لجريدة عمان:
2025-04-25@21:41:34 GMT

إخراس الناطقين باسم الفلسطينيين الأبرياء

تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT

أي جريمة بالضبط ارتكبها أستاذ علم الأحياء المحوسب مايكل أيزن فأفضت إلى إقالته من وظيفته محررا لمجلة إيلايف [eLife]، وهي مجلة علمية مرموقة قائمة على مراجعة الأنداد ومتخصصة في علوم الطب الحيوي وعلوم الحياة؟ لقد نشر هذا الأمريكي اليهودي ذو الأسرة الإسرائيلية في موقع تواصل اجتماعي مادة من موقع أونيون الساخر عنوانها «انتقاد موتى غزة لعدم تخصيصهم كلماتهم الأخيرة لإدانة حماس».

كانت هذه الطرفة المريرة قد نطقت بحقيقة لا نزاع فيها وهي أن الفلسطينيين يموتون بمنطق عقاب الذنب الجماعي الذي أقره الرئيس الإسرائيلي اسحاق هيرتسوج حين أعلن أن «شعبا كاملا يتحمل المسؤولية». أشاد أيزن بموقع أونيون لأنه تحلى «بقدر من الشجاعة والبصيرة والوضوح الأخلاقي يفوق ما لدى قادة كل المؤسسات الأكاديمية» وأيضا أدان حماس. وبعد عشرة أيام من ذلك أقيل.

أصدر مجلس إدارة إيلايف بيانا أشار فيه إلى أن «أسلوب أيزن في القيادة، والتواصل، والإعلام الاجتماعي كان في بعض الأوقات الحاسمة مؤذيا لتماسك المجتمع الذي نحاول إقامته ومن ثم مؤذيا لمهمة إيلايف. وعلى هذه الخلفية فإن الإمعان في هذا السلوك قد أسهم في قرار مجلس الإدارة». ولم يشر البيان إلى أي من الوقائع السابقة المزعومة إن كان لها وجود.

منذ أن ردت إسرائيل على أعمال حماس بهجوم ضارٍ تسبَّب في مقتل أكثر من ثمانية آلاف فلسطيني، ثمة سعي إلى إخراس المتعاطفين مع الفلسطينيين وترهيبهم والتحرش بهم. ومن المحتوم أن يكون الفلسطينيون هم الذين يعانون وطأة حملة تشويه أبسط أشكال المعارضة للمجازر الجماعية التي تجري على شعبهم.

وتأملوا حالة عدنية شبلي، الكاتبة الفلسطينية الشهيرة التي حصلت على جائزة ليبارتوربريس الألمانية لعام 2023 عن روايتها «تفصيل ثانوي» التي حكت فيها قصة حقيقية لاغتصاب جندي إسرائيلي فتاة بدوية فلسطينية وقتله لها سنة 1949. بعد أن بدأت الأعمال المريعة الراهنة، أرجأ المنظمون الحفل «بسبب الحرب التي بدأتها حماس، والتي يعاني من جرائها الملايين في إسرائيل وفلسطين».

تعرض أدباء غير فلسطينيين آخرون للاستهداف أيضا. فقد تم إرجاء ندوة لـ (فييت ثانه نجوين) ـ وهو ابن لاجئين ومتعاطف مع المشردين من الشعوب الأخرى ـ كانت مقررة في مركز(الشارع الثاني والتسعين) بنيويورك، وذلك إثر توقيعه رسالة مفتوحة تطالب بـ«إنهاء العنف والدمار في فلسطين». يصف المركز نفسه في موقعه على الإنترنت بأنه «مؤسسة تعتز بيهوديتها»، وفي بيان تم إرساله إلى رويترز جاء أن المركز أراد مهلة ليقرر أفضل سبيل لاستعمال منصته في «دعم كامل مجتمع 92 نيويورك».

ماذا عن (الحملة الأمريكية من أجل الحقوق الفلسطينية) التي ألغي مؤتمرها القديم في هيوستن في أعقاب وصف الغرفة التجارية الأرثوذكسية اليهودية للمؤتمر بأنه «مؤتمر أنصار حماس»؟ أرجع فندق هيلتن الإلغاء إلى أسباب أمنية.

وتم استهداف المتحدثة الرئيسية رشيدة طالب ـ أول نائبة أمريكية فلسطينية منتخبة في الكونجرس ـ من قبل حملة تشويه جمهورية، في محاولة لتشويهها بتهمة «القيام بأنشطة معادية للسامية» و«التعاطف مع منظمات إرهابية»، وكل تلك هجمات لا أساس لها. في الوقت نفسه تردد أن قناة MSNBC أوقفت 3 من مذيعيها المسلمين عن تقديم البرامج دونما تفسير. ووصفت القناة أي تغيير في برامجها بأنه «نتاج الصدفة».

