كتبت سابين عويس في" النهار": وفيما كان التركيز في المرحلة السابقة على رصد مدى تقدم لبنان في تنفيذ التزاماته تجاه صندوق النقد الدولي، الذي بات حالياً الملاذ الأخير ربما للبنان للحصول على أي دعم مالي، بدا من توقف الكلام عن المشاورات الجارية معه وكأن تلك المشاورات توقفت وأن الصندوق انسحب من البرنامج المحتمل مع لبنان.

عزز هذا الانطباع الوفد اللبناني الضعيف الذي شارك في الاجتماعات السنوية للصندوق والبنك الدوليين في مراكش قبل نحو أسبوعين، إذ غاب عنه أي تمثيل رسمي للحكومة، واقتصر الوفد على مشاركة حاكم المصرف المركزي بالإنابة ونائبيه، ما أدى عملياً الى غياب أي مشاورات متصلة بعمل الحكومة والمجلس النيابي في شأن الإجراءات الإصلاحية المتفق عليها في الاتفاق الموقع قبل أكثر من عام ونصف. لكن الواقع مغاير للانطباع السائد. هذا ما يؤكده نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي وهو رئيس الوفد اللبناني المفاوض إذ يؤكد لـ"النهار" أن عدم مشاركته في اجتماعات مراكش يعود الى أنه كان من المفترض أن يشارك وزيرا المال والاقتصاد، لكن ظروفاً أدّت الى اعتذارهما.

يقول الشامي إنه على تواصل دائم ومستمر مع بعثة الصندوق، كاشفاً عن اجتماع عبر تقنية زوم سيعقد اليوم في إطار المواكبة الدائمة للعمل الجاري على الإجراءات الإصلاحية. يؤكد أن هناك ٧ لجان تعمل حالياً على إعداد الاقتراحات في الملفات المتصلة بالإصلاحات التي كلفه بها مجلس الوزراء، من الإصلاحات الضريبية والتهرب الضريبي والجمارك والمحاسبة العمومية والمعلوماتية والقطاع العام.

يجزم الشامي بأن العمل لا يزال مستمراً، لافتاً الى المرونة والتفهّم اللذين يبديهما الصندوق حيال لبنان، وهو لا يزال في انتظار إقرار المشاريع والإجراءات الإصلاحية المتفق عليها. يذكر نائب رئيس الحكومة بها كالآتي: هيكلة القطاع المصرفي، الانتظام المالي، الكابيتال كونترول، وبعض التعديلات على قانون السرية المصرفية التي ستُدرج في قانون المصارف، فضلاً عن الإجراءات المطلوبة في مجال توحيد سعر الصرف وإطلاق التدقيق المصرفي، فضلاً عن التدقيق الأجنبي للمصرف المركزي الذي أنجزته شركة "kPMG" ولكنه لم يُنشر بعد.


لا ينفك الشامي يعيد ويكرر الرد على كل ما يشاع عن أن الصندوق يطالب بشطب الودائع، فيقول إن استعادة الودائع من خلال صندوق استرداد الودائع قائمة، ولكنها ستكون مرهونةً بمدى إنجاز الإجراءات المسبقة المشار إليها، التي عند إنجازها سيتحول لبنان تلقائياً الى البرنامج مع الصندوق. فالمفاوضات انتهت، والمشاورات الجارية حالياً ترمي الى بعض التعديلات والملاحظات الرامية الى تحسين الاتفاق. وعودة الودائع الى أصحابها ستكون تدريجية وفق حجم الأصول التي سيلحظها الصندوق، وبالتالي لا يمكن الكلام عن شطب للودائع بل على العكس العمل جارٍ لتأمين الوسائل الآيلة الى الحفاظ على حقوق المودعين ومن هنا أهمية إقرار الإصلاحات المطلوبة وهيكلة القطاع المصرفي.

يعي الشامي أن عملية سد الفجوة المالية لا يمكن أن تتم بالطريقة التي تدار بها الأمور حالياً، أي بالتأخر عن إرساء الإجراءات الإصلاحية والقوانين المطلوبة، إلا أنه مؤمن بأن العملية ممكنة والكلام عن إمكانية استرجاع المودعين لودائع حتى المئة ألف دولار ليس وهماً ولكنه يحتاج الى السير في تنفيذ البرنامج، فيما الودائع التي تفوق هذا المبلغ ستحال الى صندوق استرداد الودائع وتعاد الى أصحابها على فترة زمنية مرهونة بسرعة تنفيذ الإصلاحات.

يعي الشامي دقة الظروف والمتغيرات التي فرضتها التطورات الأمنية الاخيرة، ولكنه يعي أيضاً أن البلاد لا يمكنها أن تستمر في حال الترقب، ولا سيما أن الأمور المطلوب تحقيقها تحتاج الى الإرادة الداخلية التي تؤمّن مقوّمات الصمود.
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

وزيرة المالية تشارك في اللقاء المشترك بين لجنة التعاون المالي والاقتصادي ولجنة محافظي مؤسسات البنوك المركزية بدول مجلس التعاون ومدير صندوق النقد الدولي

شاركت وزير المالية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار ووزير النفط بالوكالة المهندسة/ نورة سليمان الفصام اليوم في اللقاء المشترك بين لجنة التعاون المالي والاقتصادي بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولجنة محافظي مؤسسات البنوك المركزية بدول المجلس ومديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، حيث قدمت مدير صندوق النقد الدولي تقريراً حول “متابعة الرؤى في ظل الاضطرابات الجيوسياسية، الآفاق الاقتصادية والتحديات (2024) السياسية لدول مجلس التعاون الخليجي”، وتم خلالها مناقشة استراتيجية صندوق النقد الدولي خلال الأعوام الخمس القادمة.

كما قامت مدير صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا بالرد على استفسارات معالي الوزراء حول التحديات التي تواجهها المنطقة خاصة فيما يتعلق بتأثر الأوضاع الأمنية في المنطقة وتأثيرها على أسعار النفط واقتصاديات دول المجلس.

المصدر وزارة المالية الوسومصندوق النقد مجلس التعاون وزيرة المالية

مقالات مشابهة

  • وزيرة المالية تشارك في اجتماع طاولة مستديرة بقطر بشأن استراتيجية صندوق النقد
  • صندوق النقد الدولي: تصعيد الصراع في الشرق الأوسط قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة
  • صندوق النقد الدولي يؤكد الانتهاء من المراجعة الرابعة للاقتصاد المصري خلال الأشهر المقبلة
  • صندوق النقد الدولي: إجراء المراجعة الرابعة لمصر خلال أشهر
  • صندوق تنمية المهارات يختتم برنامج نقل وحماية الأموال
  • النقد الدولي: استمرار الصراع بالشرق الأوسط قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة
  • وزيرة المالية المهندسة نورة الفصام تلتقي مدير عام صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا
  • وزيرة المالية تشارك في اللقاء المشترك بين لجنة التعاون المالي والاقتصادي ولجنة محافظي مؤسسات البنوك المركزية بدول مجلس التعاون ومدير صندوق النقد الدولي
  • صندوق النقد الدولي: الصراع بالشرق الأوسط له تداعيات اقتصادية كبيرة
  • «خطة النواب» توافق على زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي بنسبة 50%