الحرة:
2025-03-04@16:01:55 GMT

جروح خفية.. تبعات الحروب على صحة الأطفال النفسية

تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT

جروح خفية.. تبعات الحروب على صحة الأطفال النفسية

استيقظ أطفال غزة في السابع من أكتوبر على أصوات القذائف والصواريخ. لم يعوا بداية لماذا كان هذا الصباح مختلفا ومرعبا، ومن خطف سكينة المكان، لم يدركوا أن الأمر سيطول وأنه سيفرض عليهم مواجهة الموت والفقدان والحرمان من جديد.

فجأة انقلبت حياة أطفال غزة رأساً على عقب، انتُزعوا من مقاعدهم الدراسية. الأقلام التي كانوا يستخدمونها لكتابة مستقبلهم أصبحت لكتابة أسمائهم على أجسادهم كي يتم التعرف عليهم فيما لو أصيبوا بالقصف.

غالبيتهم نزحوا مع أهاليهم من بيوتهم، تاركين ألعابهم وذكرياتهم الجميلة، ليجدوا أنفسهم إما في مدارس أو مستشفيات أو في بيوت أقاربهم أو في خيام، يبحثون عن أمان غير متوفّر في أي مكان داخل القطاع، وفق ما يرويه سكان غزة.

حرم أطفال غزة من النوم الذي بات مرادفاً بالنسبة لهم للموت، فقد باتوا يخشون إطباق أعينهم كي لا يغافلهم صاروخ فيطبق عليهم السقف محوّلا سكنهم إلى قبر، ويلحقوا بـ 3650 طفل فارقوا إلى حد الآن الحياة، في حين لا يزل حوالي الألف في عداد المفقودين.

مشاهد الأطفال الذين يتم إنقاذهم من تحت الأنقاض والرعب في عيونهم داخل المستشفيات وهم ينتظرون العلاج، كفيلة بأن تعكس مدى الهلع الذي يعيشونه، منهم من التهمت النيران جسده ومنهم من فقد أحد أطرافه أو خسر فرداً أو أكثر أو حتى كل عائلته، ليجد نفسه وحيداً وسط هذا النزاع الدموي.

تكلفة بعيدة المدى

منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، "أصبحت غزة مقبرة لآلاف الأطفال. إنها جحيم حي للجميع"، بحسب ما وصف المتحدث باسم اليونيسف، جيمس إلدر، قائلاً: "إن أسوأ مخاوفنا بأن تصل أعداد الأطفال الذين قُتلوا إلى العشرات، ثم المئات، وفي نهاية المطاف الآلاف، قد تحققت في أسبوعين فقط. الأرقام مروعة".

ولفت إلدر خلال مؤتمر صحفي إلى الصدمة النفسية، التي يعاني منها أطفال غزة، بالقول: "عندما يتوقف القتال، فإن التكلفة على الأطفال ومجتمعاتهم ستتحملها الأجيال القادمة. قبل هذا التصعيد الأخير، تم تحديد أكثر من 800 ألف طفل في غزة، أي ثلاثة أرباع إجمالي عدد الأطفال في القطاع، على أنهم بحاجة إلى الدعم الصحي النفسي والدعم النفسي الاجتماعي. وذلك قبل هذا الكابوس الأخير".

وأشار إلى ما تعانيه ابنة موظفة في اليونيسف، تبلغ من العمر 4 سنوات، حيث تظهر عليها "أعراض شديدة من التوتر والخوف، وهي الآن تؤذي نفسها، مثل نزع شعرها وخدش فخذيها حتى تنزف. ومع ذلك، ليس لدى والدتها الرفاهية للتفكير في الصحة النفسية لأطفالها".

اليونيسف أشارت إلى أن كل طفل في قطاع غزة تقريباً "تعرض لأحداث وصدمات مؤلمة للغاية" في الحرب الأخيرة

هي ليست الحرب الأولى التي يشهدها أطفال غزة، وقبيل تصاعد العنف عام 2021، كان ثلث الأطفال بحسب اليونيسف "بحاجة بالفعل إلى الدعم في مجال الصدمة المتصلة بالنزاع. وبدون شك، فقد ازدادت كثيراً حاجة الأطفال إلى خدمات الصحة العقلية والدعم النفسي-الاجتماعي".

