بعد طوفان الأقصى.. ماذا بقي من سردية جبهة التطبيع

نتائج طوفان الأقصى الأولية وتقهقر جيش إسرائيل أمام هجوم المقاومة وتركيزه على مجازر وتدمير ممنهج لقطاع غزة لإفراغه وتهجير أهله.

نجحت المقاومة عبر طوفان الأقصى في تعرية جبهة التطبيع، حيث يفترض المنطق والعقلانية إعادة قراءة الجبهة لمشهد العلاقة مع الكيان الصهيوني.

تغييب الإطار العربي الفاعل الذي قد يوازن مواقف الغرب يقدّم دليلاً عملياً واضحاً على سقوط سردية جبهة التطبيع، حيث لم يُبقِ الطوفان وما تلاه منها شيئاً.

* * *

لم تكن اتفاقات التطبيع الأخيرة بين الكيان الصهيوني وكلّ من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب أولى الخطوات العربية نحو الاعتراف بالكيان الصهيوني وتطبيع العلاقات معه، حيث كانت مصر والأردن إضافة إلى السلطة الفلسطينية سبّاقة لهذا الخيار وفق منطق عدم واقعية خيار إزالة الكيان من الوجود، واعتبار الركون إلى خيار الدبلوماسية في تحصيل ما يعتبرونه حقوق الشعب الفلسطيني خياراً وحيداً صالحاً.

وذلك انطلاقاً من قدراته العسكرية التقليدية والنووية، وأيضاً من الدعم الغربي الاستثنائي الذي تخطّى تقديم الدعم السياسي والعسكري المباشر والضروري من أجل ضمان تفوّقه، ليصل إلى تنفيذ مخطط يهدف إلى دفع الدول العربية للانخراط في مشاريع ومخططات تستهدف دمجها مع الكيان، ضمن منظومات أمنية وسياسية تلغي أي إمكانية لتحرّك أو لمبادرة قومية قد تساعد في إعادة الحق الفلسطيني والعربي إلى أصحابه.

فاتفاقيات التطبيع الأولى، أي التي جمعت الكيان الصهيوني ومصر، قد ارتكزت على نهائية وجود الكيان الإسرائيلي كـ"دولة" مشروعة، وعلى تبنّي خيار الدبلوماسية لاستعادة الحقوق كخيار وحيد، وتأكيد عدم اللجوء إلى أي وسيلة غير دبلوماسية لمواجهة تعنّت الكيان وإمكانية رفضه للتنازل أمام الفلسطينيين.

وإذا قفزنا فوق الاستسلام العربي لأيّ تعنّت إسرائيلي، حيث أن ما ينطبق على مصر ينطبق أيضاً على كل جبهة التطبيع، والتعهّد بعدم الخروج عن الخطوط الحمر الأميركية والغربية في التعاطي مع الكيان الإسرائيلي، فقد شكّلت مواجهة القوى المقاومة ومحاولة إلغائها أسس مقاربة جبهة التطبيع للعلاقة مع الكيان الإسرائيلي، حيث عملت على مواجهة خيارات المقاومة بكل الوسائل الممكنة من خلال محاولة عزلها وتحميلها مسؤولية أي تصعيد، والتسويق لإظهارها على أنها المسبّب الأول لكلّ ما تتعرض له بيئتها الحاضنة من خسائر.

في هذا الإطار، تنطلق جبهة التطبيع في سرديتها لتبرير تخلّيها عن خيار المقاومة لتحصيل الحقوق من ادعائها بعدم جدوى الخيار العسكري، وبإمكانية دفع الكيان الإسرائيلي للالتزام بالقرارات الأممية أو المبادرات الدبلوماسية لحل القضية الفلسطينية عبر ما ستقدّمه هذه الجبهة من مزايا أمنية واقتصادية تساعده في اندماجه في محيطه الإقليمي.

أما بالنسبة لإصرار جبهة التطبيع على تقديم جامعة الدول العربية كإطار لإحلال السلم والأمن الإقليميّين، حيث أن المبادرة العربية التي أقرّتها الجامعة في قمة بيروت 2001 ما زالت تعتبر في قاموس الجبهة صالحة لحل قضية فلسطين، فالواقع أن هذا الإصرار لم يساعد في إقناع الكيان بضرورة احترام حقوق الفلسطينيين أو الانسحاب من الأراضي التي احتلّها، وإنما ساعد في تحويل الجامعة من إطار عربي يستهدف الأمن القومي والإقليمي العربي إلى مجرد أداة من أدوات القوة التي تستغلها القوى الغربية في تنفيذ مشاريعها في المنطقة.

