لجريدة عمان:
2024-07-02@01:12:43 GMT

إخراس الناطقين باسم الفلسطينيين الأبرياء

تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT

أي جريمة بالضبط ارتكبها أستاذ علم الأحياء المحوسب مايكل أيزن فأفضت إلى إقالته من وظيفته محررا لمجلة إيلايف [eLife]، وهي مجلة علمية مرموقة قائمة على مراجعة الأنداد ومتخصصة في علوم الطب الحيوي وعلوم الحياة؟ لقد نشر هذا الأمريكي اليهودي ذو الأسرة الإسرائيلية في موقع تواصل اجتماعي مادة من موقع أونيون الساخر عنوانها «انتقاد موتى غزة لعدم تخصيصهم كلماتهم الأخيرة لإدانة حماس».

كانت هذه الطرفة المريرة قد نطقت بحقيقة لا نزاع فيها وهي أن الفلسطينيين يموتون بمنطق عقاب الذنب الجماعي الذي أقره الرئيس الإسرائيلي اسحاق هيرتسوج حين أعلن أن «شعبا كاملا يتحمل المسؤولية». أشاد أيزن بموقع أونيون لأنه تحلى «بقدر من الشجاعة والبصيرة والوضوح الأخلاقي يفوق ما لدى قادة كل المؤسسات الأكاديمية» وأيضا أدان حماس. وبعد عشرة أيام من ذلك أقيل.

أصدر مجلس إدارة إيلايف بيانا أشار فيه إلى أن «أسلوب أيزن في القيادة، والتواصل، والإعلام الاجتماعي كان في بعض الأوقات الحاسمة مؤذيا لتماسك المجتمع الذي نحاول إقامته ومن ثم مؤذيا لمهمة إيلايف. وعلى هذه الخلفية فإن الإمعان في هذا السلوك قد أسهم في قرار مجلس الإدارة». ولم يشر البيان إلى أي من الوقائع السابقة المزعومة إن كان لها وجود.

منذ أن ردت إسرائيل على أعمال حماس بهجوم ضارٍ تسبَّب في مقتل أكثر من ثمانية آلاف فلسطيني، ثمة سعي إلى إخراس المتعاطفين مع الفلسطينيين وترهيبهم والتحرش بهم. ومن المحتوم أن يكون الفلسطينيون هم الذين يعانون وطأة حملة تشويه أبسط أشكال المعارضة للمجازر الجماعية التي تجري على شعبهم.

وتأملوا حالة عدنية شبلي، الكاتبة الفلسطينية الشهيرة التي حصلت على جائزة ليبارتوربريس الألمانية لعام 2023 عن روايتها «تفصيل ثانوي» التي حكت فيها قصة حقيقية لاغتصاب جندي إسرائيلي فتاة بدوية فلسطينية وقتله لها سنة 1949. بعد أن بدأت الأعمال المريعة الراهنة، أرجأ المنظمون الحفل «بسبب الحرب التي بدأتها حماس، والتي يعاني من جرائها الملايين في إسرائيل وفلسطين».

تعرض أدباء غير فلسطينيين آخرون للاستهداف أيضا. فقد تم إرجاء ندوة لـ (فييت ثانه نجوين) ـ وهو ابن لاجئين ومتعاطف مع المشردين من الشعوب الأخرى ـ كانت مقررة في مركز(الشارع الثاني والتسعين) بنيويورك، وذلك إثر توقيعه رسالة مفتوحة تطالب بـ«إنهاء العنف والدمار في فلسطين». يصف المركز نفسه في موقعه على الإنترنت بأنه «مؤسسة تعتز بيهوديتها»، وفي بيان تم إرساله إلى رويترز جاء أن المركز أراد مهلة ليقرر أفضل سبيل لاستعمال منصته في «دعم كامل مجتمع 92 نيويورك».

