صالح محمد صالح يكتب: جامعة العريش قاطرة التنمية في سيناء الجديدة
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
منذ أن تولى فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكم فى ٢٠١٤م كان توجهه واضحاً نحو سيناء؛ إيماناً منه بأهمية تلك البقعة الطاهرة؛ وذلك من خلال إطلاق المشروع القومى لتنميتها؛ الذى تمخض عنه العديد من المبادرات والمشاريع الضخمة التى تهدف إلى تحقيق التنمية الشاملة فى المنطقة.
ويأتى هذا التوجه فى إطار رؤية استراتيجية تركز على أهمية سيناء كجزء لا يتجزأ من التراب المصرى، وضرورة تأمينها وتطويرها واستغلال إمكاناتها الاقتصادية والطبيعية.
وقد أسفرت جهود الرئيس السيسى فى تنمية سيناء عن تحقيق العديد من الإنجازات الملموسة، ومن أبرزها: استعادة الأمن والاستقرار فى سيناء بعد دحر الإرهاب الأسود الذى سيطر على المنطقة لسنوات عديدة، وإنشاء بنية تحتية متطورة فى سيناء من طرق وكهرباء ومياه وصرف صحى، ثم إطلاق العديد من المشروعات الاقتصادية والعمرانية فى سيناء، والتى تهدف إلى توفير فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة لأهالى المنطقة، فضلاً عن تعزيز مكانة مصر فى المنطقة.
ولعل من أبرز المشروعات التى تم تنفيذها فى إطار تنمية سيناء؛ إنشاء جامعة العريش؛ حيث صدر القرار التاريخى لفخامة الرئيس رقم ١٤٧ لسنة ٢٠١٦م بإنشاء جامعة العريش فى هذه المرحلة الزمنية الحساسة من تاريخ مصر الحديث، وجاء هذا القرار التاريخى الذى يعد بحق قرار المواجهة والتحدى والبداية الحقيقية لتنمية وتعمير سيناء.
وتضم الجامعة منذ بدايتها حتى الآن عشر كليات، ومعهد الدراسات العليا البيئية. ولا شك فإنه من المأمول أن تلعب جامعة العريش دوراً محورياً فى تنمية سيناء، وذلك من خلال تقديمها للتعليم العالى والبحث العلمى للطلاب والباحثين فى المنطقة. وتتمثل علاقة جامعة العريش بالتنمية فى سيناء فى الآتى:
1 - المساهمة فى بناء القدرات البشرية؛ حيث تخرّج جامعة العريش سنوياً آلاف الطلاب المؤهلين تأهيلاً عالياً، والذين يمكنهم المساهمة فى تنمية سيناء فى مختلف المجالات، مثل: التعليم والصحة والصناعة والسياحة.
2 - دعم البحث العلمى، حيث تدعم جامعة العريش البحث العلمى فى المجالات ذات الصلة بتنمية سيناء، مثل: الموارد الطبيعية والبيئة والتنمية المستدامة.
3 - تقديم الخدمات المجتمعية لسكان سيناء، مثل: الرعاية الصحية، والتعليم، والتدريب.
وفى الزيارة الأخيرة التى قام بها دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى إلى مدينة العريش، والتى دشن من خلالها المرحلة الثانية من المشروع القومى لتنمية سيناء؛ جاءت هذه الزيارة عبارة عن رسالة داخلية للشعب المصرى ورسالة إقليمية ورسالة دولية؛ الرسالة الإقليمية هى أن مصر ستظل عمود خيمة الدول العربية والمنطقة، والرسالة الدولية هى أنه لا سلام ولا حل لأى قضية فى الشرق الأوسط إلا من بوابة مصر.
وفى ظل هذه الرسائل الداخلية والإقليمية والدولية؛ ينبغى أن تتعاظم أدوار جامعة العريش بإسهامها فى تنمية سيناء، وذلك من خلال:
1- إنشاء مركز إقليمى للبحث العلمى فى سيناء؛ وحتماً فإن هذا المركز سيسهم فى تعزيز البحث العلمى فى سيناء، وتوفير معلومات وحلول تساعد على اتخاذ القرارات الصحيحة بشأن التنمية فى المنطقة.
2- زيادة التركيز على إقامة المشروعات البحثية فى المجالات ذات الصلة بتنمية سيناء، مثل: الطاقة المتجددة والاقتصاد الأخضر والتنمية الاجتماعية؛ وهذه المشروعات البحثية يمكن أن توفر معلومات وحلولاً تساعد على تحقيق التنمية المستدامة فى سيناء.
3- إنشاء حاضنات أعمال للشركات الناشئة فى سيناء؛ حيث ستساعد هذه الحاضنات على دعم الشركات الناشئة فى سيناء وتعزيز نموها؛ مما سيسهم فى خلق فرص عمل وتحسين مستوى المعيشة لسكان المنطقة.
4- إقامة العديد من البرامج التدريبية للكوادر المحلية فى سيناء، بهدف تأهيلهم لسوق العمل ودعم التنمية فى المنطقة.
5- توسيع نطاق الخدمات المجتمعية التى تقدمها الجامعة لسكان سيناء، مثل: الخدمات الصحية والتعليمية والتدريب المهنى؛ هذه الخدمات يمكن أن تساعد على تحسين جودة الحياة لسكان سيناء وتعزز مشاركتهم فى التنمية.
6- تقديم الخدمات الصحية والتعليمية لسكان سيناء، مثل: إنشاء مراكز طبية وتقديم منح دراسية للطلاب من أبناء سيناء.
7- زيادة التعاون بين جامعة العريش والمؤسسات الحكومية والخاصة فى سيناء؛ هذا التعاون يمكن أن يساعد على تنسيق الجهود وتحقيق التنمية الشاملة فى المنطقة.
وبالرغم من الجهود التى تبذلها جامعة العريش لتحقيق دورها المحورى فى تنمية سيناء؛ فإنها تواجه عدة تحديات يمكن أن تؤثر على قدرتها على تحقيق أهدافها، أبرزها «التحديات المالية، والتحديات اللوجيستية، والتحديات السياسية». ونؤمن أن جامعة العريش لديها القدرة على أن تكون قاطرة التنمية فى سيناء، وذلك من خلال تعزيز دورها فى البحث العلمى والتعليم والتدريب، وزيادة التعاون مع المؤسسات الحكومية والخاصة فى سيناء.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مصطفى مدبولي رئيس الحكومة رئيس مجلس الوزراء البحث العلمى جامعة العریش وذلک من خلال لسکان سیناء فى المنطقة التنمیة فى العدید من فى سیناء یمکن أن
إقرأ أيضاً:
أشرف غريب يكتب: أطفالنا والعملية التعليمية
لا يستطيع أحد أن ينكر النقلة التعليمية الهائلة التى خطتها وزارة التربية والتعليم خلال السنوات القليلة الماضية، وخاصة فى عهد وزيرى التعليم السابقين طارق شوقى ورضا حجازى، وما يستكمله الآن وزير التعليم الحالى د. محمد عبداللطيف، لم يكن أحد من الراغبين فى الارتقاء بالعملية التعليمية متحمساً للإبقاء على أسلوب التلقين العقيم الذى كان معمولاً به فى مدارسنا لعشرات السنين.
ولذلك استبشرنا خيراً حينما اعتمدت الوزارة أسلوباً قائماً على الفهم والاستيعاب والاستنباط والاستدلال إلى آخر ما يمكن أن ينمى القدرة على الفهم والابتكار بدلاً من الحفظ الببغائى وحشر المعلومات فى أدمغة الطلبة لمجرد إفراغها فى ورقة الامتحان، ثم لا تلبث أن تتبخر بعد الخروج من اللجنة دون أن يحولها الطالب إلى معلومات معرفية متراكمة، لا سيما مع استحداث الاعتماد على التابلت عند بداية المرحلة الثانوية وما أحدثه ذلك من طرق متنوعة ومتجددة فى الحصول على المعلومة وفتح آفاق جديدة فى الوصول إلى المعرفة والانفتاح على العالم من حولنا.
كل هذا جميل ورائع، وتوجُّه محمود يصب فى صلب السياسة التعليمية الجديدة التى انتهجتها وزارة التربية والتعليم، ولكن ماذا عن التطبيق العملى على أرض الواقع؟ أستطيع أن أتفهم تماماً حرص الوزارة حالياً على ربط الطالب طيلة الوقت بالمعلومة والدرس، وخاصة مع اعتماد أسلوب تكاملية المواد الدراسية، لكن على وزارتنا العزيزة أن تدرك أن أى شىء إذا زاد عن الحد انقلب إلى الضد، خاصة فى المرحلة الابتدائية، مرحلة التكوين الذهنى والمعرفى وترغيب الطلاب فى طقس المذاكرة والارتباط الإيجابى بالمدرسة وبالعملية التعليمية بوجه عام، فبعد مرور خمسة أسابيع تقريباً على بدء العام الدراسى الجديد 2024- 2025.
وإقرار الوزارة فكرة الامتحانات الأسبوعية ثم الشهرية بات التلميذ الصغير مطالباً كل يوم بأداء امتحان فى مادة معينة، وأصبح لزاماً عليه أن يبقى طوال الأسبوع من لحظة انتهاء اليوم الدراسى إلى صباح اليوم التالى منكبا على الكتاب يحاول أن يلاحق ما سوف يمتحن فيه داخل الحصة الدراسية، بل إن مدة الحصة نفسها لم تعد كافية للامتحان والشرح معاً، فتكون النتيجة تأخر كثير من المدرسين فى شرح مناهجهم الدراسية أو (كروتتها) رغبة فى الالتزام بالتوقيتات الموضوعة سلفاً حتى الانتهاء من شرح المواد الدراسية على مدار العام الدراسى.
أما الطفل المسكين طالب السنوات الأولى من المرحلة الابتدائية الذى من المفترض أن يعيش طفولته، ويجد فيها وقته لممارسة هواياته، وتنمية مدارك أخرى بخلاف التعليم والاستذكار فلم يعد أمامه إلا العكوف على الكتاب آناء الليل وأطراف النهار يلهث وراء ما سوف يمتحن فيه كل يوم وكل أسبوع وكل شهر، فتكون النتيجة عدم تأصيل المعلومة الدراسية وثباتها فى ذهن الطالب، وضياع كل هذا الجهد فى الشرح والتحصيل، وتبخر المعلومة بعد أن كتبها فى ورقة الامتحان هذا إذا تذكرها أصلاً فى ظل كل هذه الضغوط والأعباء الملقاة عليه بشكل يومى ودائم، فنصبح فى النهاية أمام نفس النتيجة التى كنا نريد تجنبها جراء النظام التقليدى الذى كان معمولاً به فى عهود سابقة.
ثم ماذا عن طفولة هؤلاء؟ عن إحساسهم بمتع المرحلة السنية التى يعيشونها؟ عن حيويتهم وانطلاقهم وهواياتهم فى ظل هذا الكبت الدائم والضغط المستمر؟ وماذا عن حبهم للمدرسة؟ عن رغبتهم فى التعليم؟ عن ارتباطهم النفسى بمدرسيهم؟ لقد اشتكت لى إحدى الأمهات بأن ابنها الذى يدرس فى الصف الثالث الابتدائى لم يعد راغباً من الأساس فى الذهاب إلى المدرسة بعد أن كان متفوقاً ومحباً لها، وأنها حينما توقظه فى الصباح يقوم مفزوعاً من نومه وهو يردد حتى من قبل أن يفتح عينيه: «لا مش ح أكتب الدرس، أنا تعبت».
لقد باتت الواجبات والدروس تلاحقهم فى نومهم قبل يقظتهم، وتفسد عليهم طفولتهم.. نحن لا نريد أن تتحول العملية التعليمية إلى كابوس يطارد أطفالنا، أو عبء نفسى وذهنى وبدنى يفقدهم الحماس نحو التحصيل الدراسى، نريدهم أن يستمتعوا بدراستهم، ويحبوا الطقس ذاته، ويسعوا إلى الذهاب إلى المدرسة بفرح ورضا، أنا لا أريد أن أحدثكم عن تجربتى وأنا وفى مثل سن هؤلاء الأطفال وفى ظل النظام العقيم الذى كان يحكم العملية التعليمية كنت أجد وقتاً لحفظ القرآن الكريم والاشتراك فى مسابقاته، وممارسة الرياضة والموسقى والتمثيل والصحافة المدرسية والرحلات جنباً إلى جنب مع التحصيل الدراسى، بل إن تلك الأنشطة كانت تزيد من حماسنا نحو الاستذكار والتفوق.
أعود وأكرر إننا جميعاً مع تطوير العملية التعليمية ومع الخطوات المخلصة التى تقوم بها الوزارة، وندعم تماماً جهودها فى سبيل ذلك، لكن أسلوب التطبيق بحاجة إلى مراجعة وإعادة نظر وتقييم الغايات والوسائل من أجل الوصول إلى أهدافنا النبيلة التى نتشارك فيها جميعاً نحو أبنائنا الصغار، ولنتذكر دائماً أن التربية تسبق التعليم فى مسمى وزارتنا العزيزة.