وائل عبدالرازق علي يكتب: إذاعة شمال سيناء والإعلام الإقليمي
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
كان وما زال وسيظل الإعلام الإقليمى هو المعبّر والممثل الأقرب إلى المواطن فى نطاق البث الإذاعى، وكلما غاص الإعلام فى المحلية كان معبراً جيداً عن حاجات واهتمامات المواطن. بدأ البث الإذاعى لإذاعة شمال سيناء فى العيد القومى للمحافظة فى 25 أبريل عام 1984، ومنذ ذلك الحين لم يتوقف البث يوماً واحداً.
مرّت الإذاعة بحالات توهج شديد ونسب استماع مرتفعة جداً، كما مرت بحالات انحسار وضعف وعزوف عن المتابعة.
وبين الحالتين، حالة التوهج وحالة الانحسار، مضى ما يقرب من 39 عاماً على الدور الإعلامى الذى تقوم به الإذاعة فى تغطية الأحداث وإجراء المقابلات ونقل الفعاليات والأحداث على الهواء إلى جميع مراكز ومدن المحافظة.
وغنى عن القول، بل يعتبر من نافلة القول أن نتحدث عن دور الإعلام فى تشكيل الوعى، بل وفى بعض الأحيان والمجتمعات والأوقات قيادة المجتمعات وتوجيه الرأى العام والتأثير فيه.
لقد قامت إذاعة شمال سيناء عبر هذا التاريخ الطويل بدورها هذا على أكمل وجه من خلال أجيال مرّت على الإذاعة عملوا كمذيعين ومقدمى برامج ومراسلين ومحرّرى أخبار.
أفنوا أعمارهم وهم يحاولون أن يقوموا برسالتهم على أكمل وجه، أجيال سلمت أجيالاً راية إذاعة شمال سيناء حتى وصلنا إلى الواقع الحالى.
ومن الأدوار التى قامت فيها الإذاعة بدورها المنوط بها فى أشد الأزمات وأحلك الظروف كان إبان ثورة 25 يناير 2011.
أتذكر أننى كنت مراسلاً للإذاعة المصرية والتليفزيون المصرى وقتها بجانب عملى كمذيع تنفيذ على الهواء. وسأكتفى هنا بحدثين كنت شاهد عيان عليهما توضيحاً للمخاطر التى مرت علينا كعاملين فى هذه المهنة.
الموقف الأول أثناء محاولة اقتحام قسم ثانى العريش فى أحداث يناير 2011 من قِبل بعض الجماعات الإرهابية فى العريش.
بمجرد سماعى ضرب النار وكنت قد تدرّبت جيداً من خلال تغطيتى للأحداث على التصرّف فى مثل هذه المواقف.
توجّهت إلى محيط القسم وكان يوم جمعة بعد صلاة العصر مباشرة.
اتصلت بأحد الأصدقاء الذى يسكن فى محيط القسم ونزلنا أنا وهو إلى جراج سيارته أسفل العمارة، وهى أقرب نقطة نستطيع أن نكشف منها ما يحدث دون أن يلاحظنا أحد.
وبعد ربع ساعة من مكوثنا فى مكاننا هذا كانت المفاجأة. جاءت سيارة تحمل مجموعة من الإرهابيين وتوقفت أمام الجراج مباشرة، وكنا قد أغلقنا نصف الباب حتى يتسنى لنا أن نتابع الأحداث.
وكتصرف بشرى طبيعى كنا فى جزء من الثانية أسفل السيارة داخل الجراج. كان صوت إطلاق النار كثيفاً جداً وصوته مرعباً.
أذكر أننى قمت وأنا تحت السيارة بإرسال 18 رسالة صوتية إلى معظم الإذاعات الإقليمية والشبكات الإذاعية واختتمتها برسالة عبر الفضائية المصرية الساعة 12 منتصف الليل.
وكانت المكافأة شهادة تقدير من رئيس الإذاعة المصرية وشرفت بأن حصلت على شهادات تقدير من كل رؤساء الإذاعة المصرية طوال مدة عملى المستمرة حتى الآن. الموقف الثانى وكان فى أول شهر رمضان بعد ثورة يناير 2011. وكنا للتو قد انتهينا من اجتماع مع مدير الإذاعة حينذاك الأستاذ محمد رستم.