ماذا عن (الحملة الأمريكية من أجل الحقوق الفلسطينية) التي ألغي مؤتمرها القديم في هيوستن في أعقاب وصف الغرفة التجارية الأرثوذكسية اليهودية للمؤتمر بأنه «مؤتمر أنصار حماس»؟ أرجع فندق هيلتن الإلغاء إلى أسباب أمنية.

وتم استهداف المتحدثة الرئيسية رشيدة طالب ـ أول نائبة أمريكية فلسطينية منتخبة في الكونجرس ـ من قبل حملة تشويه جمهورية، في محاولة لتشويهها بتهمة «القيام بأنشطة معادية للسامية» و«التعاطف مع منظمات إرهابية»، وكل تلك هجمات لا أساس لها. في الوقت نفسه تردد أن قناة MSNBC أوقفت 3 من مذيعيها المسلمين عن تقديم البرامج دونما تفسير. ووصفت القناة أي تغيير في برامجها بأنه «نتاج الصدفة».

وهنا في بريطانيا، يقال لنا منذ أمد بعيد أن طلبة «الصحوة» woke يمثلون تهديدا للحرية الأكاديمية. ولكننا لم نر إدانات جهيرة لجامعة ليفربول هوب بعد تأجيلها محاضرة للمؤرخ البريطاني الإسرائيلي آفي شاليم الذي يتحدى مشروعه البحثي السردية التاريخية الإسرائيلية الرسمية. لقد كان دفاع الجامعة هو أن القرار اتخذ في مراعاة لسلامة وأمن الطلبة والأساتذة.

ودافعت وزيرة ميشيل دونيلان عن قانونها للتعليم العالي (المعروف بقانون حرية التعبير) في العام الماضي بزعمها أن «الحرية الأكاديمية في هذه المؤسسات تتقوض على نحو يهدد ديمقراطيتنا كلها» مضيفة قولها «إننا نرى الأكاديميين يفرضون الرقابة الذاتية على أنفسهم بوازع من الخوف». غير أن الوزيرة أعربت في رسالة موجهة الأسبوع الماضي إلى هيئة البحث والابتكار في المملكة المتحدة عن «اشمئزاز وغضب» من تعيين الهيئة اثنين من الأكاديميين ضمن هيئتها الاستشارية في قضايا المساواة والتنوع والاحتواء، وأحد هذين ـ على حد تعبيرها ـ «يدين العنف من كلا الجانبين لكن مع إشارة إلى (الإبادة الجماعية والأبارتيد الإسرائيليتين». وممن أدانوا إسرائيل بالأبارتيد منظمة العفو الدولية وهيومان رايتس ووتش ومنظمة بيتلسيم الإسرائيلية لحقوق الإنسان وغيرها في حين يحذر خبراء بالأمم المتحدة من «خطر الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني». فثمة مواقف مشروعة تماما يمكن أن يتبناها الأكاديميون لكن مناصرة دونيلان لحرية التعبير تتلاشى حينما تنزعج من الآراء المطروحة بشأن قمع إسرائيل العنيف للفلسطينيين.

في الوقت نفسه، أوقف حزب العمل آندي مكدونالد لقوله أمام مظاهرة يوم السبت المناهضة للحرب ـ وهذا مقتطف مباشر ـ «إننا لن نستريح إلى أن نحقق العدل، وينعم البشر جميعا، إسرائيليون وفلسطينيون، في ما بين النهر والبحر بحياة الحرية والسلام». واضح أن مكدونالد أعرب بجزالة عن تأييده الحماسي لحل الدولتين، ولكن هذا المطلب الإنساني الداعي إلى التعايش السلمي بات في ظل قيادة ستامر لحزب العمال يعد مشينا أخلاقيا، خلافا لدعم إمطار المدنيين ومنهم الأطفال بالصواريخ. كما أقيل عضو البرلمان عن المحافظين بول بريستاو من دوره بوصفه مساعدا حكوميا وذلك لمطالبته بوقف إطلاق النار. في بريطانيا الحديثة، يعد معارضو المجازر الجماعية مجاوزين للحدود.

