أتلانتيك: جميع خيارات إسرائيل لما بعد الحرب سيئة
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
لفت الباحث البارز في معهد دول الخليج العربية في واشنطن حسين إبيش، إلى أن المسؤولين الإسرائيليين أبلغوا إدارة بايدن أنهم لم يشاركوا في أي تخطيط جدي لمرحلة ما بعد الصراع.. ربما يرجع ذلك إلى أن جميع خياراتهم سيئة وأنه على الرغم من وفرة مقترحات خيالية، لن يتدخل أحد لتحمل عبء معضلة إسرائيل المستحيلة، أو بكل بساطة، تنظيف الفوضى التي خلفتها.
حماس لن تتخلى ببساطة عن التمرد المخطط له
كتب إبيش في مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية أن الإسرائيليين قد يشعرون بأنهم لا يتحملون أي مسؤولية عن الواقع في غزة، بما أن حماس تسيطر على القطاع منذ 2007.. ولكن سائر العالم يدرك أن الاحتلال استمر، ولو من خارج حدود غزة، فقد احتفظت إسرائيل طوال الوقت بسيطرة مشددة على المياه الساحلية لغزة ومجالها الجوي وموجات الأثير الخاصة بها، وجميع المعابر المؤدية إلى القطاع باستثناء معبر صغير تسيطر عليه مصر.
لقد اتخذت إسرائيل جميع القرارات الرئيسية المتعلقة بغزة تقريباً منذ سنة 1967، بما فيها القرار المتهور والمدمر للذات بدعم حماس، من أجل تقسيم الحركة الوطنية الفلسطينية بين إسلاميين متمركزين في غزة وقوميين علمانيين في الضفة الغربية.
At the end of this war, no third party "is going to step in to bear the burden of Israel’s impossible dilemma or, put more simply, clean up its mess," @Ibishblog writes: https://t.co/qHTmANdXwY
— The Atlantic (@TheAtlantic) November 1, 2023والآن، فإن إسرائيل التي تأسف كما يبدو على هذه السياسة بعد موجة القتل المروعة التي قادتها حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، شرعت في شن هجوم سيؤدي حتماً إلى تحويل قسم كبير من غزة إلى حفرة مشتعلة من الدمار.
قوة عربية"يبدو أن إسرائيل لا تزال تأمل الانسحاب لاحقاً، ونقل السلطة المحلية إلى.. شخص آخر. لكن هذا السيناريو ضرب من الخيال".. تابع الكاتب بأنه لا يوجد طرف ثالث مستعد أو قادر على مراقبة وإعادة بناء غزة بالنيابة عن إسرائيل وبالتنسيق معها.
يشير اقتراح شائع إلى أن قوة عسكرية أو من الشرطة تابعة لدول عربية مستقرة، يجب أن تعمل على تأمين غزة مع انسحاب إسرائيل منها.. وبالنظر إلى الجغرافيا والتاريخ، يتعين على مصر أن تكون لاعباً مركزياً في أي جهد كهذا، لكن المصريين جعلوا من أولويات سياستهم الخارجية منذ سنة 1979 عدم الانجرار مرة أخرى إلى غزة.. وهم ليسوا قريبين من تغيير رأيهم.
ماذا عن السلطة الفلسطينية؟أضاف الكاتب أن المرشح الآخر الذي يتم اقتراحه بشكل متكرر هو السلطة الفلسطينية، لكن النظام الذي يقوده محمود عباس في رام الله لن يكسب شيئاً من العودة إلى غزة في أعقاب الدمار الإسرائيلي.. وحتى في العقد الذي سبق هذه الحرب، رفض عباس العديد من المقترحات المصرية الداعية إلى تولي السلطة الفلسطينية وزارات حكومية في غزة أو توفير الأمن على الجانب الفلسطيني من المعابر المؤدية إلى القطاع.
.@Ibishblog in the Atlantic today.
He is always a wise voice to listen to but I wonder if some sort of an Arab option in Gaza is really as impossible as he makes it be. https://t.co/7uEkAqDyRr
ويبدو أن حماس كانت على استعداد لقبول هذه المبادرات، لكنها أصرت أيضاً على أنها لن تتخلى عن سلاحها.. وكان عباس يخشى أن يصبح مسؤولاً عن سكان غزة الفقراء، لكن من دون موارد كافية، وفي ظل ميليشيا مدججة بالسلاح يمكنها أن تلجأ إلى العنف متى شاءت.