فالعقم والبطء في التحرّك الذي أحاط بدور الجامعة في ما يخص الصراع مع الكيان الإسرائيلي من فلسطين إلى الاحتلال الإسرائيلي للبنان ومرتفعات الجولان، قد انقلب سرعة وفعالية عند مقاربة قضية الحرب الأميركية على العراق أو سوريا أو الأحداث في اليمن لناحية التسويق والالتزام بالمسارات والتوجّهات الغربية.

إضافة إلى ذلك، تكمن إشكالية أخرى في مقاربة جبهة التطبيع للقضية الفلسطينية من خلال إصرارها على التعاطي مع البعد العربي كجامع لمنطلقات سياساتها. فإصرارها على دور التكامل العربي وادعائها محورية القضية الفلسطينية سيظهر انفصاماً حاداً حين يتقاطع مع تصنيفها للتطبيع ضمن محدّدات مصالحها القومية، وإصرارها على رسم سياساتها الخارجية باستقلالية تامة بعيداً عن أي التزام خارجي أو إقليمي. فمن غير الممكن التوفيق بين توجّه سيادي انعزالي يدّعي تعبيره عن مصالح الدولة القطرية، وتوجّه قومي منفتح يتمحور حول قضية بحجم فلسطين، بما يؤكد خلاصة مفادها إمكانية اعتبار هذا التوجّه مطلباً غربياً.

تركّز جبهة التطبيع على مزايا الاعتراف بالكيان الإسرائيلي وما يمكن أن تقدّمه للفلسطينيين من مكتسبات أهمها حل الدولتين. غير أن ما يغيب عن هذه الجبهة ضرورة توازي خيارها، لكي يقدّم الفائدة المرجوّة للفلسطينيين، مع إظهار للقوة اللازمة لإقناع الكيان بما يمكن أن يواجهه في حال عدم اقتناعه بضرورة السير بما تعرضه هذه الجبهة. فالواقعية في العلاقات الدولية تفترض عدم تقديم الدول لأي تنازل مجاني.

وعليه، فإن ما قدّمته جبهة التطبيع من خلال تنازلها عن أدوات القوة التي يمكن أن تستثمر في الضغط على الكيان من دون مقابل تجعل من عدم استجابة الكيان لمطالبها أمراً طبيعياً، حيث يُستنتج من خلال المسار التاريخي للعلاقة بين الطرفين عدم التزام الكيان بأي تنازلات حقيقية. فالموقف الإسرائيلي من المبادرة العربية عام 2001 لم يؤكد صحة التقدير العربي بإمكانية دفع الكيان للقبول بالحلول الدبلوماسية عبر إغرائه بمزايا أو بدمجه في المحيط الإقليمي، حيث يعتبر موقف شارون منها تعبيراً واضحاً عن التوجّه الإسرائيلي. فتعليقه على المبادرة حين إطلاقها بأنها لا تساوي الحبر الذي كتبت به يدفع للتأكيد أن فرض الغرب للحلول الدبلوماسية كإطار وحيد للتعاطي مع الكيان الإسرائيلي لم يؤدِ إلا إلى إلغاء خيار المواجهة العسكرية من قاموس الأنظمة العربية، وتجنيب الكيان خطر مواجهة شاملة مع جيرانه عند أيّ تحلّل إسرائيلي من التزام أو اتفاق.

وبالنسبة لتخلّي الجبهة عن الخيار العسكري، فإذا كان من الممكن لدى جبهة التطبيع تبرير إهمالها هذا الخيار وتجنّبه في التعاطي مع الكيان من خلال ادعاء عدم جدواه، نتيجة فشل الدول العربية مجتمعة في هزيمة الكيان الإسرائيلي عسكرياً بدليل نتيجة حرب 1967 وما أدت إليه حرب 1973، لناحية عدم قدرة الدول العربية على تحويل الإنجاز العسكري إلى نصر سياسي، وامتلاك الكيان لذراع عسكرية طويلة، إضافة إلى المظلة الغربية التي ساعدت وما زالت في مسعى عدم تحقيق أعداء الكيان لأي نصر سياسي أو عسكري، فإن ادعاءها بإمكانية دفع الكيان للالتزام بمقررات الشرعية الدولية أو القبول بالمبادرات العربية مقابل تطبيع العلاقات معه قد أثبت عدم واقعيته. فتحرير جنوب لبنان أو قطاع غزة لم يكن مدفوعاً باحترام الكيان للقرارات الدولية ذات الصلة، كما أنه لم يكن نتيجة تسوية فرضتها الدول العربية أو مؤسسات الشرعية الدولية.