إن القضية الفلسطينية تفضح نفاق ما يعرف بثقافة الإلغاء cancel culture. فنحن مدفوعون منذ أمد بعيد إلى الاعتقاد بأن هناك إخراسا جماعيا للشخصيات العامة عند قولهم ما ينطوي على إهانة أو مطالبتهم بأمور تخص جماعات المهمشين . خلافا للمتعاطفين مع الفلسطينيين، هؤلاء رددوا شعارات شائعة على نطاق واسع بين النخبتين السياسية والإعلامية. لكن من يتحدون النظام الاقتصادي أو السياسة الخارجية الغربية ـ أو كليهما ـ يواجهون دائما الإخراس الحقيقي.

إن مجرد معارضة العنف ضد المدنيين ينطوي على مخاطرة بالمهنة والسمعة. وهذا الترهيب له عواقب وخيمة: فهو يقوض الضغط العام على حلفاء إسرائيل الغربيين من أجل إيقاف المذابح وإنهاء الاحتلال والاستعمال والأبارتيد الذي يؤبد هذا الكابوس. والحل بطبيعة الحال ليس الجبن، وإنما المزيد من الجهر بالصوت.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

حركة "المجاهدين" ترد على تصريحات بن غفير عن إعدام الأسرى الفلسطينيين بطلقة في الرأس

أكدت حركة "المجاهدين" الفلسطينية أن تصريحات وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير حول إعدام الأسرى الفلسطينيين، تعبر عن "العقلية الوحشية والنازية لحكومة إسرائيل".

  "بدل الطعام يجب أن يقتلوا بالرصاص".. بن غفير يدعو لإعدام الأسرى الفلسطينيين

وقالت الحركة في بيان: "تصريحات المجرم بن غفير والتي دعا فيها لقتل الأسرى بالرصاص تعبر مجددا عن العقلية الوحشية التي تسيطر على حكومة الكيان النازية وتعبر عن حجم الخطر والتهديد الذي يتعرض له أسرانا البواسل".

وأضاف البيان: "تأتي هذه التصريحات لتؤكد أن جرائم قتل وإعدام الأسرى المتواصلة تتم بقرار وغطاء سياسي من حكومة الكيان الارهابية، وتظهر حجم الأوضاع المأساوية والظروف القاهرة التي يتعرض لها أسرانا وجرائم القتل والتعذيب والتجويع ومنع الطعام والشراب والدواء في ظل غياب تام للمؤسسات الخاصة بحقوق الإنسان".

وشددت حركة "المجاهدين" على أنها "تدين الصمت الدولي المتواصل تجاه جرائم العدو ضد شعبنا وأسرانا، وهذه الجرائم هي وصمة عار في جبين الإنسانية يتحمل المسؤولية عنها المجتمع الدولي وكل المؤسسات الدولية والمعنية بحقوق الانسان والأسرى".

كما دعت إلى "أوسع حملة تضامن ومساندة مع الأسرى البواسل الذين يتعرضون لأبشع صور التنكيل والإرهاب في الظروف اللاآدامية داخل سجون العدو المجرم، ونطالب المؤسسات الدولية والحقوقية بالوقوف عند مسؤولياتها بما يخص قضية أسرى شعبنا".

وأكدت أن "قضية الأسرى هي على رأس أولوياتنا ولن ندخر الجهود حتى تحرير كل أسرانا من سجون الظلم والاضطهاد الصهيونية".

ودعا بن غفير إلى قتل الأسرى الفلسطينيين وإعدامهم بالرصاص، قائلا في مقطع مصوَر إنه "يجب إطلاق الرصاص على رؤوس الأسرى، بدلا من إعطائهم مزيدا من الطعام. حظي سيئ أنني اضطررت للتعامل، في الأيام الأخيرة، مع مسألة ما إذا كان لدى الأسرى الفلسطينيين سلة فواكه! لكن يجب قتل الأسرى بطلق في الرأس، وتمرير مشروع قانون (عوتسما يهوديت)، لإعدام الأسرى بالقراءة الثالثة في الكنيست. وحتى ذلك الوقت سنعطيهم قليلا من الطعام للعيش لا أكتر".

