميهم البريطانيون فقط، واستطاع ناحوم سوكولوف، وهو صحفي وأحد أعضاء الحركة الصهوينة، نظرًا لبراعته في الحوار، إقناع فرنسا بالتخلي عن فلسطين.

كتابة وإعلان وعد بلفور.. 67 كلمة مشؤومة

بدأت بريطانيا أخيرًا، في كتابة وعد بلفور تحت إشراف أكبر زعماء اليهود في بريطانيا وهو ليونيل روتشيلد، وطلب منهم مارك سايكس، رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت، أنّ يكون الإعلان مختصرًا وشاملًا لنواياهم في فلسطين، فخضع للكثير من التعديلات، وخرج أخيرًا إلى النور، وكتب فيها أنّ إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين لن يتنقص من حقوق الفلسطينيين شيئًا، بمعنى أن يعيش الاثنين جنبًا إلى جنب في بلد واحد، بحسب حديث المؤرخ الفلسطيني، الدكتور حسام أبو النصر، لـ«الوطن».

يقول «أبو النصر» أن ما جاء في وعد بلفور، كان الغرض منه تحقيق الأهداف الأصلية، وهي احتلال فلسطين بالكامل: «وعد بلفور جاء فيه أن يتعايش الطرفين سويًا، ولكن في الحقيقة هو مشروع إحلالي، كان آرثر بلفور يهدف من ورائه لإعطاء اليهود الحق بأن يستولوا على فلسطين بالكامل وطرد السكان الأصلين وهذا ما حدث عام 1948 تجسيدًا لهذا الإعلان».

بعد إعلان وعد بلفور، كان هربرت صاموئيل هو الشخصية الأبرز بعد ذلك، إذ ساهم بشكل كبير في هجرة اليهود بأعداد كبيرة إلى فلسطين، وسهل كل عمليات الاستيطان والهجرات عن طريق الصندوق القومي اليهودي: «سهل صاموئيل ومهد هجرة استيلاء اليهود على أرض فلسطين، وكان وعد بلفور هو الأخير والواضح بإعطاء الحق والأولوية أن يستعمر اليهود، فلسطين، والوعد الأول هو وعد نابليون بونابرت».

هجرة اليهود إلى فلسطين

بدأت المنظمات تعمل على استجلاب اليهود من كل دول العالم إلى فلسطين، وإعطاهم امتيازات خاصة، من خلال توفير عمل ومساكن ومستوطنات التي تؤهل لوجود استيطان يهودي يعيشون في وطن مستقل، وأحيانًا كان يتم جلب اليهود إلى فلسطين بالقوة، وتحقق وعد بلفور شيئًا فشيئًا، بحسب المؤرخ الفلسطيني.

تحول وعد بلفور، من مجرد البحث عن مكان يعيش فيه اليهود بعيدًا عن اضطهاد الغرب، إلى محو الهوية الفلسطينية، وتحويل أرض فلسطين بالكامل إلى أمة يهودية، ليستمر الصراع وإراقة الدماء، ومعه يستمر البحث عن حل للصراع في الشرق الأوسط. 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: وعد بلفور بلفور القضية الفلسطينية فلسطين احتلال فلسطین إلى فلسطین وعد بلفور فی فلسطین

إقرأ أيضاً:

حزب الله يستهدف مقر الاستخبارات الصهيونية

والتي تبعد عن الحدود اللبنانية الفلسطينية 110 كلم، في ضواحي مدينة "تل أبيب"، بصليةٍ من الصواريخ النوعية، ويأتي ذلك في إطار سلسلة عمليّات خيبر، ودعماً لغزة ودفاعاً عن لبنان.
وأعلن الاعلام الحربي لحزب الله، في بيان "دعمًا لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة، وإسنادًا لمُقاومته الباسلة ‌‏‌‏‌، ودفاعًا عن لبنان ‏وشعبه، ‏وفي إطار ‏سلسلة عمليّات خيبر، وبنداء "لبيك ‏يا نصر الله"، استهدف مجاهدو المُقاومة الإسلاميّة، عند الساعة 02:00 من بعد ظهر اليوم الثلاثاء 19-11-2024، قاعدة غليلوت (مقر وحدة الاستخبارات العسكرية 8200) والتي تبعد عن الحدود اللبنانية الفلسطينية 110 كلم، في ‏ضواحي تل أبيب، بصليةٍ من الصواريخ النوعية".

مقالات مشابهة

  • حقيقة الصهيونية
  • سورة البقرة.. المرأة في الإسلام بعد سجن الجاهلية وتطرف اليهود
  • زيلينسكي: لا يمكن استعادة شبه جزيرة القرم إلا بالدبلوماسية
  • ‏عنصريةُ الصهـــيونية اليهـــودية وإرهابُهم سببُ هلاكهم وزوالهم
  • التفرقة والوحدة: دروسٌ من توحد اليهود وصراعات الأُمَّــة
  • كاريكاتير .. مخطط الصهيونية لتدنيس حرمة الكعبة المشرفة
  • شكوى جديدة من لبنان الى مجلس الأمن بشأن الاعتداءات الصهيونية
  • حزب الله يستهدف مقر الاستخبارات الصهيونية
  • كل اليهود لإسرائيل جنود / الجزء الثالث
  • تواصل الغارات الصهيونية على عدة مناطق متفرقة في قطاع غزة