وعليه، أعاد طوفان الأقصى إلى الأذهان ضرورة تقييم خيارات جبهة التطبيع حيث أكد فشل هذه الجبهة لناحية دفع الكيان للقبول بتسوية سلمية تعيد للفلسطينيين حقوقهم أولاً. فالمسار السلمي الذي تبنّته الجبهة من أجل تطويع السلوك الإسرائيلي بذريعة عدم إمكانية هزيمة الكيان عسكرياً قد سقط نهائياً في اليوم الأول للطوفان.

فإضافة إلى سقوط نظرية عدم إمكانية هزيمة الكيان عسكرياً حيث استطاعت فصائل المقاومة الفلسطينية أن تقدّم على ذلك دليلاً واقعياً، لم يُقم الكيان في تعاطيه مع غزة أي اعتبار لرد فعل الجبهة، حيث إنه أمعن في قتل المدنيين وتدمير البنى التحتية مطمئناً لعدم إمكانية مراجعة هذه الجبهة لخياراتها. أما ثانياً، فقد أعاد القصف الإسرائيلي على غزة التركيز على الدور المفترض لجامعة الدول العربية حيث لم تجرؤ على إدانة الكيان الإسرائيلي منفرداً، وإنما أدانت قتل المدنيين من الجانبين، بما يدلل على فقدانها لمحوريتها واكتفائها بدور حيادي في قضية عربية مركزية.

يبقى ثالثاً أن نشير إلى الانحياز الغربي اللامحدود إلى جانب الكيان، حيث لم تستطع جبهة التطبيع أن تؤثّر في الموقف الغربي لناحية الدعم المطلق للكيان. فمن خلال مقارنة كيفية تعاطي الدول الغربية مع الأزمة الأوكرانية، حيث تمّ دفع المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكّرة توقيف بحق الرئيس الروسي، والحرب على غزة حيث تقدّم هذه الدول نفسها للكيان غطاءً غير مشروط في قصفه للمدنيين ومن دون أن تكترث لموقف حلفائها، أي جبهة التطبيع، يظهر واضحاً مدى الفشل العربي في استمالة الدول الغربية لتبنّي مواقف أكثر توازناً.

في الختام، نجحت المقاومة من خلال طوفان الأقصى في تعرية جبهة التطبيع، حيث يفترض المنطق والعقلانية ضرورة إعادة قراءة الجبهة لمشهد العلاقة مع الكيان الإسرائيلي. فالنتائج الأولية لعملية طوفان الأقصى، لناحية تقهقر الجيش الإسرائيلي أمام هجوم المقاومة وتركيزه طوال فترة الحرب على ارتكاب المجازر والتدمير الممنهج لقطاع غزة بهدف إفراغه وتهجير أهله، إضافة إلى تغييب الإطار العربي الفاعل الذي قد يساعد في موازنة الغرب لمواقفه، تقدّم دليلاً عملياً واضحاً على سقوط سردية هذه الجبهة، حيث لم يُبقِ الطوفان وما تلاه منها شيئاً.

*د. وسام إسماعيل باحث وأستاذ جامعي لبناني

المصدر | الميادين نت

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: غزة إسرائيل المقاومة الفلسطينية طوفان الأقصى مع الکیان الإسرائیلی الکیان الصهیونی الدول العربیة طوفان الأقصى هذه الجبهة إضافة إلى من خلال حیث لم

إقرأ أيضاً:

في ظلال طوفان الأقصى “117”

في ظلال #طوفان_الأقصى “117”

#إسرائيل تستبيح دماء #المتضامنين مع #فلسطين

بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي

أعادت جريمة قتل بل إعدام المواطنة الأمريكية عائشة نور أغي إيجي التركية الأصل، برصاص جنود جيش العدو الإسرائيلي، بينما كانت تشارك في مسيرة شعبيةٍ سلميةٍ في قرية بيتا بمدينة نابلس، لا تشكل خطورةً على أمن جنود العدو ومستوطنيه، ولا يحمل المشاركون فيها أسلحةً تهدد حياتهم وتعرضها للخطر، وذلك تضامناً مع الشعب الفلسطيني، ضد سياسة الاستيطان والاقتحامات المتكررة، وعمليات القتل المتعمدة، وممارسات جيش الإحتلال العنصرية ضدهم في عموم الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.