وهنا في بريطانيا، يقال لنا منذ أمد بعيد أن طلبة «الصحوة» woke يمثلون تهديدا للحرية الأكاديمية. ولكننا لم نر إدانات جهيرة لجامعة ليفربول هوب بعد تأجيلها محاضرة للمؤرخ البريطاني الإسرائيلي آفي شاليم الذي يتحدى مشروعه البحثي السردية التاريخية الإسرائيلية الرسمية. لقد كان دفاع الجامعة هو أن القرار اتخذ في مراعاة لسلامة وأمن الطلبة والأساتذة.

ودافعت وزيرة ميشيل دونيلان عن قانونها للتعليم العالي (المعروف بقانون حرية التعبير) في العام الماضي بزعمها أن «الحرية الأكاديمية في هذه المؤسسات تتقوض على نحو يهدد ديمقراطيتنا كلها» مضيفة قولها «إننا نرى الأكاديميين يفرضون الرقابة الذاتية على أنفسهم بوازع من الخوف». غير أن الوزيرة أعربت في رسالة موجهة الأسبوع الماضي إلى هيئة البحث والابتكار في المملكة المتحدة عن «اشمئزاز وغضب» من تعيين الهيئة اثنين من الأكاديميين ضمن هيئتها الاستشارية في قضايا المساواة والتنوع والاحتواء، وأحد هذين ـ على حد تعبيرها ـ «يدين العنف من كلا الجانبين لكن مع إشارة إلى (الإبادة الجماعية والأبارتيد الإسرائيليتين». وممن أدانوا إسرائيل بالأبارتيد منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش ومنظمة بيتلسيم الإسرائيلية لحقوق الإنسان وغيرها في حين يحذر خبراء بالأمم المتحدة من «خطر الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني». فثمة مواقف مشروعة تماما يمكن أن يتبناها الأكاديميون لكن مناصرة دونيلان لحرية التعبير تتلاشى حينما تنزعج من الآراء المطروحة بشأن قمع إسرائيل العنيف للفلسطينيين.

في الوقت نفسه، أوقف حزب العمل آندي مكدونالد لقوله أمام مظاهرة يوم السبت المناهضة للحرب ـ وهذا مقتطف مباشر ـ «إننا لن نستريح إلى أن نحقق العدل، وينعم البشر جميعا، إسرائيليون وفلسطينيون، في ما بين النهر والبحر بحياة الحرية والسلام». واضح أن مكدونالد أعرب بجزالة عن تأييده الحماسي لحل الدولتين، ولكن هذا المطلب الإنساني الداعي إلى التعايش السلمي بات في ظل قيادة ستامر لحزب العمال يعد مشينا أخلاقيا، خلافا لدعم إمطار المدنيين ومنهم الأطفال بالصواريخ. كما أقيل عضو البرلمان عن المحافظين بول بريستاو من دوره بوصفه مساعدا حكوميا وذلك لمطالبته بوقف إطلاق النار. في بريطانيا الحديثة، يعد معارضو المجازر الجماعية مجاوزين للحدود.

إن القضية الفلسطينية تفضح نفاق ما يعرف بثقافة الإلغاء cancel culture. فنحن مدفوعون منذ أمد بعيد إلى الاعتقاد بأن هناك إخراسا جماعيا للشخصيات العامة عند قولهم ما ينطوي على إهانة أو مطالبتهم بأمور تخص جماعات المهمشين . خلافا للمتعاطفين مع الفلسطينيين، هؤلاء رددوا شعارات شائعة على نطاق واسع بين النخبتين السياسية والإعلامية. لكن من يتحدون النظام الاقتصادي أو السياسة الخارجية الغربية ـ أو كليهما ـ يواجهون دائما الإخراس الحقيقي.

إن مجرد معارضة العنف ضد المدنيين ينطوي على مخاطرة بالمهنة والسمعة. وهذا الترهيب له عواقب وخيمة: فهو يقوض الضغط العام على حلفاء إسرائيل الغربيين من أجل إيقاف المذابح وإنهاء الاحتلال والاستعمال والأبارتيد الذي يؤبد هذا الكابوس. والحل بطبيعة الحال ليس الجبن، وإنما المزيد من الجهر بالصوت.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

كيف تبدو خريطة إسرائيل لـاليوم التالي في غزة؟

تعمل الإستراتيجية الإسرائيلية تجاه قطاع غزة ضمن ثلاثة أَسقُفٍ أو مستويات: أعلى، ووسط، وأدنى بحسب إمكانية التحقيق. وفي كل الأحوال، فإن المشترك، على ما يبدو، في الأسقف الثلاثة، أي الحد الأدنى المستهدف، هو أن تكون غزة بلا سلاح، وبلا حماس!!

