صناعة القرار وجهل التمييز
تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT
فاطمة الحارثية
هل آن الأوان لغرز وسن قوانين مقاومة للتمييز؟ ولا أقصد التمييز ضد المرأة أو الطفل أو الشباب أو غير الأكاديمي فقط، بل التمييز في العموم وكل ما يُعيق تقدمنا نحو تحقيق تصور رؤيتنا وطموح التحول الاقتصادي، وتطوير المجتمع فكريًا وثقافيًا، ولا أستطيع القول إن الأمر هين، فمع العولمة بات التغيير أكثر صعوبة مما سبق، والتأثير يحتاج إلى مقومات المفاوضة والقدرة على البرهان، وسرعة الاستجابة مع مراعاة الحفاظ على الأنظمة والعمليات السليمة أثناء فعل ذلك.
يجب أن لا نستهين بمخاطر العولمة، والسلبية التي تضج من فكر غير ناضج وغير مُدرك لما يلفظ من قول أو يفعل من سلوك.
نحن نتكامل، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن نطالب بالكمال، أو التميز أو العلو إلا إذا كنَّا في منظومة تحترم القدرات وتعترف بالنقص والطبيعة البشرية، وإن النجاح يكمن في العمل الجماعي والتآلف ومساعدة بعضنا البعض، بكل ما نملك من إيجابيات وسلبيات؛ فأنا وأنت بشر وما ينقصني تُكمله لي، وما هو نقص لديك أتمه لك، هذا هو الوعي الذي يرفع من قيمتنا، ونصل به نحو الأفضل والنمو والاستدامة، أما بالنرجسية وفرض الرأي والتكبر والتشدق بقول مغاير للفعل فلن نصل إلى شيء؛ وأن تتم معاملة الشاب على أنه لا خبرة لديه ليُعاني التمييز، بدل أن يقبله كبير السن ويمنحه الخبرة، ويُشارك الشاب روح الحماس ليُعيد فكر التجدد لديه ويستثمر في خبرته، لتندمج بذلك الخبرة مع الفكرة مما يُقلل المخاطر ويصنع الابتكار. لن نتقدم إذا استمررنا في طمس مثل هذه الحاجة في صناعة القرار.
وعند تعرض المرأة للتمييز رغم أنها هي من ربَّت الرجل وهي من قامت في أمره ليعتبرها (عيب) ولينعتها بالعاطفية، وكأنها مهانة، وهي في الحقيقة ميزة تردم النقص الذي لدى الرجل، وأساس من أسس عناصر صناعة القرار الحكيم وتكامله، زد على هذا أصحاب المهارات والمبدعين خارج الإطار الأكاديمي الملقن، وما يواجهون من رفض ونعت بالجهل، وكأن العلم محصور بين الكُتب. شخصيًا دائمًا ما أُعجب بحلولهم لأنها بسيطة وفعّالة ولا تحمل عُقد التفسير والرعوية، ومنهم فئة جريئة وشُجاعة لا تتردد في الإقدام والتجربة، عكس الكثير من الاكاديميين الذين يستغرقون في التخطيط والأعمال الورقية والاستراتيجيات أكثر من التنفيذ الفعلي، ولا أنتقص بهذا أهمية التخطيط، لكن لنكن واقعيين قليلا وسوف نلاحظ أنه بات يستهلك الكثير من الجهد والوقت وعند التنفيذ استطيع أن أقول أن أكثر من 60 بالمائة من الخطة تتغير بسبب المزامنة والتأخر، زد على ذلك التحقير الذي يُمارسه بعض الأكاديميين ضد شباب المهارات ومحدودي التعلم وذوي الإعاقة، أقول لهؤلاء المبدعين لله الحمد الذكاء لا يُقاس بالشهادات، وأنتم جزء أساسي لا غنى عنكم، وبكم نحقق المستحيل.
إن أردنا فعلًا أن نتقدم علينا أن نراجع تطبيق القوانين، وأتحدث عن التطبيق لأن القوانين موجودة وتحافظ على صحة صناعة القرار، لكنها تحتاج إلى متابعة حقيقية وحازمة في التطبيق، وفرض التوازن.
المثال على ذلك المجالس البرلمانية في الدولة، وحتى ينضج الفكر وينتشر الوعي الصحيح، تحتاج الدولة لأن تفرض هذا التوازن في أعضاء تلك المجالس، وأن تجعل النسبة والتناسب بيّنه في المنتسبين والعناصر الثلاثة فاعلة في صناعة القرار: الجنس، والعمر، والعلم؛ كما وأن الثقافة البرلمانية محورها التنوع الفكري لتستطيع أن تلعب دورها في تحديد كيفية عمل البرلمان، وكيفية تفاعله مع المجتمع والحكومة لتحقيق أفضل النتائج، مع الحفاظ على النمو الصحي والقيم ورفاهية الوطن والمواطن والمقيم، علينا أيضاً أن نُساهم في صناعة برلمان حقيقي وليس فقط شكليًا، لا يمكن لمجموعة ما لم يكن بينها صاحب قضية أو من ذات الفئة أن تحل القضية بالشكل المطلوب أو أقلها أن تسلط الضوء المناسب عليها.
قيل الكثير عن جنتي عُمان ولا أرضى، لكن أقل ما أستطيع أن أكون على هذا المنبر، أحاول بالقلم إيصال الكلمة وهي أضعف الإيمان.
****
سمو...
