أكاديمي يُجيب عن: ما تبعات زيادة معدلات الفائدة على البنوك؟
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
أثير – سعيد العزري
أقر البنك المركز العُماني اليوم إبقاء سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء للمصارف المحلية دون تغيير عند 6%، وذلك بعد قرار الاحتياطي الفدرالي الأمريكي تثبيت سعر الفائدة عند نفس مستوياتها.
وشهدت الفترة الماضية رفع النسبة تدريجياً وهي 25 نقطة أساس، إذ بلغت النسبة 3% في يوليو 2022م، وارتفعت لتصل إلى 6% في يوليو 2023م، ووضّح بيان البنك المركزي آنذاك بأن هذا القرار جاء تماشيًا مع السياسة النقدية للبنك المركزي العُماني وللحفاظ على نظام سعر الصرف الثابت للريال العُماني ومع هيكلة وطبيعة الاقتصاد العُماني؛ فما أبرز أسباب هذا الرفع، وما تأثيره على المجتمع؟
حول هذا الموضوع حاورت “أثير” الدكتور حاتم بن بخيت الشنفري، عضو هيئة التدريس بقسم الاقتصاد والمالية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة السلطان قابوس.
ما سبب رفع البنك المركزي العُماني لسعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء للمصارف المحليّة؟
إن السبب الرئيسي في رفع سعر الفائدة هو ارتباط الريال العُماني بالدولار الأمريكي، لذا فإن أي تعديل بسعر الفوائد في أمريكا يصاحبه ارتفاع بأسعار الفوائد في البنوك العُمانية، والحال ليس حصرًا على البنوك العُمانية فقط، حيث إن ارتفاع أسعار الفائدة يتعدى أمريكا لكل الدول التي ترتبط عملتها بقيمة الدولار الأمريكي، وليس لاقتصاد سلطنة عُمان المحلي سبب في تغيّر سعر الفائدة. ويسعى هذا الرفع إلى الحفاظ على نظام سعر ثابت لصرف الريال العُماني واستقراره، وأيضًا للحد من هجرة رأس المال للخارج وتعزيز الثقة بين المستثمرين من خلال إزالة خطر تقلبات الصرف.
ما تأثير رفع سعر الفائدة على القروض والودائع البنكية؟
البنوك تعمل على استثمار الودائع والاقتراض، وأي ارتفاع في أسعار الفائدة يؤدي بدوره إلى الارتفاع بنسب فائدة القروض والودائع مما يسبب بارتفاعها على المقترضين من أشخاص أو مؤسسات، لكن في حالة الأفراد الملتزمين بتسديد القروض حسب الجدولة البنكية فإنه لن يرتفع سقف الفائدة عن 6% وذلك بإعادة جدولة القروض بسعر الفائدة المعدل، وهذا يختلف في التمويلات البنكية الأخرى.
في حالة خفّض البنك المركزي سعر الفائدة؛ هل سيتم خفضها على المقترضين؟
هنا يصبح الأمر أمام جانبين، غالبًا لدى الأفراد لن يتم تعديل نسبة الفائدة وتقليلها تماشيًا مع النسبة المخفضة، لكن مع المؤسسات وأصحاب القدرة المالية العالية فإن الأمر يخضع للتفاوض، وللتعديل وإعادة الجدولة.
كيف يؤثر قرار رفع سعر الفائدة على الأفراد؟
تأثير القرار يأتي بتأثيرين: مباشر وغير مباشر، حيث إن التأثير المباشر يكون من خلال إضعاف القدرة الشرائية للأفراد، وارتفاع نسب الفائدة للقروض المتحصلين عليها، ويرفع كلفة المعيشة عليهم. وبالمقابل فإن التأثير غير المباشر يكمن في التباطؤ الاقتصادي للمؤسسات؛ حيث إنها لن تتحمل تكلفة التوسع من خلال حصولها على تمويلات بنكية، لأن ذلك يشكل خطورة عليها ويصنع عبئًا ماليًا، الأمر الذي لن يخدم مسيرة توسع الشركات وتوظيفها لكوادر جديدة بل إنه قد يتعدى لذلك من خلال إثقاله لكاهل المؤسسات الذي يؤدي إلى خسارتها وإغلاقها وتسريح موظفيها.