حدث إطلاق نار كثيف ثم توقف فجأة واكتشفنا بعد دقائق أن أحد جنود الحراسات قد تم قنصه فى برج مراقبة الإذاعة وهو صائم ويقرأ القرآن نحتسبه عند الله من الشهداء.
هذا غيض من فيض مما تعرّضنا كقائمين على رسالة إعلامية تحت خط النار. عشرات القصص والروايات والأحداث لا يتسع المجال لسردها.
كانت إذاعة شمال سيناء موجودة فى هذه الفترة فى كل بيت، كان صوتها تستطيع أن تميّزه فى كل سيارة فى شوارع المحافظة.. لماذا؟ ببساطة لأننا كنا هناك.
لقد ارتفع سقف طموح أبناء سيناء منذ عادت إلى السيادة المصرية فى إنشاء قناة تليفزيونية تعبّر عنها، تنقل كل ما يدور فى المحافظة وتعرض كل أشكال الفنون السيناوية، ويرى فيها المواطن السيناوى نفسه على الشاشة مثله كمثل كل المحافظات التى أنشئت بها قنوات تليفزيونية محلية.
وحتى الآن لم يعرف أحد جواباً مقنعاً عن سر عدم إنشاء محطة تليفزيون فى شمال سيناء. أما الآن، وفى ظل تغيير وسائل الإعلام وإهمال الإعلام الإقليمى والمحلى وتهميش دوره حتى تحولت الرسالة إلى وظيفة لقلة المتابعين لتغيير الوسيلة والمضمون.
ولكن هل هذا مبرر للاستسلام؟ لا والله وسأقدم فى السطور القادمة تصوراً لتطوير إذاعة شمال سيناء لتعود بقوة لدورها الذى أنشئت من أجله.
أرى أن تتحول الإذاعة إلى إذاعة عبر الإنترنت تبث إرسالها من خلال موقع يقدّم الأخبار والبرامج والمحتوى الترفيهى والتراث الشعبى.. إلخ، بحيث يستطيع أى مواطن سيناوى أو مصرى فى العالم أن يتابع إرسالها، وهذا تكلفته ليست عالية، ولكنه يحتاج إلى سرعة نت معقولة وأجهزة متطورة تخدم هذا الهدف.
اقتراح آخر وقد سبقتنا إليه إذاعات غزة والأردن، وفى مصر نجوم FM، وهو إذاعة المذيع الواحد، فهو الذى يدير الحوار ويشغّل الأغانى ويستقبل الاتصالات التفاعلية.. إلخ.
السؤال هو هل هناك إرادة سياسية لتطوير الإعلام الإقليمى، ومنها إذاعة شمال سيناء؟
إذا كانت الإجابة بنعم، فهناك عشرات الأفكار من العاملين فى هذه الإذاعات ومن خارجها، ونحن لسنا بدعة، ولن نخترع العجلة، فهناك تجارب كثيرة، فلنختر الأقرب إلينا والمناسب مع طبيعتنا ولنبدأ، فالكوادر والعامل البشرى لديه خبرات متراكمة كبيرة جداً تستطيع أن تنجح فى القيام بدورها على الوجه الأكمل.
والدليل زملاؤنا وزميلاتنا الذين عملوا فى الإعلام الخاص.
أما إذا كانت الإجابة لا، أى ليست هناك نية، وقد تم قراءة فاتحة الإعلام الإقليمى، فأبلغونا أو على أقل تقدير أصلحوا حمامات الإذاعة حتى نستطيع استخدامها فى ما تبقى من سنوات خدمتنا فيها، وحتى لا تحرجونا مع ضيوفنا فى الاستوديوهات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: شمال سيناء الإعلام الإقليمي
إقرأ أيضاً:
شمال سيناء تشارك في فعاليات الملتقى 19 لشباب "أهل مصر" بالإسكندرية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استقبلت المدينة الشبابية بأبي قير، أولى فعاليات الملتقى الثقافي التاسع عشر لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"، المقام برعاية د. أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، بمحافظة الإسكندرية تحت شعار "يهمنا الإنسان"، وذلك حتى 27 نوڤمبر الحالي.
شهد الفعاليات أحمد درويش، رئيس إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، منال عبد السلام، مدير عام الإقليم، أحمد يسري، مدير عام الشباب والعمال والمشرف التنفيذي لمشروع أهل مصر للشباب، د. منال يمني، مدير الشئون الثقافية بفرع ثقافة الإسكندرية، ولفيف من الإعلاميين، والقيادات الثقافية والتنفيذية بالمحافظة.
في كلمته، أعرب رئيس إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، عن سعادته لاستضافة الملتقى، مقدما الشكر لوزارة الثقافة ممثلة في هيئة قصور الثقافة التي تحرص دائما على تقديم المشروعات القومية التي يُرفع لها القبعة في مختلف المجالات لكل من المرأة والشباب والأطفال.
كما أشاد بالجهود المميزة للإدارات المعنية بهيئة قصور الثقافة، التي تسعى لدعم فكرة التنوع الثقافي بالملتقى الذي يضم الكثير من الفعاليات الثقافية والفنية والأدبية، ويجمع شبابا من مختلف المحافظات الحدودية، ويتميزون بالطاقة والإبداع.
واختتم حديثه موصيا الشباب بضرورة التواصل عقب الانتهاء من الملتقى، والاستفادة منه واستثمار فترة التواجد في محافظة الإسكندرية، لتطوير المهارات، آملا أن يلتقي بهم مرة أخرى في ملتقيات قادمة.
من ناحيته، رحب مدير عام ثقافة الشباب والعمال، بالحضور ونقل إليهم تحية وزير الثقافة ونائب رئيس الهيئة، موجها لهما الشكر لدعمهما الكامل لمشروع أهل مصر الذي يعد منصة لتعزيز التبادل الثقافي بين الأقاليم المختلفة.
وأوضح أن الملتقى سيشهد مجموعة متميزة من الأنشطة الفنية والثقافية والرياضية، بالإضافة إلى اللقاءات التوعوية والتثقيفية، والمزارات السياحية المتنوعة، بجانب الورش الفنية بمشاركة نخبة من المدربين المتخصصين، ودعا الشباب لاختيار ما يتناسب منها وفقا لميولهم واهتماماتهم، لضمان تحقيق أقصى استفادة.
أعقب ذلك فقرة التعريف بالورش الفنية والحرفية المقرر إقامتها بدءا من اليوم الجمعة، وعرف المدرب جلال عبد الخالق المتدربين بأهداف ورشة النحت على الصدف و المحار، لتصميم لوحات تعبر عن معالم المحافظة وأهم مزاراتها السياحية.
وأوضح المدرب يوسف جلال مفهوم فن الريبوسيه (الطرق على المعادن) واستخداماته في تصميم لوحات ثلاثية الأبعاد، بهدف إحياء التراث، وتعلم مهارة جديدة يمكن من خلالها زيادة الدخل.
وأشار المدرب أيمن السعدني أن الهدف من ورشة الأركت تحويل القطع الخشبية إلى أشكال ديكورية من خلال الزخارف والتصميمات المختلفة وذلك عقب تعريف المتدرب بكيفية الإمساك بالمنشار لإخراج منتج فني بإمكانيات بسيطة.
بدوره تناول المهندس نادر حسن أهداف ورشة الريزن، واستخدامات هذا النوع من الفنون في تصميم لوحات وقطع ديكورية.
وعرفت المدربة نسرين مجدي أهداف ورشة الحلي والخاصة بتصميم مشغولات يدوية بطريقة مبسطة، وإعادة تدوير المشغولات القديمة للاستفادة منها.
كما تحدثت المدربة هبة فرج عن تفاصيل ورشة الجلود والتي ستتناول التعريف بالفرق بين الجلد الطبيعي والصناعي، وكيفية تصميم حقائب وحافظات نقود، وغيرها من المشغولات بتكلفة بسيطة.
فيما تناولت المدربة مها محب أهداف ورشة الديكوباچ، واستخداماته سواء في تصميم اللوحات أو إعادة التدوير.
من ناحية أخرى قدم د. محمد إسماعيل نبذة عن ورشة التصوير الفوتوغرافي موضحا أنها ستتطرق إلى عدة موضوعات أهمها : أنواع التصوير، والأخطاء الشائعة، الإضاءة، استخدامات الذكاء الاصطناعي، وكيفية إجراء تعديلات لونية على الصورة باستخدام الفوتوشوب.
وأوضحت الكاتبة عزة رياض أن ورشة الكتابة الأدبية تشمل التعريف بأسس كتابة الشعر، القصة القصيرة والرواية وغيرها من الفنون الأدبية، وذلك بهدف تنمية المواهب الإبداعية الشابة.
وأشار الفنان محمد مصطفى أن ورشة الموسيقى ستتضمن جزءا نظريا خاص بكتابة الأغاني، وآخر عملي يشمل عدة تدريبات لتعليم الغناء وكيفية التخلص من الرهبة التي تواجه البعض، مع التركيز على فكرة تحسين الأداء الصوتي.
وعن ورشة الحكي الشعبي أوضحت الباحثة سمر عناني أنها تتضمن حكي شعبي عن السيرة الهلالية، ورحلة العائلة المقدسة، بأسلوب مميز لتعزيز الثقافة التاريخية، مع التعريف ببعض الألعاب الشعبية المشهورة التي توارثتها الأجيال.
كما تعرف الشباب على أهداف ورشة الرسوم المتحركة والتي تشمل كيفية تصميم فيلم قصير بأدوات بسيطة بدءا من مرحلة اختيار الفكرة وحتى التنفيذ، وذلك مع المدربتين د. يارا بحيري ومي محمد.
وعن ورشة المسرح البشري أشار المخرج محمد صابر، أنها تشمل دراسة مكثفة حول علم المسرح، والتعريف بأساسياته وفنونه، بجانب تدريبات عملية خاصة بالمشروع الختامي.
كما يشهد الملتقى للمرة الأولى، ورشة لتعليم فن الموزاييك، تتضمن التعريف بأساليب قطع السيراميك واستخدامها لتصميم لوحات فنية، أو أشكال ديكورية بطرق مبتكرة، وذلك مع المدربة فاطمة الزهراء محمد.
الملتقى التاسع عشر لشباب المحافظات الحدودية تقيمه الإدارة العامة لثقافة الشباب والعمال، ضمن برامج الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة د. حنان موسى، رئيس اللجنة التنفيذية لمشروع أهل مصر، وبالتعاون مع إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي، وفرع ثقافة الإسكندرية.
ويستضيف الملتقى 120 شابا وفتاة من المحافظات الحدودية الستة: شمال سيناء، جنوب سيناء، البحر الأحمر" حلايب والشلاتين وأبو رماد"، الوادي الجديد، مطروح، أسوان، بالإضافة إلى عدد من شباب المناطق الجديدة الآمنة بالقاهرة والمحافظة المضيفة.
ويضم الملتقى 14 ورشة فنية وحرفية، ويشهد عدة لقاءات تثقيفية، ودوري ثقافي، وآخر رياضي، بجانب تنظيم مجموعة من الزيارات الميدانية لأشهر الأماكن السياحية بعروس المتوسط منها: مكتبة الإسكندرية، حديقة أنطونيادس، بجانب جولة حرة بالمحافظة، وزيارة إلى مدينة العلمين الجديدة.
مشروع "أهل مصر" أحد أهم مشروعات وزارة الثقافة المقدمة لأبناء المحافظات الحدودية "المرأة والشباب والأطفال" وينفذ ضمن البرنامج الرئاسي، الذي يهدف لتشكيل الوعي، وتعزيز قيم الانتماء والولاء للوطن، ورعاية الموهوبين، وتحقيق العدالة الثقافية.