سقوط الأساطير
الذين يحلمون بأن تصبح الصين هى القوة العظمى بدلا من أمريكا، ما عليهم إلا أن يقرأوا البيانات الصينية التى صدرت حول قتل الفلسطينيين.
أولى الأساطير الساقطة أنه بإمكان إسرائيل القفز على قضية فلسطين وتهميشها، ثم التعامل مع المنطقة بدولها وشعوبها وكأن شيئا لم يكن!
روجت إسرائيل أن المنطقة العربية تنوء بصراعات ملتهبة وعليه فقضية فلسطين كغيرها من الصراعات، فلا هى محورية، ولا هى تمس ملف التطبيع.
هناك عشرات الأساطير التى سقطت منذ أزمنة بعيدة، لكن الكثيرين ظلوا حتى الأيام الأخيرة لا يصدقون سقوطها، مثل أسطورة «التقدم الغربى»..
سقطت أسطورة أطلق عليها «الأرض مقابل السلام».. فقد ثبت طوال العقود الماضية أن إسرائيل تريد «الأرض والسلام معًا» دون أن تقدم شيئا على الإطلاق!
استراتيجية إدارة بايدن في كل منطقة بالعالم تشكيل محور من عدد صغير من الحلفاء يشكل النواة لحماية مصالحها لكن هذه الأسطورة سقطت حين فرضت قضية فلسطين نفسها على واقع الشرق الأوسط.
* * *
إلغاء القمة الرباعية التى كان بايدن سيحضرها بالأردن الأسبوع الماضى أحد تجليات سقوط مجموعة من الأساطير الإسرائيلية الأمريكية التى تم الترويج لها على مدى عقود حتى صارت وكأنها مُسلمات.
وأولى تلك الأساطير أنه بإمكان إسرائيل القفز على القضية الفلسطينية وتهميشها، ثم التعامل مع المنطقة بدولها وشعوبها وكأن شيئا لم يكن!
والحقيقة أن إسرائيل خلقت تلك الأسطورة وساهمت أمريكا فى صنعها صنعًا، فإسرائيل تروّج منذ عقود لفكرة مؤداها أن العلاقة بينها وبين العرب يمكن إيجادها ثم تعميقها حتى لو ظلت القضية الفلسطينية دون حل. ونتنياهو زعم علنًا أمام الشاشات أن القليل للغاية فى محادثاته مع القادة العرب يتعلق بفلسطين.
وتضيف إسرائيل أن المنطقة العربية تنوء بالصراعات الملتهبة من اليمن والعراق ومرورا بليبيا وسوريا ووصولا للسودان.. وعليه فقضية فلسطين هي كغيرها من الصراعات، فلا هى محورية، ولا هى تمس غيرها من الموضوعات وخصوصا ملف التطبيع.
وقد راقت الأسطورة للأمريكيين؛ لأنهم يريدون تقليل اهتمامهم، فى العالم وخصوصا فى الشرق الأوسط، من أجل التفرغ للصين. واستراتيجية إدارة بايدن تقوم فى كل منطقة بالعالم على تشكيل محور من عدد صغير من الحلفاء يشكل النواة لحماية مصالحها، فأنشأوا ما يسمى «الكواد» (الرباعية) فى آسيا، ثم قال وزير الخارجية الأمريكى صراحة عند ترويجه لأحد المحاور الناشئة بالشرق الأوسط إنه مثيل لـ«الكواد» الآسيوى.. لكن هذه الأسطورة سقطت حين فرضت القضية الفلسطينية نفسها فرضا على واقع الشرق الأوسط.
وقد سقطت أسطورة أخرى أطلق عليها «الأرض مقابل السلام».. فقد ثبت طوال العقود الماضية أن إسرائيل تريد «الأرض والسلام معًا» دون أن تقدم شيئا على الإطلاق!
فحل الدولتين مات عمليًا، إذ لم يتوقف يوما التهام الأرض التى كان يفترض أن تقوم عليها دولة فلسطينية. بل راحت إسرائيل تعلن صراحة أنها ضد حل الدولتين، وصار وزراء الحكومة الإسرائيلية الحالية يدعون علنا لضم الضفة، بل وصل الصلف الإسرائيلى إلى حد أن وقف نتنياهو على منصة الأمم المتحدة وفى يده خريطة ليس بها فلسطين أصلًا!.
والحقيقة أن حل الدولة الواحدة بحقوق مواطنة متساوية والذى رفضته إسرائيل طويلا، كان ويظل الخيار الوحيد فى تقديرى، بل لم تترك اليوم غيره خيارا.. فالفلسطينيون لن يتركوا أرضهم، وإسرائيل فشلت رغم كل صلفها وعدوانها فى أن تجعل أصحاب الضمائر الحية حول العالم ينسون الحقوق الفلسطينية. وعدد اليهود الذين خرجوا فى مسيرات احتجاجا على العقاب الجماعى الذى تنزله إسرائيل بغزة يفوق أى مرة سابقة.
وهناك عشرات الأساطير الأخرى التى سقطت منذ أزمنة بعيدة، لكن الكثيرين ظلوا حتى الأيام الأخيرة لا يصدقون سقوطها، مثل أسطورة «التقدم الغربى».. إلا إذا كان التقدم معناه تصديع رؤوسنا كلما صدرت حماقة عن عربى أو مسلم، ثم التزام صمت القبور حين يقف وزير الدفاع الإسرائيلى أمام الكاميرات ليصف الفلسطينيين بـ«الحيوانات البشرية».
تمهيدا لحرب إبادة جماعية، ومثل أسطورة العلمانية الغربية. فتصور معى، عزيزى القارئ، الصراخ الذى كان سيصم آذاننا لو أن وزيرًا عربيًا زار فلسطين، فقال: «لست هنا فقط بصفتى الوزارية وإنما جئت أيضا كمسلم» أو «جئت أيضا كمسيحى».. ثم قارن ذلك بالصمت المدوى الذى لازم تصريح وزير الخارجية الأمريكى فى مؤتمر صحفى بإسرائيل قال فيه: «لست هنا فقط بصفتى وزيرًا للخارجية الأمريكية وإنما أيضا كيهودى»!.
وبالمناسبة، فالذين يحلمون بأن تصبح الصين هى القوة العظمى بدلا من أمريكا، ما عليهم إلا أن يقرأوا البيانات الصينية التى صدرت بخصوص قتل الفلسطينيين.
*د. منار الشوربجي أستاذ العلوم السياسية، باحثة في الشأن الأمريكي
المصدر | المصري اليومالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل أمريكا الصين يهودي العرب الأساطير الحيوانات البشرية قضية فلسطين ملف التطبيع الأرض مقابل السلام حل الدولتين وزیر ا
إقرأ أيضاً:
حسام حسن.. أسطورة الكرة المصرية
يعيش حسام حسن المدير الفنى الحالى لمنتخب مصر الأول، فترة تألق ونجاح، بعد أن ضمن صعود المنتخب لنهائيات كأس الأمم الإفريقية فى المغرب مبكرا.
وتولى المدير الفنى الداهية وأحد أساطير القارة السمراء، تدريب الفراعنة خلفا للبرتغالى روى فيتوريا، بعد إقالة الأخير عقب الخروج من ثمن نهائى أمم إفريقيا، والخسارة من الكونغو الديمقراطية بركلات الترجيح.
استهل حسام حسن مشواره مع منتخب مصر بصورة شبه مثالية، بتحقيق ٣ انتصارات فى ٤ مباريات وصدارة المجموعة سواء بتصفيات كأس العالم ٢٠٢٦، أو كأس الأمم الإفريقية ٢٠٢٥، بدأه بفوز ودى على نيوزيلندا، بهدف ثم خسارة من كرواتيا ٢-٤.
ويعد منتخب مصر هو المحطة التدريبية الحادية عشرة فى تاريخ التوأم، بعدما توليا تدريب فرق المصرى والزمالك وسموحة والاتحاد السكندرى والإسماعيلى ومصر المقاصة وبيراميدز والمصرية للاتصالات، بالإضافة إلى منتخب الأردن ومودرن فيوتشر.
بدأ حسام حسن مسيرته التدريبية عقب اعتزاله كرة القدم فى عام ٢٠٠٨، حيث تولى تدريب النادى المصرى، وخلال قيادته للفريق البورسعيدى على عدة فترات.
وخلال مسيرته فى عالم التدريب قبل قيادته الفنية لمنتخب مصر لعب فى ٤٢١ مباراة، فاز فى ١٧٦ مباراة وتعادل فى ١٤١ وخسر فى ١٠٤ لقاءات.
ويمتلك سجلا حافلا مع المنتخب كلاعب، حيث بدأ مع المنتخب الوطنى عام ١٩٨٥، وتم استدعاؤه لأول مرة من جانب المدرب مايك سميث لتمثيل الفراعنة بعد تألقه مع الأهلى، وخاض أول مباراة دولية فى مسيرته أمام النرويج فى تجربة ودية، ثم كان مفاجأة قائمة الفراعنة فى بطولة كأس الأمم الإفريقية ١٩٨٦،التى شارك وتوج بأول لقب قارى مع المنتخب حينها.
وساهم حسام حسن فى تحقيق لقب كأس الأمم الإفريقية مع منتخب مصر خلال ٣ نسخ بدأت عام ١٩٨٦ فى مصر، ثم نسخة ١٩٨٨ فى بوركينا فاسو، ثم نسخة ٢٠٠٦ فى مصر.
ويعد حسام حسن الهداف التاريخى للمنتخب المصرى برصيد ٦٨ هدفا، كما أنه ثانى أكثر اللاعبين مشاركة فى مباريات الفراعنة برصيد ١٧٦ مباراة. وقاد منتخب مصر كلاعب للتأهل لنهائيات كأس العالم ١٩٩٠ فى إيطاليا، كما أنه أكبر لاعب هز الشباك فى تاريخ كأس الأمم الإفريقية وعمره تخطى ٣٩ عاما، حين سجل فى مرمى الكونغو الديمقراطية فى بطولة أمم إفريقيا التى نظمتها مصر عام ٢٠٠٦.
وحصل على لقب عميد لاعبى العالم كأكثر اللاعبين تمثيلا لمنتخب بلاده على مستوى العالم لفترة، بخلاف أنه حقق لقب البطولة العربية أيضا مع منتخب مصر عام ١٩٩٢.
وفى ١٥ نوفمبر ٢٠٠٧ أعلن حسام حسن أسطورة الكرة المصرية اعتزاله الساحرة المستديرة بعد تاريخ من الإنجازات والبطولات، سواء مع الفراعنة أو بقميص الأهلى والزمالك.
المعروف أن حسام ولد فى العاشر من أغسطس عام ١٩٦٦ بحلوان، وبدأ مسيرته الكروية مع النادى الأهلى عام ١٩٨٤، واستمر حتى عام ١٩٩٠، شارك فى ٨١ مباراة وسجل خلالها ٣٤ هدفا، وفى موسم ١٩٩٠-١٩٩١، انتقل إلى نادى باوك اليونانى ليبدأ مشوار الاحتراف، ولعب معهم ١٩ مباراة وسجل ٦ أهداف، وكان الأهلى وجهة العميد بعد اتخاذ قرار العودة للوطن.
حقق مع الأهلى ٢٣ بطولة، شارك فى ٣٠٠ مباراة، وسجل خلالها ١٤٢ هدفا ليصبح ثانى هدافى القلعة الحمراء فى تاريخه، كما لعب كمحترف أكثر من ٤٠ مباراة وسجل خلالها ١٦ هدفا.
بعد تألقه السريع مع باوك تلقى عرضا من نادى لاتسيو الإيطالى، إلا أنه نظر لمعاناة ناديه الأهلى فى الدورى المحلى، طلبه مسئولو النادى ليعود فى عام ١٩٩٢، وتعود معه البطولات، حيث لعب معهم حتى عام ١٩٩، شارك فى ١٩٤ مباراة وسجل ٩٦ هدفا.
موسم ٢٠٠٠ حدث تحول كبير لمسيرة حسام رفقة شقيقه، انتقلا إلى نادى الزمالك فى صفقة انتقال حر لعب معهم حتى عام ٢٠٠٤، شارك فى ١١٠ مباريات وسجل ٥٧ هدفا، وأحرز العديد من البطولات والألقاب.