أما السقف الأعلى فهو مرتبط بمشاريع احتلال قطاع غزة، وتهجير سكانه، وضمه أو ضمّ أجزاء منه، وإعادة تفعيل برامج الاستيطان، وحكمه بشكل مباشر أو غير مباشر.

وهو ما يعني ضمنًا القضاء على حماس، ونزع أسلحتها وأسلحة المقاومة. وثمة الكثير من الحديث حول هذا السقف في أوساط اليمين المتطرف والصهيونية الدينية، وهو مدعوم بغطاء أميركي حيث كرر ترامب الدعوة لتهجير سكان القطاع.

أما السقف الوسط، فيتضمن الإبقاء على نقاط سيطرة في القطاع، والتحكم الظاهر أو غير الظاهر في المعابر، واستباحة أجواء القطاع وإمكانية عمل اقتحامات وضربات محددة، كما يحدث في الضفة الغربية، وحكم غزة بوجود قوات عربية ودولية أو سلطة رام الله، ولكن بمعايير إسرائيلية. مع سحب فكرة التهجير والضم والاستيطان، وتسهيل دخول الاحتياجات الأساسية للقطاع، وبعض من مستلزمات إعادة الإعمار، وبوجود برنامج حثيث لنزع أسلحة المقاومة، وتحييد حماس عن المشهد السياسي ومشهد إدارة القطاع.

إعلان

سيسعى الطرف الإسرائيلي لتحقيق ما يمكن تحقيقه في السقفين؛ الأعلى والوسط، وفق ما يوفره الواقع الميداني والمعطيات على الأرض، غير أنه سيستخدم هذين السقفين كأدوات تفاوضية ضاغطة، إذا ما استمرت المقاومة في أدائها، سعيًا للوصول إلى الحد المستهدف، مع إيجاد بيئات ضاغطة دولية وعربية وحتى فلسطينية داخلية (وتحديدًا من سلطة رام الله ومؤيديها)، وربما محاولة المراهنة على اصطناع دائرة احتجاج ضد المقاومة في القطاع نفسه والسعي لتوسيعها؛ بحيث تتضافر حملات سياسية وإعلامية عربية ودولية لإظهار حماس وكأنها هي الطرف المتعنِّت والمُعطِّل للاتفاق، والمتسبِّب بمعاناة القطاع.

كما سيتمُّ تقديم وقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من القطاع، ووقف مشروع التهجير، والفك الجزئي للحصار والسماح لإدارة فلسطينية (بمواصفات سلطة رام الله) باعتبارها "تنازلات" إسرائيلية كبيرة، وبالتالي محاولة "تبليع السكِّين" لحماس، وربط إنهاء الحرب والانسحاب الكامل من القطاع بموافقة حماس والمقاومة على نزع أسلحتها، والخروج من المشهد السياسي والمؤسسي الفلسطيني.

تكمن خطورة هكذا إستراتيجية في السعي لتحقيق الهدف الأساس من الحرب، مع محاولة إظهاره في الوقت نفسه كمطلب عربي ودولي، وإظهاره وكأنه "إنجاز" وطني وقومي للدول العربية المطبّعة الرافضة للتهجير، التي تتقاطع في الوقت نفسه، مع الإسرائيليين والأميركان، في العداء لخط المقاومة ولتيار "الإسلام السياسي". كما تُظهر سلطة رام الله وكأنها بديلٌ يُنهي معاناة الفلسطينيين.