هل يعكس هذا القرار تحسينات في اقتصاد سلطنة عُمان؟
إن الاقتصاد في سلطنة عُمان متأثر بصورة كبيرة بأسعار النفط، وهو العامل الرئيسي الحاسم في الاقتصاد الحكومي، وبارتفاع أسعار النفط يتمكن الاقتصاد العُماني من الوقوف أمام المؤثرات والمتغيرات المختلفة، بالمقابل فإن الشركات والأفراد هم المتضررون من هذا القرار فهم الذين يتحملون الكلفة الكبيرة لتبعاته.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: سعر الفائدة على الع مانی من خلال
إقرأ أيضاً:
ترامب والمركزي الأميركي.. سيناريوهات محفوفة بالمخاطر في 2025
تعود الأنظار مجددا إلى العلاقة المتشابكة بين الاحتياطي الفدرالي الأميركي والسياسات الاقتصادية مع انتخاب دونالد ترامب لفترة رئاسية ثانية في عام 2024.
هذه العلاقة لم تكن دائما سهلة، إذ تكررت الانتقادات الحادة من ترامب للاحتياطي الفدرالي خلال فترته الأولى.
ومع دخول الاقتصاد الأميركي مرحلة حاسمة من التعافي بعد أزمة تضخم كبيرة فإن تأثير السياسات المالية والإصلاحات الاقتصادية الجديدة قد يشكل تحديا عميقا لصانعي السياسة النقدية في الاحتياطي الفدرالي.
معدلات الفائدة.. بين الاستقرار والمخاطروفي عام 2023 رفع الاحتياطي الفدرالي معدلات الفائدة إلى 5.5%، وهو أعلى مستوى منذ أكثر من عقدين استجابة لتضخم وصل إلى 9.1% في منتصف 2022.
ترامب أعلن فور توليه منصبه أن تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق العام سيكونان محورين رئيسيين في سياسته الاقتصادية (شترستوك)لكن مع تراجع التضخم تدريجيا إلى 3.2% بنهاية 2024 بدأ الاحتياطي في خفض الفائدة مرتين ليتراوح بين 4.25% و4.50%.
هذا التوجه يعكس تحولا نحو تحفيز الاقتصاد، وسط مؤشرات على تباطؤ النمو، ومع ذلك فإن ترامب أعلن فور توليه منصبه أن خفض الضرائب وزيادة الإنفاق العام سيكونان محورين رئيسيين في سياسته الاقتصادية، مما أثار مخاوف من عودة الضغوط التضخمية.
إعلانوعلى الرغم من توقع الاحتياطي الفدرالي خفض معدلات الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس إضافية خلال 2025 فإن تبني سياسات مالية توسعية قد يغير هذا السيناريو.
ووفقا لديان سونك كبيرة الاقتصاديين في "كيه بي إم جي"، فإن السياسات المالية العدوانية يمكن أن "تقيد الاحتياطي الفدرالي" وتضعه في موقف يجبره على رفع الفائدة مجددا لكبح التضخم.
السياسات المالية وتأثيرها على الاقتصاد الكلي خفض الضرائب وزيادة العجزأحد أبرز وعود ترامب هو تمديد العمل بقانون تخفيض الضرائب والوظائف لعام 2017، والذي كان له تأثير كبير على تقليل الضرائب على الأفراد والشركات.
هذا القانون رغم تحفيزه النمو الاقتصادي بنسبة 0.4% سنويا أدى إلى زيادة العجز الفدرالي بقيمة 1.5 تريليون دولار على مدى 10 سنوات، وإذا تم تمديد هذه التخفيضات فإنها قد تعزز السيولة في الأسواق، ولكنها ستضيف ضغوطا تضخمية جديدة قد تدفع الاحتياطي إلى تبني سياسات أكثر تشددا.
التعريفات الجمركية وحرب تجارية متجددةوفي إطار سياسة "أميركا أولا" يخطط ترامب لإعادة فرض تعريفات جمركية تصل إلى 25% على الواردات الصينية.
هذه الخطوة قد تزيد تكاليف الإنتاج للشركات الأميركية وترفع الأسعار على المستهلكين، مما يؤدي إلى زيادة التضخم بنحو 0.5%-0.8% خلال العام الأول من تطبيقها وفقا لتقييمات حديثة أجرتها بلومبيرغ.
فرض التعريفات الجمركية قد يؤدي إلى زيادة التضخم بنحو 0.5%-0.8% خلال العام الأول من تطبيقها (الفرنسية)ومع توقع تأثير التعريفات على الأسواق العالمية قد تواجه الاقتصادات الناشئة تحديات إضافية تتمثل في انخفاض تدفقات رؤوس الأموال وتدهور قيمة العملات المحلية كما حدث سابقا مع تركيا والأرجنتين.
التوسع في الوقود الأحفوريوفي قطاع الطاقة، يتطلع ترامب إلى تعزيز إنتاج الوقود الأحفوري، مما قد يخفض تكاليف الطاقة بنسبة 10% ويحفز الإنتاج الصناعي.
