جريدة الرؤية العمانية:
2024-09-20@01:40:57 GMT

لا صوت فوق قانون الغاب

تاريخ النشر: 1st, November 2023 GMT

لا صوت فوق قانون الغاب

سليمان المجيني

tafaseel@gmail.com

لست مستغربًا من تصرفات دولة الاحتلال وسلوكياتها تجاه الشعب المدني في غزة، لست مستغربا بتاتا لأنّ الأمر ليس بجديد، وكان على الجميع توقع ذلك؛ فتاريخها مع الحروب التي خاضتها مع المقاومة الفلسطينية دمويٌ إلى أبعد الحدود، وكأن الموت طريق إظهار القوة والفتوّة على المدنيين، ومدعاة للنصر.

السؤال الذي يزِنُّ مطولا: ألا يوجد من يوقفها؟  

نعم، لا يوجد من يوقفها ولا ما يوقفها؛ فلا الدول المحيطة قادرة لعدم توسع دائرة الحرب ولأسباب عدة أخرى أهمها اقتصادي، كما أن طبيعة الاتفاقيات تلزم الكثير ربما بالنأي بالنفس وعدم خوض المعارك نيابة عن الغير، وهنا على الدول مجابهة مصيرها ومغبة سلوكها، وهذا بالضبط ما يحدث في غزة فلسطين هذه الأيام، الدولة التي قاست الانتداب ومن ثم الاحتلال الصهيوني، كما لا تدخل أي مبادئ لدى الكيان الغاصب كأمر رادع له يحكم سلوك الحرب ويصقل تصرفاته التي قلما توصف بالهمجية. 

تعلمنا منذ صغرنا أن الغابة يحكمها الأقوى فلا يوجد قانون ولا دافع يجعل الأسد مهادنا للغزال، لذا يبتعد الإنسان المسالم عنها، أو يكون مسلحًا لو أراد خوض الغابة والسكن بها درءًا للمخاطر التي قد يتعرض لها، هذا الأمر ينطبق الآن على الاحتلال الصهيوني وغزة في المقابل؛ فبقدر قدرة المقاومة على مجابهة دولة الاحتلال إلا أن الأخير يتفوق عليها في السلاح الجوي الذي سبب كل هذه الضحايا المدنية التي نشاهدها عبر شاشات التلفزة ووسائل التواصل الاجتماعي، ولو كانت القوى متوازنة لما حدث كل هذا.

دائمًا يلام الإنسان على قيامه بالاعتداء على جاره الذي لم يصدر منه سلوك مناوئ أو إن قام بشيء لا يستحق ردة الفعل الشنيعة، أما وقد كان هذا الجار صاحب سلطة قوية مارسها بكل حدة بسبب وبدون سبب، وضيق أيما ضيق على جاره الآخر؛ فإن تصرفات ذلك الجار ستكون غريزية لدفع الضرر عنه، وهذا الأمر مارسه الاحتلال من خلال المداهمات المستمرة واعتقال السكان الآمنين، وتقنين دخول الغذاء، والقتل، والتشريد، وقطع المياه والكهرباء والاتصالات (في غير أوقات الحروب)، وجرف الأراضي الزراعية وحرق المحاصيل، وقطع حركة السكان بين المدن والحارات، وممارسة العنصرية البغيظة وكل شيء سيئ يمكن الحديث عنه.

ماذا يعني أن يفعل الاحتلال ما يريد والعالم ينظر إليه وكأنه لا يعبأ بما يحدث؟

ممارسات تحاول من خلالها تركيع الشعب الفلسطيني الحر، قتل وتنكيل واعتقال وتضييق وممارسات وحشية جعل العقل لا يستوعب هذا السكوت العالمي، وكأن العالم ينظر لما بعد تلك الحادثة، ثم تأتي أخرى فيقول ربما تنتهي فيأتي غيرها وهكذا دواليك.

هذه الدولة المجرمة لم ولن تتعظ من خلال جرائمها السابقة في فلسطين منذ عام 1947 وحتى المجزرتين الأخيرتين في جباليا يومي الثلاثاء والأربعاء، ولعل العالم يتذكر مجزرة بلد الشيخ في نهاية ديسمبر 1947، ومجزرة دير ياسين في أبريل 1948، ومجزرة خان يونس في نوفمبر 1956، ثم مجزرة صبرا وشاتيلا في سبتمبر 1982، ومجزرة الحرم الإبراهيمي في فبراير 1994، ومجزرة جنين في أبريل 2002، وغيرها من المجازر السابقة وفي هذا العام كمجزرة مستشفى المعمداني ومجزرة جباليا.

بلا قلب ولا رحمة تُنتَزع أرواح البشر ويطغى الإنسان على غيره من البشر لأجل معتقدات وملل بالية، عالم يسوده منطق الغاب، وكيف لهذا الغرب أن يكون متقدما وهو يحرم نفسا من العيش؟، كيف يكون متطورا وهو يطمر روحا ويزهقها قهرا وظلما؟، ألا يتعلم الغرب من دروس الماضي؟

ماذا فعل احتلال ألمانيا لروسيا في الحرب العالمية الثانية؟ وكيف قدمت روسيا ملايين البشر تضحية للوطن، ثم كيف قدمت فيتنام ثلاثة ملايين ونصف مليون إنسان في سبيل الحرية من أمريكا؟ وكيف قدمت الجزائر ملايين الشهداء أيضا في سبيل التحرير من المستعمر الفرنسي؟ وكيف قدمت أفغانستان الملايين في حربها مع روسيا ومن ثم أمريكا؟ (1)

ألا يعلم هؤلاء أن الاستعمار إلى زوال طال أم قصر.