أبرز عناصر الإستراتيجية الإسرائيلية

من خلال القراءة الموضوعية والتحليلية لما صدر عن الجانب الإسرائيلي من تصريحات ومواقف، ومن خلال استقراء سلوك نتنياهو وحكومته وجيشه على الأرض، يمكن استخلاص النقاط التالية، كأبرز عناصر الإستراتيجية الإسرائيلية في التعامل مع قطاع غزة ومستقبله:

إعلان محاولة استعادة الصورة التي فقدها الاحتلال الإسرائيلي، نتيجة الضربة القاسية التي تعرضت لها نظرية الأمن الإسرائيلي في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وفقدان قوة الردع، وتزعزُع ثقة التجمع الاستيطاني الصهيوني بها. محاولة إعادة تسويق الدور الوظيفي للاحتلال، كقلعة متقدمة وعصا غليظة للنفوذ الغربي في المنطقة؛ وكقوة جديرة بالثقة والاعتماد عليها لدى دول التطبيع العربي، خصوصًا في إدارة صراعها مع منافسيها في البيئة الإقليميّة. محاولة إحداث أقسى حالة "كي وعي" لدى الحاضنة الشعبية في قطاع غزة ولدى المقاومة، عبر استخدام القوة الساحقة الباطشة والمجازر البشعة للمدنيين، والتدمير الشامل للبيوت والبنى التحتية والمؤسسات الرسمية والمدارس والمستشفيات والمساجد والكنائس والمزروعات وآبار المياه.. وغيرها؛ بعيدًا عن أي معايير قانونية أو أخلاقية أو سياسية، لمحاولة ترسيخ "عقدة" عدم تكرار هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول. استغلال بيئة الحرب لفرض تصورات "اليوم التالي" لحكم القطاع، وفق المعايير والضوابط الإسرائيلية. السعي للاستفادة من بيئة الحرب، لتمرير وتسريع مشاريع التهويد والتهجير في الضفة الغربية وقطاع غزة. السعي لتوسيع النظرية الأمنية الإسرائيلية، لتشمل في إطارها الرادع الفعَّال المحيط الإستراتيجي للكيان الصهيوني، لضمان استقرار الكيان وديمومته، حتى بعد إغلاق الملف الفلسطيني، حيث سبق أن كرر نتنياهو هذه الرؤية أكثر من مرة. رفع السقف التفاوضي مع المقاومة إلى مديات عالية جدًا، وإن لم يكن من الممكن تحقيقها، بهدف استخدامها كأدوات ضغط، وتوظيفها في العملية التفاوضية. محاولة تخفيف تأثير قضية الأسرى الصهاينة على الأثمان المدفوعة للمقاومة قدر الإمكان، سواء بمحاولة تحريرهم، أم بإطالة أمد التفاوض عليهم، أم بالتركيز على المنجزات المحتملة من استمرار الحرب، ولو تسبب ذلك بخسارة المزيد من الأسرى. الاستفادة من النفوذ والغطاء الأميركي قدر الإمكان، في البيئة الدولية ومجلس الأمن، وفي البيئة العربية، وفي الدور كوسيط، وفي مجالات الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي والإعلامي. الاستفادة قدر الإمكان من الضعف والخذلان العربي، وتقاطع عدد من الدول العربية مع التوجهات ضد المقاومة وضد "الإسلام السياسي"، وكذلك الاستفادة من عدم فاعلية البيئة الدولية ومؤسساتها وفشلها، لتمرير الأجندة الإسرائيلية. إطالة أمد الحرب ما أمكن، سعيًا لتحقيق أكبر منجز ممكن ضد المقاومة، وكذلك للإبقاء على تماسك الائتلاف المتطرف الحاكم لكيان الاحتلال، وتمرير أجنداته الداخلية، والتّهرب من السقوط وإمكانية المحاسبة. تعمد إخفاء الخسائر الحقيقية للجيش الإسرائيلي، واصطناع أكاذيب عن منجزاته، ومحاولة التعمية عن حالات التهرب الواسعة من الخدمة لدى قوات الاحتياط، والأزمات المرتبطة بالتجنيد وغيرها؛ سعيًا للإبقاء على بيئة داخلية داعمة للحرب. تعمُّد نقض العهود والاتفاقات مع المقاومة، واستخدام ذلك في الابتزاز العسكري والسياسي والاقتصادي، والاستفادة من حالة الإنهاك والمعاناة في القطاع؛ لتشديد الحصار لتحقيق مكاسب إستراتيجية وتفاوضية، خصوصًا على حساب المقاومة. إعلان نزح سلاح المقاومة

كثر الحديث في الأيام الماضية عن ربط ترتيبات "اليوم التالي" في القطاع بنزع أسلحة حماس وإخراجها من المشهد السياسي، وتحدث عن ذلك قادة أوروبيون مثل الرئيس الفرنسي ماكرون بالرغم من إظهار حماسته لحل الدولتين والاعتراف بالدولة الفلسطينية.

كما حاول بعض المحسوبين على سلطة رام الله استغلال حالة المعاناة الهائلة للحاضنة الشعبية في القطاع، ومحاولة تنفيس الغضب باتجاه حماس وقوى المقاومة وتحميلها المسؤولية، بدلًا من الاستمرار في تحميل الاحتلال مسؤولية عدوانه وجرائمه.