لكن وفقا لمارك زاندي كبير الاقتصاديين في "موديز أناليتيكس"، فإن هذه السياسات رغم تحقيقها نموا اقتصاديا قصير الأجل قد تؤدي إلى عدم استدامة على المدى الطويل.
إعلان الانعكاسات العالمية والمحليةالتأثيرات المحتملة للسياسات الأميركية لا تقتصر على الداخل، بل تمتد لتشمل الاقتصادات العالمية، خصوصا مع اعتماد البنوك المركزية العالمية على سياسات الاحتياطي الفدرالي معيارا لاستقرار العملات.
ورفع البنك المركزي الأوروبي -على سبيل المثال- معدلات الفائدة إلى 4.5% في 2024 محاكاة للتوجه الأميركي.
ومع تخفيض الفدرالي الفائدة قد يشهد العالم استقرارا أكبر في الأسواق المالية.
في المقابل، فإن ارتفاع الدولار المتوقع نتيجة تدفق رؤوس الأموال الأجنبية قد يفاقم عجز الميزان التجاري الأميركي ويضعف تنافسية الصادرات.
كما أن تكرار سياسات الحماية التجارية قد يؤدي إلى تصاعد التوترات مع الشركاء التجاريين مثل كندا والاتحاد الأوروبي، مما يزيد تعقيد المشهد الاقتصادي.
التحديات أمام الأسر الأميركية والقطاعات الاقتصادية سوق الإسكان والرهون العقاريةورغم انخفاض معدلات الفائدة فإن سياسات ترامب قد تؤدي إلى ارتفاع عوائد السندات الحكومية طويلة الأجل، والتي تعد المعيار الأساسي لتحديد معدلات الرهون العقارية.
الإنفاق الاستهلاكي قد يشهد نموا محدودا في ظل ارتفاع التعريفات الجمركية وتراجع القوة الشرائية (الفرنسية)وهذا قد يبقي تكاليف الاقتراض مرتفعة ويضعف الطلب على المنازل، مما يزيد تحديات سوق الإسكان.
الإنفاق الاستهلاكي والعملالإنفاق الاستهلاكي -الذي يمثل 68% من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي- قد يشهد نموا محدودا في ظل ارتفاع التعريفات الجمركية وتراجع القوة الشرائية.
وفي الوقت نفسه، فإن السياسات المناهضة للهجرة قد تقلص المعروض من العمالة وتدفع الأجور إلى الارتفاع، مما يزيد صعوبة إدارة التضخم.
سيناريوهات مستقبلية سيناريو النمو المدعوم بالتحفيز الماليفي هذا السيناريو، تؤدي سياسات ترامب التوسعية مثل تمديد تخفيض الضرائب وزيادة الإنفاق على البنية التحتية إلى انتعاش اقتصادي سريع ونمو قوي، لكن ذلك يصاحبه تضخم وعجز مالي متزايد، مما يهدد استدامة هذا النمو على المدى الطويل.
سيناريو التضخم المرتفع إعلاننتيجة للسياسات المالية والجمركية العدوانية يشهد الاقتصاد موجة تضخمية حادة تؤثر على القدرة الشرائية وتزيد تكلفة الإنتاج، مما يضطر الاحتياطي الفدرالي إلى تشديد السياسة النقدية، وهو ما قد يؤدي إلى اضطرابات اقتصادية خطيرة محلية وعالمية.
قد تتأثر سلاسل التوريد العالمية وتضعف الصادرات الأميركية في حال ارتفاع الدولار (شترستوك) سيناريو الاستقرار النسبيفي هذا السيناريو الأكثر تفاؤلا تنجح الإدارة الأميركية في تنسيق سياساتها المالية مع الاحتياطي الفدرالي، مما يؤدي إلى تحقيق نمو اقتصادي مستدام مع معدلات تضخم معتدلة، مع استقرار الأسواق المالية العالمية.
سيناريو الركود الاقتصاديفي حال أدت السياسات المالية غير المنضبطة إلى ضغوط على الاحتياطي الفدرالي لرفع معدلات الفائدة بشكل كبير يدخل الاقتصاد الأميركي في ركود نتيجة تباطؤ النشاط الاقتصادي وارتفاع البطالة، مما يضر بالشركات الصغيرة والأسواق الناشئة.
سيناريو التوترات الجيوسياسيةمع تصاعد التوترات التجارية الناتجة عن سياسات ترامب الحمائية تتأثر سلاسل التوريد العالمية وتضعف الصادرات الأميركية بسبب ارتفاع الدولار، مما يؤدي إلى اضطرابات في التجارة العالمية وزيادة التقلبات بالأسواق المالية.