وكانت الهيئة العامة للكنيست (البرلمان) الإسرائيلية قد صادقت بالقراءة التمهيدية، في مطلع مارس 2023، على فرض عقوبة الإعدام على المعتقلين الفلسطينيين.

ويتطلب مشروع القانون مصادقتين أخريين من الكنيست حتى يصبح ساريا، ويطلب من المحكمة فرض عقوبة الإعدام بحق من "يرتكب مخالفة قتل بدافع عنصري وبهدف المس بدولة إسرائيل".

ويعيش الأسرى الفلسطينيون منذ السابع من أكتوبر الماضي، وبعد بدء إسرائيل حربا على قطاع غزة، ظروفا غير مسبوقة، وتُوفي كثير منهم تحت التعذيب أو بسبب ظروف الاعتقال الصعبة.

وقال رئيس نادي الأسير عبد الله الزغاري إن "تصريحات الوزير الفاشي والمتطرف بن غفير تمثل منظومة تمارس الإبادة الجماعية بحقّ الشعب الفلسطيني، ولا تتحدث إلا بلغة القتل ومحاربة أي وجود فلسطيني بأي شكل كان".

وأضاف أن "بن غفير تخطّى بتصريحاته مرحلة التهديد، إذ نفذت إدارة سجون الاحتلال، التي يتولى مسؤوليتها بشكل فعلي، قتل وإعدام أسرى ومعتقلين فلسطينيين منذ بدء حرب الإبادة المستمرة".

واعتقلت قوات إسرائيل أكثر من 9450 فلسطينيا في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، منذ بداية حرب غزة، إلى جانب الآلاف من المواطنين من غزة، والمئات من فلسطينيي الأرض المحتلة عام 1948.

ووفق نادي الأسير وهيئة شؤون الأسرى، فقد تصاعدت بالتزامن مع الاعتقالات وبشكل غير مسبوق عمليات التعذيب التي مُورست ضد المعتقلين، وفقا لعشرات الشهادات التي تابعتها المؤسسات المختصة، إلى جانب جرائم غير مسبوقة نفذت بحقهم، وأبرزها التعذيب، والتجويع، والإهمال الطبي، والإخفاء القسري، عدا ظروف الاحتجاز المأساوية والقاسية، والعزل الجماعيّ، وعمليات التنكيل.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • أمريكا تكابر وتضحي باقتصادها للدفاع عن إسرائيل واستمرار جرائم الإبادة ضد الأبرياء في غزة: تأثير العمليات اليمنية يلقي بثقله على الاقتصاد ، والمستهلكين الأمريكيين
  • إمبراطورية المستوطنات.. هل تنجح خطة إسرائيل لاستيطان غزة مجددا؟
  • حركة "المجاهدين" ترد على تصريحات بن غفير عن إعدام الأسرى الفلسطينيين بطلقة في الرأس
  • دولتان تنضمان لجنوب إفريقيا في دعواها ضد إسرائيل
  • إسرائيل ترصد إمكانية تغير موقف حماس من مقترح صفقة التبادل
  • خطط ما بعد الحرب تقترح عيش الفلسطينيين داخل جزر وفقاعات في قطاع غزة
  • بؤس وانتظار للموت.. الحياة في غزة لا تطاق
  • التقسيم والفقاعات.. تعرف على سيناريوهات إسرائيل لإدارة غزة بعد الحرب
  • صياغة جديدة لمقترح «بايدن».. محاولات أمريكية لإتمام اتفاق بين إسرائيل وحماس (فيديو)
  • رئيس وزراء إسبانيا الأسبق: قسوة إسرائيل بغزة صفحة سوداء في التاريخ