بيروت - ينهمك غسان حسان في قطاف أشجار زيتون معمرة في بلدة حاصبيا في جنوب لبنان، بينما يصمّ الأذان أزيز طائرة استطلاع إسرائيلية لا تفارق سماء المنطقة القريبة من الحدود مع إسرائيل لتزيد من قلق سكان متعبين.

ويقول حسان وهو يقطف حبوب الزيتون الناضجة في البستان الواقع عند أطراف البلدة لوكالة فرانس برس "هذا العام يختلف عن سابقه (.

..) الطيران فوق رؤوسنا ليل نهار ونحن نعمل، وهذا الأمر يسبب إرباكاً للعمال الذين يخافون ويغادرون" أحياناً على عجل.

ما أن ينهي جملته حتى يتلقى أحد عماله رسالة على هاتفه النقال حول قصف يطال بلدة حدودية قريبة يسكنها مع أفراد عائلته. فيتوقف عن القطاف ويتصل بيدين مرتجفتين بقريب للاطمئنان قبل أن يتنفس الصعداء ويتابع عمله.

يحلّ موسم قطاف الزيتون، وهو أحد المواسم الرئيسية في مناطق عدة في جنوب لبنان وينتظره السكان من عام لآخر، على وقع تصعيد بين حزب الله وإسرائيل لم تسلم منه أشجار الزيتون. 

وتشهد المنطقة الحدودية تبادلاً للقصف بين الطرفين منذ أن شنّت حركة حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر هجوماً غير مسبوق على إسرائيل التي ترد بقصف مركز على قطاع غزة المحاصر وعمليات برية واسعة داخله. وتسببت الحرب حتى الآن بمقتل 1400 شخص في الجانب الإسرائيلي، وفق السلطات الإسرائيلية، وحوالى 8500 في قطاع غزة، وفق سلطات حماس.

في التصعيد بين جانبي الحدود اللبنانية الإسرائيلية، قتل 62 شخصاً، بينهم 47 مقاتلاً من حزب الله وأربعة مدنيين ضمنهم مصور في وكالة أنباء "رويترز"، وفق حصيلة جمعتها فرانس برس، وثمانية أشخاص في الجانب الإسرائيلي، وفق الجيش.

ويطلق سكان جنوب لبنان على طائرات الاستطلاع الإسرائيلية المسيرة اسم "أم كامل"، نسبة الى  أو "الزنانة" بسبب "الزنة" التي تحدثها من دون توقف.

ويقول حسان "كانت نسبة مرتفعة من العمال السوريين موجودة في بلدات الخيام والوزاني والماري، لكنهم غادروا" ما "أثّر سلباً علينا وبتنا بصعوبة نجد عمالاً".

ويشكل النازحون السوريون الذين يقول لبنان إنه يستضيف أكثر من مليونين منهم، اليد العاملة الرئيسية في موسم قطاف الزيتون. لكن التصعيد دفع مئات العائلات الى الفرار خصوصاً من البلدات الحدودية.

نخاطر بحياتنا

وكان السكان يشكون أساساً من تراجع المحصول هذا العام. وفاقم التوتر الأمني الوضع سوءاً، خصوصاً بعدما أدى القصف الإسرائيلي إلى اندلاع حرائق، أتت، وفق ما قال وزير الزراعة اللبناني عباس الحاج حسن لفرانس برس، على أربعين ألف شجرة على طول الشريط الحدودي في محافظتي النبطية وصور. 

ويقول حسين شاهين بينما يقطف مع عدد من العمال حقل زيتون على أطراف حاصبيا، بعد وقت قصير من سماع دوي قصف بعيد نسبياً، "نأمل أن تهدأ الأوضاع حتى يتسنى لنا جمع المحصول هذا العام".

ويتابع "قلت للعمال، حمّلوا الأكياس (..) لا نعرف ماذا يطرأ علينا. عندما تسقط أول قذيفة نمشي".

وجمع العمال الزيتون في أكياس وضعوها تحت الأشجار، تمهيداً لنقلها. على امتداد مساحات واسعة في قضاءي حاصبيا ومرجعيون، يمكن رؤية عائلات وعمال يفترشون الأرض أو يتسلقون الأشجار أو يستريحون قبل أن يعاودوا نشاطهم، فيما طائرات الاستطلاع لا تفارق الأجواء.