وسبق أن خلص تقرير صدر عام 2022 عن منظمة "أنقذوا الطفولة" إلى أن الرفاهية النفسية والاجتماعية للأطفال في غزة كانت عند "مستويات منخفضة بشكل مثير للقلق" بعد 11 يوما من القتال، في عام 2021، مما جعل نصف أطفال غزة بحاجة إلى الدعم.

وخلال الحرب الدائرة حالياً، أشارت اليونيسف إلى أن كل طفل في قطاع غزة تقريباً "تعرض لأحداث وصدمات مؤلمة للغاية، اتسمت بالدمار واسع النطاق، والهجمات المتواصلة، والنزوح، والنقص الحاد في الضروريات الأساسية مثل الغذاء والماء والدواء".

جروح خفية

لن يخرج طفل سالماً من هذه الحرب، فمن لم يصب جسدياً حتى الآن، لن يسلم من الإصابة بصدمة نفسية من أصوات القذائف والصواريخ ومشاهد الموت والدمار وفقدان الأهل والأحباب، وعوارض الصدمة قد تظهر بصورة مباشرة أو على المدى الطويل، بحسب ما تقوله الاخصائية النفسية، الدكتورة ريما بجاني.

وتضيف لموقع "الحرة" "تؤثر الصدمة على المستويات الذهنية والنفسية للطفل، وكيفية نمو شخصيته وثقته بنفسه وبالوضع وبالمحيطين به. وفيما يتعلق بالعوارض المباشرة فهي تختلف من طفل إلى آخر، بحسب شخصيته ومدى تفاعل عائلته معه ودرجة مأساوية الوضع".

ومن العوارض المباشرة كذلك تقول بجاني: "القلق بأقصى الحدود وعدم القدرة على النوم والتبول غير الإرادي، وكذلك الهلع من الأصوات المباشرة وغير المباشرة التي تمتّ بصلة إلى أصوات القذائف والصواريخ، والتعلّق الإضافي بالأهل، ورؤية الكوابيس خلال النوم".

وتشير بجاني إلى أن بعض الأطفال لا يتفاعلون مع الوضع آنياً، لكن تظهر عليهم عوارض الصدمة النفسية على المدى البعيد، وتوضح: "بعد انتهاء الحرب وتداعياتها، تبقى رواسبها في أعماقهم، لذلك خضوعهم للعلاج النفسي أمر ضروري كي لا يكملوا بنمط القلق الذي يعيشونه والذي قد يرتفع منسوبه وصولاً إلى انفجاره فجأة، فقد يعيش الطفل حياة طبيعية لكن أبسط الأمور تذكره بالحرب فيعود إلى حالة القلق الكبيرة وعوارضها من نوبات ذعر واكتئاب".

عوارض الصدمة قد تظهر بصورة مباشرة أو على المدى الطويل، بحسب خبراء

وتضيف "لا شك أن الأطفال الذين فقدوا أحد والديهم أو كليهما سيعانون من فقدان السند إضافة إلى فقدان الاستقرار المتمثل بالنزوح من مكان إلى آخر، كما سيعانون من زعزعة شخصيتهم النفسية وفقدان الثقة بالمحيط، في وقت يفقدون فيه كل مقومات الحياة الطبيعية، أي أنهم يكبرون في وضع غير صحي تماماً، وفي المستقبل قد ينمّي بعضهم قدرات للدفاع عن النفس، لكن منهم من ستنمو النزعة العدائية لديهم".

كذلك تعتبر مديرة جمعية "مفتاح الحياة"، الأخصائية النفسية والاجتماعية، لانا قصقص، أنه "عندما يتعرض الطفل لأي نوع من الصدمات تتشكل لديه ذاكرة صدمية، وعند مواجهة أي مثير مشابه فيما بعد سيسترجع شعوره السابق والأفكار التي راودته حينها وكذلك تصرفاته، بمعنى إذا شعر بالخوف خلال الحرب أو تجمّد شعوره أو كانت لديه ردود فعل عصبية سيعيش نفس اللحظات لدى سماع مثيرات تذكّره بالحرب".

وتشير قصقص، في حديث لموقع "الحرة" إلى أن فقدان الأطفال لأهاليهم يشعرهم بالمظلومية والحرمان الكبير غير الطبيعي والمتوقع، "ويترك آثاره عند كبرهم مشاكل نفسية واضطرابات ما بعد الصدمة المزمنة، وربما قلقا من الانفصال".

ندوب عميقة

يمكن أن تستمر عوارض الصدمة النفسية، بحسب بجاني، "إذا لم يخضع الطفل للعلاج، فترافقه في حياته وكأن الحرب لم تنته"، مشيرة إلى أنه "ليس لدى الأطفال القدرة على فصل تفاعلهم العاطفي مع ما يدور حولهم، فيما الأهل يعيشون حالة من الخوف تحول دون تمكّنهم من مساعدة صغارهم على تنمية قدراتهم للمواجهة".

من جانبها، تقول قصقص: "هذا النوع من الصدمات يحفر عميقاً في الذاكرة، والشفاء منها يتطلب علاجاً من ضمنه تقنيات الاسترخاء".

يذكر أن 70 في المئة ممن قتلوا في قطاع غزة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى للحرب، هم من الأطفال والنساء، بحسب ما ذكرته منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

واعتبرت المديرة الإقليمية لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أديل خضر، أن "قتل وتشويه واختطاف الأطفال، والهجمات على المستشفيات والمدارس، ومنع وصول المساعدات الإنسانية، تشكل انتهاكات جسيمة لحقوق الأطفال".

وقالت خضر: "بدون وصول المساعدات الإنسانية، يمكن أن تكون الوفيات الناجمة عن الهجمات مجرد غيض من فيض. سوف يرتفع عدد الوفيات بشكل كبير إذا بدأت الحاضنات في الفشل، وإذا أظلمت المستشفيات، وإذا استمر الأطفال في شرب مياه غير آمنة ولم يتمكنوا من الحصول على الدواء عندما يمرضون".

70 في المئة ممن قتلوا في قطاع غزة خلال الأسابيع الثلاثة الأولى للحرب، هم من الأطفال والنساء، وفق "الأونروا"

ويخضع القطاع، منذ عام 2007، لحصار بري وبحري مشدد من قبل إسرائيل، يُمنع بموجبه المدنيون، إلى جانب السلع مثل الغذاء والدواء، من التحرك بسهولة عبر الحدود، مما ساهم في ارتفاع مستويات الفقر وتعرض السكان لظروف اقتصادية قاسية.

وكان المتحدث باسم اليونيسف، إلدر، أشار إلى أن التهديدات التي يتعرض لها الأطفال تتجاوز القنابل وقذائف الهاون، قائلاً إن "وفيات الرضع بسبب الجفاف تشكل تهديداً متزايداً في غزة، حيث يقدر إنتاج المياه بخمسة بالمئة من الكم المطلوب، وذلك بسبب تعطل أو تضرر محطات تحلية المياه أو افتقارها إلى الوقود".

وكرر إلدر الدعوة "بالنيابة عن 1.1 مليون طفل في غزة ممن يعيشون في هذا الكابوس"، للوقف الفوري لإطلاق النار لأغراض إنسانية وفتح جميع نقاط الوصول لدخول المساعدات الإنسانية بشكل مستدام.

وتسلّل مئات من مسلحي حركة حماس، المصنفة إرهابية، إلى إسرائيل من غزة في هجوم أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب السلطات الإسرائيلية.

وردت إسرائيل على الهجوم بقصف مكثف على غزة تسبب بمقتل أكثر من 8796 فلسطيني، معظمهم من المدنيين، بحسب آخر إحصائيات وزارة الصحة في القطاع التابعة لحماس. 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی قطاع غزة أطفال غزة طفل فی فی غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

أداة خفية في السيارة تمنع اللصوص من سرقتها

مع ارتفاع معدلات سرقة السيارات، كشف خبير السيارات الشهير سكوتي كيلمر عن حيلة بسيطة لكنها فعالة للغاية لمنع اللصوص من سرقة سيارتك. 

وأكد كيلمر أن إزالة مرحل حقن الوقود الإلكتروني من صندوق المصاهر الموجود أسفل غطاء المحرك يمكن أن يجعل السيارة غير قابلة للتشغيل تمامًا، مما يمنع اللصوص من الهروب بها.

كيف تعمل هذه الحيلة؟

مرحل حقن الوقود هو مفتاح يتحكم في إمداد الطاقة لمضخة الوقود، والتي بدورها تضخ الوقود إلى المحرك. 

عند إزالة هذا المرحل، تنقطع الطاقة عن مضخة الوقود، وبالتالي لن يصل الوقود إلى المحرك، مما يجعل السيارة غير قادرة على التشغيل.

لماذا تعتبر هذه الحيلة فعالة ضد اللصوص؟

في مقطع فيديو على قناته على يوتيوب، أوضح كيلمر قائلاً:
"إذا كنت ستترك سيارتك لفترة، فافتح صندوق المصاهر واسحب مرحل حقن الوقود الإلكتروني. 

لن تبدأ السيارة، وليس هناك الكثير من اللصوص الذين يحملون جهاز حقن الوقود لسيارتك عندما يخرجون لسرقة السيارات."

هذه الطريقة تعني أن اللصوص، حتى لو تمكنوا من دخول السيارة، لن يكون لديهم وسيلة لبدء تشغيلها. 

ونظرًا لأن معظم السارقين يبحثون عن سرقة سريعة وسهلة، فمن المرجح أن يتخلوا عن السيارة إذا لم تعمل على الفور.

أين يوجد مرحل حقن الوقود؟

عادةً ما يكون مرحل حقن الوقود موجودًا في صندوق المصاهر تحت غطاء المحرك، في مقدمة السيارة. 

يمكنك التحقق من دليل السيارة الخاص بك لتحديد موقعه الدقيق، ثم ببساطة إزالته عند مغادرة السيارة لفترة طويلة.

هل هذه الطريقة آمنة؟

نعم، هذه الحيلة آمنة تمامًا ولا تسبب أي ضرر للسيارة. بمجرد عودتك، يمكنك إعادة المرحل إلى مكانه، وستعود السيارة للعمل بشكل طبيعي دون أي مشاكل.

إذا كنت تخطط للسفر أو ترك سيارتك في مكان غير آمن لفترة طويلة، فإن إزالة مرحل حقن الوقود تعد طريقة بسيطة وفعالة لمنع السرقة. 

لا تحتاج إلى معدات خاصة أو مهارات ميكانيكية متقدمة، فقط افتح صندوق المصاهر واسحب المرحل، وهكذا تضمن أن سيارتك ستبقى بأمان بعيدًا عن أيدي اللصوص.

مقالات مشابهة

  • اليونيسف: أطفال رضع بين المتعرضين للاغتصاب في السودان
  • معلومات الوزراء يستعرض تقرير اليونيسف حول تعزيز النظم العالمية للاستثمارات الموجهة للأطفال
  • “اليونيسف”: منع دخول المساعدات لقطاع غزة سيؤدي إلى “عواقب وخيمة”
  • «الشيوعي السوداني» يحذر من تبعات محاولات طرفي الحرب لتشكيل حكومات
  • اليونيسف: الدمار في غزة يفوق مستوى الكارثة
  • يونيسيف تدعو لدعم أطفال لبنان وجمع 658 مليون دولار
  • يونيسيف تدعو لدعم أطفال لبنان والمساهمة في نداء عام 2025 لجمع 658.2 مليون دولار
  • أداة خفية في السيارة تمنع اللصوص من سرقتها
  • تفاصيل إصابة 5 أشخاص أعلى دائري الوراق بعد الإفطار
  • مؤتمر في نادي الشقيف - النبطية حول دور ريادة الاعمال في اعادة بناء المجتمعات بعد الحروب