الشخصية الصهيونية عموما تتصف بحبها للدماء وهذه المجازر لا يوازيها إنسانية ولا مشاعر بشرية بل هو إجرام فظ، وسادية متجذرة، تساهم فيها دول العالم المتقدم والمتحضر، والمتجرد من العطف والإنسانية كأمريكا ودول أوروبا الغربية هذه الدول وغيرها شاهدة ومشاركة في المجازر التي ارتكبت بدم بارد في فلسطين في حق شعب أعزل كل ذنبه أنه مُحتل، وهذه الهمجية ليست ببعيدة عن دولة الاحتلال وأمريكا وأذنابها؛ فلا صوت يأتي ولا قانون فوق قانون الغاب.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أستاذ قانون دولي: على المجتمع الدولي تحويل قرار الانسحاب إلى واقع على الأرض

 

رحب الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي وعضو الجمعيتين الأمريكية والأوروبية للقانون الدولي، بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 12 شهرًا، معتبرًا إياه خطوة تاريخية في مسار القضية الفلسطينية.

وأوضح الدكتور مهران ان هذا القرار يعد تأكيدًا قويًا على الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في يوليو الماضي بناء علي طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الاثار القانونية للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والذي اكد علي ضرورة عمل المجتمع  الدولي علي إنهاء الاحتلال، ومشيرا إلى إن قرار الجمعية العامة يمثل إجماعًا دوليًا واسعًا على عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي، مما يعزز الموقف القانوني الفلسطيني على الساحة الدولية.

وأضاف مهران ان حصول القرار على 124 صوتًا مؤيدًا يعكس تحولًا ملموسًا في الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية، لافتا إلى ان هذا الدعم الواسع يشكل ضغطًا دبلوماسيًا وأخلاقيًا كبيرًا على إسرائيل للامتثال للقانون الدولي.

كما بين إنه رغم أن قرارات الجمعية العامة غير ملزمة قانونًا، إلا أنها تحمل وزنًا سياسيًا وأخلاقيًا كبيرًا، مشددا علي ان هذا القرار يعزز الموقف القانوني الفلسطيني ويوفر أساسًا قويًا لمزيد من الإجراءات الدولية.

وأشار مهران إلى أهمية البنود الخاصة بالمستوطنات والأسلحة مبينا ان دعوة الدول لوقف استيراد منتجات المستوطنات ووقف تصدير الأسلحة لإسرائيل تمثل خطوة هامة نحو فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية، مؤكدا ان ذلك يتماشى مع مبدأ عدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناشئ عن الاحتلال.

وحول موقف إسرائيل الرافض للقرار، علق استاذ القانون الدولي علي ادعاء إسرائيل بأن القرار يشجع الإرهاب، قائلا:  هذا الكلام عاري تماما من الصحة وليس له اي اساس في القانون الدولي، كما يعد محاولة واضحة لتشويه الحقائق القانونية، مؤكدا ان القرار يستند إلى مبادئ القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ويدعو إلى إنهاء الاحتلال بطرق سلمية.

وبين ان رفض إسرائيل للقرار يضعها في موقف المتحدي للإرادة الدولية والقانون الدولي، مشيرا إلى ان هذا الموقف قد يؤدي إلى مزيد من العزلة الدبلوماسية لإسرائيل.

كما اقترح مهران ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي خطوات عملية لتنفيذ هذا القرار، بما في ذلك فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل في حال عدم امتثالها للقرار، وتفعيل آليات المساءلة الدولية، بما في ذلك إحالة الوضع إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتقديم دعم دبلوماسي وقانوني للسلطة الفلسطينية في مساعيها الدولية، هذا بالاضافة إلي الضغط على الدول الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، لتغيير موقفها الداعم لإسرائيل.

واعتبر الخبير الدولي ان هذا القرار يمثل فرصة تاريخية لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، داعيا المجتمع الدولي بتحويل هذا الدعم الدبلوماسي إلى إجراءات ملموسة على الأرض لضمان إنهاء الاحتلال وتحقيق السلام العادل والشامل، مع ادراك أن هذا القرار هو خطوة في مسار طويل نحو تحقيق العدالة، وان التحدي الحقيقي يكمن في ضمان التنفيذ الفعلي للقرار وتحويله إلى واقع ملموس على الأرض.

واستمر الدكتور مهران في ختام تصريحاته بالتأكيد علي 
دعوة المجتمع الدولي إلى مواصلة الضغط على إسرائيل، متابعًا: الان أكثر من أي وقت مضى، يجب على المجتمع الدولي أن يظهر التزامه بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.. كما اشار إلي ان إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ليس فقط مسألة عدالة للفلسطينيين، بل هو ضرورة لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة بأكملها.

مقالات مشابهة

  • من هم المرتزقة السيبرانيون وكيف تستخدمهم الدول والشركات؟
  • ما هي الدول التي صوتت ضد قرار إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية؟
  • هذه الدول التي وردت أسماؤها في قضية تفجير أجهزة الاتصال في لبنان (خريطة تفاعلية)
  • أستاذ قانون دولي: قرار الجمعية العامة بانسحاب إسرائيل خطوة تاريخية
  • أستاذ قانون دولي: على المجتمع الدولي تحويل قرار الانسحاب إلى واقع على الأرض
  • ترامب: لا يجب أن يكون لدينا عداوة مع الدول التي تمتلك أسلحة نووية
  • روسيا تتجه لسنّ قانون سيغضب دعاة المثلية
  • الأمم المتحدة تناقش الدعوة إلى وقف الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية  
  • الرئيس التنفيذي لمؤسسة “غيتس”: الإمارات شريك رائد في مواجهة الأمراض التي تهدد المجتمعات
  • الأمم المتحدة تناقش الدعوة إلى وقف الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية