الخليج الجديد:
2024-09-16@16:49:20 GMT

رأيان في إطار الحرب

تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT

رأيان في إطار الحرب

رأيان في إطار الحرب

كل من لا يقدّر ما يجري من تظاهرات تقديرا عاليا، حتى لو لم يصل حجمها إلى المستوى الذي نريد، يقع في خطأ، خصوصا إذا راح يتهكم أو يستهزئ بها.

يستمر التقتيل والتدمير مطلقي العنان مما يلقي على عاتق من يعارضون استباحة المدنيين، وويطالبون بوقفها، مسؤولية الانتقال إلى مستوى أعلى في ردع هذا الجنون.

ليس كل نضال أو جهد شعبي يجب أن يحسم الصراع بذاته، بل له أهمية متعدّدة الأبعاد دون أن يحسم الصراع فقد يعزل العدو، أو يفقده الشرعية ويعزز المقاومة وصمود الشعب.

نزلت الملايين لردع الإبادة التي تتعرض لها غزة، لكنهم لم يردعوا ولم تتوقف الإبادة. لكن النتيجة المطلوبة فورا، لا يجوز أن تؤدي لموقف يائس من التظاهرات والرأي العام العالمي.

* * *

ثمة رأي أخذ يتردد، على لسان الكثيرين من المتعاطفين مع الحرب التي تخوضها المقاومة والشعب في قطاع غزة، يُقلل من أهمية تعاظم التظاهرات العربية والإسلامية والعالمية، التي تشجب القصف الجوي المتجّه لقتل أكبر عدد من المدنيين الغزيين، وتدمير أحياء بأسرها ومساواة أبنيتها مع الأرض، وذلك فيما راحت أرقام الشهداء تتزايد باتجاه العشرة آلاف، وأرقام الأطفال الشهداء تزداد باتجاه الأربعة آلاف، وراحت المساكن والمباني المدّمرة تتسّع لتشمل نصف بيوت غزة.

هذا متوقعٌ حصوله خلال الأيام الثلاثة القادمة، إذا لم يتوقف القصف الجوي الذي تحدّى ويتحدّى القوانين الدولية الإنسانية تحديّا كاملا ومن أول يوم، بما يؤكد أن القرار الأمريكي- الصهيوني (بايدن- نتنياهو) مصمّم على الذهاب بهذه الاستراتيجية، غير مبال بشيء، حتى النهاية، وما هو بمستعد بأن يذعن لإدانة أو احتجاج غالبية دول العالم، كما ظهر في قرار الجمعية العامة بتاريخ 27 أكتوبر 2023 (120 دولة مع وقف هذه الاستراتيجية فورا، وامتناع 45 دولة يجب أن تضاف موضوعيا، إلى المائة والعشرين دولة، ولم يبق مع بايدن ونتنياهو غير 12 دولة أخرى).

ثم أضف مئات الآلاف الذين يخرجون إلى الشوارع يوميا، وبما يقترب من أن يُعدّوا بالملايين، في كل بلدان العالم. وجميعهم يطالبون بوقف جريمة الإبادة، وإعلان التعاطف مع فلسطين وقضيتها، ومع المقاومة، بشكل مباشر أو غير مباشر.

ولكن، بالطبع لم يستطع كل هذا أن يردع بايدن ونتنياهو، ومن لف لفهما، مشاركة، أو تأييدا، أو صمتا متواطئا، بوقف الجريمة بحق الأهالي (مليونان ونصف المليون). وهي أم الجرائم يمارسها الطيار الصهيوني، وبالطائرة الأمريكية، والقذائف الأمريكية.

هذا يعني عدم كفاية كل ما صدر عربيا وإسلاميا وعالميا، دولا وشعوبا، لوقف همجية الإبادة التي يتعرض لها قطاع غزة، خصوصا الأطفال والنساء والجرحى، وكل فئات الشعب، وقد قوبِل بضربِهِ عرض الحائط مِن قِبَل الإدارة الأمريكية والحكومة الصهيونية.

ومن ثم سيستمر التقتيل والتدمير، مطلقي العنان، الأمر الذي يلقي على عاتق كل الذين عارضوا ويعارضون استباحة المدنيين، وطالبوا ويطالبون بوقفها، مسؤولية الانتقال إلى مستوى أعلى في ردع هذا الجنون.

فمن جهة، فإن دورا خاصا يجب أن يُلقى على الدول الإسلامية من خلال مؤتمر التعاون الإسلامي، وذلك بداية بسبب تصريحات ترددت على لسان قادة أمريكا وأوروبا ولحق بهم نتنياهو، بأن هذه الحرب هي حرب بين "الحضارة والبرابرة"، والمقصود بالحضارة الحضارةُ الغربية، والبرابرة: العرب والمسلمون أولا، ومن يمكن أن يضافوا لهم من شعوب الشرق أو الجنوب.

ومن ثم، لو حصرنا أنفسنا من حيث الأولوية، سنجدها في ضرورة ممارسة ضغوط أعلى فأعلى لوقف هذا الإجرام الهمجي (البربري بامتياز) فورا. ومما يشجع على إمكان هذا التصعيد مواقف إيران وتركيا وماليزيا، إذ يمكنها أن تتحوّل إلى نواة تنضم لها دول أخرى، فيرفع سقف المطالبة بسحب السفراء، ونقض المعاهدات، أو استخدام سلاحيّ المقاطعة والنفط، وصولا إلى أن ينبري البعض ليهدد باستخدام القوة المسلحة لضرب المطارات، التي ينطلق منها قصف الطائرات.

لعل المتابعة الدقيقة لما صدر من مواقف من رؤساء دول أو حكومات أو وزراء خارجية، لا سيما تركيا وإيران اللتين أعلنتا أن صبرهما نفد على تحمّل قتل المدنيين والأطفال، مما يسمح بإطلاق حوار إيراني تركي؛ ثم مَن ينضم إليه من دول إسلامية وعربية لتوجيه إنذار حاسم (لا حاجة لذكر تفاصيل) يطالب بوقف الهمجية الأمريكية الصهيونية فورا بحق مدنيي قطاع غزة. ويمكن أن يعزز هذا بغطاء مؤتمر التعاون الإسلامي.

خلاصة

- تبقى نقطة تتمثل في اتخاذ خط سياسي وفكري صحيح، من الموقف من التظاهرات الشعبية، العربية والإسلامية والعالمية. وذلك ابتداء بتقويمها، وتقدير أهميتها وفاعليتها.

- ثمة موقف يتخذه الكثيرون يدعو من جهة إلى ضرورة التظاهر وحشد الملايين، ضد القصف الصهيوني الأمريكي الذي أثخن بالمدنيين والعمران في قطاع غزة، ويعتبر من جهة أخرى أن هذه التظاهرات لا تؤثر، ولا تغيّر، ولا تردع، ومن ثم لا مجال للتعويل عليها أو إعطائها أهمية أكثر مما تستحق.

- طبعا نزل الملايين بالمجموع لردع الإبادة التي تتعرض لها غزة، ولكنهم لم يردعوا ولم تتوقف الإبادة. ولكن هذه النتيجة المطلوبة فورا، لا يجوز أن تؤدي إلى ذلك الموقف من التظاهرات والرأي العام العالمي.

- بداية، ليس كل نضال أو جهد شعبي يجب أن يحسم الصراع بذاته، بل له أهمية متعدّدة الأبعاد دون أن يحسم الصراع وحده. فعلى سبيل المثال، يسهم في عزل العدو، أو في إفقاده كل شرعية، كما يعزز موقف المقاومة وصمود الشعب، وصولا إلى تهيئة شروط الحسم العسكري مثلا، أو الحسم السياسي في معادلات أخرى.

إن كل من لا يقدّر ما يجري من تظاهرات تقديرا عاليا، حتى لو لم يصل حجمها إلى المستوى الذي نريد، يقع في خطأ، خصوصا إذا راح يتهكم أو يستهزئ بها.

أما على المستوى الصهيوني في الخصوص، وعلى المستوى الأمريكي الأوروبي، فإن التظاهرات التي تندّد بهمجية الصهاينة وحلفائهم في قتل المدنيين في قطاع غزة، ستؤدي إلى أن تسوء سمعتهم، وتفضَح حكوماتهم، وأن يُنزع القناع الذي بذلوا الأموال والجهود طوال عقود وسنين، ليبيضوا به صفحتهم ووجودهم وحضارتهم. وبكلمة، فإن هذه التظاهرات والرأي العام، سيمهدان لسقوطهم وسوء المآل.

*منير شفيق كاتب وسياسي ومفكر فلسطيني

المصدر | عربي21

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة الحرب تركيا إيران إسرائيل مظاهرات فلسطين جرائم حسم الصراع الرأي العام قطاع غزة یجب أن

إقرأ أيضاً:

وزيرة خارجية فلسطين: أهم شيء في حرب غزة إنهائها

قالت الدكتورة فارسين شاهين، وزيرة الدولة لشؤون خارجية فلسطين، إن فلسطين هي الهم الأساسي للعالم العربي، وهناك توجه للحركة بشكل متسارع وجماعي من قبل العرب تجاه حل القضية الفلسطينية، لافتة إلى أن القضية الفلسطينية معروفة وحلها معروف ولكن طلبها لإقامة مؤتمر دولي هو بهدف تكاتف جهود دول العام لوضع إطار لحل المسألة.

كيف يمكن إيقاف الحرب على غزة؟.. وزيرة الدولة لشؤون خارجية فلسطين تجيب الخارجية الفلسطينية تحذر من مخطط استيطان إسرائيلي في شمال قطاع غزة وضع إطار زمني وآلية

وأضافت "فارسين شاهين"، خلال حوارها مع الإعلامية أمل الحناوي، ببرنامج "عن قرب"، المذاع على فضائية "القاهرة الإخبارية" مساء اليوم السبت، أنه يجب وضع إطار زمني للدول المعنية بالقضية وآلية لمتابعة التطورات وإخلال أحد الأطراف بالاتفاقيات، متابعة "رأينا على مدار سنوات إفلات دولة الاحتلال من العقاب، وهو ما جعلها تقوم بما تقوم به اليوم".

وواصلت "أهم شيء في حرب الإبادة هو إنهاء هذه الحرب، وهذا يتطلب أوسع حشد دولي، وتعمل فلسطين على مدار الساعة من خلال السفارات للتأثير على صانعي القرار والحكومات من أجل حل الدولتين".

مقالات مشابهة

  • الكتلة الديمقراطية: ندين القصف العشوائي الذي تمارسه مليشيا الدعم السريع ضد المدنيين في الفاشر
  • عاجل | أبو عبيدة: نبارك العملية النوعية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية واستهدفت موقعا عسكريا قرب تل أبيب
  • بتقديم أدلة جديدة.. جنوب إفريقيا تصر على إدانة “إسرائيل” في قضية “الإبادة الجماعية” التي رفعتها
  • فارسين شاهين: إيقاف حرب الإبادة على قطاع غزة يتطلب دعما دوليا أوسع
  • وزيرة خارجية فلسطين: أهم شيء في حرب غزة إنهائها
  • وزيرة الخارجية الفلسطينية: ما تشهده غزة لم نراه منذ الحرب العالمية الثانية
  • حصيلة إيرادات فيلم "عاشق" في آخر ليلة عرض
  • جنوب إفريقيا تؤكد تصميمها على متابعة قضية “الإبادة الجماعية” التي رفعتها ضد “إسرائيل”
  • جنوب إفريقيا تقدم أدلة جديدة في قضية الإبادة الجماعية ضد إسرائيل
  • البيت الأبيض: بايدن ورئيس وزراء بريطانيا أكدا على ضرورة قيام إسرائيل بالمزيد لحماية المدنيين في غزة