إذا كانت السلطة الفلسطينية تخشى العودة إلى غزة في ذلك الوقت فإنها لن تكون متحمسة للتدخل خلف القوات الإسرائيلية بعد حرب برية مدمرة.. إن احتياجات غزة ستكون هائلة والوصول إلى السلطة على الدبابات الإسرائيلية من شأنه أن يطبع السلطة الفلسطينية بقبلة الموت السياسي بين الفلسطينيين.
ماذا عن قوات حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة؟يدعو الكاتب القراء إلى تخيل أن بعثة أممية لحفظ السلام مسؤولة عن مجتمع مدمر تماماً وكان أصلاً على شفا كارثة إنسانية، ثم إلى تخيل أن تحارب تلك البعثة التمرد الذي تخطط حماس لإطلاقه ضد الإسرائيليين، وهو أحد الأسباب التي تجعل القوات الإسرائيلية راغبة بالخروج في أسرع وقت ممكن بعد الانتهاء من نشر الدمار.. يكاد يكون من المؤكد أن الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها لن تكون على استعداد لقبول المسؤولية عن مراقبة الأنقاض، ورعاية أكثر من مليوني فلسطيني من الفقراء وجلهم من النازحين، في منطقة صغيرة ومكتظة بالسكان تحولت إلى خراب.
هدف حماستلخص الهدف الرئيسي لحماس منذ تأسيسها سنة 1987 بالاستيلاء على الحركة الوطنية الفلسطينية، بما فيها منظمة التحرير الفلسطينية، بحضورها الدبلوماسي الدولي الثمين وتمتعها بوضع دولة مراقب في الأمم المتحدة، وأكثر من 80 سفارة في مختلف أنحاء العالم.. وفي خدمة هذا الهدف، تأمل حماس جذب إسرائيل إلى غزة حيث تستطيع شن تمرد طويل الأمد ضد المحتلين الإسرائيليين، وعندئذ ستزعم حماس أنها تنقل القتال إلى إسرائيل، بينما يجلس القوميون العلمانيون في الضفة الغربية مكتوفي الأيدي في انتظار مفاوضات لن تتم أبداً.
وهذا هو طريق حماس إلى القيادة بين الفلسطينيين حسب الكاتب.. إذا تراجع الإسرائيليون فإن حماس لن تتخلى ببساطة عن التمرد المخطط له، وسوف تنفذ الخطة ضد أي قوة يبدو أنها تمثل مصالح إسرائيل، سواء كانت عربية أو تابعة للأمم المتحدة أو حتى فلسطينية.
لا قوة خارقةلن يدخل أي طرف ثالث إلى غزة لمحاربة التمرد المخطط للقوات الإسرائيلية، وإعادة بناء البنية الأساسية والمجتمع الذي مزقته الحرب وحل مشكلة الحكم التي طال أمدها والتي ضمنها الوجود المسلح لحماس.. إن إسرائيل تقف بمفردها، لذلك يتعين عليها أن تجد في آن بديلاً للانسحاب من غزة بسرعة، وبالتالي السماح لحماس بالعودة إلى الظهور على الأقل ككيان سياسي، وللبقاء ومحاربة التمرد الحتمي.
أياً كانت القرارات التي تتخذها إسرائيل الآن بعد أن بدأت هجومها البري على غزة، فسيتعين عليها أن تدرك أنه لن تتدخل أي قوة خارقة فجائية وتنقذها من العواقب المتراكمة المترتبة على تصرفاتها منذ سنة 1967.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل السلطة الفلسطینیة إلى غزة
إقرأ أيضاً:
جنرال إسرائيلي يطالب بإعادة جميع الأسرى في غزة عبر صفقة واحدة
تتزايد الأصوات الإسرائيلية التي تعتبر أن إطلاق سراح الأسرى على مراحل هو خطأ استراتيجي وتكتيكي، بزعم أنه سيعزز حركة حماس بالدرجة الأولى، فضلا عن كونها "عيبا أخلاقيا"، في ضوء الشكوك حول بقاء المختطفين الآخرين على قيد الحياة حتى يأتي وقت إطلاق سراحهم في دفعة أخرى قادمة.
