إسرائيل ومأزق فائض القوة في غزة!
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
ما تفعله إسرائيل اليوم بالمدنيين العزل في غزة من قتل غير مبرر وغير مسبوق في بربريته هو منطق لا يعبر عن أي قوة حقيقية، فأي منطق أصلًا يبرر لقوة هائلة، كالقوة التي يتوفر عليها الجيش الإسرائيلي قتل المدنيين العزل، وخصوصا النساء والأطفال؟
لكن في الحقيقة سنجد أن هذا المنطق الأعمى في الاستخدام الهائل للقوة المفرطة يخفي وراءه أسبابا ظاهرة من الخوف والهلع الذي تمر به إسرائيل من جراء أحداث 7 أكتوبر التي كانت عملا استثنائيا أعاد الكثير من الهواجس الوجودية لإسرائيل وذكر شعبها بحالات ضعف للكينونة طالما صحبته في فترات سابقة.
تتوهم إسرائيل أنها ستقضي على حماس، في الوقت الذي فيه أن إسرائيل هي الجهة الوحيدة التي خبرت معنى الصراع مع حماس وتأكد لها بما لا يدع مجالا للشك أنها كلما قضت على قادة حماس في جولة من جولات الحرب واجهت جيلا أشد شراسة من الجيل السابق، بدليل ما واجهته إسرائيل من هذا الجيل في 7 أكتوبر الماضي من أحداث غير مسبوقة في تاريخها منذ عام 1948.
ولهذا نعتقد اليوم أن طبيعة هذه الجولة من الحرب بين حماس وإسرائيل ستكون جولة معقدة، ولها تداعيات خطيرة ليس فقط في داخل فلسطين وإنما في المنطقة ككل.
والسبب في ذلك، في تقديرنا، لا يتصل فقط بما يمكن أن يحدث من دخول أطراف أخرى في الحرب، فيما سمي بوحدة الساحات في محور المقاومة، بل كذلك بحدث خطير أدركته إسرائيل هذه المرة بوضوح، كما ذكرنا في مقالنا السابق، وهو معرفة إسرائيل بأن حماس بدأت تتقن أسلوب المواجهة الذي يوجع إسرائيل تمامًا هذه المرة، وخطورة إدراك إسرائيل لهذه الحقيقة تكمن في أنها مرعوبة من تكرار السيناريو القاسي الذي حدث لها في 7 أكتوبر، وبالتالي فإن المعركة مع حماس، هذه المرة معركة كسر عظم.
وفيما أشار إليه الدكتور مصطفى البرغوثي رئيس المبادرة الفلسطينية من تفسير ذكي لعبارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو التي قالها في خطابه قبل يومين، حين وصف هذه الحرب ضد حماس بأنها «حرب استقلال ثانية» بقول البرغوثي: نتانياهو يقصد من كلمة «حرب استقلال ثانية» تجديدًا للنكبة الفلسطينية. أي تهجير ثانٍ للفلسطينيين على غرار النكبة الأولى (التي تسمى بحرب الاستقلال في إسرائيل) ومن هنا سنجد بما أن إسرائيل باتت مدركةً لما تعنيه لها حماس من مقاومة خطيرة ما سيعني بالضرورة تهجيرًا للفلسطينيين جميعا من قطاع غزة إلى سيناء، وهو سيناريو بات واضحا اليوم في دلالته بين عجز إسرائيل عن القضاء على الحماس وبين هذا الخيار - أي خيار التهجير إلى سيناء - الذي سيكون هو السبب الحصري للقضاء على حماس، تماما، حسب ما تتصور إسرائيل.
وهذا الخيار (خيار التهجير في ارتباطه العضوي بمهمة القضاء على حماس نهائيا) هو ما يفسر لنا اليوم، ليس فقط سر القصف العشوائي للمدنيين العزل وقتل أكثر من 8 آلاف مدني فلسطيني في غزة خلال أقل من شهر، بل كذلك قصف الفلسطينيين الذين استجابوا لنداءات إسرائيل بالخروج من شمال غزة إلى جنوبها أثناء خروجهم.
لكن في الرفض المصري القاطع لقرار تهجير فلسطينيي غزة إلى سيناء، وإصرار الأردن على ذلك لقطع الطريق على إسرائيل في سيناريو محتمل بالضفة الغربية، سيكون من العسير على إسرائيل القيام بمهمة القضاء على حماس في غزة، وهذا سيعني احتمالات أخرى للحرب؛ منها إطالة الحرب البرية لأكثر من شهر، وهو خيار لا تتحمله إسرائيل، فضلا عن الطبيعة الممتنعة لهكذا حرب مع حماس في ظل الأنفاق التي تحتفظ بها داخل مدينة غزة وهي أنفاق متشعبة وتمتد لأكثر من 500 كيلومتر.