ويوضح شاهين "يخاطر الناس بحياتهم.. ينتظرون الموسم من عام لعام حتى يبيعوا الزيت ويؤمنوا لقمة العيش"، متابعاً "عندما يحصل القصف، يعودون الى منازلهم ويفرجها الله في اليوم اللاحق".

ويضم قضاء حاصبيا وحده، وفق مسؤول في التعاونية الزراعية في المنطقة رشيد زويهد، قرابة مليون ونصف مليون شجرة زيتون.

ويوضح المدرس المتقاعد (73 عاماً)، وهو صاحب معصرة زيتون، أن "موسم الزيتون هو مصدر رزق. قصف أم لا، الناس مضطرون لأن يتوجهوا الى الحقول ويجمعوا الزيتون. يخاطرون بكل تأكيد لكنهم مجبرون".

الرزق كالولد

في الهبارية، ينشط أفراد عائلة الشعار في قطف الزيتون. وتقول منى الشعار (54 عاماً) بينما تضع وزرة على خصرها وتنتقل من شجرة إلى أخرى "لا نشعر بالخوف، لكن صوت الطيران صرع رأسنا منذ الصباح. لقد وتّر أعصابنا".

ويتقاسم أفراد العائلة المهمات، منهم من يغطي الأرض بقماش لجمع الزيتون عليه، وآخرون يتناوبون على القطاف بواسطة عصا يضربون بها أغصان الشجر ليتساقط الزيتون الأخضر أو باستخدام أيديهم.

على بعد أمتار، يقول عدنان الشعار إنه لا يشعر بالخوف. ويضيف "قبل قليل، استهدف قصف تلال الهبارية وكفرشوبا" الواقعتين على بعد بضعة كيلومترات. "سمعناه بوضوح، لكننا تأقلمنا مع الوضع". 

ويعتبر عدنان نفسه محظوظاً لتمكنه وعائلته من التوجه الى أرضهم. ويطلق علة شجرة الزيتون في المنطقة اسم "شجرة البركة"، كونها من أبرز مصادر الدخل في تلك المنطقة. ويعتمد كثر على عائدات بيع الزيتون والزيت في معيشتهم. 

ودفع التصعيد، وفق الأمم المتحدة، نحو 29 ألف شخص للنزوح، غالبيتهم الساحقة من جنوب البلاد، خوفا من توسّع الحرب الى لبنان.

ويقول الشعار "أعرف أشخاصاً لم يتمكنوا من جمع رزقهم لأنهم قريبون أكثر من المنطقة الحدودية ويتعرضون للقصف".

ويوضح "لقد تركوا رزقهم وأرضهم.. الأمر صعب، لأن الفرد يتعب من أجل رزقه. الرزق كالولد، تهتم به كما تهتم بابنك".

المصدر: شبكة الأمة برس

كلمات دلالية: جنوب لبنان

إقرأ أيضاً:

لبنان: قصف مدفعي إسرائيلي لعدد من المناطق الجنوبية ومقتل شخص وجرح آخر بمنطقة القليلة

قصفت المدفعية الإسرائيلية عدة مناطق في جنوب لبنان بينما حلق الطيران الحربي الإسرائيلي بعد ظهر أمس فوق مناطق جنوبية متعددة.

وقصفت المدفعية الإسرائيلية ظهر أمس المنطقة الواقعة بين بلدتي "عيتا الشعب" و"رميش" في جنوب لبنان بثلاث قذائف مدفعية، وبعد ظهر أمس قصفت المدفعية الإسرائيلية المنطقة المفتوحة عند مثلث بلدات "محيبيب" و" برعشيت" و" كونين" في جنوب لبنان، بحسب ما أعلنته قناة " المنار" المحلية التابعة لـ" حزب الله".

وحلق الطيران الحربي الإسرائيلي بعد ظهرأمس على علو متوسط فوق مدينة "صور" الجنوبية وقرى قضاء " صور" وبلداته، وفوق القطاع الشرقي في جنوب لبنان، بحسب ما أعلنت " الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية الرسمية.

إستهداف دراجة نارية

وشن الطيران المسير الإسرائيلي غارة بعد منتصف ليل الأحد على منطقة "القليلة"، استهدفت دراجة نارية، أدت إلى مقتل شخص وجرح آخر.

ونعت المقاومة الإسلامية في لبنان أمس أحد عناصرها من بلدة "القليلة" في جنوب لبنان، ليرتفع عدد عناصر المقاومة الذين سقطوا "على طريق القدس" إلى 394.

وقال الجيش الإسرائيلي إن مسيرة تابعة له، قصفت الليلة الماضية، "الإرهابي" مصطفى حسن سلمان في منطقة "القليلة" في جنوب لبنان وقتلته.

وقال الجيش الإسرائيلي، في وقت سابق أمس إن حسن سلمان "كان ناشطا في وحدة الصواريخ والصواريخ التابعة لحزب الله، وشارك في تخطيط وتنفيذ العديد من الهجمات الإرهابية ضد إسرائيل".

ونفذ الطيران الحربي الإسرائيلي فجر أمس 3 غارات على "جبل طورة" في منطقة "جزين" في جنوب لبنان ما أدى إلى تدمير حظيرة للماعز ومنزل الراعي، ونفوق أكثر من 700 رأس ماعز.

وتعرضت بلدة "برج الملوك" الجنوبية لقصف مدفعي ثقيل بعد منتصف ليل أمس، مما تسبب بتحطم الزجاج للعديد من المحال والمنازل في البلدة وأحدث أضرار مادية بالممتلكات، بحسب " الوكالة الوطنية للإعلام".

يذكر أن المناطق الحدودية في جنوب لبنان تشهد تبادلا لإطلاق النار بين الجيش الإسرائيلي وعناصر تابعة للمقاومة الإسلامية في لبنان، منذ الثامن من أكتوبر الماضي بعد إعلان إسرائيل الحرب على غزة، وإعلان "حزب الله" مساندة غزة.

استهداف جبل حرمون

أعلن حزب الله اللبناني إنه هاجم بمسيرات مركز استطلاع تقني وإلكتروني إسرائيلي في جبل حرمون، شمال مرتفعات الجولان المحتلة، ردا على قتل إسرائيل لعضو كبير في حزب الله في اليوم السابق.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية أن حزب الله أصدر بيانا جاء فيه "شن مجاهدو المقاومة الإسلامية الأحد هجوما جويا بأسراب متتالية من المسيرات الانقضاضية على مركز الاستطلاع الفني والإلكتروني بعيد المدى على الاتجاه الشرقي ( مرصد التزلج الشرقي) في جبل حرمون في الجولان السوري المحتل".

وتابع البيان أن المسيرات"اصابت قببه وتجهيزاته التجسسية والاستخبارية ومنظوماته الفنية مما أدى إلى تدمير الأجهزة المستهدفه واندلاع النيران فيها بشكل كبير".

يشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها استهداف المركز الإسرائيلي في حرمون منذ حرب 1973 العربية الإسرائيلية، وتعتبر العملية الأكبر التي تنفذها القوات الجوية لحزب الله منذ 8 أكتوبر 2023.

مقالات مشابهة

  • بالفيديو : نفوق نحو 700 رأس ماعز بغارة إسرائيلية على مزرعة للمواشي في جبل طورة جنوب لبنان
  • لبنان: قصف مدفعي إسرائيلي لعدد من المناطق الجنوبية ومقتل شخص وجرح آخر بمنطقة القليلة
  • عاجلٌ جداً.. صواريخ تنطلق من لبنان وقصفٌ يطال إسرائيل!
  • لبنان: قصف مدفعي إسرائيلي لعدد من المناطق الجنوبية
  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف عدة بلدات جنوب لبنان
  • وسائل إعلام فلسطينية: شهيدان جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي حي الزيتون جنوب شرق مدينة غزة
  • ‏إذاعة الجيش الإسرائيلي: الجيش الإسرائيلي ينفذ عددا من الهجمات على جنوب لبنان
  • مقتل عنصر في حزب الله بغارة إسرائيلية على شرق لبنان
  • قيادي في حزب الله: معادلة بسيطة لوقف الحرب جنوب لبنان
  • حزب الله يهاجم بالمسيرات موقعا للاحتلال.. وقصف إسرائيلي على بلدات بجنوب لبنان