التصعيد الإسرائيلي بخرق الهدنة، وإحكام الحصار على القطاع، ومنع دخول أي من الاحتياجات الضرورية، تبعها عدوان دموي ومجازر وحشية كان معظم ضحاياها من النساء والأطفال، وأعاد احتلال أجزاء من القطاع، مع إعادة تهجير أعداد كبيرة من أبناء القطاع المنهكين أصلًا والمستنزفين في دمائهم وأموالهم ومساكنهم، ليرفع وتيرة الضغط إلى مديات لا تكاد يحتملها إنسان؛ مع إعادة الحديث عن أجنداته بسقوفها العليا.

غير أن المقاومة عادت لتفاجئ العدو بتفعيل أدائها العسكري المؤثر، ولتقوم بحملة سياسية موازية تؤكد صلابتها في الثوابت، كما تؤكد مرونتها القصوى في ملفات تبادل الأسرى وغيرها، بما يحقن دماء الشعب الفلسطيني، وينهي الحرب، ويضمن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من القطاع.

سلاح المقاومة خط أحمر

أمام هذه الإستراتيجية "الصفرية" لنتنياهو وحكومته المتطرفة، لا تبدو ثمة بوادر حقيقية لإنهاء الحرب والانسحاب الكامل من القطاع وفك الحصار (على الأقل إعادة الوضع على ما كان عليه قبل 7 أكتوبر/ تشرين الأول)، وفتح المجال لإعادة الإعمار، إلا إذا صمدت المقاومة وواصلت استنزاف الجيش والاقتصاد والأمن الإسرائيلي، والدفع لإيجاد بيئات داخلية إسرائيلية أكثر قوة وضغطًا، ورفع الأثمان التي يدفعها الاحتلال إلى مديات لا يستطيع احتمالها.

إعلان

وقد قطعت المقاومة شوطًا كبيرًا في ذلك، مع تزايد المأزق الإسرائيلي، خصوصًا بعد استئناف المقاومة عملياتها النوعية، واعتراف رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير بأن الحرب في غزة قد تأخذ شهورًا أو سنوات.

كما أن طبيعة ترامب النَّزقة والمتقلبة والمستعجلة للإنجاز لا توفر لنتنياهو وقتًا مفتوحًا لاستمرار الحرب، يترافق معها حاجة ترامب لتحقيق اختراقات في ملفات التطبيع في المنطقة، وفي الملف النووي مع إيران. كما يترافق ذلك مع بيئة عربية قلقة تحمل بذور التغيير والانفجار، وبيئة دولية تآكل فيها الدعم للكيان إلى حده الأقصى، حتى في محيط حلفائه الأوروبيين.

وليس ثمة ترف خيارات أمام المقاومة في خوض هذه المعركة "الصفرية" التي تستهدف اجتثاث الشعب الفلسطيني وقضيته، وبالتالي تظل المراهنة على المقاومة وسلاحها شرطًا أساسيًا وخطًا أحمر في مواجهة الاحتلال وإفشال مشاريعه.

والتجربة التاريخية طوال أكثر من مائة عام تشهد أن الشعب الفلسطيني تمكن من إفشال عشرات المشاريع التي تستهدفه، وقادر أيضًا، بعون الله، على إسقاط هذه الإستراتيجية وعلى إفشال هذا العدوان.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • كيف تبدو خريطة إسرائيل لـاليوم التالي في غزة؟
  • إنقاذ الفلسطينيين من حماس.. الإعلام الإسرائيلي يصطاد في الماء العكر بنشر تصريحات العولقي
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • سفيرة الجامعة العربية أمام جثمان البابا فرانسيس: «تأثرت بشدة وذكرت اللحظة التي تحدثت فيها عن معاناة الفلسطينيين»
  • “حماس”: تصريحات نتنياهو تكريس لنهج “الإبادة الجماعية”
  • 4 بدائل قاتمة تنتظر إسرائيل في غزة
  • ساعر يطلب من بنك إسرائيل إلغاء فئة الـ200 شيكل بسبب حماس والأخير يرد
  • هذا هو البابا الفقير الذي تكرهه إسرائيل
  • ماذا يعني حصول إسرائيل على تأجيل قضية الإبادة الجماعية 6 أشهر؟
  • كلاب مُدربة من هولندا.. وسيلة إسرائيل الجديدة لتعذيب الفلسطينيين | شهادات من الجحيم