وكذلك هناك احتمال بتوسع نطاق الحرب نتيجة لاستخدام القوة المفرطة من إسرائيل والمذابح التي ترتكبها وهي مذابح أصبحت اليوم مثار انتقاد شعوب العالم التي بدأت تخرج في مظاهرات منددة بها.
كل هذه التطورات الخطيرة تضع إسرائيل في مأزق فائض القوة الذي كلما أفرطت فيه تورطت بصورة أكبر في مأزقها.
سيأتي الوقت الذي تدرك فيه إسرائيل تمامًا أن حل الدولتين هو أقصر الطرق لسلمها وأمنها وأمن المنطقة، وهذا ممكن قبل أن يتسع نطاق الحرب إلى ما لا تحمد عاقبته!
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
شرط قديم جديد..نتانياهو: لن أوقف الحرب في غزة قبل القضاء على حماس
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، في مقابلة مع الكاتب الصحافي في صحيفة "وول ستريت جورنال"، إليوت كوفمان، تم نشرها أمس الجمعة: "لن أوافق على إنهاء الحرب في غزة قبل أن نقضي على حماس".
وأضاف نتانياهو رغم الدعوات لقبول اتفاق وقف إطلاق نار دائم، وإطلاق سراح الرهائن في القطاع "لن نتركهم في السلطة في غزة، على بعد 30 ميلاً من تل أبيب. لن يحدث هذا"، حسب ما نقلت صحيفة "جيروزاليم بوست"اليوم السبت."We’re not going to leave them in power in Gaza, 30 miles from Tel Aviv. It’s not going to happen,” Netanyahu said.https://t.co/VBvRAOnXYf
— The Jerusalem Post (@Jerusalem_Post) December 20, 2024وفي مقال آخر بصحيفة "نيويورك تايمز"، قال نتانياهو إن "إسرائيل تحقق فوزاً كبيراً ضد خصومها، بإضعاف حماس وحزب الله، وتفكيك نظام الأسد في سوريا".
وقال نتانياهو إن بعض المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، اقترحوا عليه بعد أيام فقط من 7 أكتوبر (تشرين الأول) تكثيف الهجمات على حزب الله اللبناني، حتى تبقى حماس "سليمة في الجنوب"، ولكنه خالفهم الرأي قائلاً: "ليس علينا خوض حرب على جبهتين. جبهة ضخمة في كل مرة. نحن هنا لاقتلاع حماس، لا لتوجيه ضربات رادعة، بل لتدميرها".
ودافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد ذلك، عن موقفه من السيطرة على ممر فيلادلفيا في جنوب غزة، قائلاً: "لا يكفي تدمير حماس، إذا لم تتمكن من السيطرة على المعبر الجنوبي".
ووصف نتانياهو حجب الولايات المتحدة للأسلحة، إذا دخلت إسرائيل إلى رفح، بـ "حالة مشروعة"، وأعرب عن تقديره للضغوط التي يتعرض لها الرئيس الأمريكي جو بايدن، قائلاً: "ليس سهلاً أن تكون رئيساً، دعنا نواجه الأمر، مع وجود هذه الأطراف المتطرفة للغاية في حزبه. لم يكن من السهل القيام بما فعله السيد بايدن".
دور إيراني ضعيفوعن الحدود الشمالية لإسرائيل، قال نتانياهو لكوفمان: "قبل اغتياله، كان أمين عام حزب الله حسن نصر الله، يتولى حرفياً قيادة العمليات العسكرية. لكن الأمر الذي أذهلني هو أني أدركت أنه كان محور المحور، ليحل محل قاسم سليماني".
وأضاف "إيران ليس لديها خط إمداد"، مشيراً إلى أنها أنفقت مليارات الدولارات على سوريا وحزب الله وحماس.
الجيش الإسرائيلي يدمر أنفاقاً لحماس في بيت لاهيا - موقع 24يواصل الجيش الإسرائيلي عمليات العسكرية في قطاع غزة، مستهدفاً مواقع وأنفاق تستخدمها حركة حماس لتنفيذ هجمات متفرقة.وعن الملف السوري، قال نتانياهو: "حذرنا الأسد من السماح لإيران بتزويد حزب الله بالأسلحة عبر سوريا. لكنه تظاهر بالغباء"، وقال في إشارة إلى القصف الإسرائيلي لمنشآت الأسلحة الكيمائية السورية: "لا أعرف إذا كنا قتلنا أحداً، لكننا بالتأكيد حطمنا أسلحة الجيش السوري. لا نريد أن تقع كل الأسلحة التي جمعها السوريون في أيدي الفصائل المسلحة".
وأعرب ارئيس الوزراء الإسرائيلي كذلك عن تفاؤله بعودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى المكتب البيضاوي، قائلاً إنه "يضع العبء بالكامل على حماس، ويقول لهم إنه ستكون هناك عواقب".