لسنا مجبورين أن نستنسخ فكر الغير، لنا أن نكون هويتنا الخاصة وقواعدنا التي توصلنا إلى تصور رؤيتنا الطموحة.
لك يا إنسان حق العيش على أرض سخرها الله لك، وما الحروب إلا شيطان قام وسانده قابيل ليهمن على الأرض، التي تعهد أمام الله أن يُمحي وجود الإنسان عليها؛ القوى تسعى نحو إعادة رسم خارطة حدود جديدة حسب الثروات المُكتشفة، بمساعدة من يحاول محوه، كم في ذلك من سخرية وألم ودهشة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«زراعة الشيوخ» توصي بخطة استراتيجية لتوطين صناعة الأعلاف في مصر
ناقشت لجنة الزراعة والري بمجلس الشيوخ، خلال اجتماعها اليوم الأحد برئاسة المهندس عبد السلام الجبلي رئيس اللجنة، اقتراحًا برغبة مقدمًا من النائب أحمد فوزي، عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، بشأن التوسع في توطين صناعة الأعلاف في مصر.
وشهد الاجتماع استعراض النائب أحمد فوزي لاقتراحه، مشيرًا إلى أهمية توطين صناعة الأعلاف في مصر لمواجهة التحديات التي تواجه البلاد في هذا الملف الاقتصادي.
وأوضح فوزي أن ملف الأعلاف من أصعب الملفات نظرًا لارتباطه بتوفير احتياجات المواطن وأسعار تلك الاحتياجات من البروتين الحيواني، مضيفًا أن هذا الملف لا يقتصر على قطاع الزراعة فقط، بل يرتبط أيضًا بقطاعات أخرى مثل الصناعة، ما يتطلب وجود استراتيجية واضحة لمواجهة هذه التحديات.
توطين صناعة الأعلافوقال المهندس عبد السلام الجبلي إن هذا الموضوع هام جدًا، إذ ترتبط صناعة الأعلاف بإنتاج وأسعار الدواجن واللحوم والأسماك، داعيًا إلى أهمية وجود دراسة توضح العلاقة بين الأعلاف وحجم تربية الدواجن والماشية والأسعار في السوق، وذلك للوقوف على الطاقة الإنتاجية وإعداد قاعدة بيانات دقيقة، تساعدنا في الاستعداد مبكرًا لأي أزمات محتملة، وبالتالي القضاء على أي أزمات في هذا القطاع.
واستشهد «الجبلي» باقتراب شهر رمضان، وبعده عيد الفطر وعيد الأضحى، ما يتطلب وضع خطة لتوفير احتياجات المواطنين من اللحوم والدواجن والأسماك بأسعار مناسبة.
ودعا إلى إنشاء لجنة دائمة تتابع منظومة الأعلاف والإنتاج والأسعار العالمية، وغيرها من المتغيرات بشكل مستمر، للتفاعل معها بسرعة وتفادي التعرض لأزمات.
وقال النائب محمد السباعي، وكيل اللجنة، إن اللجنة سبق وأن ناقشت هذا الملف من قبل، إلا أن هذا الاقتراح يعد فرصة كبيرة لتحديث البيانات والوقوف على حجم الفجوة في ملف الأعلاف والبدائل الممكنة التي تساعدنا في مواجهة التحديات في هذا المجال.
وأشار السباعي إلى أهمية هذا الملف لأنه يؤثر بشكل مباشر وسريع في أسعار الدواجن واللحوم.
من جهته، قال الدكتور طارق سليمان، رئيس قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة، إن هناك خطوات جادة لتوفير الأعلاف، مثل التوسع في زراعة محاصيل الأعلاف، من خلال استنباط أصناف جديدة تستهلك كميات مياه أقل وتتحمل الملوحة ولها إنتاجية عالية.
وأضاف أنه تم أيضًا إدخال ثقافة تحويل المخلفات الزراعية إلى أعلاف، بالإضافة إلى التوسع في الزراعة التعاقدية في محاصيل الأعلاف.
خطوات عملية لتطوير صناعة الأعلافوأوضح الدكتور وليد البحراوي، ممثل الهيئة العامة للتنمية الصناعية، أن هناك نحو 1100 مصنع أعلاف مرخص له، وأن وزير الصناعة وافق مؤخرًا على دخول مصانع الأعلاف ضمن مبادرة دعم المصانع بفائدة 15%.
وقال أشرف عبد العزيز، رئيس الإدارة المركزية لجمارك دمياط، إن الوزارة تهدف إلى سرعة الإفراج عن مستلزمات إنتاج الأعلاف، وفحصها داخل المراكب وشحنها مباشرة إلى المزارع.
وفي السياق ذاته، استعرض ممثلو عدد من المعاهد البحثية المختصة بوزارة الزراعة خطواتهم في التوصل لأصناف جديدة لمحاصيل الأعلاف وإنتاج السيلاج.
التوصيات النهائيةوفي ختام المناقشات، أوصت اللجنة بضرورة التوسع في زراعة محاصيل الأعلاف بسعر ضمان يتناسب مع تكاليف الإنتاج، وكذلك التوسع في إنشاء صوامع للتخزين مجهزة بوسائل حفظ تحافظ على جودة الأعلاف، كما أوصت اللجنة بإعداد خطة استراتيجية لتوطين صناعة الأعلاف في مصر، سعيًا لتوفير مختلف الاحتياجات محليًا.