مجازر غزة تشعل جذوة المقاطعة في اليمن: صنعاء تحظر منتجات الاحتلال
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
دخلت أسواق اليمن في مرحلة متقدمة من الحذر والترقب مع تصاعد الحرب الإسرائيلية على غزة، ودخول صنعاء على الخط عبر إطلاق صواريخ نحو دولة الاحتلال، وفي الجانب التجاري اتخذت صنعاء إجراءات لمنع تداول بضائع الداعمين لإسرائيل، خصوصاً من الولايات المتحدة الأميركية.
وأصدرت صنعاء، أول من أمس الثلاثاء، حزمة قرارات تقضي بحظر دخول وتداول منتجات الشركات الأميركية، وشطب الوكالات والعلامات التجارية للشركات الأميركية والشركات التي قالت وزارة الصناعة والتجارة التابعة لسلطة الحوثيين في صنعاء إنها داعمة لإسرائيل.
وأكدت الوزارة أن القرارات تأتي في سياق الموقف اليمني الرسمي والشعبي الداعم لأبناء الشعب الفلسطيني وصمودهم في وجه آلة الحرب والعدوان الإسرائيلي الأميركي، وتفعيل سلاح المقاطعة في وجه حرب الإبادة التي يتعرض لها سكان قطاع غزة. ولم تتوقف حملات مقاطعة بضائع الاحتلال وداعميه شعبيا في صنعاء وعديد المناطق اليمنية طوال الفترات الماضية.
ويرى الباحث الاقتصادي اليمني عصام مقبل في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن أهمية مثل هذه القرارات في حظر البضائع تكمن في تسجيل موقف حتى لو كان رمزيا أو تأثيره محدودا بالنظر لما يحدث في غزة من اعتداءات ومجازر وحشية تتم بمشاركة دول كبرى تغرق المنطقة بمنتجاتها الصناعية وبضائعها وسلعها.
ووفق الباحث الاقتصادي فإن اليمن يستورد جميع احتياجاته السلعية من الخارج بنسبة تتجاوز 90% ومثل هذه التوجهات وحملات مقاطعة السلع والبضائع المستوردة من بعض الدول قد تكون فرصة مهمة لتنمية الصناعة المحلية وتنمية القطاعات الإنتاجية الواعدة، كالقطاع الزراعي، والاستفادة بشكل أمثل من قدراته وإمكانياته، سواء في توفير الغذاء أو دعم الصناعات الغذائية المحلية.
وحسب وزارة الصناعة والتجارة في صنعاء، فإن القرارات المتخذة تشمل عشرات الوكالات والعلامات التجارية في مجالات الأغذية والمشروبات والمعدات والسيارات وأدوات التجميل والمطهرات الخاصة بالشركات التي أشارت إلى أنها شريكة في المجازر الدموية بحق الأطفال والنساء والأبرياء في قطاع غزة.
وسيتم بموجب القرارات المتخذة، وفق مصدر مسؤول في وزارة الصناعة والتجارة التابعة لسلطة الحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء، منع أي نشاط أو دخول أي منتجات أو أصناف للوكالات والعلامات التجارية الداعمة لإسرائيل إلى السوق اليمنية.
وأشادت وزارة الصناعة والتجارة بتعاون التجار والقطاع الخاص اليمني مع قرارات المقاطعة، مؤكدةً أنها ستعمل بالتعاون والتنسيق مع القطاع الخاص على توفير السلع والمنتجات البديلة من شركات أخرى غير داعمة لإسرائيل، موضحة أن قرار الحظر يستهدف كل الشركات والوكالات المرتبطة بالاقتصاد الإسرائيلي.
كانت الغرفة التجارة والصناعة المركزية بأمانة العاصمة صنعاء قد نظمت خلال الأسبوع الماضي وقفة احتجاجية للتنديد بالاعتداءات والجرائم التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني، حيث أهابت بجميع التجار والشركات اليمنية التضامن مع القطاع الخاص الفلسطيني ورفع مستوى التجارة والتبادل المنفعي والاقتصادي معهم.
كما أعلنت غرفة أمانة العاصمة صنعاء عن إنشاء قطاع المتاجر والمولات والمراكز التجارية، وتوجهها لإنشاء المزيد من القطاعات لتضم كافة النشاطات التجارية والصناعية لأعضائها وإبراز أنشطتهم وتعزيز مكانتهم في خدمة الاقتصاد الوطني والعمل على تنظيمهم وتطوير مختلف أعمالهم وأنشطتهم.
وأكد مصدر مسؤول في الغرفة، لـ"العربي الجديد"، أن قطاع التجارة سيكون له دور كبير خلال الفترة المقبلة لما يمثله هذا النشاط من أهمية في تأمين الإمدادات الغذائية وسهولة الوصول إليها ونظمها الحديثة في الإدارة والتسويق لصالح المستهلكين، وخاصة في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة وتفاقم الاضطرابات في المنطقة.