وقال الجنرال الإسرائيلي ليئور لوتان إنّ "قادة الجيش والموساد والشاباك يشاركون حاليا في المفاوضات الخاصة بعودة المختطفين في غزة، ويحرزون تقدما على الأقل فيما يتعلق بالمرحلة الأولى، فيما سيبقى باقي الأسرى في أيدي حماس، وفي ظل الظروف الحالية فإن هذا المخطط يشكل خطأ استراتيجيا وتكتيكيا ومهنيا".
وأضاف لوتان في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، وترجمته "عربي21" أن "الخطأ الاستراتيجي يكمن في الاتفاق المرحلي وأنه بدلاً من إضعاف قدرة حماس على الحكم، فإنه يعمل على تعزيز حكمها، فبدلاً من إنهاء الحرب العسكرية ضدها، والانتقال لحرب اقتصادية وسياسية وردعية من شأنها أن تخنق بشكل منهجي المزيد والمزيد من قدراتها حتى خسارة كل ما تبقى من حكمها، فإن التوصل لاتفاق على مراحل سيسمح لها الاستمرار باحتجاز رهائن ثمينين لمزيد من الوقت، ما يجعلها ذات أهمية كبيرة في واقع غزة لليوم التالي".
وأوضح أنه "كلما زادت قوة ابتزاز حماس أمام إسرائيل، زادت قوة حكمها في غزة، والعكس صحيح، ما يعني أن الخطأ التكتيكي في الاتفاق المرحلي يتمثل بالتنازل دون تعويض عن المزايا المطلقة التي اكتسبها في مقابلها، ما يجعل أي حديث عن إطلاق سراح المختطفين على مراحل فرصة للسماح للحركة بمواصلة القتال ضدنا، واستكمال بناء قوتها العسكرية".
وزعم أن "الجيش الإسرائيلي يتمتع بأولوية مطلقة على حماس من حيث الوسائل والقوى البشرية والميزانية وقدرات التسليح وبناء القوة، كما أن تغير الإدارة في واشنطن خلال شهر يؤثر بالفعل على اعتبارات قيادات الدول المشاركة في المفاوضات خاصة مصر وقطر وتركيا، وفي هذه الظروف، فإن التحرك الإسرائيلي المطلوب هو تعظيم التغيير المطلق بميزان القوى تجاه حماس بموجب شروط اتفاق جديد، وعدم العودة للاتفاق المرحلي".
وأشار إلى أن "التحسن الذي يتطلبه تغيير الظروف ليس فقط في أعداد الأسرى، أو مسافات الانسحاب، أو أيام وقف إطلاق النار، بل تحسن كبير أهمه تغيير في الخطوط العريضة للاتفاق على وقف إطلاق النار، خاصة إعادة جميع المختطفين بصفقة واحدة قصيرة وسريعة".
وتابع: "ما يعني أن الخطأ المهني في الاتفاق على مراحل في ظل الظروف الحالية ثمنه بالنسبة لإسرائيل لن يشمل فقط وقف إطلاق النار والانسحاب الجزئي والإفراج عن الأسرى، بل ما تبقى منهم، مع صعوبة تصديق أنهم سيبقون على قيد الحياة حتى المرحلة التالية".
وشرح أن "أي اتفاق على إعادة المختطفين سيلقي الضوء على ظلمة الدمار الأخلاقي الذي يحيط بالإسرائيليين في كل يوم إضافي يحتجزون فيه لدى حماس في غزة، وإذا لم يكن بديل آخر، فمن الواجب والضروري استنفاد والاستفادة من كل السبل والأساليب، وكل المتغيرات في المنطقة، وكل المزايا المطلقة التي اكتسبها الاحتلال لإعادتهم جميعاً بصفقة واحدة سريعة".
واستدرك بالقول: "التفسير السائد لتفضيل المخطط المرحلي أنه سيحافظ على مرونة كافية لاستمرار الحرب، ما يدفع لطرح السؤال عن الهدف من استمرارها، في ضوء أن أهداف تفكيك الذراع العسكري لحماس، وإزالة التهديد العسكري المنظم للمستوطنات تحققت، ولكن دون إعادة المختطفين، وإسقاط حكم حماس في غزة، مع توفر إجماع واسع بأن الضغط العسكري ليس الأداة الفعالة لتحقيق هذين الهدفين، وبالتالي يحق للإسرائيليين أن يسألوا حكومتهم: ما هو الهدف الذي ترغب به من استمرار الوجود العسكري في غزة؟".