مقالات ذات صلة انقلاب لهذه الأسباب 2024/09/14

أعادت الجريمة البشعة التي ارتكبت عمداً وبدمٍ باردٍ، المجزرة الكبرى التي ارتكبها جيش العدو بحق عددٍ من المتضامنين الأتراك مع الشعب الفلسطيني، خلال عملية الإنزال والقرصنة التي قامت بها بحريته العسكرية ضد سفينة “مافي مرمرة” المدنية التركية، التي كانت تحمل مؤناً ومساعداتٍ إنسانيةً لسكان قطاع غزة المحاصرين، ضمن مجموعة أخرى من السفن التي شكلت بمجموعها “أسطول الحرية” التي شارك فيها 750 ناشطاً دولياً من 36 دولة في العام 2010، حيث قتل جيش الاحتلال عامداً وقاصداً عشرة مواطنين أتراك، وأصاب 56 آخرين، وساق البقية إلى مراكز الشرطة والتحقيق، حيث تعرضوا للاستجواب والتحقيق، والتعذيب وسوء المعاملة، قبل إعادتهم جميعاً إلى تركيا وبلدانهم الأصلية.

لا تقتصر جرائم العدو الإسرائيلي ضد المتضامنين مع الشعب الفلسطيني على هاتين الجريمتين، وإن كان يبدو جلياً أنها ضد الأتراك، وأنها تستهدفهم عمداً وقصداً أكثر من غيرهم، فهي تغتاظ من نشاطهم، ويزعجها تضامنهم مع الفلسطينيين، ولا ترضى عن جمعياتهم العاملة في القدس والضفة الغربية وغزة، وتتمنى لو أنها تستطيع بالقوة منعهم من زيارة القدس والصلاة في المسجد الأقصى المبارك، وتقديم الدعم والمساعدة للمدارس الدينية والمصاطب العلمية، والمرافق العامة والتكيات الخيرية وغيرها.

وقد صرح عددٌ من المسؤولين الإسرائيليين أن “البزة التركية”، والشارات الدالة عليها، تغيظهم وتستفزهم وهي أكثر خطراً عليهم من “البزات العسكرية”، وأنهم يتمنون لو أنهم يستطيعون تصنيف حامليها بالإرهاب، وأنهم غير مرغوبٍ فيهم، وغير مسموحٍ دخولهم وعملهم في المناطق الفلسطينية، وقد سعى بعضهم فعلاً لتشريع قوانين تحد من نشاطهم، وتخضع أعمالهم للمراقبة والتدقيق، وتحيل المخالفين منهم وفق معاييرهم للمساءلة والتحقيق والمحاكمة.

لكن جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي لم تقتصر على المتضامنين الأتراك فقط، بل طالت أغلب المتضامنين الدوليين وصنفتهم، ولاحقت الكثير منهم وطاردتهم وطردتهم، ومنعت بعضهم من الدخول إلى الأراضي المحتلة، ونعتتهم بأسوأ النعوت وأبشع الصفات، فقط لأنهم يتضامنون مع الشعب الفلسطيني، ويدينون الممارسات الإسرائيلية، ويسلطون الضوء عليها، ويصفون سياسة حكوماتها بالعنصرية، ويفضحون في وسائل الإعلام بالصوت والصورة والأدلة والشواهد والبراهين، جرائمهم المقصودة وعدوانهم ومستوطنيهم ضد الفلسطينيين وعلى حقوقهم وممتلكاتهم.

لا ينسى الفلسطينيون والمتضامنون معهم المواطنة الأمريكية راشيل كوري، التي سحقتها جنازير الجرافات الإسرائيلية في مدينة رفح في العام 2003، بينما كانت تحاول منعها من تجريف بيوت الفلسطينيين وهدمها، رغم علم جيش الاحتلال أنها أجنبية أمريكية، وكانت تلبس زياً مدنياً برتقالي اللون يميزها عن غيرها، ولكن لونها الأبيض، ولسانها الإنجليزي، وجنسيتها الأمريكية، لم تشفع لها عند جيش الاحتلال الذي اعتبر تضامنها مع الفلسطينيين جريمة تستوجب القتل والإعدام.