وفي المقابل، يرى المحلل الاقتصادي أحمد السلامي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن مثل هذه القرارات التي تقضي بمقاطعة وحظر دخول السلع من بعض الدول إلى اليمن يجب أن تكون مدروسة وتتم بالتنسيق مع القطاع الخاص والتجار المستوردين وكل الشركات التي تتم مقاطعة سلعها وحظر استيرادها، لأن بعض الإجراءات والقرارات مثل شطب علامات تجارية قد تستهدف التجار اليمنيين أكثر من علامات الشركات المحظورة، مشيراً إلى أن الضرر الرئيسي يصيب التاجر الذي يتحمل تبعات ذلك خسائر جسيمة بينما قد يكون هناك تفاوت في التأثير على المستوى العام لهذه المنتجات في الأسواق المحلية.
وتتحكم سلطة الحوثيين في صنعاء بإدارة ميناء الحديدة الاستراتيجي الذي اعتمد اليمن عليه بدرجة رئيسية قبل إغلاقه في العام 2018 في الاستيراد والشحن التجاري بنسبة تتجاوز 70%، في حين رافق قرار إغلاقه قيام الحكومة اليمنية الشرعية بتحويل خطوط الشحن التجاري إلى ميناء عدن والموانئ الواقعة تحت إدارتها.
وأعادت الحكومة اليمنية في مطلع العام 2023 فتح ميناء الحديدة الواقع على البحر الأحمر، شمال غربي اليمن، أمام الملاحة التجارية في إطار تفاهمات بين جميع الأطراف في ظل جهود أممية ودولية للتوصل إلى اتفاق هدنة بين أطراف الصراع الدائر في اليمن منذ العام 2015.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن اقتصاد حرب غزة مقاطعة وزارة الصناعة والتجارة فی صنعاء
إقرأ أيضاً:
سياسيون وحقوقيون يفتحون النار على تقرير الخبراء الأممي بشأن اليمن
خالد الصايدي
تزايدت الانتقادات الموجهة للأمم المتحدة على خلفية غياب المهنية والحيادية عن قراراتها وتقاريرها بشأن الأوضاع في اليمن وتعاملها بمعايير مزدوجة.
يأتي ذلك على خلفية تقرير فريق الخبراء الأممي الذي تناول مزاعم عن انتهاكات وسوء إدارة للمساعدات الإنسانية في صنعاء.
سياسيون ومنظمات حقوقية اعتبروا التقرير بمثابة أداة سياسية لخدمة أجندات الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية والكيان الصهيوني، في الوقت الذي كان يجب أن يظهر حيادية المنظمة التي أُنشئت لتكون مرجعا عالميا للعدالة والسلام.
التقرير أثار تساؤلات جدية حول مصداقية المنظمة الأممية ودورها الحقيقي في إدارة النزاعات الدولية، حيث اعتُبر محاولة لتبرير الحصار والعقوبات المفروضة على اليمن تحت غطاء أممي.
استهداف المواقف الوطنية
عدد من القيادات في صنعاء ربطوا بين توقيت التقرير والضغوط المتزايدة على اليمن بسبب موقفه المبدئي من دعم القضية الفلسطينية؛ فقد أشار عبد القادر المرتضى، رئيس لجنة شؤون الأسرى، إلى أن التركيز على البحر الأحمر وباب المندب في التقرير يمثل تهديدًا مباشرًا لسيادة اليمن ويخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
ونوه المرتضى بأن التقرير يحمل في طياته أهدافا سياسية واضحة تستهدف مواقف صنعاء المبدئية، خاصة دعمها للقضية الفلسطينية، ويظهر عداء صريحا للمواقف اليمنية المناهضة للهيمنة الأمريكية والإسرائيلية، ورغبة في الضغط على صنعاء لإيقاف دعمها لفلسطين، خصوصًا في البحر الأحمر وباب المندب.
وأضاف المرتضى أن التقرير يمثل انعكاسا لمحاولات تشويه صورة صنعاء أمام المجتمع الدولي، ويمهد الطريق لمزيد من التدخلات الأجنبية في اليمن..
ضعف المصداقية
من جانبه قال محمد عياش قحيم، وزير النقل بحكومة التغيير والبناء، إن الأمم المتحدة تعتمد في معلوماتها على مصادر غير موثوقة، معتبرًا أن التقرير الاممي دليل على عجز المنظمة الأممية عن تحقيق الشفافية والحيادية.. ويؤكد أن هذا التقرير لا يمتلك أي مصداقية، وأن الأمم المتحدة أصبحت أداة تخدم أجندات معينة.”
مشيرا الى أن التقرير بدلًا من أن يكون أداة لدعم الحلول، بات وسيلة لإثارة الفوضى وتبرير الحصار والعدوان على اليمن.
ازدواجية
من جهته لفت حسين العزي نائب وزير الخارجية السابق، إلى أن مجلس الأمن الدولي فقد الكثير من شرعيته بسبب انحيازه المتكرر لصالح القوى الكبرى، واستخدامه كأداة لتبرير التدخلات الأجنبية حيث يقول العزي”مجلس الأمن بات اليوم غطاء سياسيا للمصالح الأمريكية والإسرائيلية، متجاهلا حقوق الشعوب الحرة ومعاناة المدنيين في الدول المستهدفة.”
وأضاف العزي أن ازدواجية المعايير التي تتبعها الأمم المتحدة تسهم في فقدان الثقة الدولية بها، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي مطالب بالتصدي لهذا الانحياز السافر.
شرعنة لصالح القوى الكبرى
أما محمد البخيتي عضو المكتب السياسي لانصار الله فقد أكد أن الأمم المتحدة تتخذ مثل هكذا قرارات وتقارير كأداة لشرعنة الحروب لصالح الدول الكبرى، مشيراً إلى أن صنعاء لن تتراجع عن دعمها لغزة رغم هذه التهديدات. وأوضح البخيتي أن الأمم المتحدة كهيكل تنظيمي يحتوي على مواثيق جيدة، لكن التدخلات السياسية تعرقل تطبيقها.
وقال البخيتي “تقرير فريق الخبراء هو انعكاس لهيمنة القوى الكبرى على الأمم المتحدة، وتحويلها إلى وسيلة لتزييف الحقائق وتبرير الحروب. لكننا في صنعاء سنواصل دعم القضايا العادلة، وعلى رأسها قضية فلسطين.”
مصادر غير موثوقة
الدكتور عبد الملك محمد عيسى استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، دعا الجهات الأممية إلى تحقيق توازن وشفافية أكبر في تقاريرها المستقبلية، لتقديم رؤية واقعية تعكس وجهات نظر جميع الأطراف، محذرًا من أن استمرار التحيز سيؤدي إلى تفاقم الأزمة ويعزز مواقف دولية تستهدف اليمن بشكل غير مبرر.
ويرى عيسى أن تقرير فريق الخبراء الامميين الاخير يعكس انحيازا واضحا ويعتمد على مصادر محددة وغير موثوقة، في حين يتجاهل وجهات نظر وأصوات محايدة من الداخل اليمني، مما يقلل من مصداقيته.
أبرز الانتقادات التي ذكرها عيسى في ورقته التي حصلت “الوحدة” على نسخة منها تتعلق بالاعتماد المتكرر على مصادر إعلامية معادية لليمن وتجاهل الروايات الصادرة عن مناطق يسيطر عليها المجلس السياسي الأعلى، مما يشير إلى انحياز نحو التحالف السعودي-الإماراتي.
وأشار عيسى إلى أن التقرير يدعو ضمنيا المجتمع الدولي إلى فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية، وهو ما يتعارض مع الأهداف المعلنة للأمم المتحدة في دعم السلم والأمن.
وتطرق أيضًا إلى عدة عبارات تضمنها التقرير، رأى فيها محاولة لربط جماعة أنصار الله بجماعات إرهابية مثل تنظيم القاعدة، ووصف هذا الربط بأنه استناد إلى مصادر مغلوطة، مشيرًا إلى أن هناك تقارير تثبت قتال هذه التنظيمات إلى جانب خصوم أنصار الله.
تسييس النزاعات
وكانت منظمة “انتصاف” للحقوق، أكدت أن التقرير الأخير يعكس انحيازًا صارخا، ويستغل سلطات مجلس الأمن الدولي لتحقيق مصالح القوى الكبرى.
وقالت المنظمة في بيان لها حصلت “الوحدة” على نسخة منه “التقرير الأخير ليس إلا أداة لتحقيق السياسات العدوانية الأمريكية والإسرائيلية، ويتناقض مع مبادئ العدالة والحيادية التي من المفترض أن تمثلها الأمم المتحدة.”
وأوضحت المنظمة أن التقرير يتضمن إشارات ضمنية لدعوات بتشديد العقوبات الاقتصادية على اليمن، مما قد يمثل تمهيدا لاعتداءات جديدة.
وأشارت المنظمة إلى ازدواجية واضحة في المعايير، حيث يتجاهل التقرير جرائم الإبادة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين ولبنان، بينما يُسخر لتبرير المزيد من الضغط على صنعاء.
وأكدت المنظمة أن هذا التقرير، إذا لم يواجه بالرفض، قد يفتح المجال لإسرائيل لتنفيذ اعتداءات إضافية بغطاء من الشرعية الدولية. ودعت المنظمة الحقوقية جميع المؤسسات الحقوقية والناشطين العالميين إلى إدانة التقرير، ورفض ما وصفته بـ”الانحياز” السافر، وإظهار حقيقة الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين في فلسطين ولبنان.
وحمّلت “انتصاف” مجلس الأمن والأمم المتحدة وأمينها العام المسؤولية الكاملة عن أي جرائم قد تحدث نتيجة لهذا التقرير، مشيرة إلى أهمية محاسبة المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان.