حرب غزة في ميزان الربح والخسارة
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
لم يتوقع أكثر الداعين للتطبيع أو الحلول السلمية مع إسرائيل، ولا حتى المطالبين بالجهاد والمتمسكين به ضدها، ما حصل من هجوم مفاجئ لمقاتلي حركة حماس، على بلدات ومستوطنات الكيان الإسرائيلي المحاذية لقطاع غزة، وما رافقها من قتل وأسر أرقام تعد كبيرة، ورهائن أجانب وإسرائيليين، قياسا بما كان يحصل في معارك كبيرة سابقة.
يمثل هذا الهجوم فشلا ذريعا وفاضحا، لكل أجهزة الاستخبارات الأمريكية والغربية، وبالتأكيد الإسرائيلية منها قبلها.. خصوصا وأننا نعرف أن التحضير لتلك العملية، يحتاج لمدة لا تقل عن (12-)18 شهرا، وكذلك تطلب اختراقا لمواقع وشبكات، وعقد إيصالات وتجميعا لصور ومعلومات سرية وعسكرية..
ساذج أيضا من يظن أن هذا التحضير، لم يتطلب مشورة خارجية “متمكنة” ساندت ودعمت وربما دربت وشاركت في التخطيط، وأعداء إسرائيل كثيرون.. ولن تجد تلك الفصائل صعوبة في الحصول على دعمهم، وكلنا يعرفهم بمواقفهم المعلنة التي تطالب بإزالة الكيان المحتل جهارا نهاراً..
الغرب المصدوم من جرأة العملية، وخيبة وفشل أجهزته المخابراتية، سارع بشكل غاضب لتقديم الدعم بكل أشكاله للكيان المحتل، بل ويكاد أن يفقد توازنه السياسي، فقدم مواقف وتصريحات متشنجة منفعلة، فضحت ازدواجية معاييره التي كان يسوقها “مصطنعا صورة” تبين أنها وهمية، عن حقوق الإنسان والسلام والعدالة الاجتماعية.. وغيرها كثير من القضايا التي تبين أنها، مجرد أوهام وأدوات يستخدمها ضدنا نحن العرب، وضد كل من لا يتماشى مع مخططاته..
أمريكا والغرب وتحت وطأة الصدمة، اضطرت لاتخاذ مواقف سياسية مندفعة لدعم الكيان الإسرائيلي، لا حبا بهذا الكيان أو خوفا من تأثيرات لوبياته ذات النفوذ انتخابيا فحسب.. بل ورعبا من خروج المزيد من الدول والمجتمعات، من تحت سطوته وهيبته وجبروته “والتي بنيت خلال سنوات وسلسلة من حروب وتدخلات، وضغوط وحصار اقتصادي وغزوات فكرية وأدبية وحتى سينمائية.. وهذا ما لا يمكنها من تحمله، فهو سيعني سقوط “الردع العالمي الوهمي” الذي تمتلكه وتستخدمه كثيرا، وأيضا نهايتها كدولة كبرى سيدة للعالم كما كانت عليه ..
عسكريا الدعم الأمريكي والغربي واضح وصريح، بل ولم يتردد للحظة في دعم المذابح والإبادة الجماعية، التي تنفذها آلة القتل الإسرائيلية، بأسلحة ومعدات أمريكية وغربية بالكامل تقريبا، بل وتطالب بإبادة تلك الفصائل الفلسطينية، ودون أن تطالب بداية ولو بحماية المدنيين، في موقف فضح إزدواجية معايير الغرب الكاذبة.. لكن الخسارة الأكبر بالنسبة لهم، كانت في فقدانهم لدور الوسيط الموثوق “المزعوم” في حل القضية الفلسطينية، ورعاية إتفاقيات السلام والتطبيع..
هذه الحرب والمواقف الأمريكية والغربية خلالها، سببت خسارة كبيرة لحلفائها الاستراتيجيين في المنطقة، ممن سبق أن وقعوا اتفاقات تطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وجعلتهم تحت ضغوط جماهيرية وسياسية هائلة..
على أرض الواقع أمريكا تعرف أن جيش إسرائيل، ليس مستعدا لعملية برية كبيرة في غزة، ولا يمتلك أهدافا حقيقية قابلة للتحقيق، ومن جانب آخر لا تريد إيقاف إطلاق النار في الوقت الحالي، فهي والكيان وكل الغرب، يريد الرد على هجوم الفصائل الفلسطينية، بطريقة تمكنه من استرداد شيء من “كرامته الممزقة” وبريق صورة ” الواحة الآمنة الديمقراطية”.. لكن كل ذلك غير ممكن ولا متاح بظروف الصراع الحالية، فصار عاجزا عن تقديم توصية لجيش إسرائيل، والعاجز هو الآخر عن فعل أي شيء، إلا اعتقال أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، تحضيرا لمبادلتهم بأسراه لاحقا، والإمعان في زيادة وتيرة القصف اليومي الوحشي، على بيوت مدنيين لزيادة عدد القتلى عسى أن يدفع الفلسطينيين، للاقتناع بأن سبب موتهم هجوم حماس عليها، وليس الإبادة والظلم والطغيان والتهجير والاحتلال المستمر منذ ثمانين سنة!
تخشى أمريكا كذلك أن يتوسع الصراع، ويفتح جبهات جديدة على إسرائيل، وعلى قواتها المنتشرة في الشرق الأوسط، وربما أبعد من ذلك وأوسع.. وخصوصا في جبهة لبنان وما تملكه المقاومة الإسلامية هناك، من خبرات وقدرات وأسلحة، يمكن أن تسبب أذى حقيقيا لإسرائيل ولقواتها وقواعدها في المنطقة، ناهيك عن إمكانية تدخل ” إيران” والفصائل المتحالفة معها، ولو بطريقة غير أو شبه مباشرة في ذلك الصراع، وعندها ستدخل نفقا لن يعرف أحد كيف ستخرج منه، وبأي ثمن!
ونحن ندخل الأسبوع الثالث من الحرب، لازالت إسرائيل تنزف خسائر بشكل يومي، فحتى الموقف الغربي بدأ في التململ ولو بشكل بطيء وباستحياء، وصار يطالب بمراعاة القوانين الدولية وحماية المدنيين الآن، رغم زيارات الدعم التي يقوم بها الرؤساء تباعا.. لكن خسارة الكيان الأكبر تتمثل في التمزق والاضطراب والانقسام الداخلي، الذي كان أكثر ميزاته قوة في مواقف سابقة من الصراعات، ناهيك عن مئات القتلى وعشرات المفقودين والأسرى.. مما ينذر وربما يؤكد الموت السياسي، لكل من يتولى السلطة في إسرائيل حاليا..
فلسطينيا ورغم الثمن الفادح الذي يدفع، من الدماء والأرواح البريئة، والتدمير الوحشي الهمجي، للبنى التحتية والخدمات وحتى المساكن والبنايات العامة والمدنية، لكنه أعاد القضية للواجهة، بعد طول اندثار ونسيان.. وأعاد للعالم صور القتل والتشريد التي عانى منها الفلسطينيون لعشرات السنين، وذكر العالم كله والمسلمون والعرب خصوصا بما يجري هناك، وأوقف مسيرة التطبيع وكاد أن يعيدها للوراء، وأحرج السلطة الفلسطينية الخانعة وأظهر واقعها الحقيقي، حيث سكوتها وتماهيها طلبا للبقاء في السلطة.. وأكثر إنجاز تحقق هو الوحدة الجماهيرية، بمختلف توجهاتها المذهبية والقومية، خلف المطالبة بحقوق الشعب الفلسطيني، رغم خلافات عقائدية وفكرية مع الفصائل المتواجدة في غزة
رغم أن السياسة وأفانينها وألاعيبها، قادرة على قلب كل الأمور، فتجعل الحق باطلا والعكس بالعكس، لكن المؤكد والثابت، أن القضية الفلسطينية بعد هذه الحرب، لن تعود كما كانت قبلها.. وأن الشرق الأوسط كله، ربما سيعاد رسم إصطفافاته وخارطته السياسية من جديد.. والشاطر من يجمع نقاطا أكثر في تلك اللعبة..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
أونروا: إسرائيل تقتل طفلاً في قطاع غزة كل ساعة
أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في بيان لها اليوم الثلاثاء، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تقتل طفلاً كل ساعة في قطاع غزة، مشيرة إلى أن الأوضاع الإنسانية في القطاع تتدهور بشكل كارثي، ووفقاً للبيان، فإنه منذ بداية الحرب تم الإبلاغ عن مقتل 14,500 طفل في غزة، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف".
وأعربت "أونروا" عن رفضها القاطع لما وصفته بـ "جرائم قتل الأطفال" في القطاع، مؤكدة أنه لا يوجد أي مبرر لهذه الأفعال الوحشية، وأشارت إلى أن العديد من الأطفال الذين نجوا من الهجمات الإسرائيلية أصيبوا بجروح جسدية ونفسية خطيرة، بينما حُرموا من التعليم، مما دفعهم إلى قضاء وقتهم في البحث بين ركام المنازل المدمرة، كما لفتت الوكالة إلى أن الأطفال في غزة يعيشون تحت وطأة المعاناة المستمرة بسبب النزاع المستمر، مما يعكس حجم المأساة الإنسانية التي تعيشها المنطقة.
كاتس: التهديد الرئيسي في السماء اليوم هو حرب الصواريخ
صرح وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن التهديد الرئيسي الذي يواجه إسرائيل في الوقت الراهن هو حرب الصواريخ، مشيرًا إلى أن التصعيد الأخير في إطلاق الصواريخ من جماعة الحوثيين يشكل تحديًا كبيرًا للأمن الإسرائيلي، وأضاف كاتس أن إسرائيل لن تقبل بواقع استمرار إطلاق الصواريخ على أراضيها من قبل الحوثيين، مؤكدًا أن جيش الاحتلال مستعد للتعامل مع هذه التهديدات بكل قوة وحسم.
وفي سياق متصل، أكد كاتس أن إسرائيل ستتعامل مع قادة الحوثيين في صنعاء وفي كافة أنحاء اليمن، متعهدًا بملاحقة هؤلاء المسؤولين عن الهجمات الصاروخية وتدمير قدراتهم العسكرية، وأوضح الوزير الإسرائيلي أن إسرائيل لن تتوانى عن اتخاذ إجراءات حاسمة ضد الجماعة المدعومة من إيران، مضيفًا أن قواته ستستهدف البنية التحتية للحوثيين في اليمن في حال استمرار تهديداتهم.
اتفاق لحل الفصائل العسكرية فى سوريا ودمجها تحت مظلة وزارة الدفاع
أعلنت إدارة العمليات العسكرية السورية عن توصلها إلى اتفاق مع قادة الفصائل العسكرية الثورية، والذي يقضي بحل جميع الفصائل ودمجها تحت مظلة وزارة الدفاع السورية ، جاء هذا الإعلان بعد اجتماعٍ جمع قادة الفصائل العسكرية مع أحمد الشرع، قائد الإدارة السورية الجديدة، حيث تم الاتفاق على توحيد الفصائل تحت إدارة العمليات العسكرية وضبط الأمن في مختلف المناطق.
وتضمن الاتفاق البدء الفوري في سحب الأسلحة الثقيلة التي كانت بحوزة الفصائل العسكرية، بما في ذلك الأسلحة التي كانت تحت سيطرة النظام السابق ، كما تم تجهيز أماكن مخصصة لعملية سحب الأسلحة من المناطق المختلفة، تمهيدًا لتوحيد القوات العسكرية تحت إشراف وزارة الدفاع.
ويعتبر هذا الاتفاق خطوة هامة نحو تحقيق الاستقرار والأمن في سوريا بعد فترة طويلة من الصراع والتقسيم العسكري، كما يعكس رغبة الإدارة السورية الجديدة في فرض النظام وتوحيد الصفوف من أجل مواجهة التحديات المستقبلية.
رئيس بنما: ترامب أثبت أنه جاهل بالتاريخ
قال الرئيس البنمي خوسيه راؤول مولينو إن تصريح الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب بشأن قناة بنما مظهر من مظاهر الجهل التاريخي الفادح.
وقال ترامب في 22 ديسمبر، إنه سيطالب بعودة سريعة لقناة بنما إلى الملكية الأمريكية بسبب التعريفة المرتفعة للنقل وعبور السفن عبرها، مشددا على أن القناة ذات أهمية بالغة للتجارة الأمريكية، وكذلك للانتشار العملياتي للقوات البحرية الأمريكية في المحيطين الأطلسي والهادئ.
وقال الزعيم البنمي في مقابلة مع شبكة "سي إن إن": "هذا مظهر من مظاهر الجهل التاريخي الفادح. سيصادف الحادي والثلاثون من شهر ديسمبر مرور 25 عاما على انتقال قناة بنما إلى أيدي البنميين".
وقال الرئيس البنمي يوم الأحد "إن قناة بنما مملوكة بالكامل للدولة بناء على معاهدة عام 1977 وإن سيادة البلاد غير قابلة للتفاوض". ووفقا له، تم الانتهاء من النقل الكامل للقناة إلى بنما في 31 ديسمبر 1999، على أساس معاهدة توريخوس كارتر لعام 1977، والتي تنص على وجه الخصوص على حل منطقة القناة السابقة، والاعتراف بسيادة بنما والنقل الكامل للقناة إليها.
وقناة بنما هي ممر مائي اصطناعي في دولة بنما في أمريكا الوسطى، كما يعد أحد أهم الممرات المائية للنقل ذات الأهمية العالمية.