وكذلك المواطن البريطاني توم هندل الذي قتل في نفس الفترة والمكان مع الأمريكية راشيل، بينما كان يحمل طفلاً فلسطينياً صغيراً بين يديه، ويحاول حمايته من رصاص جنود جيش الاحتلال الذي كان يستهدفه، فما كان من الجنود إلا أن قتلوهما معاً.

وكذلك مواطنه جيمس هنري ميللر، الذي قتل بدوره في نفس الفترة لكن في مدينة غزة، بينما كان يعد ويصور فيلماً وثائقياً لصالح هيئة الإذاعة البريطانية، يوثق جرائم جيش الاحتلال ضد المدنيين الفلسطينيين بالصوت والصورة والأدلة الحية والشواهد الدامغة.

ولعلها ليست آخر جرائمهم المقصودة، عندما استهدفت طائراته طاقم المطبخ الملكي الأمريكي، الذي كان يعمل في قطاع غزة بعلمهم وموافقتهم، ولكنه على الرغم من معرفته سيارتهم ومسار حركتهم وإحداثيات مكانهم، إلا أن طائراته الحربية استهدفتهم بصواريخها وقتلتهم.

الغريب في الأمر والمستنكر في هذه المسائل والقضايا، عدا المواقف التركية الجادة والمسؤولة، هي مواقف الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا الحليفتين الأساسيتين للكيان الصهيوني، إذ أنهم غالباً ما يبررون للكيان جرائمه، ويسكتون عنها، ويبرؤونه أحياناً منها، ويكتفون منه بتشكيل لجان تحقيق وهمية وشكلية لا قيمة لها ولا تأثير لقرارتها، ولا جدية أو مصداقية فيها، ثم يطوون الملفات ولا يعيدون فتحها من جديد.

وهذا التواطؤ المعيب ينسحب أيضاً على جرائم قتل المواطنين الفلسطينيين من حملة الجنسيات الأخرى مثل إعلامية فضائية الجزيرة الشهيدة شيرين أبو عاقلة، التي تعمد جنود العدو قتلها برصاصةٍ خارقةٍ حارقةٍ، أطلقها قناصٌ إسرائيليٌ يعرفها وهويتها وشخصيتها ومهمتها، وربما جنسيتها وعملها الذي تميزه البزة والشارة الصحفية.

إنها سياسة العدو الإسرائيلي الفاضحة التي لا يخاف منها ولا يخشى عواقبها، ويتعمد تكرارها ويقصد ارتكابها، وتساعده عليها أنظمةٌ وحكوماتٌ تتآمر معه وتعمل من أجله، فهو لا يريد أن يرى متضامناً مع الشعب الفلسطيني، ولا يريد للغرب أن يسمع غير روايته، فتراه يقتل كل متضامنٍ غربيٍ، ويكسر كل قلمٍ حرٍ، ويحطم كل كاميرا مستقلة، ويعدم كل طبيبٍ يعالجٍ، أو عاملٍ في المؤسسات الإنسانية يغيث ويساعد، ظناً منه أنه يستطيع أن يخرس الألسنة، ويعمي العيون، ويغير الوقائع، ويبدل الحقائق، ويقنع العالم بروايته الزائفة وأدلته الباطلة.

بيروت في 14/9/2024

moustafa.leddawi@gmail.com

مقالات مشابهة

  • السنوار للسيد القائد :عمليتكم في عمق الكيان تعيد وَهَجَ معركة طوفان الأقصى
  • تطورات اليوم الـ346 من طوفان الأقصى والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • سعي حثيث لقيام جبهة مسيحيّة واسعة
  • تطورات اليوم الـ346 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • الجبهة الشعبية: الرد اليمني الباليستي في عمق الكيان الصهيوني تعزيز لمعادلة الردع
  • الشعبية: الرد اليمني الباليستي في عمق الكيان تعزيز لمعادلة الردع
  • تطورات اليوم الـ345 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • إعلام عبري: نتنياهو يرغب بتوسيع العملية العسكرية على جبهة لبنان
  • في ظلال طوفان الأقصى “117”
  • تطورات اليوم الـ344 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة