إلى أي مدى يمكن أن تقف تركيا بجانب حماس؟
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
إلى أي مدى يمكن أن تقف تركيا بجانب حماس؟
أنقرة حرصت على التوازن بين علاقاتها مع السلطة الفلسطينية وحركة حماس، والتجنب عن دعم أحد الطرفين ضد الآخر.
نتائج الحرب في قطاع غزة ستلعب دورا في تحديد مسار العلاقات بين تركيا وحماس، وفق تقييم الطرفين لتلك النتائج.
الأولوية الأولى هي وقف المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في القطاع، وإفشال خطة التهجير التي تسعى إسرائيل إلى تطبيقها.
ترى تركيا أن خطة تصفية قضية فلسطين وشرق أوسط تهدد أمن تركيا ومصالحها ومستقبلها، وبالتالي لا بد من إفشالها من خلال دعم صمود شعب فلسطين.
منذ 7 أكتوبر أنقرة ترى الدعم الغربي غير المحدود لإسرائيل وإرسال أمريكا حاملة طائرات؛ خطة تتجاوز غزة نحو تصفية قضية فلسطين وإعادة ترتيب المنطقة لتشكيل شرق أوسط جديد.
* * *
جدد رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، في كلمته التي ألقاها بتجمع فلسطين الكبير في إسطنبول السبت الماضي، قوله بأن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" ليست منظمة إرهابية، بل هي حركة تحرير وطنية.
وكان أردوغان أدلى الأسبوع الماضي بتصريحات مشابهة في خطابه لأعضاء الكتلة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية. وأثارت هذه التصريحات تساؤلات حول طبيعة علاقات تركيا مع الحركة ومدى الدعم الذي يمكن أن تقدمه إليها لتواصل مقاومتها للاحتلال.
أردوغان قال أيضا في تلك الكلمة: "نحن هنا لا نندد بالمجزرة الحاصلة في غزة فقط، بل ندافع أيضا عن استقلالنا ومستقبلنا". كما ذكر رئيس دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية التركية، فخر الدين ألطون، في برنامج على القناة الأولى للتلفزيون التركي الرسمي "تي آر تي"، أن المؤامرة التي يواجهها قطاع غزة لا تستهدف الفلسطينيين فقط، بل تستهدف أيضا تركيا والمنطقة، مؤكدا أن إفشال تلك المؤامرة ضرورة استراتيجية لمستقبل البلاد.
هذه التصريحات تشير إلى أن أنقرة ترى أن ما يجري منذ 7 أكتوبر من دعم غربي غير محدود لإسرائيل وإرسال الولايات المتحدة حاملة طائرات إلى المنطقة؛ تحركات ضمن خطة تتجاوز حدودها قطاع غزة، وترمي إلى تصفية قضية فلسطين وإعادة ترتيب المنطقة لتشكيل شرق أوسط جديد، كما وعد به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وترى أيضا أن تلك الخطة تهدد أمن تركيا ومصالحها ومستقبلها، وبالتالي لا بد من إفشالها من خلال دعم صمود الشعب الفلسطيني، الأمر الذي دفع رئيس حزب الحركة القومية دولت بهتشلي، إلى الإدلاء بتصريحات قوية تندد بمجازر إسرائيل في القطاع وتدعو إلى دور تركي لحماية الفلسطينيين.
علاقة تركيا مع حركة حماس ليست جديدة، وقام قادة الحركة بزيارات عديدة إلى العاصمة التركية، كما التقى رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، خلال زيارته لأنقرة عام 2012، قادة المعارضة التركية بمن فيهم رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كليتشدار أوغلو.
ولكن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه الآن هو: "كيف ستتشكل العلاقات بين تركيا وحماس بعد تصريحات أردوغان؟".
أنقرة حرصت على التوازن بين علاقاتها مع السلطة الفلسطينية وحركة حماس، والتجنب عن دعم أحد الطرفين ضد الآخر. ومن المؤكد أنها ستواصل هذه السياسة، في محاولة للوقوف على مسافة واحدة من الجميع وتشجيعهم على المصالحة، لتحقيق وحدة الصف في نضال الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه من الاحتلال وإقامة دولته المستقلة.
الرئيس التركي صرح بصوت عال بأن حركة حماس ليست إرهابية، ومن المتوقع أن تستمر أنقرة في التشديد على هذه الحقيقة في المحافل الدولية، وأن يشجع ذلك دولا أخرى على الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال بكل طرق مشروعة، بينها المقاومة المسلحة، وفقا للقانون الدولي.
وتكمن أهمية هذه التصريحات في إفشال خطة شيطنة المقاومة الفلسطينية وتصويرها كــ"منظمة إرهابية" مثل القاعدة وداعش. وإن لم يتم إفشال تلك الخطة ونجح الاحتلال في ترسيخ الصورة المضللة التي يرسمها، فسيشتد إرهاب المتضامنين مع المقاومة الفلسطينية، وستزداد الضغوط على الدول التي تقيم العلاقات مع حركة حماس، وسيتم التضييق على قادة الحركة المقيمين في الخارج.
إعادة إعمار القطاع والمساعدات الإنسانية ملف آخر يمكن أن تدعم تركيا خلاله صمود الشعب الفلسطيني. وتبذل الوزارات والمؤسسات الحكومية والأهلية التركية منذ بداية الحرب جهودا حثيثة لإيصال المساعدات العاجلة إلى القطاع، إلا أن الحصار الذي يفرضه الاحتلال يعيق تلك الجهود. وتسعى أنقرة إلى تجاوز ذاك الحصار من خلال تكثيف اتصالاتها مع القاهرة.
تركيا ترغب في تعزيز علاقاتها مع حماس في إطار القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، لتتمكن من الدفاع عن موقفها من المقاومة الفلسطينية أمام العالم بقوة. ولا شك أن هناك اختلافات في وجهات نظر الطرفين في بعض القضايا، مثل حل الدولتين والمفاوضات مع إسرائيل واستهداف المستوطنين.
ولكن هذه الاختلافات يمكن تجاوزها بحلول لا يضطر فيها أحد الطرفين لتغيير موقفه، أو يمكن وضعها جانبا للتركيز على التعاون في القضايا المتفقة عليها، إلا أن حماس ستبقى في النهاية بحاجة إلى المال والسلاح لمواصلة مقاومة الاحتلال.
نتائج الحرب التي تجري حاليا في قطاع غزة ستلعب دورا في تحديد مسار العلاقات بين تركيا وحماس، وفق تقييم الطرفين لتلك النتائج. إلا أن الأولوية الأولى هي وقف المجازر التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في القطاع، وإفشال خطة التهجير التي تسعى إسرائيل إلى تطبيقها بمساعدة الولايات المتحدة وحلفائها الآخرين.
*إسماعيل ياشا كاتب صحفي تركي
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تركيا فلسطين حماس المجازر أردوغان مقاومة الاحتلال المقاومة الفلسطينية الشعب الفلسطینی حرکة حماس قطاع غزة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
الرئيس الألماني يزور تركيا اليوم بشكل مفاجئ
أنقرة (زمان التركية) – يتوجه الرئيس الألماني، فرانك والتر شتاينماير، اليوم إلى العاصمة التركية، أنقرة، للقاء نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، بعد زياراته إلى المملكة العربية السعودية والأردن.
ووفقا لمصادر في برلين، فإن الاجتماع سيناقش أيضا آخر التطورات في سوريا وإسرائيل.
وأوضح البيان الصادر عن المتحدث باسم الرئاسة التركية أن زيارة شتاينماير ستستغرق ثلاثة أيام لدراسة التطورات في منطقة ما بعد الثورة في سوريا وتبادل وجهات النظر مع السلطات.
وكانت المحطة الأولى لزيارة شتاينماير إلى الشرق الأوسط لقاء مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الرياض، وتوجه شتاينماير بعد اللقاء إلى الأردن، حيث التقى بالعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، واجتمع ب 150 جندياً ألمانياً في قاعدة الأزرق الجوية في الأردن.
وتأتي زيارة الرئيس الألماني بعد يوم من زيارة الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع إلى تركيا.
وقالت مصادر دبلوماسية إن زيارة شتاينماير لأنقرة أدرجت ضمن برنامجه في اللحظة الأخيرة، وإن الزيارة ستقتصر على بضع ساعات بسبب برنامج الرئيس أردوغان لإحياء ذكرى زلزال 6 فبراير/شباط.
جدير بالذكر أن وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، اجتمعت قبل شهر مع وزير الخارجية، هاكان فيدان، في أنقرة لمناقشة التطورات في سوريا.
وأعرب بيربوك خلال الاجتماعات عن رغبة ألمانيا في العمل مع تركيا على تحقيق الاستقرار في سوريا وتنسيق إعادة إعمارها واللاجئين السوريين.
ومن المنتظر أن يؤكد شتاينماير أيضًا خلال اللقاء على أهمية دور أنقرة في إرساء الاستقرار السياسي في سوريا.
وتأتي برلين في صدارة أكثر الدول الأوروبية متابعة عن كثب للتطورات في سوريا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في أوروبا، فألمانيا، التي تستضيف أكبر عدد من اللاجئين السوريين في أوروبا، سعيدة أيضًا بنهاية نفوذ روسيا وإيران على سوريا.
وتهدف ألمانيا للقيام بدور نشط في التحول في سوريا من خلال الخطوات الدبلوماسية ومشاريع الدعم المالي انطلاقا من رؤيتها أن التطورات في المنطقة قد تؤثر على أمنها الداخلي.
وفي هذا السياق، يعد منع الهجرة غير النظامية من سوريا إلى ألمانيا وإعادة اللاجئين السوريين في ألمانيا من بين أهم بنود أجندة الزيارة.
Tags: أنالينا بيربوكالتطورات في سورياالعلاقات التركية الألمانيةاللاجئون السوريون في ألمانيافرانك والتر شتاينماير